دعا الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر، والبروفسور روبرت باستور، الباحث في الجامعة الأمريكية للتحرك واتخاذ قرار عاجل وهو تحقيق السلام في سوريا. واتفق الرئيس السابق والباحث على أن ما يجري في سوريا منذ ثلاثة أعوام هي حرب لا يمكن لأي طرف الإنتصار فيها. وقالا ‘في 26 تشرين الثاني/نوفمبر أطلق الأمين العام للأمم المتحدة نداء جديدا لعقد مؤتمر جنيف المقرر في 22 كانون الثاني/يناير.

وقد تم اصدار هذه الدعوات منذ حزيران/ يونيو 2011 ولم يحضر أي من المتحاربين لأن كل منهما وضع شروطا مسبقة لحضور المفاوضات، والطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها كسر الجمود هي قيام الأمم المتحدة والدول الكبرى بتحديد الشروط للمشاركين والقيام بفرضها عليهم’.

شروط تعجيزية

وذكر الكاتبان هنا بثمن الحرب الأهلية في سوريا، التي قتل فيها أكثر من 100 ألف سوري وتشرد مليونين لدول الجوار، فيما نزح 6 ملايين داخل سوريا عن بيوتهم.

وأصبحت الحرب بين الجماعات الطائفية في سوريا أكثر شراسة، وهناك من دول الجوار من تشارك بعمق في مساعدة أحد طرفي النزاع وتحاول تأكيد نصره، وقد حان الوقت الآن للتساؤل عن السبب الذي جعل من الدعوات للسلام عبثية’.

ويشير الكاتبان إلى أن معارضي النظام أكدوا أن الهدف من مؤتمر جنيف هو مناقشة رحيل الرئيس الأسد، وهو ما رفضه الأخير.

وبالمقابل تطالب حكومته الجماعات السورية المسلحة ممن تصنفها جميعا على أنها جماعات إرهابية تسليم أسلحتها والتوقف عن القتال، وتشترط الحكومة هذا قبل الجلوس على طاولة المفاوضات للحديث عن السلام.

وحالة الجمود هذه كافية لتفسير احتمالات عدم نجاح مؤتمر جنيف القادم. ويرى كارتر وباستور أن الأمم المتحدة كانت محظوظة لتوفر مبعوث خاص ذكي وهو الأخضر الإبراهيمي، ومع الأمين العام كوفي أنان، ولكن لم يسمح لهما باستخدام مهاراتيهما في التفاوض لأن اللاعبين الرئيسيين في القتال يؤكدون على شروط مسبوقة للنصر أكثر من التعايش المشترك الذي يؤدي إلى نهاية للحرب.

ويضيف الكاتبان إلى أن فكرة الشروط المسبقة تهدف في النهاية إلى الفوز في حرب لا يمكن الإنتصار بها أكثر من كونها محاولة لعقد سلام وفي هذا فهم يحرمون الشعب السوري من حقهم السيادي في الإختيار كما يقول الكاتبان.

 

حل بديل

وبالسياق نفسه فشروط مسبقة بديلة، صعبة على الطرفين كي يتقبلاها، ولكنها ستكون كفيلة بتحقيق الديمقراطية والتسامح. وحتى يتحقق هذا فالمجتمع الدولي واللاعبون الرئيسيون مطالبوون باتخاذ خطوات لتشجيع حلفائهم السوريين لأخذ الخطوات القادمة.

ويرى كارتر وباستور أن على كل اللاعبين تقديم تنازلات صعبة إن كانوا حريصين فعلا على نهاية الحرب، وفي حالة فشلهم لاتخاذ الخطوات الصعبة فقد تستمر الحرب لعقد من الزمن وستساهم في خلق دائرة من القتل والتدمير.

واقترحا مبادئ او شروطا تقوم على النقاش في مؤتمر جنيف المقبل، وهي التأكيد على حق السوريين في تقرير مصيرهم، وضمن هذا السياق فيجب أن يوافق السوريون على مستقبل البلاد في انتخابات حرة وبمراقبة لا قيود عليها من المجتمع الدول ومنظمات غير حكومية مسؤولة، ويجب القبول بالنتائج في حالة التأكد من نزاهة الإنتخابات.

 

الإحترام والحماية

أما الشرط الثاني فهو ‘الإحترام’ يجب أن يقدم المنتصرون الضمانات باحترام كل الطوائف والأقليات الأخرى.

واقترح الكاتبان نشر قوات حفظ سلام ‘ من أجل التأكد من تحقيق الهدفين السابقين، ومن هنا على المجتمع الدولي التوافق على قوة حفظ سلام فاعلة’.

ومن هنا فأي لاعب محلي أو اقليمي يوافق على هذه الشروط الثلاثة يجب الترحيب به في مفاوضات جنيف. ويؤكد كارتر وباستور على أن هذه الشروط المسبقة ليست ‘مثيرة للجدل’بل تعني أن على ‘الفصائل السورية وداعميها التراجع عن شروطها غير المنطقية السابقة’.

ويقول الكاتبان إن الإتفاق الأخير حول الأسلحة الكيميائية تؤشر أن أي تنازلات غير مرئية ممكنة في حالة اتفقت الأمم المتحدة واللاعبين الدوليين على هدف واحد.

 

لا نصر في الأفق

وأكد كارتر وباستور على صعوبة تحقيق نصر في هذه الحرب ‘فمن الواضح أن الفرقاء يؤمنون باستحالة هزيمتهم خوفا من الإبادة وهذا يفسر استمرارية الحرب التي لن تتوقف حتى يقوم المجتمع الدولي بفرض بديل مشروع′.

ويقترحان هنا وكخطوة أولى إنشاء لجنة لا حزبية مستقلة للإنتخابات، وبناء آلية أمنية تمنع أي طرف تخريب الإنتخابات او تطبيق النتائج. ‘ونحن بحاجة لروسيا والولايات المتحدة كي تتفقان على هذا المدخل، ونحتاج من إيران والقوى الإقليمية الأخرى التوقف عن دعم وكلائهم، وكذلك نريد من الأمم المتحدة أن تتعامل مع هذا الموضوع كأولوية رئيسية’.

فقد حان الوقت لتغيير الأجندة والإستراتيجية حول سوريا ووضع حد للحرب، يقول الكاتبان.

ويعبر مقال كارتر وباستور عن تغيير في الخطاب العام حيث يؤكد المعلقون الصحافيون والدبلوماسيون والباحثون في مراكز البحث الأمريكية على أهمية الحل السياسي للأزمة، والنقاش الذي أدارته صحيفة ‘نيويورك تايمز′ على موقعها يوم السبت إشارة لهذا التوجه.

  • فريق ماسة
  • 2013-12-23
  • 5470
  • من الأرشيف

كارتر: الحرب السورية لا منتصر فيها ويجب وقفها وعلى المجتمع الدولي فرض شروطه

 دعا الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر، والبروفسور روبرت باستور، الباحث في الجامعة الأمريكية للتحرك واتخاذ قرار عاجل وهو تحقيق السلام في سوريا. واتفق الرئيس السابق والباحث على أن ما يجري في سوريا منذ ثلاثة أعوام هي حرب لا يمكن لأي طرف الإنتصار فيها. وقالا ‘في 26 تشرين الثاني/نوفمبر أطلق الأمين العام للأمم المتحدة نداء جديدا لعقد مؤتمر جنيف المقرر في 22 كانون الثاني/يناير. وقد تم اصدار هذه الدعوات منذ حزيران/ يونيو 2011 ولم يحضر أي من المتحاربين لأن كل منهما وضع شروطا مسبقة لحضور المفاوضات، والطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها كسر الجمود هي قيام الأمم المتحدة والدول الكبرى بتحديد الشروط للمشاركين والقيام بفرضها عليهم’. شروط تعجيزية وذكر الكاتبان هنا بثمن الحرب الأهلية في سوريا، التي قتل فيها أكثر من 100 ألف سوري وتشرد مليونين لدول الجوار، فيما نزح 6 ملايين داخل سوريا عن بيوتهم. وأصبحت الحرب بين الجماعات الطائفية في سوريا أكثر شراسة، وهناك من دول الجوار من تشارك بعمق في مساعدة أحد طرفي النزاع وتحاول تأكيد نصره، وقد حان الوقت الآن للتساؤل عن السبب الذي جعل من الدعوات للسلام عبثية’. ويشير الكاتبان إلى أن معارضي النظام أكدوا أن الهدف من مؤتمر جنيف هو مناقشة رحيل الرئيس الأسد، وهو ما رفضه الأخير. وبالمقابل تطالب حكومته الجماعات السورية المسلحة ممن تصنفها جميعا على أنها جماعات إرهابية تسليم أسلحتها والتوقف عن القتال، وتشترط الحكومة هذا قبل الجلوس على طاولة المفاوضات للحديث عن السلام. وحالة الجمود هذه كافية لتفسير احتمالات عدم نجاح مؤتمر جنيف القادم. ويرى كارتر وباستور أن الأمم المتحدة كانت محظوظة لتوفر مبعوث خاص ذكي وهو الأخضر الإبراهيمي، ومع الأمين العام كوفي أنان، ولكن لم يسمح لهما باستخدام مهاراتيهما في التفاوض لأن اللاعبين الرئيسيين في القتال يؤكدون على شروط مسبوقة للنصر أكثر من التعايش المشترك الذي يؤدي إلى نهاية للحرب. ويضيف الكاتبان إلى أن فكرة الشروط المسبقة تهدف في النهاية إلى الفوز في حرب لا يمكن الإنتصار بها أكثر من كونها محاولة لعقد سلام وفي هذا فهم يحرمون الشعب السوري من حقهم السيادي في الإختيار كما يقول الكاتبان.   حل بديل وبالسياق نفسه فشروط مسبقة بديلة، صعبة على الطرفين كي يتقبلاها، ولكنها ستكون كفيلة بتحقيق الديمقراطية والتسامح. وحتى يتحقق هذا فالمجتمع الدولي واللاعبون الرئيسيون مطالبوون باتخاذ خطوات لتشجيع حلفائهم السوريين لأخذ الخطوات القادمة. ويرى كارتر وباستور أن على كل اللاعبين تقديم تنازلات صعبة إن كانوا حريصين فعلا على نهاية الحرب، وفي حالة فشلهم لاتخاذ الخطوات الصعبة فقد تستمر الحرب لعقد من الزمن وستساهم في خلق دائرة من القتل والتدمير. واقترحا مبادئ او شروطا تقوم على النقاش في مؤتمر جنيف المقبل، وهي التأكيد على حق السوريين في تقرير مصيرهم، وضمن هذا السياق فيجب أن يوافق السوريون على مستقبل البلاد في انتخابات حرة وبمراقبة لا قيود عليها من المجتمع الدول ومنظمات غير حكومية مسؤولة، ويجب القبول بالنتائج في حالة التأكد من نزاهة الإنتخابات.   الإحترام والحماية أما الشرط الثاني فهو ‘الإحترام’ يجب أن يقدم المنتصرون الضمانات باحترام كل الطوائف والأقليات الأخرى. واقترح الكاتبان نشر قوات حفظ سلام ‘ من أجل التأكد من تحقيق الهدفين السابقين، ومن هنا على المجتمع الدولي التوافق على قوة حفظ سلام فاعلة’. ومن هنا فأي لاعب محلي أو اقليمي يوافق على هذه الشروط الثلاثة يجب الترحيب به في مفاوضات جنيف. ويؤكد كارتر وباستور على أن هذه الشروط المسبقة ليست ‘مثيرة للجدل’بل تعني أن على ‘الفصائل السورية وداعميها التراجع عن شروطها غير المنطقية السابقة’. ويقول الكاتبان إن الإتفاق الأخير حول الأسلحة الكيميائية تؤشر أن أي تنازلات غير مرئية ممكنة في حالة اتفقت الأمم المتحدة واللاعبين الدوليين على هدف واحد.   لا نصر في الأفق وأكد كارتر وباستور على صعوبة تحقيق نصر في هذه الحرب ‘فمن الواضح أن الفرقاء يؤمنون باستحالة هزيمتهم خوفا من الإبادة وهذا يفسر استمرارية الحرب التي لن تتوقف حتى يقوم المجتمع الدولي بفرض بديل مشروع′. ويقترحان هنا وكخطوة أولى إنشاء لجنة لا حزبية مستقلة للإنتخابات، وبناء آلية أمنية تمنع أي طرف تخريب الإنتخابات او تطبيق النتائج. ‘ونحن بحاجة لروسيا والولايات المتحدة كي تتفقان على هذا المدخل، ونحتاج من إيران والقوى الإقليمية الأخرى التوقف عن دعم وكلائهم، وكذلك نريد من الأمم المتحدة أن تتعامل مع هذا الموضوع كأولوية رئيسية’. فقد حان الوقت لتغيير الأجندة والإستراتيجية حول سوريا ووضع حد للحرب، يقول الكاتبان. ويعبر مقال كارتر وباستور عن تغيير في الخطاب العام حيث يؤكد المعلقون الصحافيون والدبلوماسيون والباحثون في مراكز البحث الأمريكية على أهمية الحل السياسي للأزمة، والنقاش الذي أدارته صحيفة ‘نيويورك تايمز′ على موقعها يوم السبت إشارة لهذا التوجه.

المصدر : إبراهيم درويش ‘القدس العربي’


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة