دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
الصراع في سوريا اصبح خطيرا على الجميع وليس على سوريا وحدها بل على الدول المحيطة بسوريا جميعا ، والعالم باسره ،والدليل على ذلك الانقسام العالمي حولها وعدم قدرة مجلس الامن اتخاذ اي قرار بشأنها ، وتراجع اميركا عن توجيه ضربة لسوريا بعد اتخاذها القرار وهذا ما لم يحصل مع اميركا في تاريخها كل ذلك بسبب وقوف دولى كبرى الى جانب النظام السوري اهمها : روسيا، الصين، ايران ودول البريكس .
الجيش العربي السوري قلب الموازين بفضل انجازاته العسكرية على كل الجبهات العسكرية واصبح هو بموقع المبادر في اي مكان يريد وبالتوقيت الذي يختاره ، اضافة الى التقارب الايراني التركي وظهر ذلك بتبدل لهجة تركيا واعلانها ضرورة مواجهة الارهاب وقصفها لموكب لداعش داخل الاراضي السورية بالتزامن مع وجود اردوغان في ايران.
يبدو ان النظام في سوريا مرتاح لوضعه الميداني وهذا ما انعكس في مؤتمر جنيف حيث كان الوفد الحكومي السوري متماسكا منسقا يعرف ماذا يفعل وما يريد ، بينما وفد المعارضة كان مشتتا ليس لديه اية افكار باستثناء تنحية الاسد وحكومة انتقالية وكان يعتمد على ارشادات وتعليمات السفير الاميركي في دمشق فورد الذي لم يغادر مكان اقامة وفد لمعارضة السورية .
ان المفاوضات المستمرة تشكل جبهة أخرى في الصراع بين النظام والمعارضة. ومع ذلك، ففي النهاية سيكون للأحداث العسكرية تأثير على مسار الصراع يتجاوز كثيراً تأثير عملية جنيف.
وفي أعقاب المحادثات، يرجح أن تعود الحرب إلى سيرتها الأولى المتمثلة بـ : صراع ثلاثي يتسم بعمليات غير مكتملة ووضع قتالي يصب في صالح الجيش العربي ، ولكنه قد لا يحسم الامور في القريب العاجل. وسوف تزداد الخسائر البشرية، بما في ذلك تلك التي ستقع في صفوف المقاتلين الأجانب والأفراد غير النظاميين. وقد يفقد المسلحون كما يتوقع المحللون السياسيون السيطرة على مناطق هامة مثل حمص والضواحي الجنوبية لدمشق والمناطق الجنوبية من حلب.
المعارضة في الوقت الحالي تعاني من عمليتين داخليتين متعارضتين – ففي بعض الحالات تقاتل فصائل الثوار بعضها البعض مثل داعش والجبهة الاسلامية وجبهة النصرة ، وفي البعض الآخر سعت إلى توطيد قواتها ضد النظام. ولم يتضح بعد أي من العمليتين سوف تظفر بالسيادة. وفي كلتا الحالتين، لا يشعر النظام بأنه مهدد عسكرياً بشكل كافٍ يحمله على التعامل مع المحادثات الحالية بجدية.
ولان النظام يعرف جيدا بانه سوف يواصل الاستفادة من القتال الداخلي بين صفوف الثوار خصوصا وان الجيش الحر يشارف على نهايته وخروجه من الميدان نهائيا ما لم تحصل معجزة ، فإنه يفضل نصراً بطيئاً أو الجمود فيما يتعلق بالمفاوضات.
كما لا يرى النظام أي رابط بين وفد المعارضة في جنيف والمسلحين على الأرض. ومن جانبهم، ليس لدى المسلحين الكثير من أوراق المساومة سوى التهديد بمواصلة القتال ، فالفصائل المسلحة الاقوى هي “جبهة النصرة ” “داعش ” ” الجبهة الاسلامية” وكلها غير ممثلة في مؤتمر جينف.
اربعة سيناريوهات للصراع
هناك أربعة سيناريوهات محتملة للشكل الذي سيستمر به الصراع على الميدان السوري بعد جنيف، مدرجة في ترتيب تنازلي وفقاً لاحتماليتها، مع وجود احتمالية متساوية على الأرجح لحدوث السيناريوهين الأولين:
1- ازدياد حدة الجمود الحالي. لا يظهر أي طرف اهتماماً بخوض مفاوضات جادة، ويفضل الاستمرار في حرب الاستنزاف على أمل الحصول على وضع أفضل للمساومة.
2- استمرار النظام في ضرب المسلحين واضعافهم . في ظل الانقسام المتزايد في صفوف المعارضة، يصبح النظام أقل اهتماماً بالمفاوضات بمرور الوقت، ويختار بدلاً من ذلك إنهاك المسلحين ببطء.
3- تسارع وتيرة نجاح الجيش ميدانيا والرئيس الأسد مهتم فقط بمناقشة شروط الاستسلام، والمسلحون منقسمون حول الاستسلام أو مواصلة القتال وصولاً إلى النهاية المريرة.
4- استعادة المسلحين للزخم. إن مكاسب المسلحين في ميادين المعارك تزيد من احتمالات إجراء مفاوضات حقيقية مع النظام، لكن المعارضة لا تزال منقسمة ويبدو ان تحقيقها لانجازات عسكرية امر مستبعد.
الجبهة الاسلامية
إن تأسيس جماعة «الجبهة الإسلامية» المظلية حسّن من كفاءة استخدام المعارضة لمواردها العسكرية. إلا أن النظام لا يزال يمتلك الميزة من خلال ربطه للاستراتيجية السياسية والدبلوماسية بالعمليات العسكرية، ويرجح أن يتحسن موقفه على المدى القصير.
ولكي تستمر فعالية المسلحين يجب عليهم تسوية انقساماتهم الداخلية والحد من خسائرهم للأراضي والمواقع الاستراتيجية وتحسين عمليات تنسيق استخدام الموارد العسكرية ومنع النظام من استغلال حالة انعدام الثقة بين صفوفهم.
وعلى الرغم من التردد في دوائر صنع القرار الأمريكية، إلا أن ترجيح كفة التوازن العسكري في صالح المسلحين سيتطلب زيادة المساعدات العسكرية على نحو يتجاوز الأسلحة والذخيرة.
كما أن مشاركة المعلومات الاستخباراتية والمساعدات الطبية والخبرات القتالية سوف يساعد فصائل المسلحين الأكثر اعتدالاً في قتالهم ضد جماعة «الدولة الإسلامية في العراق والشام» المنتسبة لـ تنظيم «القاعدة».
وفي الوقت ذاته، يستطيع المجتمع الدولي تحريك المفاوضات إلى الأمام من خلال ممارسة ضغوط دبلوماسية واقتصادية على حلفاء النظام الذين ليس بوسعه الاستغناء عنهم، وهم «حزب الله» وإيران وروسيا. ويشمل ذلك الكشف عن تفاصيل دعمهم المالي والعسكري للنظام ، ولكن على ما يبدو ان حلفاء النظام هم اكثر وفاء والتصاقا واستعدادا للدفاع عنه ولا يوجد اي دلالات على انهم قد يتخلون عنه بل على العكس دعمهم يزداد ويترجم ذلك بانجازات الجيش السوري على الرض والالتفاف الشعبي حول الجيش السوري والترحيب به في منطقة يررها من المسلحين.
وعلى أي حال، فإن الوضع العسكري الحالي في سوريا يعني أن محادثات جنيف ليست المكان الذي ينبغي للمرء أن يتطلع إليه للوقوف على مستقبل البلاد.
هدف الجبهة الاسلامية
يكمن الهدف الأول لـ «الجبهة الإسلامية» في الإطاحة بنظام الأسد، ويشمل ذلك مؤسساته العسكرية والأمنية. وبناءً على ذلك، وقّعت ست من بين سبع جماعات ثورية داخل «الجبهة الإسلامية» على بيان مشترك في أواخر تشرين الأول/أكتوبر أعلنت فيه أن محادثات التسوية ما هي إلا “مؤامرة” وحذرت من مشاركة أي من الثوار وإلا سوف يحاكمون بتهمة الخيانة. وفي 20 كانون الثاني/يناير، أصدرت «الجبهة الإسلامية» و«جيش المجاهدين» بياناً مشتركاً يرفض إلى حد أبعد عملية جنيف.
وحتى مع ذلك، جادل البعض بأن على الولايات المتحدة والغرب أن يدعموا «الجبهة الإسلامية» لأنها تقاتل «الدولة الإسلامية في العراق والشام». بيد، سيكون من الحكمة بالنسبة لواشنطن العمل مع «الجبهة الإسلامية» نظراً لأفعالها وبياناتها حتى الآن.
والأهم من ذلك خلص تقرير لمنظمة “هيومان رايتس ووتش” من آب/أغسطس إلى أن احتجاز الرهائن والقتل وغيرها من الإساءات الممنهجة التي ارتكبتها قوات الثوار ضد المدنيين في منطقة اللاذقية “تصل إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”. وذكرت المنظمة تحديداً تورط «حركة أحرار الشام الإسلامية» كلاعب رئيسي في تلك المخالفات. وبالإضافة إلى ذلك، قال القائد العسكري لـ «الجبهة الإسلامية» ورئيس «جيش الإسلام» زهران علوش، “إن المجاهدين…سوف يغسلون أوساخ الرافضة من بلاد الشام”، وسيغسلونها إلى الأبد. وإذا ساندت الولايات المتحدة «الجبهة الإسلامية» ومُني النظام بالهزيمة، تستطيع فصائل محددة من الثوار تدشين حملة إبادة جماعية ضد دوائر الشيعة العلويين الموالية للأسد.
كما أن الأيديولوجية الأساسية للجماعة تجعلها في عداء مع المصالح الأمريكية.
فميثاق «الجبهة الإسلامية» يدعو إلى تأسيس دولة إسلامية وتطبيق الشريعة – والجماعة تعارض التشريعات الوضعية تماماً، حيث تؤمن بان كافة القوانين تأتي من السماء وليس من الحكومات المدنية. وقد صرح زعيم مجلس شورى «الجبهة الإسلامية» أبو عيسى الشيخ بأنه لا يوجد مكان للعلمانية في سوريا، بينما استبعد علوش الديمقراطية كشكل مقبول من أشكال الحكم.
كما أن «الجبهة الإسلامية» تمثل مسؤولية عسكرية لواشنطن أيضاً. فدورها في قتال «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ألقى بظلاله على حقيقة أنها تستضيف مقاتلين أجانب من هولندا وتركيا ومصر والكويت وروسيا وأوزبكستان، من بين بلدان أخرى.
وحتى أن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو الصلة بين أحد كبار قادة «حركة أحرار الشام الإسلامية» أبو خالد السوري وزعيم تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري. فبوصفه مبعوث الظواهري في سوريا، كان السوري وسيطاً في التعامل بين تنظيم «داعش» و «جبهة النُصرة»، إحدى الجماعات الأخرى التي تدور في فلك تنظيم «القاعدة».
إن القتال المستمر بين وحدات «الجبهة الإسلامية» و «داعش» أكثر تعقيداً مما تفيد به التقارير الشائعة. ففي حين أنه تم تصوير جماعات «الجبهة الإسلامية» على أنها تقاتل الجهاديين، إلا أنها في الحقيقة تستجيب لمخالفات محددة ارتكبها تنظيم «داعش».
وقد وصف العديدون داخل معسكر الجهاديين المصادمات بين «الجبهة الإسلامية» و «الدولة الإسلامية في العراق والشام» بأنها مجرد “فتنة” يمكن حلها من خلال الوساطة، مع قيام «جبهة النُصرة» بدور الوسيط. وفي غضون ذلك، وصف تنظيم «داعش» «المجلس العسكري السوري» المعارض وذراعه المدني بأنهما عدوه الحقيقي، معلناً أن الحرب التي يشنها هي ليست ضد «الجبهة الإسلامية»، بل ضد قائد «جبهة ثوار سوريا» القومية جمال معروف.
كما أن «الدولة الإسلامية في العراق والشام» كانت قادرة على التعافي من الهجمات المفاجئة الأخيرة لـ «جبهة ثوار سوريا» و «جماعة جيش المجاهدين»، و«الجبهة الإسلامية»، ويعود ذلك جزئياً إلى أن بعض كتائب «الجبهة الإسلامية» رفضت قتال الجماعة.
بالإضافة إلى ذلك، وقّع كلا الجانبين على العديد من الاتفاقات، من بينها تسليم مدينة سراقب إلى «جبهة النُصرة» و «جبهة ثوار سوريا». ونتيجة لذلك، لم يستعيد تنظيم «داعش» نفوذه الضائع فحسب، بل استرد أيضاً جرابلس ومنبج والباب. بالإضافة إلى ذلك، حصل على تعهدات بالولاء من أعضاء قبائل وكتائب سابقة في «الجبهة الإسلامية» منذ اندلاع القتال.
لكن حتى لو قامت «حركة أحرار الشام الإسلامية» بخفض مصادماتها مع تنظيم «داعش»، فإن جماعات أخرى في «الجبهة الإسلامية» هي أقل حرصاً على إصلاح العلاقات. ولقد انتهج قائد «جيش الإسلام» علوش خطاً مناهضاً لـ «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، على طول الخط ووصفها بأنها عميلة للحكومة الإيرانية. كما أصدر «لواء التوحيد» و «صقور الشام» دعوات مماثلة لإنهاء المهمة ضد تنظيم «داعش». ولهذا، من المتوقع نشوب مزيد من القتال بين صفوف الثوار رغم أن «داعش» ستظل طرفاً فاعلاً سواء كانت منبوذة أم لا.
ولكن في حال استطاع الجيش العراقي القضاء على داعش في الانبار والفلوجة فان ذلك سيضعفها كثيرا وقد يقضي عليه ، فهي ستخسر عمقها الاستراتيجي وتصبح غير قادرة على مواجهة الجبهة الاسلامية او الجيش العربي السوري ، الذي يحيد نفسه عن بعض المعرك التي تجري بين داعش وقوى مسلحة معارضة اخرى حتى ينهكوا بعضهم ويبقوا على اقتتال بدل التوحد ضده.
المصدر :
الديار /محمد العس
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة