أرخت عملية تسريب أسماء 21 شخصاً لبنانياً قُتلوا في بلدة الزارة وقلعة الحصن في سوريا، بعد تجنيد أنفسهم مع التنظيمات الإسلامية المعارضة، بثقلها على مناطق عدة من الشمال إلى البقاع.

وتبدى القلق أكثر بعد المعلومات التي أشارت إلى أن غالبيّة القتلى كانوا قد غادروا الى سوريا في أوقات متفاوتة عبر معابر غير شرعية، وهم ينتمون إلى المناطق الموضوعة تحت المجهر أمنياً وإعلامياً بعد تنامي الحديث عن وجود مجموعات تابعة لتنظيم “القاعدة” فيها.

ولم يعد خافياً على أحد أن تسلّم اللبناني أبو سليمان (من مشتى حمود وكان مسجوناً في سجن رومية بتهمة الانتماء الى “فتح الإسلام”) لقيادة موقع قلعة الحصن قبل نحو سنتين وتجنيده عدداً كبيراً من المقاتلين من شمال لبنان معه، قد شجَّعت عدداً كبيراً من الشبان المتحمسين للقتال في سوريا إلى الانضمام إليه تباعاً. وكانت باكورة المحاولات من قبل ما بات يُعرف بـ”مجموعة تلكلخ” التي وقعت في كمين للجيش السوري خلال توجهها الى القلعة حيث قُتل كل أفرادها باستثناء شخص واحد. ومنذ ذلك الوقت، بدأ الدخول الى سوريا يتمّ فردياً بمعدل اثنين الى ثلاثة مقاتلين في الليلة الواحدة مستخدمين أكثر من معبر غير شرعي، حتى وصل عدد المقاتلين الشماليين المنتشرين بين بلدة الزارة وقلعة الحصن الى المئات.

ويبدو واضحاً أن التوترات التي شهدتها الحدود الشمالية اللبنانية ـ السورية قبل أيام، كانت نتيجة التواصل القائم بين مجموعات مسلّحة في لبنان والمجموعات الموجودة في الزارة وقلعة الحصن والتي أبلغتها بحراجة وضعها العسكري على صعيد حصارها والقصف المستمر عليها من قبل الجيش السوري. عندها، سارعت تلك المجموعة اللبنانية الى التوغل بين أودية القرى الحدودية وعملت على نصب مدافع “الهاون” في بلدة خربة رمان. ثم حاولت التسلل والعبور الى الداخل السوري عبر البهلوانية عند تقاطع النهر الكبير وصولاً إلى بلدة الغيضة. ونجحت المجموعة في استهداف حاجز للجيش السوري واستشهد  عدداً من العناصر، للتخفيف عن المجموعات المحاصرة في الزارة وقلعة الحصن ولفتح معبر آمن لعناصرها يمكنها الهروب منه الى لبنان، لكن الرد السوري كان عنيفاً، إذ تم التصدي لعناصر المجموعة وقتل وجرح عدد منهم. كما طال القصف السوري عمق القرى العكارية وأدى الى خسائر بشرية ومادية.

وتؤكد المعلومات أن القاطنين في القرى الحدودية المطلّة، يشاهدون بأم العين ما بين خمس الى سبع جثث لمسلحين ما زالت مرميّة على جانب النهر الكبير، ولم يتمكن أحد من سحبها حتى الآن بسبب كثافة النيران السورية. في وقت يكثف فيه الطيران الحربي السوري غاراته بالبراميل المتفجرة على مواقع المسلحين في الزارة وقلعة الحصن، ما أدى الى مقتل العشرات، عُرف منهم 21 لبنانيا وهم: ع. بدران، أ. المحمود، إ. حسان، م. المصري، ف. سرور، م. إسلام، م. العويش، ع. العويش، ع. عزيز، م. الجاسم، ح. المحمود، و. حمود، ح . المصري، م. أبو رعد، و. العويشات، د. صفوان، ب. أبو زيد، أ. الأحمد، ش. رزوق، ع. جربوع وع. بدران.

وبعد تسريب هذه الأسماء، تبدي بعض المصادر المتابعة تخوّفها من التوترات التي يمكن أن تشهدها طرابلس والمناطق المحيطة بها وصولا الى الضنية وعكار مع الإعلان الرسمي عن مقتل اللبنانيين في سوريا ومعرفة المناطق التي ينتمون إليها، وذلك على غرار ما حصل بعد وقوع “مجموعة تلكلخ” بالكمين.

ولفتت هذه المصادر الانتباه إلى أن الوقائع الميدانية تشير الى مزيد من التصعيد الناري من قبل الجيش السوري في الأيام المقبلة، الأمر الذي سيهدد مصير العشرات من اللبنانيين الذين لا يزالون يتحصنون في قلعة الحصن وجوارها، معتبرةً أن أي مساندة إضافيّة من الأراضي اللبنانية سترتد مزيداً من النيران على القرى العكارية الآمنة.

لكن ما يرفع منسوب الخوف لدى هذه المصادر، هو إمكان استغلال وجود عدد من أبناء طرابلس بين القتلى، للإمعان في استهداف المدينة وتشويه صورتها من خلال اتهامها بإيواء مجموعات تنتمي الى “تنظيم القاعدة”، خصوصا في ظل الممارسات غير المسؤولة من قبل مجهولين يقومون ببث تسجيلات وأشرطة فيديو على غرار تسجيل أبو سياف الأنصاري، والمجموعات الملثمة التي هددت الرئيس سعد الحريري وبايعت “القاعدة”.

وتؤكّد مصادر سلفية لـ”السفير” أنّ “عدداً لا يستهان به من الشبان بدأوا يخرجون عن سيطرة ومشورة بعض المشايخ، نتيجة التدخل المتمادي لحزب الله في سوريا، وفي ظل الاحتقان القائم واستمرار الشحن السياسي والمذهبي من قبل الأطراف السياسية”.

وتشير إلى أنّ “فكر القاعدة موجود في طرابلس وفي كل المناطق اللبنانية الأخرى، لكن من يحمل هذا الفكر لا يزال غير منظم ولا ينتمي الى مجموعات أو قائد، من هنا فقد اقتصر الذهاب الى سوريا للقتال الى جانب الثوار على المبادرات الفردية التي لا تغطيها أي جهة سلفية محلية”.

من جهته، يقول شيخ قراء طرابلس بلال بارودي لـ”السفير” إن “ثمة تواصلا بين مجموعات الداخل السوري مع مجموعات مسلحة لبنانية تعمل فردياً في محافظة الشمال عموماً، وبالنسبة لنا كمشايخ نؤكد أنه لا يصح الذهاب الى سوريا للقتال، وأن من يذهب يساهم فقط في رفع عدد المحاصرين من قبل النظام”.

ويضيف: “إن دعم ما اسماها بـ"الثورة" في سورية يكون فقط بالمال والسلاح وباحتضان النازحين، وما غير ذلك نعتبره توريطاً للساحة الإسلامية "السنية" عموماً”، مجدداً التأكيد أنّ “قتال شبابنا في سوريا لن يكون له أي جدوى أو تأثير إيجابي ولن يبدل في المعادلة القائمة هناك. لأن "الثوار" لا يحتاجون الى دعم بالعناصر بقدر ما يحتاجون الى المال والسلاح”.

  • فريق ماسة
  • 2014-02-04
  • 12010
  • من الأرشيف

سلفيّون يدعون لعدم التوجه إلى سورية : لا يحتاجون لكم

أرخت عملية تسريب أسماء 21 شخصاً لبنانياً قُتلوا في بلدة الزارة وقلعة الحصن في سوريا، بعد تجنيد أنفسهم مع التنظيمات الإسلامية المعارضة، بثقلها على مناطق عدة من الشمال إلى البقاع. وتبدى القلق أكثر بعد المعلومات التي أشارت إلى أن غالبيّة القتلى كانوا قد غادروا الى سوريا في أوقات متفاوتة عبر معابر غير شرعية، وهم ينتمون إلى المناطق الموضوعة تحت المجهر أمنياً وإعلامياً بعد تنامي الحديث عن وجود مجموعات تابعة لتنظيم “القاعدة” فيها. ولم يعد خافياً على أحد أن تسلّم اللبناني أبو سليمان (من مشتى حمود وكان مسجوناً في سجن رومية بتهمة الانتماء الى “فتح الإسلام”) لقيادة موقع قلعة الحصن قبل نحو سنتين وتجنيده عدداً كبيراً من المقاتلين من شمال لبنان معه، قد شجَّعت عدداً كبيراً من الشبان المتحمسين للقتال في سوريا إلى الانضمام إليه تباعاً. وكانت باكورة المحاولات من قبل ما بات يُعرف بـ”مجموعة تلكلخ” التي وقعت في كمين للجيش السوري خلال توجهها الى القلعة حيث قُتل كل أفرادها باستثناء شخص واحد. ومنذ ذلك الوقت، بدأ الدخول الى سوريا يتمّ فردياً بمعدل اثنين الى ثلاثة مقاتلين في الليلة الواحدة مستخدمين أكثر من معبر غير شرعي، حتى وصل عدد المقاتلين الشماليين المنتشرين بين بلدة الزارة وقلعة الحصن الى المئات. ويبدو واضحاً أن التوترات التي شهدتها الحدود الشمالية اللبنانية ـ السورية قبل أيام، كانت نتيجة التواصل القائم بين مجموعات مسلّحة في لبنان والمجموعات الموجودة في الزارة وقلعة الحصن والتي أبلغتها بحراجة وضعها العسكري على صعيد حصارها والقصف المستمر عليها من قبل الجيش السوري. عندها، سارعت تلك المجموعة اللبنانية الى التوغل بين أودية القرى الحدودية وعملت على نصب مدافع “الهاون” في بلدة خربة رمان. ثم حاولت التسلل والعبور الى الداخل السوري عبر البهلوانية عند تقاطع النهر الكبير وصولاً إلى بلدة الغيضة. ونجحت المجموعة في استهداف حاجز للجيش السوري واستشهد  عدداً من العناصر، للتخفيف عن المجموعات المحاصرة في الزارة وقلعة الحصن ولفتح معبر آمن لعناصرها يمكنها الهروب منه الى لبنان، لكن الرد السوري كان عنيفاً، إذ تم التصدي لعناصر المجموعة وقتل وجرح عدد منهم. كما طال القصف السوري عمق القرى العكارية وأدى الى خسائر بشرية ومادية. وتؤكد المعلومات أن القاطنين في القرى الحدودية المطلّة، يشاهدون بأم العين ما بين خمس الى سبع جثث لمسلحين ما زالت مرميّة على جانب النهر الكبير، ولم يتمكن أحد من سحبها حتى الآن بسبب كثافة النيران السورية. في وقت يكثف فيه الطيران الحربي السوري غاراته بالبراميل المتفجرة على مواقع المسلحين في الزارة وقلعة الحصن، ما أدى الى مقتل العشرات، عُرف منهم 21 لبنانيا وهم: ع. بدران، أ. المحمود، إ. حسان، م. المصري، ف. سرور، م. إسلام، م. العويش، ع. العويش، ع. عزيز، م. الجاسم، ح. المحمود، و. حمود، ح . المصري، م. أبو رعد، و. العويشات، د. صفوان، ب. أبو زيد، أ. الأحمد، ش. رزوق، ع. جربوع وع. بدران. وبعد تسريب هذه الأسماء، تبدي بعض المصادر المتابعة تخوّفها من التوترات التي يمكن أن تشهدها طرابلس والمناطق المحيطة بها وصولا الى الضنية وعكار مع الإعلان الرسمي عن مقتل اللبنانيين في سوريا ومعرفة المناطق التي ينتمون إليها، وذلك على غرار ما حصل بعد وقوع “مجموعة تلكلخ” بالكمين. ولفتت هذه المصادر الانتباه إلى أن الوقائع الميدانية تشير الى مزيد من التصعيد الناري من قبل الجيش السوري في الأيام المقبلة، الأمر الذي سيهدد مصير العشرات من اللبنانيين الذين لا يزالون يتحصنون في قلعة الحصن وجوارها، معتبرةً أن أي مساندة إضافيّة من الأراضي اللبنانية سترتد مزيداً من النيران على القرى العكارية الآمنة. لكن ما يرفع منسوب الخوف لدى هذه المصادر، هو إمكان استغلال وجود عدد من أبناء طرابلس بين القتلى، للإمعان في استهداف المدينة وتشويه صورتها من خلال اتهامها بإيواء مجموعات تنتمي الى “تنظيم القاعدة”، خصوصا في ظل الممارسات غير المسؤولة من قبل مجهولين يقومون ببث تسجيلات وأشرطة فيديو على غرار تسجيل أبو سياف الأنصاري، والمجموعات الملثمة التي هددت الرئيس سعد الحريري وبايعت “القاعدة”. وتؤكّد مصادر سلفية لـ”السفير” أنّ “عدداً لا يستهان به من الشبان بدأوا يخرجون عن سيطرة ومشورة بعض المشايخ، نتيجة التدخل المتمادي لحزب الله في سوريا، وفي ظل الاحتقان القائم واستمرار الشحن السياسي والمذهبي من قبل الأطراف السياسية”. وتشير إلى أنّ “فكر القاعدة موجود في طرابلس وفي كل المناطق اللبنانية الأخرى، لكن من يحمل هذا الفكر لا يزال غير منظم ولا ينتمي الى مجموعات أو قائد، من هنا فقد اقتصر الذهاب الى سوريا للقتال الى جانب الثوار على المبادرات الفردية التي لا تغطيها أي جهة سلفية محلية”. من جهته، يقول شيخ قراء طرابلس بلال بارودي لـ”السفير” إن “ثمة تواصلا بين مجموعات الداخل السوري مع مجموعات مسلحة لبنانية تعمل فردياً في محافظة الشمال عموماً، وبالنسبة لنا كمشايخ نؤكد أنه لا يصح الذهاب الى سوريا للقتال، وأن من يذهب يساهم فقط في رفع عدد المحاصرين من قبل النظام”. ويضيف: “إن دعم ما اسماها بـ"الثورة" في سورية يكون فقط بالمال والسلاح وباحتضان النازحين، وما غير ذلك نعتبره توريطاً للساحة الإسلامية "السنية" عموماً”، مجدداً التأكيد أنّ “قتال شبابنا في سوريا لن يكون له أي جدوى أو تأثير إيجابي ولن يبدل في المعادلة القائمة هناك. لأن "الثوار" لا يحتاجون الى دعم بالعناصر بقدر ما يحتاجون الى المال والسلاح”.

المصدر : غسان ريفي / السفير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة