رغم التأكيد الصادر عن اللجنة التحضيرية الثلاثية الراعية لمؤتمر جنيف 2 و المشكلة من الأمم المتحدة و روسيا و أميركا رغم تأكيد اللجنة هذه على انعقاد المؤتمر في موعده المحدد له في 22- 1 -2014 ،

فإننا ما زلنا على قناعة أن العوائق التي ما زالت قائمة وتعترض انعقاده هي اكبر من أن تعالج بين ليلة وضحاها حتى وان بعضها من قبيل المستعصي على المعالجة ، وفي كل الأحوال فإن المؤتمر- في حال انعقاده رغم العوائق - سيتحول إلى نوع من حفل التعارف والاستقبال والفلكلور الذي لن يقدم أو يؤخر في شيء بالنسبة للصراع القائم في سورية بالصورة والأهداف التي باتت في معظمها معلومة ومؤكدة .

وعليه نرى أن تأجيل المؤتمر يبقى مرجحا ، وان الانعقاد في الظروف الراهنة - إذا حصل - لن يكون كما يتصور المخلصون حسنوا النية مدخلا لحل الأزمة ووقف إراقة الدماء وخاصة مع وجود من بات يعتبر العدوان على سورية همه الشخصي مبديا استعداده لمتابعته حتى‏ ولو حارب في سورية منفرداً كما أعلنت المملكة السعودية.‏

وفي كل الأحوال نجد أن هناك أوهام وحقائق تتجاذب المؤتمر أو ترخي عليه بثقلها بشكل لا يمكن تجاوزه . ونتوقف أولا عند تلك الأوهام التي تحكم سلوك البعض أو تمنياته أو رؤيته لمؤتمر جنيف والتي تجعله يعتقد أن المؤتمر سينعقد من اجل فرضها وان هناك إرادة دولية وسلطة كونية وقوى متعددة النزعات والقدرات ستقف وراءها وتجعل الكل ينصاع . أوهام و أوهام يعلقها أصحابها على جنيف 2 كالتالي :‏

1)تصور الغرب أن بإمكانه فرض سلطة حكم على سورية لا تمت إلى حاضر سورية وواقعها وحقيقتها الثابتة بصلة، حكم يفقد سورية قرارها المستقل ليحولها إلى دولة من الدول الهامشية التابعة القائمة على بعض الصدقات والمساعدات المشروطة . وهنا نجد أن التفسير الغربي لعبارة «حكومة كاملة الصلاحية» الواردة في إعلان جنيف 1 تعني بالنسبة للغرب شطب ما هو قائم من سلطة ونظام ودستور في سورية حالياً ، وتنصيب جماعة – بشكل انتقالي على ما يقولون – تتولى الحكم منفردة وتضع القوانين والدستور وتحكم بموجبها إلى أن يحين موعد العودة إلى الشعب في استفتاء وانتخاب وبإشراف تلك السلطة المفروضة وتحت رعاية دولية من الجهة التي نصبتها . ..أي ببساطة إنتاج انتداب أو استعمار مقنع .‏

2)تصور القوى الإقليمية التي اضطرت للتراجع الميداني بسبب إخفاقها وفشلها في مواجهة الدولة السورية التي خاضت حربا دفاعية أفشلت الهجوم عليها وجعلت هذه القوى تنكفئ تكتيكيا للتربص بالفرصة في حينها وبمساعدة القوى التي كلفتها أصلا بالهجوم العدوان على سورية ، فإذا لاحت الفرصة تتقدم بأسلوب جديد مع إغراءات جديدة وعندها تعوض الخسارة أو الهزيمة في المواجهة الميدانية . وتأتي في طليعة هذه القوى قطر وتركيا اللتان قادتا العدوان الأول ميدانيا وسياسيا .‏

3)تصور عند معظم الذين أخفقوا في الميدان في تحقيق أهداف العدوان على سورية ، تصورهم إن بإمكانهم في حال لم يحقق المؤتمر أحلامهم في تعويض ذاك الإخفاق ، أن يدفعوا الأمور إلى فشل المؤتمر بذاته وتحميل الحكومة السورية وعلى رأسها الرئيس الأسد مسؤولية الفشل مع تخيلهم أن ذاك سيحاصر الرئيس ويجعله في وجه ما يسمى «مجتمع دولي» بالتعبير الأميركي الغربي ، ما يفسح المجال بعد ذلك لتشكل أوسع كتلة دولية ضده ، كتلة تعمل لتحقيق أهداف المشروع العدواني الأساسي ذاته .‏

4) طموح لدى الممانعين للحل السلمي أصلا أن يستطيع المؤتمر فرض وقف إطلاق النار على الحكومة السورية على الأقل في فترة انعقاد المؤتمر ، و يعطي بذلك الجماعات المتناحرة فرصة ما لترميم صفوفها ثم يمكنها أن تستغل الفرصة وتشن أوسع الهجمات على المراكز السورية ، اوتفك الحصار عن المواقع التي يحاصرها الجيش العربي السوري ، ويكون في ذلك برأيهم إجهاض للانجازات العسكرية الميدانية التي حققتها سورية منذ اعتماد «استراتيجة الأسد الدفاعية» في شهر آذار 2013 .‏

وإجمالا للبحث في هذه الأوهام – الأحلام العدوانية ضد سورية ، فإننا نرى أن االفريق المعتدي والقوى التي انخرطت في الحرب على سورية ورغم أنها لمست ما يشبه استحالة تحقيق أهدافها بإسقاط الحكم والنظام في سورية وإقامة النظام التابع للغرب بديلا عنه ، ورغم أنها مارست سياسة تدمير سورية ومعظم قطاعاتها بشكل منهجي مبرمج ، رغم كل ذلك نرى أن الفريق المعتدي ما زال يتصور أن بإمكانه فرض حل يسميه سلميا يبحث عنه في مهل تتيح له أن يتابع تدمير سورية واسترقاق شعبها على حد ما أفتى لهم كبير من دجالي الفقه المنتحل للإسلام .‏

وبالمقابل هناك حقائق وثوابت تفرض نفسها سواء اعترف بها المعتدون الاصيلون أم الوكلاء أم الأدوات ، حقائق هي التي ستؤخذ بالاعتبار ويصاغ على أساسها أي مخرج معقول من آتون النار التي اقتدحها المعتدون على سورية ، وبالتالي فان تجاوزها سيكون بمثابة تطوير الحرب وليس إنهائها لان سورية التي نجحت في الدفاع عن نفسها طيلة السنوات الثلاث التي مضت ، ونجحت في حربها الدفاعية تلك لن تسلم لخصومها ولا لأعدائها المهزومين وتعطيهم بالسياسة ما عجزوا عن انتزاعه في الميدان ، وبالتالي على من يبذل الوقت والجهد في سبيل مؤتمر جنيف2 أن يأخذ بالاعتبار الحقائق التالية :‏

1) إن سورية معتدى عليها من قبل عدو خارجي استعمل أدوات داخلية بغية تحقيق أهداف ضد المصلحة الوطنية العليا لسورية وان سورية دخلت هذه الحرب الدفاعية ممارسة لحق الدفاع المشروع عن النفس وهي مستمرة في هذا الدفاع طالما أن الخطر موجود وجاثم على الأرض السورية . وان أي حديث عن وقف لإطلاق النار من اجل تسهيل عمل المجموعات العدوانية المسلحة لن يكون له نصيب من الحياة .‏

2)إن سورية تملك قدرات وإمكانات استمرار الدفاع عن النفس ما يجعل ثقتها في المستقبل ونتائج المواجهة ثابتة لا تتزعزع . وان سورية ليست وحيدة في هذا الشأن و أن حلفاءها في محور المقاومة عقدوا العزم على الانخراط في هذه الحرب الدفاعية باعتبارهم معنيين بها بشكل ذاتي وبذهنية الدفاع عن الوجود كما أوضح ذلك السيد حسن نصرالله منذ أيام وان العويل والتهويل والصراخ لحمل هذا المكون أو ذاك من مكونات هذا المحور للتراجع عن قيامه في أداء واجبه الدفاعي المقدس ، لن يجدي نفعا فالدفاع التحالفي المشترك مستمر حتى يزول الخطر .‏

3)إن سورية كانت تعلم منذ اللحظة الأولى أن العدوان عليها كان يهدف إلى تغيير موقع سورية الجيوسياسي ، ذاك الموقع الذي يشكل وجود الرئيس بشار الأسد الدليل القاطع على اتجاهه وطبيعته ، ولهذا كان طلب المعتدين منذ اللحظة الأولى القفز فوق رمزية الرئيس الأسد وبناء حكم من دونه ليسهل تنفذ أهداف العدوان . ورغم أن الرئيس الأسد غير متمسك كشخص بأي مركز أو موقع فانه كمسؤول لا يمكن أن يفرط بسيادة سورية وقرارها المستقل وبما أن ترجمة هذا الأمر تبدأ بحرية الشعب السوري باختيار حكامه بدءا من رئيس الدولة ونزولا إلى أي مسؤول في مجلس تمثيلي أو عضو في حكومة فان أي وعد أو تعهد أو تصور يخالف هذه الحقيقة – الثابتة سيكون مرتدا على صاحبه ولا يعمل به وان سورية التي يعرفها حلفاؤها وأصدقاؤها حق المعرفة تعرف أن أحدا منهم لا يمكن أن يتبرع بأي موقف يخالف هذه الحقيقة ،كما أن سورية هذه ترى أن على المعسكر المعتدي أن يفهم جيدا هذه الحقيقة وان لا يمني النفس بما يخالفها كائنا ما كانت الوقائع والدوافع .‏

وإجمالا للبحث ولان هذه الحقائق بالنسبة لأصدقاء سورية يقين مسلم به وبالنسبة لخصومها وأعدائها حقائق مرة لم يؤهلوا النفس على التسليم بها وسيستمرون بأوهامهم وأحلامهم ، كنا نرى صعوبة في انعقاد مؤتمر جنيف 2 وصعوبة في نجاحه إذا انعقد ، واعتقد أن جبهة العدوان باتت تدرك ذلك ولهذا عبر عن قرارة ما في نفسها وزير خارجية فرنسا ، عندما رأى أن مؤتمر جنيف 2 لن يكون مجديا إذا كان من شأنه تثبيت الرئيس الأسد ( وهو يعني بالعمق تثبيت سورية في موقعها الجيوسياسي ) وبالمقابل نرى أن سورية ومحورها المقاوم ترد على هذا بالقول بحتمية نجاح سورية في دفاعها سواء كان مؤتمر جنيف 2 أم لم يكن فالميدان المفتوح أنبأ وسينبئ المشككين بالحقيقة ..‏‏
  • فريق ماسة
  • 2013-12-24
  • 10512
  • من الأرشيف

جنيف 2 و اتجاهات أوهام المعتدين على سورية

رغم التأكيد الصادر عن اللجنة التحضيرية الثلاثية الراعية لمؤتمر جنيف 2 و المشكلة من الأمم المتحدة و روسيا و أميركا رغم تأكيد اللجنة هذه على انعقاد المؤتمر في موعده المحدد له في 22- 1 -2014 ، فإننا ما زلنا على قناعة أن العوائق التي ما زالت قائمة وتعترض انعقاده هي اكبر من أن تعالج بين ليلة وضحاها حتى وان بعضها من قبيل المستعصي على المعالجة ، وفي كل الأحوال فإن المؤتمر- في حال انعقاده رغم العوائق - سيتحول إلى نوع من حفل التعارف والاستقبال والفلكلور الذي لن يقدم أو يؤخر في شيء بالنسبة للصراع القائم في سورية بالصورة والأهداف التي باتت في معظمها معلومة ومؤكدة . وعليه نرى أن تأجيل المؤتمر يبقى مرجحا ، وان الانعقاد في الظروف الراهنة - إذا حصل - لن يكون كما يتصور المخلصون حسنوا النية مدخلا لحل الأزمة ووقف إراقة الدماء وخاصة مع وجود من بات يعتبر العدوان على سورية همه الشخصي مبديا استعداده لمتابعته حتى‏ ولو حارب في سورية منفرداً كما أعلنت المملكة السعودية.‏ وفي كل الأحوال نجد أن هناك أوهام وحقائق تتجاذب المؤتمر أو ترخي عليه بثقلها بشكل لا يمكن تجاوزه . ونتوقف أولا عند تلك الأوهام التي تحكم سلوك البعض أو تمنياته أو رؤيته لمؤتمر جنيف والتي تجعله يعتقد أن المؤتمر سينعقد من اجل فرضها وان هناك إرادة دولية وسلطة كونية وقوى متعددة النزعات والقدرات ستقف وراءها وتجعل الكل ينصاع . أوهام و أوهام يعلقها أصحابها على جنيف 2 كالتالي :‏ 1)تصور الغرب أن بإمكانه فرض سلطة حكم على سورية لا تمت إلى حاضر سورية وواقعها وحقيقتها الثابتة بصلة، حكم يفقد سورية قرارها المستقل ليحولها إلى دولة من الدول الهامشية التابعة القائمة على بعض الصدقات والمساعدات المشروطة . وهنا نجد أن التفسير الغربي لعبارة «حكومة كاملة الصلاحية» الواردة في إعلان جنيف 1 تعني بالنسبة للغرب شطب ما هو قائم من سلطة ونظام ودستور في سورية حالياً ، وتنصيب جماعة – بشكل انتقالي على ما يقولون – تتولى الحكم منفردة وتضع القوانين والدستور وتحكم بموجبها إلى أن يحين موعد العودة إلى الشعب في استفتاء وانتخاب وبإشراف تلك السلطة المفروضة وتحت رعاية دولية من الجهة التي نصبتها . ..أي ببساطة إنتاج انتداب أو استعمار مقنع .‏ 2)تصور القوى الإقليمية التي اضطرت للتراجع الميداني بسبب إخفاقها وفشلها في مواجهة الدولة السورية التي خاضت حربا دفاعية أفشلت الهجوم عليها وجعلت هذه القوى تنكفئ تكتيكيا للتربص بالفرصة في حينها وبمساعدة القوى التي كلفتها أصلا بالهجوم العدوان على سورية ، فإذا لاحت الفرصة تتقدم بأسلوب جديد مع إغراءات جديدة وعندها تعوض الخسارة أو الهزيمة في المواجهة الميدانية . وتأتي في طليعة هذه القوى قطر وتركيا اللتان قادتا العدوان الأول ميدانيا وسياسيا .‏ 3)تصور عند معظم الذين أخفقوا في الميدان في تحقيق أهداف العدوان على سورية ، تصورهم إن بإمكانهم في حال لم يحقق المؤتمر أحلامهم في تعويض ذاك الإخفاق ، أن يدفعوا الأمور إلى فشل المؤتمر بذاته وتحميل الحكومة السورية وعلى رأسها الرئيس الأسد مسؤولية الفشل مع تخيلهم أن ذاك سيحاصر الرئيس ويجعله في وجه ما يسمى «مجتمع دولي» بالتعبير الأميركي الغربي ، ما يفسح المجال بعد ذلك لتشكل أوسع كتلة دولية ضده ، كتلة تعمل لتحقيق أهداف المشروع العدواني الأساسي ذاته .‏ 4) طموح لدى الممانعين للحل السلمي أصلا أن يستطيع المؤتمر فرض وقف إطلاق النار على الحكومة السورية على الأقل في فترة انعقاد المؤتمر ، و يعطي بذلك الجماعات المتناحرة فرصة ما لترميم صفوفها ثم يمكنها أن تستغل الفرصة وتشن أوسع الهجمات على المراكز السورية ، اوتفك الحصار عن المواقع التي يحاصرها الجيش العربي السوري ، ويكون في ذلك برأيهم إجهاض للانجازات العسكرية الميدانية التي حققتها سورية منذ اعتماد «استراتيجة الأسد الدفاعية» في شهر آذار 2013 .‏ وإجمالا للبحث في هذه الأوهام – الأحلام العدوانية ضد سورية ، فإننا نرى أن االفريق المعتدي والقوى التي انخرطت في الحرب على سورية ورغم أنها لمست ما يشبه استحالة تحقيق أهدافها بإسقاط الحكم والنظام في سورية وإقامة النظام التابع للغرب بديلا عنه ، ورغم أنها مارست سياسة تدمير سورية ومعظم قطاعاتها بشكل منهجي مبرمج ، رغم كل ذلك نرى أن الفريق المعتدي ما زال يتصور أن بإمكانه فرض حل يسميه سلميا يبحث عنه في مهل تتيح له أن يتابع تدمير سورية واسترقاق شعبها على حد ما أفتى لهم كبير من دجالي الفقه المنتحل للإسلام .‏ وبالمقابل هناك حقائق وثوابت تفرض نفسها سواء اعترف بها المعتدون الاصيلون أم الوكلاء أم الأدوات ، حقائق هي التي ستؤخذ بالاعتبار ويصاغ على أساسها أي مخرج معقول من آتون النار التي اقتدحها المعتدون على سورية ، وبالتالي فان تجاوزها سيكون بمثابة تطوير الحرب وليس إنهائها لان سورية التي نجحت في الدفاع عن نفسها طيلة السنوات الثلاث التي مضت ، ونجحت في حربها الدفاعية تلك لن تسلم لخصومها ولا لأعدائها المهزومين وتعطيهم بالسياسة ما عجزوا عن انتزاعه في الميدان ، وبالتالي على من يبذل الوقت والجهد في سبيل مؤتمر جنيف2 أن يأخذ بالاعتبار الحقائق التالية :‏ 1) إن سورية معتدى عليها من قبل عدو خارجي استعمل أدوات داخلية بغية تحقيق أهداف ضد المصلحة الوطنية العليا لسورية وان سورية دخلت هذه الحرب الدفاعية ممارسة لحق الدفاع المشروع عن النفس وهي مستمرة في هذا الدفاع طالما أن الخطر موجود وجاثم على الأرض السورية . وان أي حديث عن وقف لإطلاق النار من اجل تسهيل عمل المجموعات العدوانية المسلحة لن يكون له نصيب من الحياة .‏ 2)إن سورية تملك قدرات وإمكانات استمرار الدفاع عن النفس ما يجعل ثقتها في المستقبل ونتائج المواجهة ثابتة لا تتزعزع . وان سورية ليست وحيدة في هذا الشأن و أن حلفاءها في محور المقاومة عقدوا العزم على الانخراط في هذه الحرب الدفاعية باعتبارهم معنيين بها بشكل ذاتي وبذهنية الدفاع عن الوجود كما أوضح ذلك السيد حسن نصرالله منذ أيام وان العويل والتهويل والصراخ لحمل هذا المكون أو ذاك من مكونات هذا المحور للتراجع عن قيامه في أداء واجبه الدفاعي المقدس ، لن يجدي نفعا فالدفاع التحالفي المشترك مستمر حتى يزول الخطر .‏ 3)إن سورية كانت تعلم منذ اللحظة الأولى أن العدوان عليها كان يهدف إلى تغيير موقع سورية الجيوسياسي ، ذاك الموقع الذي يشكل وجود الرئيس بشار الأسد الدليل القاطع على اتجاهه وطبيعته ، ولهذا كان طلب المعتدين منذ اللحظة الأولى القفز فوق رمزية الرئيس الأسد وبناء حكم من دونه ليسهل تنفذ أهداف العدوان . ورغم أن الرئيس الأسد غير متمسك كشخص بأي مركز أو موقع فانه كمسؤول لا يمكن أن يفرط بسيادة سورية وقرارها المستقل وبما أن ترجمة هذا الأمر تبدأ بحرية الشعب السوري باختيار حكامه بدءا من رئيس الدولة ونزولا إلى أي مسؤول في مجلس تمثيلي أو عضو في حكومة فان أي وعد أو تعهد أو تصور يخالف هذه الحقيقة – الثابتة سيكون مرتدا على صاحبه ولا يعمل به وان سورية التي يعرفها حلفاؤها وأصدقاؤها حق المعرفة تعرف أن أحدا منهم لا يمكن أن يتبرع بأي موقف يخالف هذه الحقيقة ،كما أن سورية هذه ترى أن على المعسكر المعتدي أن يفهم جيدا هذه الحقيقة وان لا يمني النفس بما يخالفها كائنا ما كانت الوقائع والدوافع .‏ وإجمالا للبحث ولان هذه الحقائق بالنسبة لأصدقاء سورية يقين مسلم به وبالنسبة لخصومها وأعدائها حقائق مرة لم يؤهلوا النفس على التسليم بها وسيستمرون بأوهامهم وأحلامهم ، كنا نرى صعوبة في انعقاد مؤتمر جنيف 2 وصعوبة في نجاحه إذا انعقد ، واعتقد أن جبهة العدوان باتت تدرك ذلك ولهذا عبر عن قرارة ما في نفسها وزير خارجية فرنسا ، عندما رأى أن مؤتمر جنيف 2 لن يكون مجديا إذا كان من شأنه تثبيت الرئيس الأسد ( وهو يعني بالعمق تثبيت سورية في موقعها الجيوسياسي ) وبالمقابل نرى أن سورية ومحورها المقاوم ترد على هذا بالقول بحتمية نجاح سورية في دفاعها سواء كان مؤتمر جنيف 2 أم لم يكن فالميدان المفتوح أنبأ وسينبئ المشككين بالحقيقة ..‏‏

المصدر : الثورة/ العميد أمين حطيط


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة