في خطوة يبدو أنها تأتي استكمالا للمشهد الذي رسمته الحكومة السورية بافتتاح مطار حلب الدولي مع انطلاق مؤتمر "جنيف 2"، فقد أعلن عن زيارة وزير الدفاع العماد فهد جاسم الفريج إلى المدينة مع اختتام المؤتمر الجمعة الماضي، حيث تفقد نقاطا عدة للجيش داخل المدينة، معلنا "اقتراب النصر على الإرهاب ومن يدعمه"، فاتحاً النار على السعودية التي وصفها بأنها "مملكة صهيونية"، قبل أن يزور المطار، الذي يستعد لاستقبال الرحلات اليومية، ليعود منه إلى دمشق.

وكشف مصدر أمني، لـ"السفير"، أن زيارة وزير الدفاع إلى حلب لم تكن خاطفة، كما ظهرت عبر وسائل الإعلام، حيث مكث الفريج في المدينة ثلاثة أيام، عقد خلالها اجتماعات مغلقة عدة مع قيادات عسكرية وأمنية، ناقش خلالها وضع حلب، وخطة العمل العسكري في المدينة، والخطوات المقبلة، قبل أن يقوم بزيارات ميدانية، شملت أكاديمية الأسد، وثكنة المهلب، ومطار حلب الدولي.

وفي حين أكد المصدر أن الاجتماعات عقدت بسرية تامة، أشار إلى أن ما تسرب من هذه الاجتماعات يفيد أن حلب ستشهد خلال الأيام القليلة المقبلة خطوات متسارعة ومتلاحقة للجيش في المدينة، بعد أن وصل إلى أطرافها من الجهة الشرقية، بعد سيطرته على معظم حي كرم الطراب، ما يعني أن المعارك ستشتد داخل المدينة قبل بدء الجولة الثانية من مفاوضات "جنيف 2" التي من المقرر عقدها في 10 شباط الحالي.

وما إن أنهى الفريج زيارته إلى حلب، حتى قام الجيش بتنشيط نقاط عدة له في المدينة القديمة، ظلت طوال الأشهر الستة الماضية ساكنة، حيث اندلعت معارك عدة في المدينة القديمة، أبرزها في محيط الجامع الأموي، وعلى محور العقبة باتجاه الجلوم، بالتزامن مع استعداد الجيش لدخول حي السكن الشبابي في المعصرانية شرق المدينة، عبر محورين، الأول من حي كرم الطراب، والآخر من محور اللواء 80 المحاذي للحي، ما دفع معظم سكان الحي إلى النزوح منه، إضافة إلى تراجع المسلحين الموجودين فيه إلى نقاط في الداخل، مبتعدين عن نقاط التماس مع الجيش.

وكحال حي السكن الشبابي، شهدت أحياء عدة في الجزء الشرقي الجنوبي من حلب (الشعار، الميسر، طريق الباب، الصاخور، القاطرجي) حركة نزوح كبيرة باتجاه الجزء الغربي من المدينة الخاضع لسيطرة الحكومة، وإلى بعض قرى ريف حلب الشمالي الآمن نسبياً في الوقت الحالي.

وأشار مصدر ميداني إلى أن حي الميسر، المحاذي لحي السكن الشبابي، أصبح شبه فارغ من سكانه، بالتزامن مع تكثيف الطوافات لقصف هذه الأحياء التي تعتبر من أبرز معاقل "الجبهة الإسلامية" و"جبهة النصرة"، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى من المدنيين. وقال مدير "المرصد السوري لحقوق الإنسان" رامي عبد الرحمن: "قتل 85 شخصا في قصف الطوافات بالبراميل المتفجرة امس (الأول) داخل أحياء في شرق حلب تسيطر عليها المعارضة. كما قتل عشرة رجال مجهولي الهوية، وعشرة مقاتلين من جبهة النصرة بقصف مقرهم في حي الشعار".

منطقة البلليرمون شمال مدينة حلب شهدت هي الأخرى تقدماً للجيش السوري، الذي يتقدم ببطء في المنطقة التي تشهد وجود عدد كبير من المعامل. كما شهدت منطقة الشيخ لطفي جنوب حلب اشتباكات بين عناصر الجيش السوري ومسلحي المعارضة خلال عملية عسكرية نفذها للتقدم باتجاه حي المرجة، بالإضافة إلى استمرار الاشتباكات في قرية بلاط شرق حلب خلال عملية الجيش للسيطرة على قرى عدة باتجاه المحطة الحرارية.

إلى ذلك، شهدت جبهة المدينة الصناعية التي وصل الجيش السوري إلى محاذاتها هدوءاً على الأرض، شابته غارات جوية عدة استهدفت مراكز داخل المدينة لمسلحي "الجبهة الإسلامية".

وعن سبب توقف العمل العسكري على الأرض قال مصدر ميداني، لـ"السفير"، إن صناعيين توسطوا لتأجيل تقدم الجيش إلى المدينة ليتسنى لهم التفاوض مع المسلحين على انسحاب يضمن لهم سلامة مصانعهم، وتجنيبها آثار العمليات العسكرية، وهي خطوة "في حال تمت "ستوفر جهداً عسكريا كبيراً، وتجنب الصناعيين دماراً كبيراً قد يلحق بمصانعهم نتيجة المعارك"، مضيفا: "في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق سيتابع الجيش تقدمه، لأن السيطرة على المدينة وتأمينها أمران لا بد منهما".

على المقلب الآخر، شهدت الحرب المندلعة بين تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) والفصائل التي تقاتله ارتفاعاً في منسوب الاشتباكات، وعودة جديدة للسيارات المفخخة، أحد أبرز أسلحة التنظيم التابع لـ"القاعدة"، في تطور نسف المبادرة التي أطلقها داعية سعودي لوقف القتال بين هذه الفصائل، والتي اشترط "داعش" للموافقة عليها تبرؤ الفصائل التي تقاتله، وأبرزها "جبهة النصرة" و"الجبهة الإسلامية"، من السعودية وقطر وتركيا، وإعلان عدائها لها، وهو أمر رد عليه "لواء التوحيد" التابع لـ "الجبهة الإسلامية" ببيان متأخر يعلن رفضه هذا الشرط، مؤكداً "قوة علاقته بهذه الدول التي قدمت يد العون".

ولم يكد "لواء التوحيد"، المرتبط بجماعة "الإخوان المسلمين"، يعلن رفضه قطع العلاقات مع السعودية وقطر، حتى ضربت سيارات مفخخة مواقع تابعة لـ "الجبهة الإسلامية" في حي الشعار في مدينة حلب وقرى الريف الشمالي، أبرزها تفجير سيارتين يقودهما انتحاريان مركزاً لـ "لواء التوحيد" في مدرسة المشاة، ما تسبب بمقتل نحو 30 مسلحاً من "لواء التوحيد"، بينهم القائد العسكري للواء عدنان بكور الذي جاء خلفاً لعبد القادر الصالح"، المعروف بحجي مارع، والذي قتل أيضاً في مدرسة المشاة اثر استهداف صاروخي من قبل الجيش السوري لاجتماع داخل المدرسة في وقت سابق.

وتبع تفجير السيارتين محاولة مسلحين من "داعش" اقتحام المدرسة، حيث وقعت اشتباكات عنيفة انتهت بفشل "داعش" وانسحاب مسلحيه الى نقطة قريبة، في حين تمكن مسلحو "لواء التوحيد" من القبض على ثلاثة من مسلحي "داعش"، هما تونسيان وأردني، وَبَثَّ تسجيلا مصورا لهم، قالوا فيه إن قائدهم خدعهم ودفعهم للقتال في مدرسة المشاة بحجة وجود مقاتلين أكراد داخلها.

وفي السياق ذاته، اشتدت الاشتباكات بين مسلحي "داعش" وفصائل "الجبهة الإسلامية" في قرية الراعي التابعة لمدينة الباب التي يسيطر عليها "الدولة الإسلامية"، والمحاذية للحدود التركية. ويحاول التنظيم السيطرة عليها ليحكم سيطرته على كامل الشريط الحدودي مع تركيا في الريف الحلبي، ما يعني قطع طرق الإمدادات لهذه الفصائل من تركيا، التي تمد لها يد العون، ما قد يشكل خطوة مهمة في الحرب بين التنظيم والفصائل التي تحاربه.

 

  • فريق ماسة
  • 2014-02-02
  • 12920
  • من الأرشيف

زيارة الفريج إلى حلب قد تسرع عمليات الجيش.. حرب "الفصائل" تستعر في المدينة وريفها

في خطوة يبدو أنها تأتي استكمالا للمشهد الذي رسمته الحكومة السورية بافتتاح مطار حلب الدولي مع انطلاق مؤتمر "جنيف 2"، فقد أعلن عن زيارة وزير الدفاع العماد فهد جاسم الفريج إلى المدينة مع اختتام المؤتمر الجمعة الماضي، حيث تفقد نقاطا عدة للجيش داخل المدينة، معلنا "اقتراب النصر على الإرهاب ومن يدعمه"، فاتحاً النار على السعودية التي وصفها بأنها "مملكة صهيونية"، قبل أن يزور المطار، الذي يستعد لاستقبال الرحلات اليومية، ليعود منه إلى دمشق. وكشف مصدر أمني، لـ"السفير"، أن زيارة وزير الدفاع إلى حلب لم تكن خاطفة، كما ظهرت عبر وسائل الإعلام، حيث مكث الفريج في المدينة ثلاثة أيام، عقد خلالها اجتماعات مغلقة عدة مع قيادات عسكرية وأمنية، ناقش خلالها وضع حلب، وخطة العمل العسكري في المدينة، والخطوات المقبلة، قبل أن يقوم بزيارات ميدانية، شملت أكاديمية الأسد، وثكنة المهلب، ومطار حلب الدولي. وفي حين أكد المصدر أن الاجتماعات عقدت بسرية تامة، أشار إلى أن ما تسرب من هذه الاجتماعات يفيد أن حلب ستشهد خلال الأيام القليلة المقبلة خطوات متسارعة ومتلاحقة للجيش في المدينة، بعد أن وصل إلى أطرافها من الجهة الشرقية، بعد سيطرته على معظم حي كرم الطراب، ما يعني أن المعارك ستشتد داخل المدينة قبل بدء الجولة الثانية من مفاوضات "جنيف 2" التي من المقرر عقدها في 10 شباط الحالي. وما إن أنهى الفريج زيارته إلى حلب، حتى قام الجيش بتنشيط نقاط عدة له في المدينة القديمة، ظلت طوال الأشهر الستة الماضية ساكنة، حيث اندلعت معارك عدة في المدينة القديمة، أبرزها في محيط الجامع الأموي، وعلى محور العقبة باتجاه الجلوم، بالتزامن مع استعداد الجيش لدخول حي السكن الشبابي في المعصرانية شرق المدينة، عبر محورين، الأول من حي كرم الطراب، والآخر من محور اللواء 80 المحاذي للحي، ما دفع معظم سكان الحي إلى النزوح منه، إضافة إلى تراجع المسلحين الموجودين فيه إلى نقاط في الداخل، مبتعدين عن نقاط التماس مع الجيش. وكحال حي السكن الشبابي، شهدت أحياء عدة في الجزء الشرقي الجنوبي من حلب (الشعار، الميسر، طريق الباب، الصاخور، القاطرجي) حركة نزوح كبيرة باتجاه الجزء الغربي من المدينة الخاضع لسيطرة الحكومة، وإلى بعض قرى ريف حلب الشمالي الآمن نسبياً في الوقت الحالي. وأشار مصدر ميداني إلى أن حي الميسر، المحاذي لحي السكن الشبابي، أصبح شبه فارغ من سكانه، بالتزامن مع تكثيف الطوافات لقصف هذه الأحياء التي تعتبر من أبرز معاقل "الجبهة الإسلامية" و"جبهة النصرة"، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى من المدنيين. وقال مدير "المرصد السوري لحقوق الإنسان" رامي عبد الرحمن: "قتل 85 شخصا في قصف الطوافات بالبراميل المتفجرة امس (الأول) داخل أحياء في شرق حلب تسيطر عليها المعارضة. كما قتل عشرة رجال مجهولي الهوية، وعشرة مقاتلين من جبهة النصرة بقصف مقرهم في حي الشعار". منطقة البلليرمون شمال مدينة حلب شهدت هي الأخرى تقدماً للجيش السوري، الذي يتقدم ببطء في المنطقة التي تشهد وجود عدد كبير من المعامل. كما شهدت منطقة الشيخ لطفي جنوب حلب اشتباكات بين عناصر الجيش السوري ومسلحي المعارضة خلال عملية عسكرية نفذها للتقدم باتجاه حي المرجة، بالإضافة إلى استمرار الاشتباكات في قرية بلاط شرق حلب خلال عملية الجيش للسيطرة على قرى عدة باتجاه المحطة الحرارية. إلى ذلك، شهدت جبهة المدينة الصناعية التي وصل الجيش السوري إلى محاذاتها هدوءاً على الأرض، شابته غارات جوية عدة استهدفت مراكز داخل المدينة لمسلحي "الجبهة الإسلامية". وعن سبب توقف العمل العسكري على الأرض قال مصدر ميداني، لـ"السفير"، إن صناعيين توسطوا لتأجيل تقدم الجيش إلى المدينة ليتسنى لهم التفاوض مع المسلحين على انسحاب يضمن لهم سلامة مصانعهم، وتجنيبها آثار العمليات العسكرية، وهي خطوة "في حال تمت "ستوفر جهداً عسكريا كبيراً، وتجنب الصناعيين دماراً كبيراً قد يلحق بمصانعهم نتيجة المعارك"، مضيفا: "في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق سيتابع الجيش تقدمه، لأن السيطرة على المدينة وتأمينها أمران لا بد منهما". على المقلب الآخر، شهدت الحرب المندلعة بين تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) والفصائل التي تقاتله ارتفاعاً في منسوب الاشتباكات، وعودة جديدة للسيارات المفخخة، أحد أبرز أسلحة التنظيم التابع لـ"القاعدة"، في تطور نسف المبادرة التي أطلقها داعية سعودي لوقف القتال بين هذه الفصائل، والتي اشترط "داعش" للموافقة عليها تبرؤ الفصائل التي تقاتله، وأبرزها "جبهة النصرة" و"الجبهة الإسلامية"، من السعودية وقطر وتركيا، وإعلان عدائها لها، وهو أمر رد عليه "لواء التوحيد" التابع لـ "الجبهة الإسلامية" ببيان متأخر يعلن رفضه هذا الشرط، مؤكداً "قوة علاقته بهذه الدول التي قدمت يد العون". ولم يكد "لواء التوحيد"، المرتبط بجماعة "الإخوان المسلمين"، يعلن رفضه قطع العلاقات مع السعودية وقطر، حتى ضربت سيارات مفخخة مواقع تابعة لـ "الجبهة الإسلامية" في حي الشعار في مدينة حلب وقرى الريف الشمالي، أبرزها تفجير سيارتين يقودهما انتحاريان مركزاً لـ "لواء التوحيد" في مدرسة المشاة، ما تسبب بمقتل نحو 30 مسلحاً من "لواء التوحيد"، بينهم القائد العسكري للواء عدنان بكور الذي جاء خلفاً لعبد القادر الصالح"، المعروف بحجي مارع، والذي قتل أيضاً في مدرسة المشاة اثر استهداف صاروخي من قبل الجيش السوري لاجتماع داخل المدرسة في وقت سابق. وتبع تفجير السيارتين محاولة مسلحين من "داعش" اقتحام المدرسة، حيث وقعت اشتباكات عنيفة انتهت بفشل "داعش" وانسحاب مسلحيه الى نقطة قريبة، في حين تمكن مسلحو "لواء التوحيد" من القبض على ثلاثة من مسلحي "داعش"، هما تونسيان وأردني، وَبَثَّ تسجيلا مصورا لهم، قالوا فيه إن قائدهم خدعهم ودفعهم للقتال في مدرسة المشاة بحجة وجود مقاتلين أكراد داخلها. وفي السياق ذاته، اشتدت الاشتباكات بين مسلحي "داعش" وفصائل "الجبهة الإسلامية" في قرية الراعي التابعة لمدينة الباب التي يسيطر عليها "الدولة الإسلامية"، والمحاذية للحدود التركية. ويحاول التنظيم السيطرة عليها ليحكم سيطرته على كامل الشريط الحدودي مع تركيا في الريف الحلبي، ما يعني قطع طرق الإمدادات لهذه الفصائل من تركيا، التي تمد لها يد العون، ما قد يشكل خطوة مهمة في الحرب بين التنظيم والفصائل التي تحاربه.  

المصدر : السفير /علاء حلبي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة