نزار حسن محلاّ. هذا الاسم الكامل لمهندس سوري يعمل في مصنع من بين مئات المنشآت الصناعية في عدرا، ويقطن في شقة في مساكنها العمّالية،

 رفقة زوجته ميسون وأطفاله الأربعة ــــ ووددتُ لو أن موقع «سورية الحقيقة» الذي أورد قصة محلاّ البطولية، قد تقصى أسماءهم، لنحفظها في القلوب. العائلة كلها استشهدت بقرار الزوجين اللذين واجها اقتحام شقتهما بشجاعة الكرامة الإنسانية التي تضع العالم كله أمام مرآة الضمير. 15 مسلحاً من الهمج الوهابيين التابعين للاستخبارات السعودية، كسروا باب الشقّة، ودخلوها بسكاكينهم التي يسيل منها الدم، وغرائزهم المتوحّشة الدبقة بالعار، والسيناريو الآتي أصبح حتميا ومتكرراً: سوف يذبحون نزاراً بقطع الرأس. تهمته أنه «نصيري». هل سيغتصبون زوجته وهو حيٌ أمامه أم بعد قتله؟ المهندس الصناعي الكادح القاطن في المساكن العمّالية، كان عزم على ألا ينتظر ما سيفعله به، وبعائلته، المجرمون الذين يرسلهم آل سعود لـ «تطهير» دمشق وضواحيها من العلويين والدروز والمسيحيين. احتفظ بأربعة قنابل يدويّة عثر عليها من مخلفات جنديٍ شهيد، فجّرها بنفسه وبزوجته وبأطفاله وبالمجرمين، فقتل منهم ثمانية، وقضى مرفوع الرأس، كريماً، يقدّس الحياة، إلى الحدّ الذي يضع فيه حدّاً لحياته وحياة أحبائه، بنفسه، لئلا ينكسرون، لحظة واحدة، في ظل الحراب الوهابية! أو، فلنقل: هل يبقى هناك أي معنى للحياة حين تدهمها الوحوش الآدمية المنزوعة المشاعر البشرية والطبائع الإنسانية والعقول والقلوب. الوحوش التي اجتاحت عدرا العمّالية المسالمة لتحقّق انتصارات الذبح على الهوية الطائفية والاغتصاب والنهب والحرق والتدمير.

تلك اسمها مذبحة عدرا! وآن الأوان للقول إن ملك السعودية هو المسؤول عنها. ولو كان في هذا العالم شبح ضمير أو طيف عدالة، لجيء به، مع أمرائه وشيوخه، ومعهم حكّام قطر وتركيا، إلى محكمة الجنايات الدولية، لمحاكمتهم عنها، وعن عشرات المذابح التي ارتكبتها الميليشيات التي يموّلونها ويسلّحونها في سوريا، ومنها المذابح البشعة بالكيماويّ، باعتبارها جرائم ضد الإنسانية. أما وأن هذا العالم بلا عدالة ولا ضمير، فللشعب السوري الحقّ الكامل بالانتقام لحياته وشهدائه وتحطيم منجزاته ونهب ثرواته وتخريب بلده.

تلك اسمها مذبحة عدرا. وآن الأوان للإعلام السوري أن يسمّي الأشياء بأسمائها، وأن يوثّق المذابح ويتقصّى تفاصيلها، مهما كانت بشعة، ويعرضها على الملأ. دعونا نضع اللغة الرسمية المتحسّبة والقلقة، ونخاطب البشرية ــــ بلا توارٍ أو مواربة أو حسابات زائفة ــــ بالحقيقة الساطعة. وهي أن السعودية تقوم بحرب تطهير طائفي وتدمير شامل في سوريا. الجيش يقاوم. الجيش يتقدم. ولكن لا يوجد جيش في الدنيا يكفي لحماية كل السوريين على امتداد البلاد التي يقع بعضها تحت سيطرة الغزاة الوهابيين و«القاعديين». نداء سوريا يجب أن ينطلق الآن للاستغاثة في أنحاء العالم. علينا كسر الرواية المسيطرة حول «النظام» و«المعارضة» كلياً. المطلوب الآن رواية جديدة تعكس حقائق الحرب الطائفية التي تشنّها السعودية على سوريا.

تلك اسمها مذبحة عدرا. وآن الأوان لمَن بقي عندهم وجدانٌ حرٌ فعلا من المعارضين الوطنيين أن يعلنوا، بلا التباس، موقفهم من حرب الإبادة التي تشنها السعودية على بلدهم، ويحددوا السوريَّ من الخائن، وينخرطوا، تواً، في جبهة وطنية متحدة ضد الهمجية؛ لم تعد القضية في سوريا، قضية الإصلاح أو التغيير (من وجهة نظر المعارضين) ولا قضية السلطة وشكلها وصلاحياتها وامتيازاتها (من وجهة نظر النظام)، بل قضية هزيمة الهمجية.

تلك اسمها مذبحة عدرا. وآن الأوان لمَن بقي عندهم عقل في لبنان والأردن والعراق وفلسطين والعالم العربي، أن يتّعظوا، وأن يفعلوا شيئاً ما خارج حسابات السياسة اليومية، وسخافاتها البائسة؛ فالسكاكين الوهابية السلفية التكفيرية، خرجت من قمقمها، وهي تهدد الحياة البشرية في هذه الأرض؛ يبدأون بالروافض والنصيرية والنصارى والدروز والاسماعيليين الخ، ثم بالعلمانيين والمعتدلين والمختلفين من السنة، ثم بالسنة الذين يرتدون ربطات العنق، ثم بمَن يحلقون لحاهم، ثم بمَن هم من «لواء» آخر، ثم بمن يختلفون على شرعية التمثيل بجثث القتلى من عدمها؛ دائرة الذبح لها أول وليس لها آخر.

تلك اسمها مذبحة عدرا. وآن الأوان للأميركيين والأوروبيين أن يتحرروا، قليلاً، من قيود المصالح الوضيعة للشركات والاستخبارات، ويفكروا بالمخاطر المحدقة ببلدانهم، وبالحضارة البشرية، جراء انطلاق هذا الوحش الشرق أوسطي المدجج بجيوش المجرمين والسلاح ومليارات البترودولار، من قفصه. وحشٌ أعتى ألف مرة من النازية. الوهابية السلفية التكفيرية السعودية القاعديّة ــــ على خلافاتها التنظيمية الداخلية ــــ هي نازية القرن الحادي والعشرين. نازية بلا عقل، نازية الانحطاط التاريخي والسياسي والثقافي التي أطلقتها، في بلادنا، وحمتها، واستخدمتها، امبريالية اليمين التلمودية في طبعاتها المتحالفة: اليهوصهيونية، واليهومسيحية، والآن: اليهواسلامية.

تلك اسمها مذبحة عدرا. وآن الأوان لنتوقّف لحظة، ونفكّر فيها وفي معاني مأثرة شهيدها الشجاع، نزار حسن محلاّ. اقرأ أعلاه.

  • فريق ماسة
  • 2013-12-15
  • 11106
  • من الأرشيف

تلك اسمها مذبحة عدرا..ملك السعودية هو المسؤول

نزار حسن محلاّ. هذا الاسم الكامل لمهندس سوري يعمل في مصنع من بين مئات المنشآت الصناعية في عدرا، ويقطن في شقة في مساكنها العمّالية،  رفقة زوجته ميسون وأطفاله الأربعة ــــ ووددتُ لو أن موقع «سورية الحقيقة» الذي أورد قصة محلاّ البطولية، قد تقصى أسماءهم، لنحفظها في القلوب. العائلة كلها استشهدت بقرار الزوجين اللذين واجها اقتحام شقتهما بشجاعة الكرامة الإنسانية التي تضع العالم كله أمام مرآة الضمير. 15 مسلحاً من الهمج الوهابيين التابعين للاستخبارات السعودية، كسروا باب الشقّة، ودخلوها بسكاكينهم التي يسيل منها الدم، وغرائزهم المتوحّشة الدبقة بالعار، والسيناريو الآتي أصبح حتميا ومتكرراً: سوف يذبحون نزاراً بقطع الرأس. تهمته أنه «نصيري». هل سيغتصبون زوجته وهو حيٌ أمامه أم بعد قتله؟ المهندس الصناعي الكادح القاطن في المساكن العمّالية، كان عزم على ألا ينتظر ما سيفعله به، وبعائلته، المجرمون الذين يرسلهم آل سعود لـ «تطهير» دمشق وضواحيها من العلويين والدروز والمسيحيين. احتفظ بأربعة قنابل يدويّة عثر عليها من مخلفات جنديٍ شهيد، فجّرها بنفسه وبزوجته وبأطفاله وبالمجرمين، فقتل منهم ثمانية، وقضى مرفوع الرأس، كريماً، يقدّس الحياة، إلى الحدّ الذي يضع فيه حدّاً لحياته وحياة أحبائه، بنفسه، لئلا ينكسرون، لحظة واحدة، في ظل الحراب الوهابية! أو، فلنقل: هل يبقى هناك أي معنى للحياة حين تدهمها الوحوش الآدمية المنزوعة المشاعر البشرية والطبائع الإنسانية والعقول والقلوب. الوحوش التي اجتاحت عدرا العمّالية المسالمة لتحقّق انتصارات الذبح على الهوية الطائفية والاغتصاب والنهب والحرق والتدمير. تلك اسمها مذبحة عدرا! وآن الأوان للقول إن ملك السعودية هو المسؤول عنها. ولو كان في هذا العالم شبح ضمير أو طيف عدالة، لجيء به، مع أمرائه وشيوخه، ومعهم حكّام قطر وتركيا، إلى محكمة الجنايات الدولية، لمحاكمتهم عنها، وعن عشرات المذابح التي ارتكبتها الميليشيات التي يموّلونها ويسلّحونها في سوريا، ومنها المذابح البشعة بالكيماويّ، باعتبارها جرائم ضد الإنسانية. أما وأن هذا العالم بلا عدالة ولا ضمير، فللشعب السوري الحقّ الكامل بالانتقام لحياته وشهدائه وتحطيم منجزاته ونهب ثرواته وتخريب بلده. تلك اسمها مذبحة عدرا. وآن الأوان للإعلام السوري أن يسمّي الأشياء بأسمائها، وأن يوثّق المذابح ويتقصّى تفاصيلها، مهما كانت بشعة، ويعرضها على الملأ. دعونا نضع اللغة الرسمية المتحسّبة والقلقة، ونخاطب البشرية ــــ بلا توارٍ أو مواربة أو حسابات زائفة ــــ بالحقيقة الساطعة. وهي أن السعودية تقوم بحرب تطهير طائفي وتدمير شامل في سوريا. الجيش يقاوم. الجيش يتقدم. ولكن لا يوجد جيش في الدنيا يكفي لحماية كل السوريين على امتداد البلاد التي يقع بعضها تحت سيطرة الغزاة الوهابيين و«القاعديين». نداء سوريا يجب أن ينطلق الآن للاستغاثة في أنحاء العالم. علينا كسر الرواية المسيطرة حول «النظام» و«المعارضة» كلياً. المطلوب الآن رواية جديدة تعكس حقائق الحرب الطائفية التي تشنّها السعودية على سوريا. تلك اسمها مذبحة عدرا. وآن الأوان لمَن بقي عندهم وجدانٌ حرٌ فعلا من المعارضين الوطنيين أن يعلنوا، بلا التباس، موقفهم من حرب الإبادة التي تشنها السعودية على بلدهم، ويحددوا السوريَّ من الخائن، وينخرطوا، تواً، في جبهة وطنية متحدة ضد الهمجية؛ لم تعد القضية في سوريا، قضية الإصلاح أو التغيير (من وجهة نظر المعارضين) ولا قضية السلطة وشكلها وصلاحياتها وامتيازاتها (من وجهة نظر النظام)، بل قضية هزيمة الهمجية. تلك اسمها مذبحة عدرا. وآن الأوان لمَن بقي عندهم عقل في لبنان والأردن والعراق وفلسطين والعالم العربي، أن يتّعظوا، وأن يفعلوا شيئاً ما خارج حسابات السياسة اليومية، وسخافاتها البائسة؛ فالسكاكين الوهابية السلفية التكفيرية، خرجت من قمقمها، وهي تهدد الحياة البشرية في هذه الأرض؛ يبدأون بالروافض والنصيرية والنصارى والدروز والاسماعيليين الخ، ثم بالعلمانيين والمعتدلين والمختلفين من السنة، ثم بالسنة الذين يرتدون ربطات العنق، ثم بمَن يحلقون لحاهم، ثم بمَن هم من «لواء» آخر، ثم بمن يختلفون على شرعية التمثيل بجثث القتلى من عدمها؛ دائرة الذبح لها أول وليس لها آخر. تلك اسمها مذبحة عدرا. وآن الأوان للأميركيين والأوروبيين أن يتحرروا، قليلاً، من قيود المصالح الوضيعة للشركات والاستخبارات، ويفكروا بالمخاطر المحدقة ببلدانهم، وبالحضارة البشرية، جراء انطلاق هذا الوحش الشرق أوسطي المدجج بجيوش المجرمين والسلاح ومليارات البترودولار، من قفصه. وحشٌ أعتى ألف مرة من النازية. الوهابية السلفية التكفيرية السعودية القاعديّة ــــ على خلافاتها التنظيمية الداخلية ــــ هي نازية القرن الحادي والعشرين. نازية بلا عقل، نازية الانحطاط التاريخي والسياسي والثقافي التي أطلقتها، في بلادنا، وحمتها، واستخدمتها، امبريالية اليمين التلمودية في طبعاتها المتحالفة: اليهوصهيونية، واليهومسيحية، والآن: اليهواسلامية. تلك اسمها مذبحة عدرا. وآن الأوان لنتوقّف لحظة، ونفكّر فيها وفي معاني مأثرة شهيدها الشجاع، نزار حسن محلاّ. اقرأ أعلاه.

المصدر : الآخبار / ناهض حتر


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة