منذ ان اطلقت الرصاصة الاولى من بندقية معتدي على الارض السورية قبل ما يقارب السنوات الثلاث ، كان منطقيا ان يتحسب لبنان لدخول النار اليه و لم يكن منطقيا في اي حال " التحصن " في مقولة "النأي بالنفس" ( و هي مقولة رأينا فيها منذ ساعاتها الاولى نعيا للنفس و نعيا للامن اللبناني ) لانه من غير الممكن ان تكون النار عند الجار و انت تنام آمنا مطمئنا لا تحسب لها حسابا . و المنطفي كان تطبيق المبادئ العصرية لارساء الامن و التي في طليعتها العمل بمفهوم الامن الاقليمي الذي يتقدم على مفهوم الامن الوطني بعد ان تغيرت طبيعة الاتصالات و وسائلها و طرق النقل و الانتقال و امكاناته .

لكن لبنان المنقسم على كل شيء و غير المتوافق الا على امر واحد هو التبعية للخارج ، لبنان هذا انخرط عبر بعض مكوناته السياسية و السياسية- الدينية انخرط في العدوان على سورية و لم ينظر لامنه كما يجب ان ينظر الى الامن في ظرفه بل راعى اولئك المنخرطين بالعدوان قواعد التبعية و مارسوا لعبة النعامة التي تغرس رأسها في الرمل حتى لا يراها احد ، ( و كأن في عالم اليوم سر يخفى ) و دخلوا في سورية تسعيرا لنارها عملا برزنامة خارجية و خدمة لمشروع العدوان على سورية ، المشروع الذي ظن اصحابه او الملتحقين بخدمته انه سيحقق اهدافه في اسابيع او اشهر لا تتعدى الستة .

لقد دخل اللبنانيون الذين يستظلون عناوين السلفية و التكفيرية و الاسلام السني الجهادي ، الى جانب اقران لهم في تيارات سياسية لا ترفع علانية شعارات دينية و تتخذ من المذهبية سلاحا كتيار المستقبل ، دخل هؤلاء في الحرب على سورية بالاعلام و المال ثم بالسلاح و الرجال و حولوا مناطق واسعة من لبنان الى قواعد عسكرية عملانية و لوجستية تخدم ما يسمونه " الثورة السورية " ، و لما رفع الصوت الوطني ضد هذه الممارسات و طالبنا مع اخرين باعلان المنطقة شمال خط عرسال طرابلس منطقة عسكرية و فرض الامن فيها عبر الجيش و بالتنسيق مع الدولة السورية تطبيقا للاتفاقية الامنية المعقودة معها قام قائم تلك الفئة و هددوا بالويل و الثبور و عظائم الامور رفضاً لتحرك الجيش لبسط الامن على ارض الوطن، لا بل كان احد نوابهم من الوقاحة الى الحد الذي طرح ان يستحصل الجيش على ترخيص او اذن من اهالي اي قرية في عكار اذا اراد المرور فيها .

و مع تطور الحرب في سورية و تداعي الامر فيها الى الحد الذي الذي وصل الى قتل لبنانيين يقطنون على ارض سورية و التهديد بقطع طرق و محاور الدعم اللوجستي للمقاومة عبر سورية ، وجدت المقاومة نفسها ملزمة بالدخول الى الميدان لتدافع عن لبنانيين تخلت عنهم الدولة عبر سياسة " نعي النفس " المسماة النأي بالنفس ، و لتحمي طرق امدادها اللوجستي حتى لا تحاصر و ينقلب وضعها في لبنان الى ما هو عليه وضع المقاومة في غزة مع الحصار المفروض عليها . و بالتالي كان تدخل المقاومة في سورية امرا دفاعيا ملحا ، يشكل عدم القيام به خطأ استراتيجيا قاتلا فيما لو حصل .

و هنا رسم مشهد جديد على الارض السورية بمفردات لبنانية تظهر لبنانيين منخرطين في العدوان على سورية خدمة لمشروع خارجي ، و لبنانيين يقاتلون للدفاع عن انفسهم ممارسة لحق الدفاع المشروع عن النفس . و في ظل هذا الوضع كان صريحا السيد حسن نصرالله عندما دعا الى تجنيب لبنان لهيب النار و اقتصار المواجهة على ما يجري على الارض السورية حصرا للاضرار و تحديدا للخسائر ، رحمة باللبنانيين و حرصا على امن لبنان .

لم تنفع سياسة " النأي النفس " ( و هي اصلا لم تكن منطقية او عملية ) و لم تسمع دعوة حصر ميدان المواجهة بما هو خارج لبنان لتحييده ، و اتجهت القوى المعتدية على سورية الى تهديد لبنان و تهديد المقاومة و مجتمع المقاومة بالحرب و النار امتداد للعدوان على سورية ، و هنا طرح موضوع الامن في لبنان على بساط البحث بشكل جدي ، خاصة بعد ان ترجم التهديد صواريخ اطلقت على مناطق تعتبر حاضنة للمقاومة و مجتمعها في الضاحية الجنوبية و البقاع ، ثم كانت سلسلة السيارات المتفجرة و العمليات الانتحارية ، ومع هذا التطور ثارت الاسئلة حول اتجاه الوضع الامني في لبنان ، و احتمال سقوط استقراره و انهيار امنه فاين الحقيقة مما يشاع ؟

في دراسة موضوعية ، نقول و بصراحة كلية اننا لا نخشى على الامن اللبناني بشكل عام و لا نتوقع انهياره و دخول لبنان فيما يمكن تسميته حرب اهلية او فتنة عامة و قتال داخلي ، لاسباب عدة اهمها ان القوى الرئيسية التي تملك قدرات المواجهة الحاسمة ، لا تريد هذا الانزلاق و لا ترى اي مصلحة في الدخول في نزاع مسلح في الداخل اللبناني ، لكن هذا لا يعني عدم الاهتمام باللسعات الامنية و العمليات الاجرامية التي تحصل بين الفينة و الاخرى ضد مجتمع المقاومة ، مهما كان حجم هذه اللسعات او العمليات . و بالتالي نجد انه بات ملحا التفكير بعمل مؤثر يحد من هذه الجرائم ، و يجفف مصادر مرتكبيها ، خاصة بالنسبة لاولئك الانتحاريين الذين بلغ مستواهم في الاونة الاخيرة ان يكتفي الواحد منهم بقتل نفسه فقط ليبرر للجهة التي ارسلته اصدرا بيان كاذب ملفق يدعي فيه قتل العشرات و جرح المئات من مالمقاومة و جمهورها .

و قبل الانطلاق في البحث عن التدابير تلك ، لا بد من التأكيد او اعادة التذكير بان وجود المقاومة ببعض مقاتليها في الميدان السوري هو قرار استراتيجي مدروس لا يغير فيه او يؤثر اقدام مضلل او مخبول او ابله على قتل نفسه انتحارا على ابواب مناطق مجتمع المقاومة ، و على هذا الاساس لا يمكن ان يفكر عاقل بامكانية القبول بذرائع الجهات المصنعة للانتحاريين و تبريراتها ، و لا يمكن التفكير لحظة بالاستجابة الى ما تدعيه هي بذاتها او من يقف خلفها من محليين و اقليميين او دوليين ، و بات لزاما هنا معالجة الظاهرة بذاتها دون اي بحث اخر، دون ان نغفل التنويه بما تحقق حتى الان من نتائج التدابير المتخذة على الصعيد الرسمي من قبل الدولة او على الصعيد الاهلي من قبل المواطنيين و هيئاتهم و التي ادت الى تراجع في حجم الخسائر التي تنتجها العمليات الارهابية و انخفاض في سقفها و مستوى تحضيرها ( بدأت ب 300 كلغ و بتفجير مزدوج و انتهت ب 5 كلغ و منتحر يقتل نفسه فقط بعد ان توقفت الصواريخ في بيروت و يتجه الى وقفها في ىالهرمل) .

 

و في مجال البحث ، نرى ان مواجهة من جاء او من ارسل ليموت ، لا يمكن ان تتم بالتهديد بالعقاب او بالفتل و هو الذي اختاره اصلا ، و المواجهة هنا نراها عبر حلقات اربع :

- الاولى : معالجة ظاهرة الشحن المعنوي و الاعداد العقائدي للانتحاريين . و هنا يبدو من الاهمية بمكان مرافبة ما يجري في الحلقات الدينية و ما يقلى من دروس التحريض و الشن المذهبي و تكفير الاخر ، و الحض على قتاله . و يكون واجب الدولة بكل اجهزتها ان تولي هذه الناحية العناية التي تستحق ، و يكفي ان نشير الى ظاهرة الاسير في صيدا و التي نجد ان الدولة اللبنانية تتحمل مسؤولية رئيسية في نموها و وصولها حيث بلغت من شأن ارهابي و اجرام انتهى بالاعتداء على الجيش و بدم بارد .

- الثانية : تدابير استباقية تتمثل بالعمل الامني و الاستخباري الحثيث للكشف عن اماكن تصنيع الارهابيين الانتحاريين و تجهيز السيارات المفخخة و تحصين البئية الحاضنة لهم و هنا يجب اسقاط مقولة " الجزر الخارجة عن يد الدولة " . لان وجود هذه الجزر يعتبر خللا فاضحا في البنية الامنية الوطنية .

- الثالثة : تدابير وقائية يجب ان تتخذ في المناطق المستهدفة ، و هنا يمكن الاستعانة بالتقنيات الحديثة التي تسرع المراقبة و التفتيش و تسهل امور المواطنيين و ينبغي تجنب تدابير جلد الذات لان في هذه التدابير تحقيق لاغراض الارهابيين بذاتها عبر معاقبة مجتمع المقاومة و تعقيد حياته اليومية . كما ينبغي تفعيل الحس الامني لدى المواطن وفقا لمقولة كل مواطن خفير منوهين بما قام به سائق الفان في الشويفات منذ ايام .

- الرابعة : الملاحقة و المعاقبة ، و هنا ينبغي ان يكون لدى الدولة الجرأة لملاحقة اي شخص او وسيلة يستفاد من سلوكها انها تساعد الارهابيين و تسهل نشر مواقف التحريض او تغطي افعال الارهاب او تبرر الجرائم و ينبغي ان لا تكون حصانة من اي نوع كانت لشخص يتستر بعمامة رجل دين او بلقب نائب او مسؤول سياسي ، و وسيلة اعلامية مرتبطة بهذه الجهة او تلك .

 

قد يكون وجود الحكومة التي تمتلك القدرة على اتخاذ القرار السياسي ضرورة للقيام بما تقدم ، و لكن تصريف الاعمال يتضمن في طليعة ما يتضمن حفظ الامن و الاستقرار ، و اذا كان تشكيل حكومة جامعة مهم لتفعيل الامر على اعتبار ان الامن منتج سياسي يحفظه العسكر ، لكن التأخر في التشكيل لا يعفي المسؤول من القيام بما تمليه عليه موجباته الوطنية .

  • فريق ماسة
  • 2014-02-05
  • 10154
  • من الأرشيف

لبنان: الهاجس الامني و تحدي المعالجة

منذ ان اطلقت الرصاصة الاولى من بندقية معتدي على الارض السورية قبل ما يقارب السنوات الثلاث ، كان منطقيا ان يتحسب لبنان لدخول النار اليه و لم يكن منطقيا في اي حال " التحصن " في مقولة "النأي بالنفس" ( و هي مقولة رأينا فيها منذ ساعاتها الاولى نعيا للنفس و نعيا للامن اللبناني ) لانه من غير الممكن ان تكون النار عند الجار و انت تنام آمنا مطمئنا لا تحسب لها حسابا . و المنطفي كان تطبيق المبادئ العصرية لارساء الامن و التي في طليعتها العمل بمفهوم الامن الاقليمي الذي يتقدم على مفهوم الامن الوطني بعد ان تغيرت طبيعة الاتصالات و وسائلها و طرق النقل و الانتقال و امكاناته . لكن لبنان المنقسم على كل شيء و غير المتوافق الا على امر واحد هو التبعية للخارج ، لبنان هذا انخرط عبر بعض مكوناته السياسية و السياسية- الدينية انخرط في العدوان على سورية و لم ينظر لامنه كما يجب ان ينظر الى الامن في ظرفه بل راعى اولئك المنخرطين بالعدوان قواعد التبعية و مارسوا لعبة النعامة التي تغرس رأسها في الرمل حتى لا يراها احد ، ( و كأن في عالم اليوم سر يخفى ) و دخلوا في سورية تسعيرا لنارها عملا برزنامة خارجية و خدمة لمشروع العدوان على سورية ، المشروع الذي ظن اصحابه او الملتحقين بخدمته انه سيحقق اهدافه في اسابيع او اشهر لا تتعدى الستة . لقد دخل اللبنانيون الذين يستظلون عناوين السلفية و التكفيرية و الاسلام السني الجهادي ، الى جانب اقران لهم في تيارات سياسية لا ترفع علانية شعارات دينية و تتخذ من المذهبية سلاحا كتيار المستقبل ، دخل هؤلاء في الحرب على سورية بالاعلام و المال ثم بالسلاح و الرجال و حولوا مناطق واسعة من لبنان الى قواعد عسكرية عملانية و لوجستية تخدم ما يسمونه " الثورة السورية " ، و لما رفع الصوت الوطني ضد هذه الممارسات و طالبنا مع اخرين باعلان المنطقة شمال خط عرسال طرابلس منطقة عسكرية و فرض الامن فيها عبر الجيش و بالتنسيق مع الدولة السورية تطبيقا للاتفاقية الامنية المعقودة معها قام قائم تلك الفئة و هددوا بالويل و الثبور و عظائم الامور رفضاً لتحرك الجيش لبسط الامن على ارض الوطن، لا بل كان احد نوابهم من الوقاحة الى الحد الذي طرح ان يستحصل الجيش على ترخيص او اذن من اهالي اي قرية في عكار اذا اراد المرور فيها . و مع تطور الحرب في سورية و تداعي الامر فيها الى الحد الذي الذي وصل الى قتل لبنانيين يقطنون على ارض سورية و التهديد بقطع طرق و محاور الدعم اللوجستي للمقاومة عبر سورية ، وجدت المقاومة نفسها ملزمة بالدخول الى الميدان لتدافع عن لبنانيين تخلت عنهم الدولة عبر سياسة " نعي النفس " المسماة النأي بالنفس ، و لتحمي طرق امدادها اللوجستي حتى لا تحاصر و ينقلب وضعها في لبنان الى ما هو عليه وضع المقاومة في غزة مع الحصار المفروض عليها . و بالتالي كان تدخل المقاومة في سورية امرا دفاعيا ملحا ، يشكل عدم القيام به خطأ استراتيجيا قاتلا فيما لو حصل . و هنا رسم مشهد جديد على الارض السورية بمفردات لبنانية تظهر لبنانيين منخرطين في العدوان على سورية خدمة لمشروع خارجي ، و لبنانيين يقاتلون للدفاع عن انفسهم ممارسة لحق الدفاع المشروع عن النفس . و في ظل هذا الوضع كان صريحا السيد حسن نصرالله عندما دعا الى تجنيب لبنان لهيب النار و اقتصار المواجهة على ما يجري على الارض السورية حصرا للاضرار و تحديدا للخسائر ، رحمة باللبنانيين و حرصا على امن لبنان . لم تنفع سياسة " النأي النفس " ( و هي اصلا لم تكن منطقية او عملية ) و لم تسمع دعوة حصر ميدان المواجهة بما هو خارج لبنان لتحييده ، و اتجهت القوى المعتدية على سورية الى تهديد لبنان و تهديد المقاومة و مجتمع المقاومة بالحرب و النار امتداد للعدوان على سورية ، و هنا طرح موضوع الامن في لبنان على بساط البحث بشكل جدي ، خاصة بعد ان ترجم التهديد صواريخ اطلقت على مناطق تعتبر حاضنة للمقاومة و مجتمعها في الضاحية الجنوبية و البقاع ، ثم كانت سلسلة السيارات المتفجرة و العمليات الانتحارية ، ومع هذا التطور ثارت الاسئلة حول اتجاه الوضع الامني في لبنان ، و احتمال سقوط استقراره و انهيار امنه فاين الحقيقة مما يشاع ؟ في دراسة موضوعية ، نقول و بصراحة كلية اننا لا نخشى على الامن اللبناني بشكل عام و لا نتوقع انهياره و دخول لبنان فيما يمكن تسميته حرب اهلية او فتنة عامة و قتال داخلي ، لاسباب عدة اهمها ان القوى الرئيسية التي تملك قدرات المواجهة الحاسمة ، لا تريد هذا الانزلاق و لا ترى اي مصلحة في الدخول في نزاع مسلح في الداخل اللبناني ، لكن هذا لا يعني عدم الاهتمام باللسعات الامنية و العمليات الاجرامية التي تحصل بين الفينة و الاخرى ضد مجتمع المقاومة ، مهما كان حجم هذه اللسعات او العمليات . و بالتالي نجد انه بات ملحا التفكير بعمل مؤثر يحد من هذه الجرائم ، و يجفف مصادر مرتكبيها ، خاصة بالنسبة لاولئك الانتحاريين الذين بلغ مستواهم في الاونة الاخيرة ان يكتفي الواحد منهم بقتل نفسه فقط ليبرر للجهة التي ارسلته اصدرا بيان كاذب ملفق يدعي فيه قتل العشرات و جرح المئات من مالمقاومة و جمهورها . و قبل الانطلاق في البحث عن التدابير تلك ، لا بد من التأكيد او اعادة التذكير بان وجود المقاومة ببعض مقاتليها في الميدان السوري هو قرار استراتيجي مدروس لا يغير فيه او يؤثر اقدام مضلل او مخبول او ابله على قتل نفسه انتحارا على ابواب مناطق مجتمع المقاومة ، و على هذا الاساس لا يمكن ان يفكر عاقل بامكانية القبول بذرائع الجهات المصنعة للانتحاريين و تبريراتها ، و لا يمكن التفكير لحظة بالاستجابة الى ما تدعيه هي بذاتها او من يقف خلفها من محليين و اقليميين او دوليين ، و بات لزاما هنا معالجة الظاهرة بذاتها دون اي بحث اخر، دون ان نغفل التنويه بما تحقق حتى الان من نتائج التدابير المتخذة على الصعيد الرسمي من قبل الدولة او على الصعيد الاهلي من قبل المواطنيين و هيئاتهم و التي ادت الى تراجع في حجم الخسائر التي تنتجها العمليات الارهابية و انخفاض في سقفها و مستوى تحضيرها ( بدأت ب 300 كلغ و بتفجير مزدوج و انتهت ب 5 كلغ و منتحر يقتل نفسه فقط بعد ان توقفت الصواريخ في بيروت و يتجه الى وقفها في ىالهرمل) .   و في مجال البحث ، نرى ان مواجهة من جاء او من ارسل ليموت ، لا يمكن ان تتم بالتهديد بالعقاب او بالفتل و هو الذي اختاره اصلا ، و المواجهة هنا نراها عبر حلقات اربع : - الاولى : معالجة ظاهرة الشحن المعنوي و الاعداد العقائدي للانتحاريين . و هنا يبدو من الاهمية بمكان مرافبة ما يجري في الحلقات الدينية و ما يقلى من دروس التحريض و الشن المذهبي و تكفير الاخر ، و الحض على قتاله . و يكون واجب الدولة بكل اجهزتها ان تولي هذه الناحية العناية التي تستحق ، و يكفي ان نشير الى ظاهرة الاسير في صيدا و التي نجد ان الدولة اللبنانية تتحمل مسؤولية رئيسية في نموها و وصولها حيث بلغت من شأن ارهابي و اجرام انتهى بالاعتداء على الجيش و بدم بارد . - الثانية : تدابير استباقية تتمثل بالعمل الامني و الاستخباري الحثيث للكشف عن اماكن تصنيع الارهابيين الانتحاريين و تجهيز السيارات المفخخة و تحصين البئية الحاضنة لهم و هنا يجب اسقاط مقولة " الجزر الخارجة عن يد الدولة " . لان وجود هذه الجزر يعتبر خللا فاضحا في البنية الامنية الوطنية . - الثالثة : تدابير وقائية يجب ان تتخذ في المناطق المستهدفة ، و هنا يمكن الاستعانة بالتقنيات الحديثة التي تسرع المراقبة و التفتيش و تسهل امور المواطنيين و ينبغي تجنب تدابير جلد الذات لان في هذه التدابير تحقيق لاغراض الارهابيين بذاتها عبر معاقبة مجتمع المقاومة و تعقيد حياته اليومية . كما ينبغي تفعيل الحس الامني لدى المواطن وفقا لمقولة كل مواطن خفير منوهين بما قام به سائق الفان في الشويفات منذ ايام . - الرابعة : الملاحقة و المعاقبة ، و هنا ينبغي ان يكون لدى الدولة الجرأة لملاحقة اي شخص او وسيلة يستفاد من سلوكها انها تساعد الارهابيين و تسهل نشر مواقف التحريض او تغطي افعال الارهاب او تبرر الجرائم و ينبغي ان لا تكون حصانة من اي نوع كانت لشخص يتستر بعمامة رجل دين او بلقب نائب او مسؤول سياسي ، و وسيلة اعلامية مرتبطة بهذه الجهة او تلك .   قد يكون وجود الحكومة التي تمتلك القدرة على اتخاذ القرار السياسي ضرورة للقيام بما تقدم ، و لكن تصريف الاعمال يتضمن في طليعة ما يتضمن حفظ الامن و الاستقرار ، و اذا كان تشكيل حكومة جامعة مهم لتفعيل الامر على اعتبار ان الامن منتج سياسي يحفظه العسكر ، لكن التأخر في التشكيل لا يعفي المسؤول من القيام بما تمليه عليه موجباته الوطنية .

المصدر : امين محمد حطيط - البناء


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة