وانفضَّت الجولة الأولى من جنيف 2 الذي انعقد في مشهدين، جمع الاول 40 دولة وهيئة سياسية تبارى معظمهم بخطابات شاءت منها اميركا ان تشكل بيئة ضاغطة على سورية الدولة المقاومة لكل ممارسات الاملاء والإلحاق والتبعية ..

التي يمتهنها الغرب بقيادة اميركية وجمع المشهد الثاني وفد الدولة السورية، مع حفنة من الاشخاص جمعوا على عجل من قبل أميركا في هيئة اطلق عليها اسم «ائتلاف سوري معارض»، ووضع بوجه الدولة السورية لينقل لها طلبات وشروط ورغبات اميركا التي أنشأت في موازاة قاعة اجتماع الوفدين، غرفة عمليات سوداء ضمت سفراء الدول الـ 11 الذين يشكلون «مجموعة اصدقاء اعداء الشعب السوري».‏

والآن وقد انفضَّت هذه الجولة الأولى وعادت الوفود الى مرجعياتها، الوفد السوري الرسمي الى دمشق حيث عرين القيادة الوطنية التي تقود المعركة الدفاعية عن الدولة بكل مكوناتها ووفد ما يسمى «المعارضة» عاد الى مرجعيته الاجنبية ذات المراكز المتعددة من اسطنبول الى الرياض شرقا الى باريس ولندن وواشنطن غربا ولكن الآمر هنا واحد مهما اختلفت أمكنة الاقامة، إنه سيدهم الاميركي الذي يخطط لهم ويقودهم ويأمرهم بتنفيذ كل ما يؤذي سورية وينتهك حقوقها وهم يطيعون صاغرين.. فهموا الأمر أم لم يفهموا.‏

وبعد الانفضاض يطرح السؤال: ما هو الحصاد الذي نتج عن هذه الجولة ثم ما هي التداعيات والافاق المستقبلية خاصة في الايام العشرة التي تفصل المتواجهين عن الجولة الثانية التي حدد الابراهيمي باسم الامين العام للامم المتحدة موعدها في 10 شباط الجاري؟‏

قبل الوقوف على حصاد الجولة الأولى، لا بد من التأكيد على ما ارادته اميركا من الجولة الأولى وكنا اشرنا اليه سابقا في مواقف وكتابات تحليلية واستقرائية للموقف الاميركي الذي نرى انه كان بمثابة نصب الافخاخ لسورية والايقاع بها وجعلها طيعة للاميركيين قاصرة عن المواجهة، ومن اجل ذلك استبعدت ايران من الدعوة للمؤتمر لتحرم سورية من ظهير وعضــــــــد قـــــوي، وكثفت‏

عدد الدول المعادية لسورية فرفعت المدعوين ومن غير سبب مبرر او حجة مقنعة من 30 الى 40 دولة حتى بات اعداء سورية في المؤتمر 35 دولة من اصل 40، ثم كانت الادارة الاستفزازية لجلسة الافتتاح في المشهد الاول من المؤتمر، حيث حاول بان كي مون بصفته رئيس الجلسة ان يستفز الوزير وليد المعلم ويضيق عليه ليحرجه ويقطع عليه كلامه، ثم كانت برامج التضليل والتضييق الاعلامي والتسريبات التي من شأنها الاثارة والدفع نحو ردات الفعل غير المحسوبة.. كان ذلك لكن ماذا كانت النتيجة؟‏

بشكل موضوع واقعي وفي قراءة لمجريات الاحداث والوقائع في المشهدين من مونترو الى جنيف، نستطيع القول بأن اميركا حصدت خيبة مدوية فوق ما كانت تخشى وتحاذر لا بل فوق ما كانت تتوقع. اذ لم تنفع المكائد التي حاكتها والالغام التي زرعتها والحيل التي صنعتها، لم تفلح في احراج الوفد السوري، ولم تدفعه الى التقوقع في موقع دفاعي يشل حركته ويمكن المهاجم من التحكم بالمبارزة وامتلاك المبادرة، لكن العكس هو الذي حصل، حيث استطاع الوفد السوري وبحرفية عالية ان يلتقط في كل مرة كرة النار التي يرمي بها وهي مشتعلة فيمسكها بشجاعة ثم يعيدها الى حيث جاءت فتنفجر بأصحابها، ممارسات تكررت المرة تلو المرة وأكدت ان زمام المبادرة لم يغادر اليد الرسمية السورية، وهنا انقلب السحر على الساحر وبان هزال الخصم المفترض، وسمو وقوة الوفد العربي السوري وكانت مجريات الجولة في حصادها العام لمصلحة سورية دولة وشعبا وجيشا وقيادة من حيث تأكيد الثوابت والتمسك بالحقوق وإظهار قوة الحجة وسلامة المنطق وتماسك الموقف.‏

لقد استطاع وفد سورية ان يحقق اكثر من كسب مغتنما فرصة انعقاد المؤتمر في مشهديه، حيث انه كسر الحصار الاعلامي الذي كان قد تسبب في تضليل الرأي العام العالمي لنيف وثلاث سنوات، وتمكن من فرض نفسه على العالم وإجباره على الاصغاء اليه سواء في الكلمة الرسمية او المؤتمرات الصحفية التي عقدها اعضاؤه ام في تسريبات الاعلاميين المرافقين، كما انه بحرفيته اثبت ان الحرب لم تنل من بنية الدولة السورية المستمرة على تماسكها وتناغم مؤسساتها، في حرصها على الشعب السوري بكل فئاته وشرائحه مهما كان دينهم وعرقهم وسياستهم، وفي المقابل كان لحرفية الوفد من النتائج ما عرَّى الطرف الآخر وأظهره على حقيقته بأنه حفنة من العملاء المرتزقة الذين لا يهمهم الا مصالحهم ولا يكترثون لمصالح الشعب السوري خاصة عندما رفض «اللاورقة السوريةnon-paper حول المبادئ التي تحفظ السيادة ووحدة الاراضي وترفض الارهاب وتدعو الى محاربته» وهذا ما كان له بالغ الأثر على دفع بعض الاطراف الدولية من التحرك من المنطقة الرمادية باتجاه تأييد الموقف السوري الرسمي.‏

هذه النتائج اذهلت اميركا، التي زاد من قلقها ما واكب مؤتمر جنيف 2 على مدار الايام العشرة من انجازات ميدانية سجلها الجيش العربي السوري والقوات الحليفة من الشمال السوري حيث اعاد مطار حلب الى التشغيل، الى الوسط حيث استكمل تطهير مناطق في محيط القصير والقلمون من الجماعات المسلحة الى سلسلة المصالحات التي جرت في اكثر من حي وبلدة في ريف دمشق، الى الاختراقات والمواجهات الشجاعة في الجنوب والشرق حيث فك الحصار عن اكثر من موقع عسكري وتغير المشهد الميداني جذريا حوله، كل ذلك اخرج اميركا عن صوابها فانطلقت في ردة فعل عصبية انفعالية شاءت منها ان تكون بمثابة الحرب النفسية التي تتخذها بديلا للحرب الدبلوماسية والسياسية التي اخفقت فيها في سويسرا، وتعويضا عن الخسارة الميدانية التي تلحق بجيشها الخفي المشكل من المجموعات الارهابية العاملة ضد الشعب السوري.‏

وفي سياق ردة الفعل الاميركية تلك، والتي كما قلنا نراها في اصلها ذات بعد نفسي يهدف الى الضغط لوقف الانهيار، نسجل:‏

- القرار الاميركي المستهجن من قبل العقلاء والقاضي بتسليح ما يسمى «المعارضة السورية المعتدلة»، اذا كيف يستقيم العمل من اجل الحل السلمي مع العمل من أجل تسعير اوار الحرب في الآن ذاته.؟ ثم اين هم المعتدلون الذين تدعي اميركا تسليحهم، خاصة بعد ان افتضح امر عملائها في جنيف وظهروا بأنهم لا يمونون على احد من المسلحين على الارض السورية، وبالتالي سيكون السلاح مورداً الى من تسميه اميركا نفسها جماعات ارهابية، وهنا كيف تستقيم حربها ضد الارهاب وتسليحها للارهابيين في الان ذاته، كما هي ممارساتها المتناقضة بين العراق وسورية فتسلح الجيش العراقي لقتال «داعش» وتسلح «داعش» لقتال الجيش العربي السوري؟!‏

- العودة الى معزوفة السلاح الكيماوي في سورية مع ادعاء بتأخر سورية عن نقل المواد الكيماوية ذات الصلة الى الساحل وابداء القلق من هذا التأخير ثم اضافة قلق اميركي اخر لجهة الحديث عن امكانية امتلاك او قدرة سورية على تصنيع الاسلحة الجرثومية. ادعاءات وتخرصات تذكر بالتلفيق الاميركي ضد العراق او ما ادعته مؤخرا ضد سورية ثم جاء من الاميركيين انفسهم من يفضحه وينسف قواعده باليقين العلمي بعد التحقيق الموضوعي.‏

- العودة الى التهديد بالحرب والتهويل بها وهي مسألة من المفترض ان تكون قد طويت صفحتها نهائياً اثر الاتفاق حول الأسلحة الكيماوية الذي كانت روسيا طرفا فيه.‏

- ادخال اسرائيل في المشهد علانية وعلى وجهين الاول تهديد حزب الله بحرب مدمرة لا تستثني المدنيين (للضغط الاضافي على جمهوره) والاعلان عن حجم المساعدات اللوجستية التي تقدمها للجماعات المسلحة والارهابية في سورية.‏

 

لقد لجأت اميركا الى هذا النمط من السلوك من اجل احداث توازن في المشهد، ثبت انه غير موجود سواء في السياسة أم في الدبلوماسية أم في الميدان العسكري، وهي تعتقد ان العملية التفاوضية في ظل الاحتلال لن تحقق لها شيئا مما تريد، لذلك فاننا نشكك بالموقف الاميركي لجهة القبول بالعودة السريعة الى استئناف التفاوض في جولة ثانية في جنيف ما لم يطرأ جديد على المشهد وهذا ما ستسعى اليه اميركا خلال الايام المقبلة عبر ما يلي:‏

- السعي الى اعادة النظر بوفد ما يسمى المعارضة لجهة توسيعه بإضافة مكونات مقبولة ترضى عنها اميركا واختيار اعضاء جدد يملكون قدرا من مؤهلات التفاوض ويسدون الثغرات التي ظهرت في الوفد الهزيل الحالي لجهة سذاجته وسطحيته وعدم خبرته.‏

- تسعير القتال في الميدان السوري مع التركيز هذه المرة على جنوب البلاد من اجل الاستفادة من الحالة الاردنية والدعم الاسرائيلي، بغية انشاء منطقة نفوذ تضعها بيد ما يسمى المعارضة تمكنها من الادعاء بامتلاك سيطرة ما.‏

- تسعير الحرب الاعلامية والحرب النفسية لجهة تحميل الدولة السورية مسؤولية الفشل في عدم احراز أي تقدم في التفاوض من اجل حل سلمي.‏

وفي المقابل نرى ان سورية وحلفاءها سيتخذون من النتائج الايجابية التي تمخضت عنها الجولة الأولى لمصلحتهم متكأً يحرصون على التمسك به والعمل لتحقيق المزيد مستقبلا، واذا كان العبث بقرار ما يسمى المعارضة هو في اليد الاميركية، فإن المواجهة الميدانية او في الحرب النفسية لن تكون كما اعتقد وفقا لما تشاء أميركا فمن صمد وانتصر في حربه الدفاعية ضدها سابقا مع وجود قوى اهم واضخم، لن يعجزه الانتصار على الفلول المشتتة المتبقية.‏

  • فريق ماسة
  • 2014-02-02
  • 11407
  • من الأرشيف

حصاد الجولة 1 من جنيف 2 وتداعياتها؟

وانفضَّت الجولة الأولى من جنيف 2 الذي انعقد في مشهدين، جمع الاول 40 دولة وهيئة سياسية تبارى معظمهم بخطابات شاءت منها اميركا ان تشكل بيئة ضاغطة على سورية الدولة المقاومة لكل ممارسات الاملاء والإلحاق والتبعية .. التي يمتهنها الغرب بقيادة اميركية وجمع المشهد الثاني وفد الدولة السورية، مع حفنة من الاشخاص جمعوا على عجل من قبل أميركا في هيئة اطلق عليها اسم «ائتلاف سوري معارض»، ووضع بوجه الدولة السورية لينقل لها طلبات وشروط ورغبات اميركا التي أنشأت في موازاة قاعة اجتماع الوفدين، غرفة عمليات سوداء ضمت سفراء الدول الـ 11 الذين يشكلون «مجموعة اصدقاء اعداء الشعب السوري».‏ والآن وقد انفضَّت هذه الجولة الأولى وعادت الوفود الى مرجعياتها، الوفد السوري الرسمي الى دمشق حيث عرين القيادة الوطنية التي تقود المعركة الدفاعية عن الدولة بكل مكوناتها ووفد ما يسمى «المعارضة» عاد الى مرجعيته الاجنبية ذات المراكز المتعددة من اسطنبول الى الرياض شرقا الى باريس ولندن وواشنطن غربا ولكن الآمر هنا واحد مهما اختلفت أمكنة الاقامة، إنه سيدهم الاميركي الذي يخطط لهم ويقودهم ويأمرهم بتنفيذ كل ما يؤذي سورية وينتهك حقوقها وهم يطيعون صاغرين.. فهموا الأمر أم لم يفهموا.‏ وبعد الانفضاض يطرح السؤال: ما هو الحصاد الذي نتج عن هذه الجولة ثم ما هي التداعيات والافاق المستقبلية خاصة في الايام العشرة التي تفصل المتواجهين عن الجولة الثانية التي حدد الابراهيمي باسم الامين العام للامم المتحدة موعدها في 10 شباط الجاري؟‏ قبل الوقوف على حصاد الجولة الأولى، لا بد من التأكيد على ما ارادته اميركا من الجولة الأولى وكنا اشرنا اليه سابقا في مواقف وكتابات تحليلية واستقرائية للموقف الاميركي الذي نرى انه كان بمثابة نصب الافخاخ لسورية والايقاع بها وجعلها طيعة للاميركيين قاصرة عن المواجهة، ومن اجل ذلك استبعدت ايران من الدعوة للمؤتمر لتحرم سورية من ظهير وعضــــــــد قـــــوي، وكثفت‏ عدد الدول المعادية لسورية فرفعت المدعوين ومن غير سبب مبرر او حجة مقنعة من 30 الى 40 دولة حتى بات اعداء سورية في المؤتمر 35 دولة من اصل 40، ثم كانت الادارة الاستفزازية لجلسة الافتتاح في المشهد الاول من المؤتمر، حيث حاول بان كي مون بصفته رئيس الجلسة ان يستفز الوزير وليد المعلم ويضيق عليه ليحرجه ويقطع عليه كلامه، ثم كانت برامج التضليل والتضييق الاعلامي والتسريبات التي من شأنها الاثارة والدفع نحو ردات الفعل غير المحسوبة.. كان ذلك لكن ماذا كانت النتيجة؟‏ بشكل موضوع واقعي وفي قراءة لمجريات الاحداث والوقائع في المشهدين من مونترو الى جنيف، نستطيع القول بأن اميركا حصدت خيبة مدوية فوق ما كانت تخشى وتحاذر لا بل فوق ما كانت تتوقع. اذ لم تنفع المكائد التي حاكتها والالغام التي زرعتها والحيل التي صنعتها، لم تفلح في احراج الوفد السوري، ولم تدفعه الى التقوقع في موقع دفاعي يشل حركته ويمكن المهاجم من التحكم بالمبارزة وامتلاك المبادرة، لكن العكس هو الذي حصل، حيث استطاع الوفد السوري وبحرفية عالية ان يلتقط في كل مرة كرة النار التي يرمي بها وهي مشتعلة فيمسكها بشجاعة ثم يعيدها الى حيث جاءت فتنفجر بأصحابها، ممارسات تكررت المرة تلو المرة وأكدت ان زمام المبادرة لم يغادر اليد الرسمية السورية، وهنا انقلب السحر على الساحر وبان هزال الخصم المفترض، وسمو وقوة الوفد العربي السوري وكانت مجريات الجولة في حصادها العام لمصلحة سورية دولة وشعبا وجيشا وقيادة من حيث تأكيد الثوابت والتمسك بالحقوق وإظهار قوة الحجة وسلامة المنطق وتماسك الموقف.‏ لقد استطاع وفد سورية ان يحقق اكثر من كسب مغتنما فرصة انعقاد المؤتمر في مشهديه، حيث انه كسر الحصار الاعلامي الذي كان قد تسبب في تضليل الرأي العام العالمي لنيف وثلاث سنوات، وتمكن من فرض نفسه على العالم وإجباره على الاصغاء اليه سواء في الكلمة الرسمية او المؤتمرات الصحفية التي عقدها اعضاؤه ام في تسريبات الاعلاميين المرافقين، كما انه بحرفيته اثبت ان الحرب لم تنل من بنية الدولة السورية المستمرة على تماسكها وتناغم مؤسساتها، في حرصها على الشعب السوري بكل فئاته وشرائحه مهما كان دينهم وعرقهم وسياستهم، وفي المقابل كان لحرفية الوفد من النتائج ما عرَّى الطرف الآخر وأظهره على حقيقته بأنه حفنة من العملاء المرتزقة الذين لا يهمهم الا مصالحهم ولا يكترثون لمصالح الشعب السوري خاصة عندما رفض «اللاورقة السوريةnon-paper حول المبادئ التي تحفظ السيادة ووحدة الاراضي وترفض الارهاب وتدعو الى محاربته» وهذا ما كان له بالغ الأثر على دفع بعض الاطراف الدولية من التحرك من المنطقة الرمادية باتجاه تأييد الموقف السوري الرسمي.‏ هذه النتائج اذهلت اميركا، التي زاد من قلقها ما واكب مؤتمر جنيف 2 على مدار الايام العشرة من انجازات ميدانية سجلها الجيش العربي السوري والقوات الحليفة من الشمال السوري حيث اعاد مطار حلب الى التشغيل، الى الوسط حيث استكمل تطهير مناطق في محيط القصير والقلمون من الجماعات المسلحة الى سلسلة المصالحات التي جرت في اكثر من حي وبلدة في ريف دمشق، الى الاختراقات والمواجهات الشجاعة في الجنوب والشرق حيث فك الحصار عن اكثر من موقع عسكري وتغير المشهد الميداني جذريا حوله، كل ذلك اخرج اميركا عن صوابها فانطلقت في ردة فعل عصبية انفعالية شاءت منها ان تكون بمثابة الحرب النفسية التي تتخذها بديلا للحرب الدبلوماسية والسياسية التي اخفقت فيها في سويسرا، وتعويضا عن الخسارة الميدانية التي تلحق بجيشها الخفي المشكل من المجموعات الارهابية العاملة ضد الشعب السوري.‏ وفي سياق ردة الفعل الاميركية تلك، والتي كما قلنا نراها في اصلها ذات بعد نفسي يهدف الى الضغط لوقف الانهيار، نسجل:‏ - القرار الاميركي المستهجن من قبل العقلاء والقاضي بتسليح ما يسمى «المعارضة السورية المعتدلة»، اذا كيف يستقيم العمل من اجل الحل السلمي مع العمل من أجل تسعير اوار الحرب في الآن ذاته.؟ ثم اين هم المعتدلون الذين تدعي اميركا تسليحهم، خاصة بعد ان افتضح امر عملائها في جنيف وظهروا بأنهم لا يمونون على احد من المسلحين على الارض السورية، وبالتالي سيكون السلاح مورداً الى من تسميه اميركا نفسها جماعات ارهابية، وهنا كيف تستقيم حربها ضد الارهاب وتسليحها للارهابيين في الان ذاته، كما هي ممارساتها المتناقضة بين العراق وسورية فتسلح الجيش العراقي لقتال «داعش» وتسلح «داعش» لقتال الجيش العربي السوري؟!‏ - العودة الى معزوفة السلاح الكيماوي في سورية مع ادعاء بتأخر سورية عن نقل المواد الكيماوية ذات الصلة الى الساحل وابداء القلق من هذا التأخير ثم اضافة قلق اميركي اخر لجهة الحديث عن امكانية امتلاك او قدرة سورية على تصنيع الاسلحة الجرثومية. ادعاءات وتخرصات تذكر بالتلفيق الاميركي ضد العراق او ما ادعته مؤخرا ضد سورية ثم جاء من الاميركيين انفسهم من يفضحه وينسف قواعده باليقين العلمي بعد التحقيق الموضوعي.‏ - العودة الى التهديد بالحرب والتهويل بها وهي مسألة من المفترض ان تكون قد طويت صفحتها نهائياً اثر الاتفاق حول الأسلحة الكيماوية الذي كانت روسيا طرفا فيه.‏ - ادخال اسرائيل في المشهد علانية وعلى وجهين الاول تهديد حزب الله بحرب مدمرة لا تستثني المدنيين (للضغط الاضافي على جمهوره) والاعلان عن حجم المساعدات اللوجستية التي تقدمها للجماعات المسلحة والارهابية في سورية.‏   لقد لجأت اميركا الى هذا النمط من السلوك من اجل احداث توازن في المشهد، ثبت انه غير موجود سواء في السياسة أم في الدبلوماسية أم في الميدان العسكري، وهي تعتقد ان العملية التفاوضية في ظل الاحتلال لن تحقق لها شيئا مما تريد، لذلك فاننا نشكك بالموقف الاميركي لجهة القبول بالعودة السريعة الى استئناف التفاوض في جولة ثانية في جنيف ما لم يطرأ جديد على المشهد وهذا ما ستسعى اليه اميركا خلال الايام المقبلة عبر ما يلي:‏ - السعي الى اعادة النظر بوفد ما يسمى المعارضة لجهة توسيعه بإضافة مكونات مقبولة ترضى عنها اميركا واختيار اعضاء جدد يملكون قدرا من مؤهلات التفاوض ويسدون الثغرات التي ظهرت في الوفد الهزيل الحالي لجهة سذاجته وسطحيته وعدم خبرته.‏ - تسعير القتال في الميدان السوري مع التركيز هذه المرة على جنوب البلاد من اجل الاستفادة من الحالة الاردنية والدعم الاسرائيلي، بغية انشاء منطقة نفوذ تضعها بيد ما يسمى المعارضة تمكنها من الادعاء بامتلاك سيطرة ما.‏ - تسعير الحرب الاعلامية والحرب النفسية لجهة تحميل الدولة السورية مسؤولية الفشل في عدم احراز أي تقدم في التفاوض من اجل حل سلمي.‏ وفي المقابل نرى ان سورية وحلفاءها سيتخذون من النتائج الايجابية التي تمخضت عنها الجولة الأولى لمصلحتهم متكأً يحرصون على التمسك به والعمل لتحقيق المزيد مستقبلا، واذا كان العبث بقرار ما يسمى المعارضة هو في اليد الاميركية، فإن المواجهة الميدانية او في الحرب النفسية لن تكون كما اعتقد وفقا لما تشاء أميركا فمن صمد وانتصر في حربه الدفاعية ضدها سابقا مع وجود قوى اهم واضخم، لن يعجزه الانتصار على الفلول المشتتة المتبقية.‏

المصدر : الثورة /.د. أمين محمد حطيط


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة