بدأ الجيش السوري حشد قواته العسكرية منذ الاسبوع الماضي استعداداً لمعركة جديدة في يبرود، أكبر معاقل المسلحين في القلمون في ريف دمشق. لن تهدف المعركة هذه المرة إلى تضييق الخناق على المسلّحين، بل إلى استعادة المدينة ومحيطها. معركة ستكون الأقسى منذ معركة القصير العام الماضي

منذ تحرير كل من قارة والنبك ودير عطية في القلمون (ريف دمشق الشمالي)، يحاصر الجيش السوري الجماعات المسلحة المعارضة في مدينة يبرود، أكبر البلدات القلمونية التي ينتشرون فيها. لكن هذا الحصار لم يمنع هؤلاء من التسلل الى مدن وقرى أخرى لشنّ عمليات عسكرية فيها. وخلال الأسابيع الخمسة الماضية، كثرت عمليات التسلّل في اتجاه ريف القصير في حمص، في محاولة من المسلحين لتحصيل نصر ميداني ومعنوي يمكن استخدامه في المفاوضات السياسية.

كذلك ارتفعت وتيرة الهجمات الانتحارية والتفجيرية المنطلقة من القلمون، ويبرود تحديداً، نحو لبنان، عبر عرسال. هذه التطورات دفعت الجيش والقوى الحليفة له إلى بدء الإعداد لخوض معركة استعادة مدينة يبرود في القلمون، (شمال ريف دمشق). وهذه المرة لن تكون المعركة هادفة إلى إعادة المسلحين إلى حالة الدفاع عن أنفسهم وحسب، بل إن الهدف منها هو تحرير المنطقة بشكل كامل من المقاتلين. وجاء الإعداد على شكل خطوات عسكرية، بدأت بهجوم في اتجاه مزارع ريما التي تفصل يبرود عن أوتوستراد دمشق ــ حمص، والتي كانت منطقة اشتباكات دائمة بين الجيش والمسلّحين، على مدى أكّثر من عام. وتمكّن الجيش أمس من التقدّم مسافة كيلومتر في عمق مزارع ريما، بحسب مصدر ميداني لـ«الاخبار»، مواصلاً استهداف تلّة الكويتي المتاخمة للمزارع، والتي تضم التحصينات الأساسيّة للمسلحين.

يضيف المصدر لـ«الأخبار»: «السيطرة على مزارع ريما باتت قاب قوسين أو أدنى، وبإنجاز هذه الخطوة يكون الجيش قد تمكن من قضم هامش واسع لمناورة المسلّحين. بعدها لن يتمكّن هؤلاء من تفادي القصف المكثّف في المناطق الضيقة التي باتوا ينحصرون ضمنها». ويمكن أن يشهد اليوم أو غداً عملية استعادة أحياء المدينة القريبة من مزارع ريما، بحسب المصدر ذاته. ويُعدّ الجيش لعمليّة عسكرية أخرى في الجزء الشرقي من جبال القلمون (شرقي أوتوستراد دمشق ـــ حمص)، وتحديداً في المناطق المحيطة بمدينة جيرود المقابلة ليبرود.

في موازاة ذلك، أحبط الجيش السوري محاولة تسلل لمسلحين من لبنان إلى ريف القصير الجنوبي في حمص. كذلك شهدت منطقة تل النعيمات في ريف القصير، قبالة الهرمل اللبنانية، كميناً قتل فيه العشرات من مسلحي «جبهة النصرة»، خلال محاولتهم التسلّل من القلمون أول من أمس.

 

مساعدات إضافية إلى اليرموك

 

على صعيد آخر، وفي ما يتعلّق بمخيم اليرموك المحاصر منذ عدة أشهر، ولليوم الرابع على التوالي، استمر دخول المساعدات إلى مخيّم اليرموك (جنوب ريف دمشق). وأمس تمّ إخراج 450 شخصاً، وهم إمّا مصابون بنقص التغذية والجفاف واليرقان، أو من المسنين وطلبة الجامعات الذين بلغ عددهم حوالى40 طالباً وطالبة. وبالتزامن مع ذلك، توفي أمس ثلاثة مسنّين وطفل جرّاء نقص الغذاء في المخيّم.

وتعرّض الأهالي، يومي أمس وأول من أمس، لإطلاق نار من مناطق يسيطر عليها مسلّحون، ما تسبّب بمقتل شابة وجرح آخرين، بينما سلب بعض المسلّحين المعونات الغذائية من الأهالي. ويروي الناشط شادي شهاب لـ«الأخبار»: «اعتمد المسلّحون في سلب المعونات إما على الترهيب على نحو مباشر، أو عن طريق التحايل»، ويشرح شادي إحدى الحيل: «يعرض المسلّحون المساعدة على الأهالي بنقل صناديق الإغاثة من نقاط التوزيع إلى محل سكن الأهالي، والمسافة وسطياً حوالى كيلومترين. يصل الأهالي إلى البيوت ليجدوا الصناديق مليئة بأكياس فيها أحجار وأتربة بدلاً من المواد الإغاثيّة».

من جهة أخرى، تمكن الجيش من استعادة مناطق سيطر عليها المسلحون المعارضون قبل أيام في محيط طريق دمشق ـــ درعا الدولي، في الغوطة الغربية والريف الجنوبي، محرزاً بعض التقدم على محوري داريّا والقدم، بحسب مصدر عسكري. وجرى فتح الطريق الدولي «الذي بات مؤمّناً بالكامل، بعد استهداف نقاط تمركز القناصة على جانبيه خلال الأيام الماضية»، يضيف المصدر. وقتل معظم عناصر مجموعة مسلحة كانت قد فرّت من تلك الاشتباكات إلى المنطقة الواقعة بين طريق صحنايا الجديد وطريق الكسوة القديم. وقُتل 8 مسلّحين في خان الشيح، (جنوبي غربي العاصمة)، بعد استهداف نقاط عسكريّة عدّة تابعة لهم. في موازاة ذلك، واستكمالاً لخطوات تسوية بلدة بيت سحم (جنوبي دمشق)، تسلّم الجيش أمس أسلحة 73 مسلّحاً جديداً في البلدة، إضافة الى تسوية أوضاعهم. وبالتزامن مع ذلك، جرى إخراج 200 حالة مرضيّة من بيت سحم، معظمها يعاني من نقص الغذاء.

وفي الإطار عينه، سلّم 6 مسلّحين أنفسهم للجيش السوري في منطقة وادي بردى بعد الاتفاق على تسوية أوضاعهم. وقال مصدر مقرّب من «الجيش الحرّ» في وادي بردى لـ«الأخبار»: «هذه الخطوة هي أشبه باختبار إمكانية نجاح تسوية لاحقة أكبر في تلك المنطقة، وهؤلاء الستّة سيكلّفون لاحقاً بإدارة التواصل بين الجيش ومسلّحي وادي بردى».

على صعيد آخر، شهدت أطراف بلدة المليحة في الغوطة الشرقية أمس قصفاً مركّزاً من قبل الجيش السوري، فيما تحدّثت مصادر المعارضة عن قيام «فيلق الرحمن»، التابع لـ«الجبهة الإسلامية»، بتفجير مقر للجيش في محيط إدارة الدفاع الجوّي في المليحة. واستهدف الجيش بالقصف المدفعي والجوّي تجمّعات للمسلّحين في جوبر وحرستا وعدرا العماليّة وحمورية، في الغوطة الشرقيّة.

  • فريق ماسة
  • 2014-02-02
  • 10466
  • من الأرشيف

استعدادات لمعركة القلمون الكبرى

بدأ الجيش السوري حشد قواته العسكرية منذ الاسبوع الماضي استعداداً لمعركة جديدة في يبرود، أكبر معاقل المسلحين في القلمون في ريف دمشق. لن تهدف المعركة هذه المرة إلى تضييق الخناق على المسلّحين، بل إلى استعادة المدينة ومحيطها. معركة ستكون الأقسى منذ معركة القصير العام الماضي منذ تحرير كل من قارة والنبك ودير عطية في القلمون (ريف دمشق الشمالي)، يحاصر الجيش السوري الجماعات المسلحة المعارضة في مدينة يبرود، أكبر البلدات القلمونية التي ينتشرون فيها. لكن هذا الحصار لم يمنع هؤلاء من التسلل الى مدن وقرى أخرى لشنّ عمليات عسكرية فيها. وخلال الأسابيع الخمسة الماضية، كثرت عمليات التسلّل في اتجاه ريف القصير في حمص، في محاولة من المسلحين لتحصيل نصر ميداني ومعنوي يمكن استخدامه في المفاوضات السياسية. كذلك ارتفعت وتيرة الهجمات الانتحارية والتفجيرية المنطلقة من القلمون، ويبرود تحديداً، نحو لبنان، عبر عرسال. هذه التطورات دفعت الجيش والقوى الحليفة له إلى بدء الإعداد لخوض معركة استعادة مدينة يبرود في القلمون، (شمال ريف دمشق). وهذه المرة لن تكون المعركة هادفة إلى إعادة المسلحين إلى حالة الدفاع عن أنفسهم وحسب، بل إن الهدف منها هو تحرير المنطقة بشكل كامل من المقاتلين. وجاء الإعداد على شكل خطوات عسكرية، بدأت بهجوم في اتجاه مزارع ريما التي تفصل يبرود عن أوتوستراد دمشق ــ حمص، والتي كانت منطقة اشتباكات دائمة بين الجيش والمسلّحين، على مدى أكّثر من عام. وتمكّن الجيش أمس من التقدّم مسافة كيلومتر في عمق مزارع ريما، بحسب مصدر ميداني لـ«الاخبار»، مواصلاً استهداف تلّة الكويتي المتاخمة للمزارع، والتي تضم التحصينات الأساسيّة للمسلحين. يضيف المصدر لـ«الأخبار»: «السيطرة على مزارع ريما باتت قاب قوسين أو أدنى، وبإنجاز هذه الخطوة يكون الجيش قد تمكن من قضم هامش واسع لمناورة المسلّحين. بعدها لن يتمكّن هؤلاء من تفادي القصف المكثّف في المناطق الضيقة التي باتوا ينحصرون ضمنها». ويمكن أن يشهد اليوم أو غداً عملية استعادة أحياء المدينة القريبة من مزارع ريما، بحسب المصدر ذاته. ويُعدّ الجيش لعمليّة عسكرية أخرى في الجزء الشرقي من جبال القلمون (شرقي أوتوستراد دمشق ـــ حمص)، وتحديداً في المناطق المحيطة بمدينة جيرود المقابلة ليبرود. في موازاة ذلك، أحبط الجيش السوري محاولة تسلل لمسلحين من لبنان إلى ريف القصير الجنوبي في حمص. كذلك شهدت منطقة تل النعيمات في ريف القصير، قبالة الهرمل اللبنانية، كميناً قتل فيه العشرات من مسلحي «جبهة النصرة»، خلال محاولتهم التسلّل من القلمون أول من أمس.   مساعدات إضافية إلى اليرموك   على صعيد آخر، وفي ما يتعلّق بمخيم اليرموك المحاصر منذ عدة أشهر، ولليوم الرابع على التوالي، استمر دخول المساعدات إلى مخيّم اليرموك (جنوب ريف دمشق). وأمس تمّ إخراج 450 شخصاً، وهم إمّا مصابون بنقص التغذية والجفاف واليرقان، أو من المسنين وطلبة الجامعات الذين بلغ عددهم حوالى40 طالباً وطالبة. وبالتزامن مع ذلك، توفي أمس ثلاثة مسنّين وطفل جرّاء نقص الغذاء في المخيّم. وتعرّض الأهالي، يومي أمس وأول من أمس، لإطلاق نار من مناطق يسيطر عليها مسلّحون، ما تسبّب بمقتل شابة وجرح آخرين، بينما سلب بعض المسلّحين المعونات الغذائية من الأهالي. ويروي الناشط شادي شهاب لـ«الأخبار»: «اعتمد المسلّحون في سلب المعونات إما على الترهيب على نحو مباشر، أو عن طريق التحايل»، ويشرح شادي إحدى الحيل: «يعرض المسلّحون المساعدة على الأهالي بنقل صناديق الإغاثة من نقاط التوزيع إلى محل سكن الأهالي، والمسافة وسطياً حوالى كيلومترين. يصل الأهالي إلى البيوت ليجدوا الصناديق مليئة بأكياس فيها أحجار وأتربة بدلاً من المواد الإغاثيّة». من جهة أخرى، تمكن الجيش من استعادة مناطق سيطر عليها المسلحون المعارضون قبل أيام في محيط طريق دمشق ـــ درعا الدولي، في الغوطة الغربية والريف الجنوبي، محرزاً بعض التقدم على محوري داريّا والقدم، بحسب مصدر عسكري. وجرى فتح الطريق الدولي «الذي بات مؤمّناً بالكامل، بعد استهداف نقاط تمركز القناصة على جانبيه خلال الأيام الماضية»، يضيف المصدر. وقتل معظم عناصر مجموعة مسلحة كانت قد فرّت من تلك الاشتباكات إلى المنطقة الواقعة بين طريق صحنايا الجديد وطريق الكسوة القديم. وقُتل 8 مسلّحين في خان الشيح، (جنوبي غربي العاصمة)، بعد استهداف نقاط عسكريّة عدّة تابعة لهم. في موازاة ذلك، واستكمالاً لخطوات تسوية بلدة بيت سحم (جنوبي دمشق)، تسلّم الجيش أمس أسلحة 73 مسلّحاً جديداً في البلدة، إضافة الى تسوية أوضاعهم. وبالتزامن مع ذلك، جرى إخراج 200 حالة مرضيّة من بيت سحم، معظمها يعاني من نقص الغذاء. وفي الإطار عينه، سلّم 6 مسلّحين أنفسهم للجيش السوري في منطقة وادي بردى بعد الاتفاق على تسوية أوضاعهم. وقال مصدر مقرّب من «الجيش الحرّ» في وادي بردى لـ«الأخبار»: «هذه الخطوة هي أشبه باختبار إمكانية نجاح تسوية لاحقة أكبر في تلك المنطقة، وهؤلاء الستّة سيكلّفون لاحقاً بإدارة التواصل بين الجيش ومسلّحي وادي بردى». على صعيد آخر، شهدت أطراف بلدة المليحة في الغوطة الشرقية أمس قصفاً مركّزاً من قبل الجيش السوري، فيما تحدّثت مصادر المعارضة عن قيام «فيلق الرحمن»، التابع لـ«الجبهة الإسلامية»، بتفجير مقر للجيش في محيط إدارة الدفاع الجوّي في المليحة. واستهدف الجيش بالقصف المدفعي والجوّي تجمّعات للمسلّحين في جوبر وحرستا وعدرا العماليّة وحمورية، في الغوطة الشرقيّة.

المصدر : الأخبار / ليث الخطيب


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة