كان في ود الجيش السوري لو جرى تحرير الزارة من دون دماء، لكن أمل أي تسوية وأدته إرادة الغرباء من مسلحي المعارضة السورية. ويتردّد، هنا، أن وجود أكثر من 50 ضابطاً من أبناء البلدة في صفوف الجيش السوري،

جعل المؤسسة العسكرية تبحث عن تسوية بالتعاون مع الضباط، تمنع تدمير البلدة بالكامل وحصول معركة طاحنة فيها بعدما هجرها أهلها، عبر إقناع المنشقين بتسليم البلدة والخروج منها. لكنّ بوادر أي تسوية انتهت مع تعنّت المسلحين الأجانب، إضافة إلى الهجوم الذي شنّه المسلحون على حاجز عمار الحصن التابع لقوات الدفاع الوطني، وتصفيتهم 14 عسكرياً، واستيلائهم على دبابة بكامل ذخيرتها ومدافع هاون.

ومع تبلور قرار المعركة، بدأت فجر الثلاثاء الماضي وحدات من الفرقتين 11 و18 والوحدات الخاصة في الجيش مدعومة بمقاتلين من الدفاع الوطني والحزب القومي بتطويق بلدة الزارة من أربعة محاور. المحور الشرقي الجنوبي، أو محور «السنديانة ـــ باروحة» بلغة القرى، والمحور الثاني هو المدخل الرئيسي للبلدة من الجنوب، محور «برد عيات» أو المحور الجنوبي الغربي، محور «شلوح ـــ كفريش» من الغرب، ومحور البلدة الرئيسي من الجنوب، ليبقى المحور الشمالي، وهو المتصل ببلدة الحصن وبلدة شويهدات الحصن، أو شويهد. إلى جانب المحاور الأربعة، فتحت القوات المهاجمة نقاط اشتباك جديدة عبر بلدة عمار الحصن في الشمال الغربي، وتلال قميرة في أقصى الجنوب الغربي، وترمي النقاط الجديدة إلى قطع الطريق عن الشويهد وقرية الحاصرجية التي تقع تحت سيطرة المسلحين. على أن الجيش استطاع السيطرة في الأيام الماضية على الوادي الواصل بين الزارة وتلكلخ وبالتالي الحدود اللبنانية، وتثبيت نقاط فوق التلال المشرفة عليه، مزوّدة بأسلحة مدفعية ورشاشة ثقيلة وكاشفات ضوئية في ساعات الليل، والسيطرة على تلال خزانات الوقود ومزارع متقدمة في البلدة. وبالتالي، إحكام السيطرة على الزارة وقطع طرق إمدادها كاملة بالنيران. واليوم، يمكن القول إن عملية القضم قد بدأت بالتزامن مع اشتداد حدة القصف السوري من المدفعية والطائرات.

وفي اليومين الماضيين، اشتدت حدّة القصف السوري بالطائرات والمروحيات والمدفعية على الزارة وقلعة الحصن، وتؤكد مصادر ميدانية متابعة ان عشرات المسلحين سقطوا يومي الأحد وأمس الثلاثاء، معظمهم من اللبنانيين، وخمسة شهداء من الجيش السوري خلال عمليات الاقتحام. لا تحرّك المعركة هنا المصلحة العسكرية وحدها. حتى اشتداد طغيان المسلحين وأعمال القتل الشنيعة التي يمارسها هؤلاء، ليست السبب الوحيد الذي يدفع إلى اتخاذ قرار الحسم في مسألة منطقة الحصن على نحو عام. فالحصن هي الفاصل الجغرافي بين الساحل السوري والداخل، وعقدة الوصل الموازية للقصير في متنفس دمشق على الساحل. وخلف صوت المدافع، ثمّة من يردد كلاماً «كبيراً» في السياسة، عن أن مَن خطط لتقسيم سوريا، رسم الحصن كحد فاصل، يشق البلاد طولياً، من تلكلخ إلى إدلب.

  • فريق ماسة
  • 2014-02-05
  • 12594
  • من الأرشيف

تحرير الزارة: معركة «توحيد» سـورية

كان في ود الجيش السوري لو جرى تحرير الزارة من دون دماء، لكن أمل أي تسوية وأدته إرادة الغرباء من مسلحي المعارضة السورية. ويتردّد، هنا، أن وجود أكثر من 50 ضابطاً من أبناء البلدة في صفوف الجيش السوري، جعل المؤسسة العسكرية تبحث عن تسوية بالتعاون مع الضباط، تمنع تدمير البلدة بالكامل وحصول معركة طاحنة فيها بعدما هجرها أهلها، عبر إقناع المنشقين بتسليم البلدة والخروج منها. لكنّ بوادر أي تسوية انتهت مع تعنّت المسلحين الأجانب، إضافة إلى الهجوم الذي شنّه المسلحون على حاجز عمار الحصن التابع لقوات الدفاع الوطني، وتصفيتهم 14 عسكرياً، واستيلائهم على دبابة بكامل ذخيرتها ومدافع هاون. ومع تبلور قرار المعركة، بدأت فجر الثلاثاء الماضي وحدات من الفرقتين 11 و18 والوحدات الخاصة في الجيش مدعومة بمقاتلين من الدفاع الوطني والحزب القومي بتطويق بلدة الزارة من أربعة محاور. المحور الشرقي الجنوبي، أو محور «السنديانة ـــ باروحة» بلغة القرى، والمحور الثاني هو المدخل الرئيسي للبلدة من الجنوب، محور «برد عيات» أو المحور الجنوبي الغربي، محور «شلوح ـــ كفريش» من الغرب، ومحور البلدة الرئيسي من الجنوب، ليبقى المحور الشمالي، وهو المتصل ببلدة الحصن وبلدة شويهدات الحصن، أو شويهد. إلى جانب المحاور الأربعة، فتحت القوات المهاجمة نقاط اشتباك جديدة عبر بلدة عمار الحصن في الشمال الغربي، وتلال قميرة في أقصى الجنوب الغربي، وترمي النقاط الجديدة إلى قطع الطريق عن الشويهد وقرية الحاصرجية التي تقع تحت سيطرة المسلحين. على أن الجيش استطاع السيطرة في الأيام الماضية على الوادي الواصل بين الزارة وتلكلخ وبالتالي الحدود اللبنانية، وتثبيت نقاط فوق التلال المشرفة عليه، مزوّدة بأسلحة مدفعية ورشاشة ثقيلة وكاشفات ضوئية في ساعات الليل، والسيطرة على تلال خزانات الوقود ومزارع متقدمة في البلدة. وبالتالي، إحكام السيطرة على الزارة وقطع طرق إمدادها كاملة بالنيران. واليوم، يمكن القول إن عملية القضم قد بدأت بالتزامن مع اشتداد حدة القصف السوري من المدفعية والطائرات. وفي اليومين الماضيين، اشتدت حدّة القصف السوري بالطائرات والمروحيات والمدفعية على الزارة وقلعة الحصن، وتؤكد مصادر ميدانية متابعة ان عشرات المسلحين سقطوا يومي الأحد وأمس الثلاثاء، معظمهم من اللبنانيين، وخمسة شهداء من الجيش السوري خلال عمليات الاقتحام. لا تحرّك المعركة هنا المصلحة العسكرية وحدها. حتى اشتداد طغيان المسلحين وأعمال القتل الشنيعة التي يمارسها هؤلاء، ليست السبب الوحيد الذي يدفع إلى اتخاذ قرار الحسم في مسألة منطقة الحصن على نحو عام. فالحصن هي الفاصل الجغرافي بين الساحل السوري والداخل، وعقدة الوصل الموازية للقصير في متنفس دمشق على الساحل. وخلف صوت المدافع، ثمّة من يردد كلاماً «كبيراً» في السياسة، عن أن مَن خطط لتقسيم سوريا، رسم الحصن كحد فاصل، يشق البلاد طولياً، من تلكلخ إلى إدلب.

المصدر : الأخبار


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة