بعد سيطرته الأسبوع الماضي على مقارّ تابعة لـ «جبهة النصرة» في مدينة دير الزور، أهمها حقل «كونيكو» النفطي ومطحنة الحبوب والمعامل والإسكان، يواصل تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) انقضاضه على مواقع خصومه في أي مكان تصل إليه يده.

وتثير السياسة الهجومية التي يتبعها «داعش» ضد خصومه أسئلة كثيرة حول حجم هذا التنظيم ومدى قوته الفعلية، لاسيما أنه، وبالتزامن مع معاركه ضد «الجبهة الإسلامية» و«جبهة النصرة» وحلفائهما على الأراضي السورية، يخوض معارك شرسة مع الجيش العراقي في أكثر من منطقة ومدينة في العراق، ورغم ذلك فإنه يحقق تقدماً ملحوظاً على خصومه في سوريا وتزداد رقعة سيطرته يوماً بعد آخر، بينما لا يزال يخوض الاشتباكات والمعارك في العراق، ولا يبدو أنه على وشك الانهزام قريباً.

فقد قام تنظيم «داعش» أمس بعملية واسعة، حاصر فيها غالبية الحواجز والمقارّ التابعة لكل من «النصرة» و«أحرار الشام» و«كتيبة القعقاع» و«ألوية الحق» في منطقتي تل حميس والشدادي بريف مدينة الحسكة.

وبحسب مصادر مقربة من «أحرار الشام» فإن «داعش» وضع الفصائل التي يحاصرها أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الاستسلام فوراً وإعلان البيعة لزعيم «داعش» أبي بكر البغدادي، وإما القتل.

ونظراً لأن «داعش» كان قد استولى على معظم مستودعات الأسلحة التابعة لهذه الفصائل في المنطقتين، فقد كان خيار المواجهة مستحيلاً إن لم يكن انتحاراً جماعياً، لذلك رضخت العديد من المجموعات المحاصرة للأمر الواقع، وأعلنت بيعتها للبغدادي «صاغرة» كما وصف المشهد أحد عناصر «داعش» على حسابه على «تويتر».

وأعلنت صفحة «ولاية البركة» على «تويتر» المقربة من «داعش» (ولاية البركة هي الاسم الذي يطلقه «داعش» على محافظة الحسكة) أن «الصحوات تلاشت من ولاية البركة بعد سيطرة الدولة الإسلامية على كافة مواقع أحرار الشام في الولاية، وتم اغتنام الكثير من الأسلحة والعتاد»، بينما ذكرت مصادر متقاطعة أن عناصر «النصرة» في تل حميس قاموا جميعاً بمبايعة «الدولة الإسلامية» وسلموا أسلحتهم وعتادهم ريثما ينظر «الأمير» في شأنهم.

يشار إلى أن «الدولة الإسلامية» كانت سيطرت بشكل مفاجئ على بلدة الهول وبحيرة الخاتونية بريف الحسكة، والتي كانت تحت سيطرة «أحرار الشام». وتتمتع البلدة بموقع استراتيجي مهم جداً كونها محاذية للحدود مع العراق. وتضاربت الأنباء حول كيفية السيطرة عليها، ففي حين ذكرت رواية أن اشتباكات عنيفة جرت قبل تمكن «داعش» من السيطرة على بلدة الهول، كانت رواية أخرى تؤكد أن اتفاقاً جرى بين «أحرار الشام» وبين «الدولة الإسلامية» قضى بانسحاب «أحرار الشام» من البلدة ودخول «داعش» إليها، وأنه لم يجر إطلاق رصاصة واحدة في الهول. إلا أن العديد من النشطاء المقربين من «داعش»، مثل جواد البركاوي، أكدوا أن ما حدث ليس اتفاقاً وإنما قام عناصر «أحرار الشام» بمبايعة «الدولة الإسلامية» والانضمام إلى صفوفه بكامل سلاحهم وعتادهم.

وتأتي هذه التطورات المتسارعة في الحسكة بعد أيام فقط من توقيع اتفاق تسوية بين «الدولة الإسلامية» و«ألوية صقور الشام» في منطقة الشاعر بريف حماه، قضى بوقف إطلاق النار والتزام كل طرف بعدم الاعتداء على الآخر، ولا مؤازرة أي فصيل من الفصائل الموجودة في سوريا.

فإذا صحّت الرواية التي تتحدث عن سيطرة «داعش» على غالبية ريف الحسكة من دون إطلاق رصاصة واحدة، فإن ذلك قد يعني إما أن «الجبهة الإسلامية» و«جبهة النصرة» لم تعودا قادرتين على مواصلة القتال ضد «الدولة الإسلامية»، لاسيما بعد التقدم الذي حققه الأخير في كل من حلب ودير الزور، وإما أننا سنكون أمام مرحلة جديدة تتفق فيها الفصائل «الجهادية» على إرجاء حربها ضد بعضها البعض، والقيام بتسويات مختلفة لضبط خطوط التماس بين المناطق التي يسيطر عليها كل طرف.

  • فريق ماسة
  • 2014-02-07
  • 12215
  • من الأرشيف

«داعش» يطرد «النصرة» من ريف الحسكة

بعد سيطرته الأسبوع الماضي على مقارّ تابعة لـ «جبهة النصرة» في مدينة دير الزور، أهمها حقل «كونيكو» النفطي ومطحنة الحبوب والمعامل والإسكان، يواصل تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) انقضاضه على مواقع خصومه في أي مكان تصل إليه يده. وتثير السياسة الهجومية التي يتبعها «داعش» ضد خصومه أسئلة كثيرة حول حجم هذا التنظيم ومدى قوته الفعلية، لاسيما أنه، وبالتزامن مع معاركه ضد «الجبهة الإسلامية» و«جبهة النصرة» وحلفائهما على الأراضي السورية، يخوض معارك شرسة مع الجيش العراقي في أكثر من منطقة ومدينة في العراق، ورغم ذلك فإنه يحقق تقدماً ملحوظاً على خصومه في سوريا وتزداد رقعة سيطرته يوماً بعد آخر، بينما لا يزال يخوض الاشتباكات والمعارك في العراق، ولا يبدو أنه على وشك الانهزام قريباً. فقد قام تنظيم «داعش» أمس بعملية واسعة، حاصر فيها غالبية الحواجز والمقارّ التابعة لكل من «النصرة» و«أحرار الشام» و«كتيبة القعقاع» و«ألوية الحق» في منطقتي تل حميس والشدادي بريف مدينة الحسكة. وبحسب مصادر مقربة من «أحرار الشام» فإن «داعش» وضع الفصائل التي يحاصرها أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الاستسلام فوراً وإعلان البيعة لزعيم «داعش» أبي بكر البغدادي، وإما القتل. ونظراً لأن «داعش» كان قد استولى على معظم مستودعات الأسلحة التابعة لهذه الفصائل في المنطقتين، فقد كان خيار المواجهة مستحيلاً إن لم يكن انتحاراً جماعياً، لذلك رضخت العديد من المجموعات المحاصرة للأمر الواقع، وأعلنت بيعتها للبغدادي «صاغرة» كما وصف المشهد أحد عناصر «داعش» على حسابه على «تويتر». وأعلنت صفحة «ولاية البركة» على «تويتر» المقربة من «داعش» (ولاية البركة هي الاسم الذي يطلقه «داعش» على محافظة الحسكة) أن «الصحوات تلاشت من ولاية البركة بعد سيطرة الدولة الإسلامية على كافة مواقع أحرار الشام في الولاية، وتم اغتنام الكثير من الأسلحة والعتاد»، بينما ذكرت مصادر متقاطعة أن عناصر «النصرة» في تل حميس قاموا جميعاً بمبايعة «الدولة الإسلامية» وسلموا أسلحتهم وعتادهم ريثما ينظر «الأمير» في شأنهم. يشار إلى أن «الدولة الإسلامية» كانت سيطرت بشكل مفاجئ على بلدة الهول وبحيرة الخاتونية بريف الحسكة، والتي كانت تحت سيطرة «أحرار الشام». وتتمتع البلدة بموقع استراتيجي مهم جداً كونها محاذية للحدود مع العراق. وتضاربت الأنباء حول كيفية السيطرة عليها، ففي حين ذكرت رواية أن اشتباكات عنيفة جرت قبل تمكن «داعش» من السيطرة على بلدة الهول، كانت رواية أخرى تؤكد أن اتفاقاً جرى بين «أحرار الشام» وبين «الدولة الإسلامية» قضى بانسحاب «أحرار الشام» من البلدة ودخول «داعش» إليها، وأنه لم يجر إطلاق رصاصة واحدة في الهول. إلا أن العديد من النشطاء المقربين من «داعش»، مثل جواد البركاوي، أكدوا أن ما حدث ليس اتفاقاً وإنما قام عناصر «أحرار الشام» بمبايعة «الدولة الإسلامية» والانضمام إلى صفوفه بكامل سلاحهم وعتادهم. وتأتي هذه التطورات المتسارعة في الحسكة بعد أيام فقط من توقيع اتفاق تسوية بين «الدولة الإسلامية» و«ألوية صقور الشام» في منطقة الشاعر بريف حماه، قضى بوقف إطلاق النار والتزام كل طرف بعدم الاعتداء على الآخر، ولا مؤازرة أي فصيل من الفصائل الموجودة في سوريا. فإذا صحّت الرواية التي تتحدث عن سيطرة «داعش» على غالبية ريف الحسكة من دون إطلاق رصاصة واحدة، فإن ذلك قد يعني إما أن «الجبهة الإسلامية» و«جبهة النصرة» لم تعودا قادرتين على مواصلة القتال ضد «الدولة الإسلامية»، لاسيما بعد التقدم الذي حققه الأخير في كل من حلب ودير الزور، وإما أننا سنكون أمام مرحلة جديدة تتفق فيها الفصائل «الجهادية» على إرجاء حربها ضد بعضها البعض، والقيام بتسويات مختلفة لضبط خطوط التماس بين المناطق التي يسيطر عليها كل طرف.

المصدر : السفير /عبدالله سليمان علي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة