ما بين اعتراف وزير الخارجية الأميركية جون كيري بتسجيل النظام السوري نقاطاً إضافية في الفترة الأخيرة من خلال تحسين مواقعه، وإعلان الأمم المتحدة عن التوصل لاتفاق إنساني في حمص وتأكيد القيادة السورية التزامها بإخراج النساء والأطفال من بعض أحياء المدينة المحاصرة بعد إتمام الترتيبات اللازمة، توقفت الدبلوماسية الشرقية عند الحراك الروسي الهادف إلى انتزاع اعتراف أممي بأن ما يحصل في سورية هو حرب على الإرهاب التكفيري الذي وصل بامتداداته الجغرافية إلى خارج الحدود السورية، وسط استمرار بعض الدول العربية والغربية بالعمل على تمويل المسلحين وتشجيعهم على محاربة النظام بالرغم من علم المجتمع الدولي أن إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد أصبح من المستحيلات السياسية والعسكرية بعد أن نجح جيشه في استعادة المبادرة على محاور القتال كافة.

في هذا الوقت، تتوزع اهتمامات المعنيين بالأزمة السورية على جملة محاور، بانتظار البدء بالجولة الثانية من مؤتمر جنيف بعد أيام قليلة، في سباق محموم مع الوقت الضاغط على الجميع، فالجيش السوري يعمل على إظهار تفوقه العسكري وقدرته على الحسم من خلال تحسين مواقعه العسكرية وتشديد الخناق على الجيوب المنتشرة بكثرة في الغوطتين الشرقية والغربية أي القلمون، في موازاة العمل على تقديم بعض التنازلات الشكلية التي تصب في النهاية بمصلحته على غرار إبرام اتفاق إخراج المدنيين من بعض أحياء حمص بما يساعده على تنفيذ سياسة الأرض المحروقة بعد زوال خطر الدروع البشرية، بينما تعمل المعارضة المسلحة على تحقيق انجاز عسكري ولو معنوي تحسن من خلاله موقع “الائتلاف” التفاوضي والحد من خفض سقوفه المتدرج من رحيل الأسد إلى مرحلة انتقالية ومن ثم الاكتفاء بمعابر إنسانية تساعد على الحد من الخسائر البشرية.

في المقابل، يكشف الدبلوماسي الشرقي عن سلسلة من الاجتماعات السريعة وغير المعلنة بين عدد من الدول الأوروبية للبحث في مصير المقاتلين الأجانب، بعد أن اختلف التعاطي الغربي مع الأزمة السورية ولجوئه إلى تسليط الضوء على مشاركة الأجانب والعرب في الحرب السورية، في مشهد تحذر من خلاله التقارير من عودة المسلحين بصورة عشوائية إلى البلدان التي خرجوا منها خصوصاً بعد ثبوت تورط المئات من حاملي الجنسيات الأوروبية في أعمال موصوفة بالارهابية، بيد أن بعضهم خرج عن مفهوم “الجهاد” و”النصرة” ليصل إلى حدود نقل العقيدة القتالية إلى بعض العواصم الأوروبية القريبة من منابع الإرهاب.

ويبدو أن الاجتماعات المذكورة لم تخرج حتى الآن بتصور نهائي، وإن كانت قد خلصت إلى بعض الثوابت، أبرزها عدم السماح لهؤلاء بالعودة إلى أوروبا والاكتفاء بإعادتهم إلى الدول الأم، وهذا ما لن ترضى به الأخيرة لعدة اعتبارات، أبرزها أن الخلايا السرية معشعشة فيها ولا تحتاج إلى الكثير لتبدأ حراكها بدليل ما يحصل في العالمين العربي والإسلامي حيث ينفجر الإرهاب دفعة واحدة، في مشهد يؤكد على التنسيق في ما بين الخلايا ومراكز قيادتها فضلاً عن استمرار تدفق الأموال لصالحها.

استناداً إلى هذه المعطيات وسواها، يعرب الدبلوماسي المعني عن اعتقاده بأن النظام سيندفع أكثر وأكثر إلى تصفية هؤلاء الإرهابيين على أرضه، ولكن هذه المرة بضوء أخضر غربي وإقليمي على السواء بدليل المساعدات المخابراتية والمعلوماتية التي بدأ يتلقاها الجيش النظامي، وهي التي تعطي التقدم وتظهر الفارق في الميدان، وذلك على اعتبار أن ما يحصل راهناً هو أحد الحلول المطروحة لمحاربة الإرهاب والقضاء على أخطاره وتمدده باتجاه دول الجوار، أو بمعنى آخر فان الدول المعنية بمسار المفاوضات حول الأزمة السورية ستعطي المزيد من الوقت للنظام لإتمام مهمته، وذلك بعد إلقاء قنابل دخانية تحجب الرؤية وتؤسس إلى مرحلة جديدة.

  • فريق ماسة
  • 2014-02-06
  • 10621
  • من الأرشيف

سباق عسكري محموم بين الجيش السوري والمسلحين لتحسين شروط جولة جنيف 2 الثانية

ما بين اعتراف وزير الخارجية الأميركية جون كيري بتسجيل النظام السوري نقاطاً إضافية في الفترة الأخيرة من خلال تحسين مواقعه، وإعلان الأمم المتحدة عن التوصل لاتفاق إنساني في حمص وتأكيد القيادة السورية التزامها بإخراج النساء والأطفال من بعض أحياء المدينة المحاصرة بعد إتمام الترتيبات اللازمة، توقفت الدبلوماسية الشرقية عند الحراك الروسي الهادف إلى انتزاع اعتراف أممي بأن ما يحصل في سورية هو حرب على الإرهاب التكفيري الذي وصل بامتداداته الجغرافية إلى خارج الحدود السورية، وسط استمرار بعض الدول العربية والغربية بالعمل على تمويل المسلحين وتشجيعهم على محاربة النظام بالرغم من علم المجتمع الدولي أن إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد أصبح من المستحيلات السياسية والعسكرية بعد أن نجح جيشه في استعادة المبادرة على محاور القتال كافة. في هذا الوقت، تتوزع اهتمامات المعنيين بالأزمة السورية على جملة محاور، بانتظار البدء بالجولة الثانية من مؤتمر جنيف بعد أيام قليلة، في سباق محموم مع الوقت الضاغط على الجميع، فالجيش السوري يعمل على إظهار تفوقه العسكري وقدرته على الحسم من خلال تحسين مواقعه العسكرية وتشديد الخناق على الجيوب المنتشرة بكثرة في الغوطتين الشرقية والغربية أي القلمون، في موازاة العمل على تقديم بعض التنازلات الشكلية التي تصب في النهاية بمصلحته على غرار إبرام اتفاق إخراج المدنيين من بعض أحياء حمص بما يساعده على تنفيذ سياسة الأرض المحروقة بعد زوال خطر الدروع البشرية، بينما تعمل المعارضة المسلحة على تحقيق انجاز عسكري ولو معنوي تحسن من خلاله موقع “الائتلاف” التفاوضي والحد من خفض سقوفه المتدرج من رحيل الأسد إلى مرحلة انتقالية ومن ثم الاكتفاء بمعابر إنسانية تساعد على الحد من الخسائر البشرية. في المقابل، يكشف الدبلوماسي الشرقي عن سلسلة من الاجتماعات السريعة وغير المعلنة بين عدد من الدول الأوروبية للبحث في مصير المقاتلين الأجانب، بعد أن اختلف التعاطي الغربي مع الأزمة السورية ولجوئه إلى تسليط الضوء على مشاركة الأجانب والعرب في الحرب السورية، في مشهد تحذر من خلاله التقارير من عودة المسلحين بصورة عشوائية إلى البلدان التي خرجوا منها خصوصاً بعد ثبوت تورط المئات من حاملي الجنسيات الأوروبية في أعمال موصوفة بالارهابية، بيد أن بعضهم خرج عن مفهوم “الجهاد” و”النصرة” ليصل إلى حدود نقل العقيدة القتالية إلى بعض العواصم الأوروبية القريبة من منابع الإرهاب. ويبدو أن الاجتماعات المذكورة لم تخرج حتى الآن بتصور نهائي، وإن كانت قد خلصت إلى بعض الثوابت، أبرزها عدم السماح لهؤلاء بالعودة إلى أوروبا والاكتفاء بإعادتهم إلى الدول الأم، وهذا ما لن ترضى به الأخيرة لعدة اعتبارات، أبرزها أن الخلايا السرية معشعشة فيها ولا تحتاج إلى الكثير لتبدأ حراكها بدليل ما يحصل في العالمين العربي والإسلامي حيث ينفجر الإرهاب دفعة واحدة، في مشهد يؤكد على التنسيق في ما بين الخلايا ومراكز قيادتها فضلاً عن استمرار تدفق الأموال لصالحها. استناداً إلى هذه المعطيات وسواها، يعرب الدبلوماسي المعني عن اعتقاده بأن النظام سيندفع أكثر وأكثر إلى تصفية هؤلاء الإرهابيين على أرضه، ولكن هذه المرة بضوء أخضر غربي وإقليمي على السواء بدليل المساعدات المخابراتية والمعلوماتية التي بدأ يتلقاها الجيش النظامي، وهي التي تعطي التقدم وتظهر الفارق في الميدان، وذلك على اعتبار أن ما يحصل راهناً هو أحد الحلول المطروحة لمحاربة الإرهاب والقضاء على أخطاره وتمدده باتجاه دول الجوار، أو بمعنى آخر فان الدول المعنية بمسار المفاوضات حول الأزمة السورية ستعطي المزيد من الوقت للنظام لإتمام مهمته، وذلك بعد إلقاء قنابل دخانية تحجب الرؤية وتؤسس إلى مرحلة جديدة.

المصدر : النشرة/ انطوان الحايك


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة