تشير خلود شهاب، التي خرجت برفقة ولديها من مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في جنوب دمشق، إلى يديها المتشققتين، قائلة "انظروا. تريدون أن تعلموا ماذا يجري في الداخل؟ الوضع مأساوي والناس يموتون من الجوع".

وهذه السيدة الفلسطينية، البالغة من العمر 32 عاماً، هي واحدة من مئات أتيح لهم خلال الأيام الماضية مغادرة المخيم الذي استحال كتلاً من الخراب والدمار، وفقد فيه العشرات حياتهم منذ حزيران الماضي بسبب نقص الغذاء والدواء.

وتقول شهاب، بوجهها الشاحب، "كنا نعيش على مغلي الأعشاب (الأعشاب المغلية) وأوراق الصبار" التي كانت تقطفها من بساتين المخيم الذي أمضت فيه كل حياتها. وتضيف "ما يأمله الناس هو فتح الطريق. أنا مسرورة لخروجي، وآمل في خروج الآخرين"، مشيرة إلى أنها لم تأخذ شيئاً معها، وستقيم مؤقتاً لدى شقيقتها في حي الزاهرة القريب من المخيم.

ومنذ 21 كانون الثاني الماضي، دخلت ثلاث قوافل من المساعدات إلى المخيم، وسمحت السلطات لعشرات الحالات الإنسانية بالمغادرة تباعاً. وتخلل خروج المدنيين، أمس الأول، سماع أصوات إطلاق نار من مكان قريب. وسارع عناصر من القوات السورية المتواجدة على مداخل المخيم، إلى التوجه نحو مصادر إطلاق الرصاص والانتشار في الطرق الفرعية "تحسباً لأي تسلل قد يعيق عملية إخراج المدنيين"، بحسب أحد العناصر في المكان.

وعلى مدخل المخيم، تعرب أم علاء، بصوت متهدج وعينين دامعتين، عن فرحتها بالخروج مع أولادها الخمسة. وتقول "الوضع سيئ جداً في الداخل. لا ادري إلى أين اذهب، ولكنني أريد الخروج ولو بقيت في الشارع"، مضيفة أنها تنوي اصطحاب أولادها إلى مستشفى الأطفال في حي المزة "لمعالجة ابني الذي يعاني من ضمور عضلي".

ودخلت سيارات الإسعاف إلى المخيم لنقل المصابين والمرضى العاجزين عن السير، إضافة إلى دخول شاحنات محملة بالمساعدات الغذائية من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا).

ومن أمام مبنى، غطى السواد الناجم عن الحرائق جدرانه، يقول الطبيب المشرف على المتطوعين عاطف إبراهيم "نستقبل الحالات المرضية وننقلها عبر سيارات الإسعاف إلى مستشفى يافا" في دمشق، موضحاً أن غالبية الحالات هي أطفال يعانون الجفاف والسكر الشبابي، إضافة إلى حوامل ومصابين بأمراض مزمنة كارتفاع ضغط الدم والسكري.

وتبدو مظاهر الإعياء أيضاً على أقارب الخارجين من المخيم. وتقول عفاف شهابي، (40 عاماً) وهي تترقب منذ أكثر من شهرين خروج ابنتها ألاء العائدي (23 عاماً)، إن حفيدها البالغ من العمر عامين فقد والده اثر سقوط قذيفة بالقرب منه داخل احد أحياء المخيم. وتضيف أن الطفل "يعاني من جفاف حاد نتيجة لإصابته بالإسهال".

ويصطف المدنيون المصرح لهم بالخروج حاملين أمتعتهم الخفيفة أمام مكتب تابع للأمن السوري لتدقيق أسمائهم مع اللوائح الصادرة عن لجنة المصالحة الشعبية. ويجول رئيس لجنة المصالحة الشيخ محمد العمري بين المتلهفين للقاء أقاربهم، لتحضير لائحة "الحالات الإنسانية" المتوجب إخراجها.

ويقول العمري "هناك قرار بأن تُعرض الحالات الطبية على طبيب (داخل المخيم) يقدر أولوية إخراج الأشخاص"، آملاً في أن يسرع المسلحون في داخل المخيم "بتنفيذ بنود المبادرة".

وقال عضو المكتب التنفيذي في منظمة التحرير الفلسطينية أنور عبد الهادي إن إخراج المدنيين "انفراج كبير من أجل تخفيف المعاناة عن أهل المخيم"، مشيراً إلى أن عدد الخارجين وصل إلى 450. وأضاف إن "المبادرة تسعى لإخراج نحو ألفي حالة إنسانية".

وأدخلت "الأونروا" خلال الأيام الماضية أكثر من ثلاثة آلاف حصة غذائية إلى المخيم، علماً أن كل حصة تكفي عائلة من ثمانية أشخاص لنحو عشرة أيام. ويقول مدير مكتب الوكالة في دمشق مايكل كينغسلي نيناه "نحن متفائلون بالتقدم الذي حققناه على مدى اليومين الماضيين ما يجعلنا نتمنى أن يستمر".

من جهة أخرى، ذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) "أصيب 24 مواطناً، بينهم أطفال ونساء، جراء اعتداءات إرهابية بقذائف هاون على المدارس والأحياء السكنية في مدينة جرمانا بريف دمشق".

  • فريق ماسة
  • 2014-02-02
  • 10412
  • من الأرشيف

فلسطينيون يروون مشاهد مأساوية بعد خروجهم من مخيم اليرموك

تشير خلود شهاب، التي خرجت برفقة ولديها من مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في جنوب دمشق، إلى يديها المتشققتين، قائلة "انظروا. تريدون أن تعلموا ماذا يجري في الداخل؟ الوضع مأساوي والناس يموتون من الجوع". وهذه السيدة الفلسطينية، البالغة من العمر 32 عاماً، هي واحدة من مئات أتيح لهم خلال الأيام الماضية مغادرة المخيم الذي استحال كتلاً من الخراب والدمار، وفقد فيه العشرات حياتهم منذ حزيران الماضي بسبب نقص الغذاء والدواء. وتقول شهاب، بوجهها الشاحب، "كنا نعيش على مغلي الأعشاب (الأعشاب المغلية) وأوراق الصبار" التي كانت تقطفها من بساتين المخيم الذي أمضت فيه كل حياتها. وتضيف "ما يأمله الناس هو فتح الطريق. أنا مسرورة لخروجي، وآمل في خروج الآخرين"، مشيرة إلى أنها لم تأخذ شيئاً معها، وستقيم مؤقتاً لدى شقيقتها في حي الزاهرة القريب من المخيم. ومنذ 21 كانون الثاني الماضي، دخلت ثلاث قوافل من المساعدات إلى المخيم، وسمحت السلطات لعشرات الحالات الإنسانية بالمغادرة تباعاً. وتخلل خروج المدنيين، أمس الأول، سماع أصوات إطلاق نار من مكان قريب. وسارع عناصر من القوات السورية المتواجدة على مداخل المخيم، إلى التوجه نحو مصادر إطلاق الرصاص والانتشار في الطرق الفرعية "تحسباً لأي تسلل قد يعيق عملية إخراج المدنيين"، بحسب أحد العناصر في المكان. وعلى مدخل المخيم، تعرب أم علاء، بصوت متهدج وعينين دامعتين، عن فرحتها بالخروج مع أولادها الخمسة. وتقول "الوضع سيئ جداً في الداخل. لا ادري إلى أين اذهب، ولكنني أريد الخروج ولو بقيت في الشارع"، مضيفة أنها تنوي اصطحاب أولادها إلى مستشفى الأطفال في حي المزة "لمعالجة ابني الذي يعاني من ضمور عضلي". ودخلت سيارات الإسعاف إلى المخيم لنقل المصابين والمرضى العاجزين عن السير، إضافة إلى دخول شاحنات محملة بالمساعدات الغذائية من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا). ومن أمام مبنى، غطى السواد الناجم عن الحرائق جدرانه، يقول الطبيب المشرف على المتطوعين عاطف إبراهيم "نستقبل الحالات المرضية وننقلها عبر سيارات الإسعاف إلى مستشفى يافا" في دمشق، موضحاً أن غالبية الحالات هي أطفال يعانون الجفاف والسكر الشبابي، إضافة إلى حوامل ومصابين بأمراض مزمنة كارتفاع ضغط الدم والسكري. وتبدو مظاهر الإعياء أيضاً على أقارب الخارجين من المخيم. وتقول عفاف شهابي، (40 عاماً) وهي تترقب منذ أكثر من شهرين خروج ابنتها ألاء العائدي (23 عاماً)، إن حفيدها البالغ من العمر عامين فقد والده اثر سقوط قذيفة بالقرب منه داخل احد أحياء المخيم. وتضيف أن الطفل "يعاني من جفاف حاد نتيجة لإصابته بالإسهال". ويصطف المدنيون المصرح لهم بالخروج حاملين أمتعتهم الخفيفة أمام مكتب تابع للأمن السوري لتدقيق أسمائهم مع اللوائح الصادرة عن لجنة المصالحة الشعبية. ويجول رئيس لجنة المصالحة الشيخ محمد العمري بين المتلهفين للقاء أقاربهم، لتحضير لائحة "الحالات الإنسانية" المتوجب إخراجها. ويقول العمري "هناك قرار بأن تُعرض الحالات الطبية على طبيب (داخل المخيم) يقدر أولوية إخراج الأشخاص"، آملاً في أن يسرع المسلحون في داخل المخيم "بتنفيذ بنود المبادرة". وقال عضو المكتب التنفيذي في منظمة التحرير الفلسطينية أنور عبد الهادي إن إخراج المدنيين "انفراج كبير من أجل تخفيف المعاناة عن أهل المخيم"، مشيراً إلى أن عدد الخارجين وصل إلى 450. وأضاف إن "المبادرة تسعى لإخراج نحو ألفي حالة إنسانية". وأدخلت "الأونروا" خلال الأيام الماضية أكثر من ثلاثة آلاف حصة غذائية إلى المخيم، علماً أن كل حصة تكفي عائلة من ثمانية أشخاص لنحو عشرة أيام. ويقول مدير مكتب الوكالة في دمشق مايكل كينغسلي نيناه "نحن متفائلون بالتقدم الذي حققناه على مدى اليومين الماضيين ما يجعلنا نتمنى أن يستمر". من جهة أخرى، ذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) "أصيب 24 مواطناً، بينهم أطفال ونساء، جراء اعتداءات إرهابية بقذائف هاون على المدارس والأحياء السكنية في مدينة جرمانا بريف دمشق".

المصدر : السفير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة