دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
في دول العالم الراقي قد يلتقي شاب شابة في مطعم أو حانة، أو في مكان عام، وتنشأ بينهما علاقة سريعة. أمر شبه عادي، حتى أن ثمة مراقص أو حانات تعرف بسوق اللحوم، أو بالإنكليزية «ميت ماركت»، ويرمز الإسم إلى تغلّب غريزة الجسد على العقل في العلاقة الاجتماعية في تلك الأماكن.
قد تثير قراءة هذه السطور اشمئزاز البعض من «إنعدام القيم» في دول الغرب، مثلما نقرأ و نسمع مراراً في بلادنا، فما الحال لو كان للعائلة الشرقية أولاد في سن البلوغ يعيشون في مدن الغرب ويسرحون في عطلة نهاية الأسبوع إلى حيث لا يدري الأهل… يا للهول! أقول هذا متهكماً، فالعيش في الغرب متحرّرا من سلطة الطوائف أرحم بكثير من تحمّل ضرب سياط رؤساء تلك الطوائف في بلادنا الذين استغلّوا الدين للسيطرة على الناس وعقولهم، حتى لو بُثّ برنامج على التلفزيون لتثقيف الناس في موضوع تنظيم الأسرة والأساليب الواجب إتباعها في هذا السياق، مثل الواقي وغيره، إذ تقوم قيامة رجال الدين و لا تقعد، لكن على ماذا؟ بالطبع على «انعدام القيم»! وللأمانة، هذا التصرّف الجاهلي لا يقتصر على الوهّابية بل يشمل معظم رؤساء الطوائف المسيحية والمحمدية.
وصلنا إلى دول الغرب و«هالنا» ما رأينا من لطف أنثوي وصراحة، وحتى علاقات جنسية سطحية من دون خبث وكذب وتوصل صاحبي إلى شبه اقتناع مع ثلّة من أصدقائه يومذاك، أنه لو كان هناك انفتاح جنسي في ما يسمى لبنان اليوم لما كانت حرب أهلية على سبيل المثال. والشبّان الذين امتهنوا المتاريس والمحاور عهدذاك لم يكن ليتوافر الوقت لهم للقتال ليل نهار لو كان العنصر النسائي المتطلّب موجوداً في حياتهم، بدءاًً بالعلاقات الجنسية وانتهاءً بالكثير من موجبات علاقات «الكوبل». واستنتاح صديقي يبسّط الأمور كثيراً ويقلل من أهمية القضية بالطبع، فالكبت الجنسي لم يكن في أي شكل من الأشكال من مسبّبات الحرب، لكنه وضع يجب التوقف عنده ودراسته والتمعن فيه، كيف لا و»جراد» الانتحاريّين من الأصوليين الذين يسمّون بـ «الشهداء» يفدون اليوم إلى ارض الشام الحبيبة طلباً للجنس في عالم آخر فيه حوريات عذارى، وما إلى ذلك… وقد لا يصدق إستنتاج صاحبي في حال الحرب اللبنانية، لكنّه الواقع بعينه في حال الجهاديّ القادم من أبعد أصقاع الدنيا وفي جيبه «بيكيني» نسائي أو صدرية مصنوعة على الأرجح في المستعمرات الصهيونية من ماركت «فكتورياز سيكريت»، هدية للحورية التي أقنعه رجل الدين بأنها تنتظره! فهذا «شهيد» أتحفتنا محطة «الجديد» بسيرته حديثاً أتى من السعودية مبتغياً الجنس في السماء وأنشد أنشودة دينية طالباً إلى رئيسه أن يأذن له بتفجير نفسه بالأبرياء في الشام، كبطاقة دخول إلى الجنة نتيجة الكبت الجنسي، ورغم ذلك يسمّون هذا القاتل «شهيداً»، «شهيد» ماذا؟ «السكس»؟! إنّه الهول بعينه وليس الحرية الجنسية في دول الغرب. وحول أولئك «الشهداء» قوّادون سياسيون في لبنان والشام يخرّجون معتوهي الجنس أولئك من السجون اللبنانية بسياراتهم الخاصة لو اعتقلت القوى الأمنية أحدهم ورجال دين يحرّضون أتباعهم تحت عنوان نصرة الطائفة على التظاهر لإطلاق شبه شيخ سهّل أكثر عملية انتحارية بحسب اعترافاته هو.
فيما العمليات الانتحارية في حق أبرياء في بلادنا تتوالى، ثمة عالم آخر على الأرض نفسها، عالم الإنسان السوري الراقي حيث التسامح ونشر السلام الحق ويستشهد فيه أبطال دفاعاً عن العرض والأرض لا طمعاً بالسماء والجنة، ومنهم من آمن ومنهم من لم يؤمن، وفي كلتا الحالتين حملوا السلاح دفاعاً عن الأرض وبذلوا دماءهم لأجلها وألف تحية وتقدسي إلى كل شهيد قدم حياته قرباناً على مذبح الأرض غير آبه بما ستحمله إليه الآخرة، مثل المهندس الذي فجر نفسه وعائلته قبل أن تصل سكاكين مسلّحي آل سعود إليه، والذي أضحى قدوة لكلّ منا قد يواجه مفترقاً صعبا كهذا، وتحية إلى كل مقاتل من حزب الله عبر الحدود ليحميها من تغلغل «جراد القتل» ومنعاً لتطويق المقاومة ولحماية ظهرها، والتحيّات كلّها للسوريين القوميين الإجتماعيين الذين لم يعترفوا أصلا بحدود ليعبروها ونادوا بقتل بلفور في العشرينات وبمحو إتفاقية سايكس وبيكو قبل أن تولد، وتحية إلى ابن علمات القومي الذي آثر أن يستشهد على أرض حمص، وإلى الشهداء حُماة الأمة من السوريين القوميين الإجتماعيين من أبناء صدد ومعلولا وصيدنايا وجرمانا والسويداء وطرطوس والحسكة وإدلب وحلب ودمشق وغيرها من مدن الشام ومحافظاتها الذين يخرجون من كل شريان من شرايين الأمة ولا حاجة بهم إلى عبور أي حدود.
طوبى لكل مقاتل في سورية حمل سلاحه في وجه التكفيريين وخرج للدفاع عن الأرض، لأنّه ببساطة جزء منها وامتداد لها لا أكثر.
المصدر :
جورج كرم
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة