دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
صنعت الازمة السورية رجالاً تزعّموا ألوية مسلّحة معارضة. لم يكن احد يسمع بهم. سرعان ما اشتهروا وجنوا ثروات تحت ذريعة " إنجازات ثورية".
أحمد عفش، ابن حلب، احد هؤلاء. من " صاحب سوء" الى مؤسس لواء عسكري وملياردير. فما هي قصّته ؟؟؟
تقول الصحيفة أنه أحمد عفش ابن محمّد، من مواليد آذار 1970. تنحدر عائلته من عندان (12 كيلومتراً شمال حلب). وُلد في حلب ونشأ فيها، وتحديداً في حي الخالدية، الذي يتكوّن سكّانه بمعظمهم من عائلات ريفية فقيرة، جاءت من قرى ومدن الريف القريبة منذ أواخر الستينات، واضعةً يدها على بعض أراضي الخالدية، وبنت بيوتاً متواضعة.
اشتهرت عائلة أحمد بلقب " عفشنة" ، وكانت من أفقر عائلات الحي. لم يُكمل أحمد تعليمه الإلزامي، ومارس في مراهقته الكثير من الأعمال، كان أولها «زق النحاتة» وفق التعبير الحلبي الدارج، ومعناه " نقل أكياس الأتربة المُستخدمة في عمليات البناء على ظهره".
في تلك الفترة بدأت علاقة " عفش " كما تقول صحيفة الأخبار بـ " حبوب الهلوسة" ، وتنقّل بين " شلَل" كثيرة، رابطُها المشترك سوء السمعة، وكان يَجهدُ ليحظى بمكانة " زعيم الشلّة" المرهوب الجانب، ونجح بإقامة صلات قويّة في الريف القريب مع أشخاص كانوا يُعرفون بأنّهم " عواينيّة" ، أي مخبرون لبعض الأجهزة الأمنية.
وبمرور الوقت بات مقرّباً من أحد رؤساء الورديّات الجمركية على معبر باب السلامة الحدودي، وصار بمثابة " الصبي" لديه على حد تعبير الصحيفة االلبنانية ، وعلى هذا المنوال سارت حياته، قبلَ أن يجد نفسَه أمام منعطف " الثورة" .
في بدايات" الحراك " في ريف حلب، دعم " أبو اسماعيل الرج" الذي كان يحمل في عندان لقب " الزعيم" الحراك بالمال والعتاد، منفقاً الملايين من ماله الذي جناه من عمله متعهداً لأعمال تعبيد الطرقات.
وتؤكد مصادر كانت على صلة بالرج أنّه تبلّغ حينها تهديدات بعدم صرف مستحقاته لدى القطاع العام عن تّعهدات كان قد نفّذها، حسب المصادر التي توضح أن المطلوب من " الرج" كان " التعاون لضبط الحراك"
ووفق المصادر " أفلح الرج لشهور كثيرة في الحؤول دون اقتحام القوّات السوريّة لعندان، وكان له دور كبير في إخلاء سبيل العديد من الموقوفين "
في شباط 2012 اعترضت مجموعة مسلحة سيارة " الرج " على مشارف حريتان، وأردتهُ قتيلاً، وتؤكد بعض المصادر أن أحمد عفش كان على رأس تلك المجموعة، الأمر الذي لم يجرِ التثبُّت من صحّته، لكن الثابت أن نجم عفش بدأ بالصعود بعدها بفترة وجيزة.
حيث تمكّن بعدها " العفش " من لمِّ شمل مجموعة من سيئي السمعة كما تقول " الأخبار " رافعاً لواء " التسلح الثوري" ، وأعلن إنشاء " لواء أحرار عندان" وكان قوامه قرابة 500 مسلّح، قبل أن يغيِّر اسم مجموعته لاحقاً إلى " لواء أحرار سوريا" .
تزايدت سطوة اللواء في عندان ومحيطها، وخاصةً بعد الاستيلاء على مجموعة من الدبابات إثر مهاجمة حاجز عندان الشهير، ومنذ حصوله على تلك الدبابات قويت شوكته، وتزايد عدد عناصره.
منح عفش نفسه مزايا خاصة، وكانت سيارته الـ " مرسيدس شبح" تحمل لوحة عليها الرقم " 0001" ، وجملة " لواء أحرار سوريا" ، وكان حريصاً على وجود مرافقين مسلحين معه، حتى أثناء الاجتماعات مع بقية " قادة الألوية" ، حيث كان يحتفظ بمرافقين اثنين خلفه خلال الاجتماعات.
ويؤكّد بعض من التقوه لـ " الأخبار" أنه " يحرص على مخاطبة الجميع بلسان معسول، ويترك انطباعاً لدى كلِّ من يلتقيه بأنّه لن يردّه خائباً" ، لكنه في الوقت نفسه " لا يتورّع عن الطعن في الظهر بمنتهى البساطة" ، ويدللون على ذلك بتخليه عن " تلميذه" خالد حياني " الملياردير الصغير" حين انخرط الأخير في مواجهات مع " داعش" .
كان عفش حريصاً في " أيام مجده " على انتهاز كلّ فرصةٍ لجني الملايين، ومنها على سبيل المثال مصادرته كميات كبيرة من المشروبات الكحولية، وبيعها بأسعار مخفضة الى تجار خارج مدينة حلب، وفق ما يؤكد لـ " الأخبار" تاجر كان قد تلقى عرضاً لشرائها.
وفي نيسان الماضي، تعرَّض عفش لإصابة بشظية ناجمة عن قذيفة هاون استقرّت في صدره جانب رئته اليمنى، وبعدها بفترة وجيزة أوكل " القيادة العسكريّة للواء" الى شقيقه محمود، محتفظاً لنفسه بـ " القيادة السياسية" .
مع استشعار عفش المخاطر المستجدة في حلب وريفها، وعلى رأسها ملاحقة " داعش " فرّ إلى تركيّا، حيث استأجر طابقين كاملين في أحد فنادق " مرسين" له ولـ " حاشيته"
ومؤخرا نشر أحد المواقع المعارضة تسريباً لمحادثة الكترونيّة بين عشيقة عفش وأحد رجاله، تؤكد العشيقة خلالها أن " الحجي" يمرّ بحالة سيئة، ولا يتوقف عن تعاطي حبوب الهلوسة والمشروبات الكحولية، وأنه قد نُقلَ نتيجة ذلك إلى أحد مشافي مرسين.
يتّهم كثيرٌ من المعارضين عفش بأنه " عميلٌ للاستخبارات الجوية "، وبأنه كان " يفتعل معارك وهمية حول مبنى الجوية، لكنه في حقيقة الأمر كان يحول دون اقتحامه"
وتروي بعض المصادر في هذا السياق أن " جبهة النصرة طلبت منه تسليمها قطاع الاستخبارات الجوية، فطلب منها أن تدفع خمسمئة مليون ليرة مقابل ذلك كشرط تعجيزي".
اتسم عناصر أحمد عفش بالولاء الكبير له، بفضل المبالغ الهائلة التي كان يُنفقها على مجموعته. وينقلُ أحد الذين التقوه تكراره لجملة:"عندي 2000 عنصر، يكلفون مليوني ليرة يوميا"
وهي تكاليف لا تشمل ثمن السيارات الشاحنة التي تحمل رشاشات " الدوشكا" ، ولا الأسلحة المتوسطة، بل تقتصر على ثمن الذخيرة ونفقات الإطعام وما إلى ذلك من نفقات يومية.
تؤكّدُ مصادر من داخل اللواء لـ «الأخبار» أنّ عفش " كان يحصل أوّل الأمر على تمويله من أشخاص سعوديين، ومن مجموعات سعودية تجمع التبرعات للمجاهدين في سوريا" ، وبمرور الوقت بدأ يكسب الكثير من الأموال عبر عمليات السرقة
حيث استولى على كميات هائلة من مخزون القمح في مستودعات مؤسسة " إكثار البذار" في الليرمون، كما نهب كثيراً من مصانع ومستودعات كفر حمرا والليرمون، حيثُ يمكن اعتبار عفش " رائداً" في مجال " التشويل"، وهو المصطلح الدارج الدّال على عمليات السرقة والنهب باسم "الثورة"
المصدر :
الأخبار
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة