دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
جنيف جولة ثانية من دون توقعات كبيرة. المبعوث الدولي والعربي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي ذاته لا يتوقع للجولة الثانية، بعد غد الاثنين، سيرة أفضل من سابقتها بحسب من التقوه مؤخراً في جنيف.
وينبغي انتظار الجولة الثالثة لجنيف بعد الخامس عشر من آذار المقبل، للمراهنة على تغيير ما في مسيرة المفاوضات، من دون أن يعني ذلك تحقيق اختراق ما. فضيق الوقت بين الجولتين، اللتين يفصل بينهما عشرة أيام، لم تسمح بتكثيف الاتصالات للتوصل إلى جدول أعمال مقبول من الطرفين لتفادي الفشل مرة ثانية، والغرق في الخلاف حول الأولويات بين الوفدين الحكومي و”الائتلافي”.
والأرجح أن يستأنف الإبراهيمي جلسات المفاوضات غير المباشرة في القاعة السادسة عشرة من قصر الأمم المتحدة في جنيف. وسيحاول البدء من الورقة الأخيرة التي تقدم بها قبل اختتام الجولة الماضية، والتي غامر فيها بتقديم قراءة، وصفها بالشخصية لبيان “جنيف 1″، التي لا تلزم أحداً سواه.
ويذهب الجميع إلى “جنيف 2″ من دون أن تطرأ تغييرات كبيرة على ميزان القوى بين الطرفين، لأن الراعيين الدوليين، الأميركي والروسي، لا يقدمان ما يوحي بأنهما على اتفاق واضح بشأن المعادلة النهائية التي سترسو عليها سوريا، فضلاً عن أن الروس في اجتماع ميونيخ الأخير لم يقدموا أي إشارة بأنهم سيضغطون على حليفهم في دمشق لتغيير مقاربته لبيان “جنيف 1″، بل إنهم ذهبوا الى تحميل الأميركيين، وسفيرهم روبرت فورد المشرف على “الائتلافيين”، جزءاً من المسؤولية عن الفشل في إحراز أي تقدم، بسبب اقتصار وفد المعارضة على جناح صغير من المعارضة السورية، يفتقد بنظرهم، وبنظر الإبراهيمي، إلى المصداقية التمثيلية المطلوبة التي ينص عليها بيان جنيف.
وأعلن نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد أن الحكومة السورية قررت المشاركة في الجولة الثانية من المفاوضات، مع “التشديد على مناقشة بيان جنيف بنداً بنداً، وبالتسلسل الذي ورد في هذا البيان…وأن إعادة الأمن والاستقرار إلى ربوع سوريا، تحتم مناقشة وضع حد للإرهاب والعنف”.
وخلال الأيام الماضية، عمل الطرفان على خلط الأوراق، وإعادة ترتيبها قبل الدخول في الجولة الثانية، للعودة في وضع أفضل. فنجحت الحكومة السورية بإسقاط ورقة حمص من طاولة المفاوضات، بعد الاتفاق الذي أبرمته مع المجموعات المسلحة، عبر الأمم المتحدة، حيث تم خروج أكثر من 80 شخصاً، من كبار السن والنساء والأطفال أمس، وإدخال القوافل الغذائية، على أن يلحق بها تسوية تنهي القتال في المدينة القديمة، وتسقط ورقة حمص من يد “الائتلاف” والولايات المتحدة.
وتظهر خريطة التسويات المحلية التي يطبقها النظام مع المجموعات المسلحة في منطقة ريف دمشق وغوطتها الاتجاه إلى تجويف العملية السياسية في جنيف، وتجزئة المسألة المتعلقة بالحصار والقضايا الإنسانية، ومعالجتها مع “الأهالي والمسلحين” في الغوطة والريف وغيرها دونما حاجة للذهاب إلى جنيف.
وأخفق “الائتلافيون” بالرهان على “جبهة النصرة” و”أحرار الشام” لقلب الأوضاع الميدانية في حلب، وتسرّعوا بالإعلان عن انتصار “الجيش الحر” في معركة سجن حلب المركزي، كما منيت الجماعات نفسها بهزيمة قاسية في الهجوم على مطار كويرس أيضاً. لكن “الائتلافيين” قد يكونون في طريقهم إلى تحقيق إنجاز سياسي مهم، بجذب معارضة الداخل إلى صفوفهم، وضم مجموعة من “هيئة التنسيق” إليهم، من دون دفع ثمن سياسي حقيقي مقابل ذلك وتحسين شروط تمثيلهم ومصداقيته في جنيف، والجلوس في موقع أقوى من المرة السابقة، إذا ما دخلت “هيئة التنسيق” في الصفقة المعروضة عليها.
وكان لقاء القاهرة في اليومين الماضيين بين قيادتي “الائتلاف” و”هيئة التنسيق” قد تمخض عن اتفاق لم يعلن عنه، لكنه قد يفتح الطريق أمام انضمام المنسق العام للهيئة حسن عبد العظيم، للالتحاق بوفد “الائتلاف”، الثلاثاء أو الأربعاء المقبل في جنيف.
ويقول مصدر سوري معارض إن رئيس “الائتلاف” أحمد الجربا وأمين عام “الائتلاف” بدر جاموس عرضا على المنسق العام للهيئة حسن عبد العظيم وعضو المكتب التنفيذي لـ”هيئة التنسيق” صفوان عكاش صيغة لتقاسم الوفد بينهما. واقترح الجربا أن يضم الوفد المعارض خمسة من الهيئة وخمسة من “الائتلافيين” وثلاثة من العسكر، قد يكون من بينهم احد قادة “وحدات الحماية الشعبية الكردية”، أقوى فصائل المعارضة السورية حالياً، إذا ما وافق “الائتلافيون” على هذا المطلب الذي طرحه “حزب الاتحاد الديموقراطي” الكردي. وينبغي ان يضم الوفد المعارض ممثلين عن الأكراد، احدهما سيمثل “الإدارة الذاتية الديموقراطية” الكردية في الشمال السوري، فيما يمثل الآخر “المجلس الوطني الكردي الائتلافي”.
وتهب على “هيئة التنسيق” تباينات بين تياراتها وشخصياتها وأحزابها في مقاربة العرض “الائتلافي”. فمن حيث المبدأ يعمل “الائتلافيون” على تذليل عقبة المعارضة الداخلية وضمها إلى الوفد بأقل ثمن سياسي ممكن، من دون أن تتغير مقاربة بيان “جنيف 1″ والبدء من نقطة “الهيئة الحاكمة الانتقالية”، الأكثر تعقيداً والأبعد منالاً والأكثر كلفة بالتالي بسبب إطالتها أمد الحرب. ومن الواضح أن تياراً داخل الهيئة يناقش بضرورة الالتحاق بعملية جنيف في أسرع وقت، والذهاب في ما بعد إلى اللقاء التشاوري المزمع عقده بين أجنحة المعارضة التي توافق على الحل السياسي، في القاهرة السبت المقبل، للاتفاق على رؤية مشتركة، فيما تعتقد مجموعة أخرى بأسبقية اللقاء التشاوري، الذي ينبغي أن يحدد أيضاً آليات تشكيل وفد المعارضة ورؤية سياسية مشتركة، ولا تريد أن تقدم هدية مجانية لـ”الائتلافيين” الواقعين تحت ضغط دولي لتوسيع تمثيل المعارضة. ومن المنتظر أن يصوت المكتب التنفيذي للهيئة اليوم على قرار نهائي بشأن الاتفاق المعروض على أن يقوم “الائتلاف” بالمصادقة عليه في ما بعد.
وقال مصدر إن المنسق العام للهيئة حسن عبد العظيم قد أجرى اتصالات بنائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف لطلب تأجيل الجولة الثانية، ريثما يتوصل “الائتلاف” والهيئة إلى اتفاق على الوفد المشترك. والأرجح أن يكون باب التأجيل قد أغلق، ما يجعل النقاش يدور حول احتمال التحاق وفد من الهيئة خلال الأسبوع الحالي بـ”الائتلاف” قائماً، شريطة أن يعلن “الائتلاف” قبوله بالذهاب إلى اللقاء التشاوري للتفاهم على رؤية سياسية مشتركة، وأن يحصل عبد العظيم على تفويض من المكتب التنفيذي، كما تعهد به خلال جلسة جمعته مع معارضين سوريين في القاهرة مساء أمس. وتميل ترجيحات إلى تفضيل أكثرية داخل المكتب التنفيذي تأجيل مسـألة الانضمام إلى وفد “الائتلاف” في جنيف إلى ما بعد اللقاء التشاوري.
إلى ذلك، قال وزير الأمن الداخلي الأميركي جيه جونسون، في مركز “وودرو ويلسون” في واشنطن، إن “سوريا أصبحت قضية تهم الأمن الداخلي”، مضيفاً إن الولايات المتحدة تراقب عن كثب المقاتلين الأجانب الذين يتوجهون إلى سوريا حيث توجد جماعات معارضة من بينها جماعات وفصائل إسلامية مدعومة من الغرب. وأضاف “نعرف أفراداً من الولايات المتحدة وكندا وأوروبا يسافرون إلى سوريا للمشاركة في الحرب…في الوقت ذاته يحاول المتطرفون بدأب تجنيد غربيين وتلقينهم أفكاراً متشددة في انتظار عودتهم إلى بلدانهم بمهمة متطرفة”.
المصدر :
السفير/حمد بلوط
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة