شنّت قوى 8 آذار هجوماً مباغتاً بسلاح التنازلات وخطابات المودّة والمحبة والشراكة الوطنية على معاقل 14 آذار المتصلّبة والمتشنجة والغامضة، وأعلنت تنازلاتها عن حكومة "9-9-6" لصالح حكومة "3 ثمانات"،

مع مرونة لافتة بالمداورة في الوزارات وبعض العناوين الأخرى، مستفيدة من إرباكات الرعاة الإقليميين، والتشتت الداخلي لـ"14 آذار" بعد نكبة الاشتباكات بين فصائل المعارضة السورية، خصوصاً بين "داعش" والكتائب المسلحة المتعددة الأسماء والانتماءات والتمويل، وبعد الضربة القوية التي تلقّتها "داعش" في العراق، وما تعنيه للسعودية التي تشترك بأكثر من 800 كلم مع محافظة الأنبار، بالإضافة إلى الحبل السري بين السعودية و"داعش"، وإثارة العصبية المذهبية في الأنبار والفلوجة، في الوقت الذي يتخبّط أردوغان في ساحته الداخلية وسط قضايا الفساد، وانهيار تحالفاته مع "غولين" وغول.

ماذا ربحت "8 آذار" من الهجوم "الودّي" لتأليف الحكومة؟

- أسقطت شعارات "14 آذار" السابقة، ومنها المطالبة بانسحاب حزب الله من سورية، وكذلك نزع سلاح المقاومة، ما أظهر أنها تاجر سياسي مستعدّ للتنازل عن كل شيء - بما في ذلك المحكمة الدولية - مقابل السلطة.

- إلقاء مسؤولية التعطيل والعرقلة على "14 آذار" ورعاتهم الإقليميين، والتنصّل من مسؤولية الشلل المؤسساتي وتفاقم الأمور في البلاد.

- إجهاض مشروع "الحكومة الحيادية"، أو على الأقل تأجيله إلى ما بعد المحكمة الدولية و"جنيف-2" ووضوح المشهد الميداني في سورية، والذي يوحي بانقلاب الأمور لصالح قوى 8 آذار وحلفائهم الإقليميين.

- تفجير "14 آذار" من الداخل، وتعرية الأطراف المسيحية فيها خصوصاً، وإظهارها كأدوات تابعة لا قرار لها، وأنها من رُكّاب "بوسطة المستقبل"؛ تسير وفق ما يريد قائدها الرئيس سعد الحريري.

لقد نجحت قوى 8 آذار حتى اللحظة في تحقيق غاياتها، وسجّلت عدة أهداف في مرمى "14 آذار" المرتبكة والمترددة، والتي أظهرت خلافاتها إلى العلن، وأكّدت أنها مسلوبة الإرادة، فعندما سمحت لها السعودية بالمناورة والقبول الشكلي بحكومة "الثلاث ثمانات" وافقت سريعاً، ومن دون قبض أي ثمن أو وعود مستقبلية.

المحور الخليجي - الأميركي يتعثر وتشتعل النار في تنظيماته وتشكيلاته العسكرية والسياسية في العراق وسورية، ويُطرد من مصر بحصار "الإخوان المسلمين" شعبياً ودستورياً، ويتراجع في تونس، ويتقاتل في ليبيا، ويرتبك ويتغير في لبنان..

"داعش" العراقية تتصحّر، و"داعش" السورية تحاصَر وتطرَد وتسبَى نساؤها، و"داعش" اللبنانية من ذوي ربطات العنق والبدلات الأوروبية مصابة بالعمى السياسي، وتتلقى الضربات "الودية"، وتنهار أحلامها بإسقاط سورية، وترشّح لتمثيلها في الحكومة أحد مسؤولي المحاور في طرابلس بعد خلعه "التنورة".

إذاً، لكل ساحة تنظيمها "الداعشي"، فتارة بالجلباب الأفغاني وسواطير الذبح، وطوراً باللباس "الإفرنجي" وسواطير المحكمة الدولية والقرار 1559!

أبو محمد الجولاني وأبو بكر البغدادي وأبو "متعدد الجنسيات" اللبناني.. كلهم قوائم منظومة المال والسياسة الأميركية والخليجية.

يتساءل البعض: كيف يمكن للمقاومة الدخول في حكومة واحدة مع "14 آذار"؟

كما سيجلس النظام السوري مع المعارضة في (جنيف-2)، وضمن الحل السياسي يمكن مشاركة بعض المعارضين، وفي لبنان هناك أيضاً من قبل في الماضي أن "يعفو" عمن قتل الرئيس رشيد كرامي ويحاوره، ومن شارك مَن تعامل مع العدو "الإسرائيلي" وتحاوَر معه يستطيع فعلها مرة أخرى!

ويبقى السؤال: هل سيكون إعلان المقاومة المدنية "السلمية" بوابة الدخول لـ"جبهة النصرة" و"كتائب عبد الله عزام" و"الجبهة الإسلامية" في سيناريو مكرر لتجربة" الثورة "السورية، التي رفعت شعار "سلمية.. سلمية"، وفتحت الأبواب لعسكرة الحراك الشعبي ومصادرته لصالح كل التكفيريين الأجانب الذين جمعتهم المخابرات الغربية والخليجية لإسقاط النظام السوري، والآن جاء دور إسقاط المقاومة في لبنان بالتعاون مع العناصر الفلسطينية والسورية التي سيقال عنا إنها انشقت عن بعض الفصائل، لكنها في الجوهر والأفعال تنفّذ قرارات قياداتها المقيمة في قطر، والتي لا تتنازل عن ارتباطها بـ"الإخوان المسلمين"، وتنعي الشهداء الغزاويين الذين سقطوا في سورية؟!

الحل السياسي سينتهي بحصار كل "داعش" بأساليب متعددة..

إذا وُلدت الحكومة اللبنانية من "داعش اللبنانية" والمقاومة في لبنان، فستكون تجربة استباقية للحكومة الانتقالية في سورية.. وكل ثورة "تكفيرية" وأنتم بخير!

 

  • فريق ماسة
  • 2014-01-15
  • 12705
  • من الأرشيف

"14 آذار" و"داعش".. مصير مشترك؟

شنّت قوى 8 آذار هجوماً مباغتاً بسلاح التنازلات وخطابات المودّة والمحبة والشراكة الوطنية على معاقل 14 آذار المتصلّبة والمتشنجة والغامضة، وأعلنت تنازلاتها عن حكومة "9-9-6" لصالح حكومة "3 ثمانات"، مع مرونة لافتة بالمداورة في الوزارات وبعض العناوين الأخرى، مستفيدة من إرباكات الرعاة الإقليميين، والتشتت الداخلي لـ"14 آذار" بعد نكبة الاشتباكات بين فصائل المعارضة السورية، خصوصاً بين "داعش" والكتائب المسلحة المتعددة الأسماء والانتماءات والتمويل، وبعد الضربة القوية التي تلقّتها "داعش" في العراق، وما تعنيه للسعودية التي تشترك بأكثر من 800 كلم مع محافظة الأنبار، بالإضافة إلى الحبل السري بين السعودية و"داعش"، وإثارة العصبية المذهبية في الأنبار والفلوجة، في الوقت الذي يتخبّط أردوغان في ساحته الداخلية وسط قضايا الفساد، وانهيار تحالفاته مع "غولين" وغول. ماذا ربحت "8 آذار" من الهجوم "الودّي" لتأليف الحكومة؟ - أسقطت شعارات "14 آذار" السابقة، ومنها المطالبة بانسحاب حزب الله من سورية، وكذلك نزع سلاح المقاومة، ما أظهر أنها تاجر سياسي مستعدّ للتنازل عن كل شيء - بما في ذلك المحكمة الدولية - مقابل السلطة. - إلقاء مسؤولية التعطيل والعرقلة على "14 آذار" ورعاتهم الإقليميين، والتنصّل من مسؤولية الشلل المؤسساتي وتفاقم الأمور في البلاد. - إجهاض مشروع "الحكومة الحيادية"، أو على الأقل تأجيله إلى ما بعد المحكمة الدولية و"جنيف-2" ووضوح المشهد الميداني في سورية، والذي يوحي بانقلاب الأمور لصالح قوى 8 آذار وحلفائهم الإقليميين. - تفجير "14 آذار" من الداخل، وتعرية الأطراف المسيحية فيها خصوصاً، وإظهارها كأدوات تابعة لا قرار لها، وأنها من رُكّاب "بوسطة المستقبل"؛ تسير وفق ما يريد قائدها الرئيس سعد الحريري. لقد نجحت قوى 8 آذار حتى اللحظة في تحقيق غاياتها، وسجّلت عدة أهداف في مرمى "14 آذار" المرتبكة والمترددة، والتي أظهرت خلافاتها إلى العلن، وأكّدت أنها مسلوبة الإرادة، فعندما سمحت لها السعودية بالمناورة والقبول الشكلي بحكومة "الثلاث ثمانات" وافقت سريعاً، ومن دون قبض أي ثمن أو وعود مستقبلية. المحور الخليجي - الأميركي يتعثر وتشتعل النار في تنظيماته وتشكيلاته العسكرية والسياسية في العراق وسورية، ويُطرد من مصر بحصار "الإخوان المسلمين" شعبياً ودستورياً، ويتراجع في تونس، ويتقاتل في ليبيا، ويرتبك ويتغير في لبنان.. "داعش" العراقية تتصحّر، و"داعش" السورية تحاصَر وتطرَد وتسبَى نساؤها، و"داعش" اللبنانية من ذوي ربطات العنق والبدلات الأوروبية مصابة بالعمى السياسي، وتتلقى الضربات "الودية"، وتنهار أحلامها بإسقاط سورية، وترشّح لتمثيلها في الحكومة أحد مسؤولي المحاور في طرابلس بعد خلعه "التنورة". إذاً، لكل ساحة تنظيمها "الداعشي"، فتارة بالجلباب الأفغاني وسواطير الذبح، وطوراً باللباس "الإفرنجي" وسواطير المحكمة الدولية والقرار 1559! أبو محمد الجولاني وأبو بكر البغدادي وأبو "متعدد الجنسيات" اللبناني.. كلهم قوائم منظومة المال والسياسة الأميركية والخليجية. يتساءل البعض: كيف يمكن للمقاومة الدخول في حكومة واحدة مع "14 آذار"؟ كما سيجلس النظام السوري مع المعارضة في (جنيف-2)، وضمن الحل السياسي يمكن مشاركة بعض المعارضين، وفي لبنان هناك أيضاً من قبل في الماضي أن "يعفو" عمن قتل الرئيس رشيد كرامي ويحاوره، ومن شارك مَن تعامل مع العدو "الإسرائيلي" وتحاوَر معه يستطيع فعلها مرة أخرى! ويبقى السؤال: هل سيكون إعلان المقاومة المدنية "السلمية" بوابة الدخول لـ"جبهة النصرة" و"كتائب عبد الله عزام" و"الجبهة الإسلامية" في سيناريو مكرر لتجربة" الثورة "السورية، التي رفعت شعار "سلمية.. سلمية"، وفتحت الأبواب لعسكرة الحراك الشعبي ومصادرته لصالح كل التكفيريين الأجانب الذين جمعتهم المخابرات الغربية والخليجية لإسقاط النظام السوري، والآن جاء دور إسقاط المقاومة في لبنان بالتعاون مع العناصر الفلسطينية والسورية التي سيقال عنا إنها انشقت عن بعض الفصائل، لكنها في الجوهر والأفعال تنفّذ قرارات قياداتها المقيمة في قطر، والتي لا تتنازل عن ارتباطها بـ"الإخوان المسلمين"، وتنعي الشهداء الغزاويين الذين سقطوا في سورية؟! الحل السياسي سينتهي بحصار كل "داعش" بأساليب متعددة.. إذا وُلدت الحكومة اللبنانية من "داعش اللبنانية" والمقاومة في لبنان، فستكون تجربة استباقية للحكومة الانتقالية في سورية.. وكل ثورة "تكفيرية" وأنتم بخير!  

المصدر : الثبات /د. نسيب حطيط


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة