هل فرضت الحرب الكونية التي تُخاض ضد الدولة الوطنية السورية، على العديد من العواصم العالمية، بدءاً من واشنطن مروراً بأوروبا، مراجعة الحسابات وإعادة النظر في طغيانها، بعد الصمود والمواجهة الأسطورييْن للجيش العربي السوري على مدى ألف وأربعة أيام،

وانتقاله إلى مرحلة جديدة من هذه المواجهة، بشنه هجوماً دقيقاً على مواقع وتحصينات المجموعات والعصابات المسلحة في أكثر من منطقة، خصوصاً في القلمون و"الغوطتيْن"؟

المعلومات المتوافرة من أكثر من عاصمة أوروبية تؤكد على ذلك، مقابل تعنّت غير مسبوق للسعودية، وإصرار على هذه الحرب القذرة التي تحشد لها من كل أصقاع الدنيا، وتوفّر لها المليارات من الدولارات، في الوقت الذي ذهب بها سوء تقديراتها وغطرستها إلى الظن بأنها قادرة على تغيير موازين القوى الدولية الجديدة، التي بدأ الصمود السوري بإعادة صياغتها، فتصوّرت أنها قادرة على فرض إرادتها على الأمم المتحدة وواشنطن وعواصم القارة العجوز، فرفضت دبلوماسيتها المهزوزة عضوية مجلس الأمن غير الدائمة، رغم رشوتها وعملها طويلاً من أجل هذه العضوية، بعد أن ظنت في السابق أنها قادرة على أن تفرض على واشنطن والناتو خوض غمار حرب عدوانية واسعة على بلاد الأمويين، تؤدي إلى انهيار الدولة السورية، فكان أن سقط هذا الحلم "الوهابي".

بالطبع، لم تستسلم الرياض، فانطلقت علناً إلى التنسيق مع العدو "الإسرائيلي"، وفرضت بالإكراه وبالترغيب والترهيب على الأردن أن تبدأ عمليات عدوانية واسعة ضد سورية، فأنشأت غرفة عمليات لتقود حرباً واسعة ضد سورية، ووفّرت لها كل الإمكانيات العسكرية والمادية واللوجستية، يشرف عليها سلمان بن سلطان؛ نائب وزير الدفاع السعودي والأخ غير الشقيق لبندر، فكانت كل حلقات العمليات العسكرية تتحطم الواحدة تلو الأخرى، وبعد الانتصارات النوعية للجيش السوري في الغوطة الشرقية والقلمون، وفي أرياف حلب وحمص واللاذقية وغيرها، كان القرار السعودي - "الإسرائيلي" بالهجوم الواسع على طريقة "موجات البحر" الهائج، فحشدت لهذه الغاية عشرات آلاف المقاتلين، ليندفعوا "موجات موجات" من الأردن عبر درعا إلى الغوطتين وإلى القلمون.

في هذه العدوانية الجديدة وُفِّرت للعصابات المسلحة قوة نارية هائلة، وشاركت تل أبيب في هذه العملية، من خلال قدراتها التكنولوجية العالية التي حضّرت لها على مدى أكثر من شهر، فقطعت الاتصالات عن الجيش العربي السوري، لتضرب كل إمكانيات القيادة والسيطرة لديه.

وإذا مانجحت موجة الآلاف الأولى من المسلحين من التقدم واحتلال بعض القرى، فإن الجيش العربي السوري سرعان ما استوعب هذا الهجوم، وتمكّن من إعادة الاتصال والتواصل، موجّهاً بذلك كفاً قوياً للعدو "الإسرائيلي"، وقضى على موجات الهجوم الواسع والمتلاحقة، فقتل آلاف السعوديين والأردنيين والليبيين والشيشانيين، وجنسيات متعددة بينها أوروبي وآسيوي، وواصل الجيش السوري هجومه ليحرر النبك من فلول العصابات المسلحة، التي اكتُشفت فيها مخازن أسلحة ثقيلة ومصانع عبوات وأحزمة ناسفة وسيارات مفخخة كانت مُعدة لإرسالها إلى لبنان، وها هو الآن على مشارف يبرود.

ويلاحظ أنه مع احتدام الهجوم السعودي - "الإسرائيلي" من الأردن على سورية، تصاعدت الموجة الهتسيرية في حروب عاصمة الشمال طرابلس، حيث طُرح شعار "جبل محسن مقابل القلمون"، لكن سرعان ما اختفى بعد أن تأكّد فشل هجوم "موجات البحر الهائج" واستلام الجيش السوري زمام المبادرة، حيث بات هناك شبه يقين بأن الجيش العربي السوري سيتابع عملياته النوعية الدقيقة لاستئصال العصابات المسلحة.

وهنا لم يبق أمام السعودي سوى طريقته القديمة - الجديدة؛ اللجوء إلى الرشاوى، فعاود الكرّة مع الروسي من خلال زيارة بندر بن سلطان الثانية إلى روسيا، حيث تفيد المعلومات أنه قال للرئيس بوتين إن الرياض تقبل ببقاء الرئيس الأسد في الفترة الانتقالية شرط أن تناط صلاحيات الرئاسة السورية بمجلس وزراء تترأسه المعارضة وتشارك فيه الموالاة، وألا تُجرى الانتخابات الرئاسية في العام 2014، بل يتم التمديد للرئيس الأسد إلى حين انتهاء الفترة الانتقالية، وفي حال الاتفاق على ذلك فإن السعودية مستعدة لإعادة إعمار كل ما تهدّم في سورية، لكن بندر سمع كلاماً قاسياً؛ بأن الجيش السوري حقق انتصارات ميدانية، وهو الأمر الذي أتى ببندر إلى موسكو مرة ثانية، وسورية ليست بحاجة إلى المال السعودي، فروسيا والصين وإيران سيعيدون بناء سورية، أما الأهم فهو أن موسكو وواشنطن متفاهمتان على ضرورة اجتثاث الإرهاب الذي يشكّل خطراً على الأمن العالمي، كما أن أوروبا اقتربت من الموقف الأميركي – الروسي خشية من تفشي الإرهاب في بلدانها، جراء مشاركة آلاف الأوروبيين في جرائم المجموعات المسلحة في سورية، والتي ستنتقل عاجلاً أو آجلاً إلى بلدانهم. إضافة إلى ذلك، ذكّر بوتين زائره أن السعودية تنتج عشرة ملايين وخمسمئة ألف برميل نفط يومياً، يذهب معظمه للأسرة الحاكمة، فيما روسيا تنتج عشرة ملايين برميل يذهب من أجل مجد روسيا وتقدّمها وتطورها.

بأي حال، أمام التطورات السورية المتلاحقة، والانتصارات النوعية للجيش السوري، بات من المؤكّد أن واشنطن وموسكو سيُضيفان بنداً على جدول أعمال مؤتمر "جنيف-2" تحت عنوان "مكافحة الإرهاب".

ووفقاً للمعلومات فإن أجهزة مخابرات أوروبية بدأت اتصالات حثيثة مع المخابرات السورية للوقوف على الوقائع والحقائق، وتذهب هذه المعلومات إلى التأكيد أن العاصمة السورية دمشق شهدت اجتماعاً بين رؤساء أجهزة الاستخبارات البريطانية والإسبانية والألمانية والإيطالية من جهة، وأجهزة أمنية سورية من جهة أخرى، جرى خلاله عرض دقيق لانتشار عناصر متطرفة أوروبية في سورية تنتمي إلى "داعش" و"النصرة" يقدَّر عددها بنحو ألفي عنصر، كما أن وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي اجتمعوا في بروكسل للغرض نفسه.

ماذا بعد؟

تابعوا التطورات السورية بدقة؛ ماذا سيحصل في يبرود وفي سلسلة جبل لبنان الشرقية (الغربية في سورية)؟ وماذا عن معارك الحسم التي ينفذها الجيش السوري في أكثر من مكان، خصوصاً في أرياف حلب واللاذقية وحمص ودرعا؟ تابعوا جيداً ما يجري في السعودية، التي فشل مشروعها في إقامة اتحاد خليجي بدلاً من مجلس التعاون، وانتبهوا جيداً للصراع الذي بدأ على السلطة في مملكة الرمال.

  • فريق ماسة
  • 2013-12-11
  • 9519
  • من الأرشيف

تعنّت غير مسبوق للسعودية، وإصرار على حربها القذرة ضد الشعب السوري

هل فرضت الحرب الكونية التي تُخاض ضد الدولة الوطنية السورية، على العديد من العواصم العالمية، بدءاً من واشنطن مروراً بأوروبا، مراجعة الحسابات وإعادة النظر في طغيانها، بعد الصمود والمواجهة الأسطورييْن للجيش العربي السوري على مدى ألف وأربعة أيام، وانتقاله إلى مرحلة جديدة من هذه المواجهة، بشنه هجوماً دقيقاً على مواقع وتحصينات المجموعات والعصابات المسلحة في أكثر من منطقة، خصوصاً في القلمون و"الغوطتيْن"؟ المعلومات المتوافرة من أكثر من عاصمة أوروبية تؤكد على ذلك، مقابل تعنّت غير مسبوق للسعودية، وإصرار على هذه الحرب القذرة التي تحشد لها من كل أصقاع الدنيا، وتوفّر لها المليارات من الدولارات، في الوقت الذي ذهب بها سوء تقديراتها وغطرستها إلى الظن بأنها قادرة على تغيير موازين القوى الدولية الجديدة، التي بدأ الصمود السوري بإعادة صياغتها، فتصوّرت أنها قادرة على فرض إرادتها على الأمم المتحدة وواشنطن وعواصم القارة العجوز، فرفضت دبلوماسيتها المهزوزة عضوية مجلس الأمن غير الدائمة، رغم رشوتها وعملها طويلاً من أجل هذه العضوية، بعد أن ظنت في السابق أنها قادرة على أن تفرض على واشنطن والناتو خوض غمار حرب عدوانية واسعة على بلاد الأمويين، تؤدي إلى انهيار الدولة السورية، فكان أن سقط هذا الحلم "الوهابي". بالطبع، لم تستسلم الرياض، فانطلقت علناً إلى التنسيق مع العدو "الإسرائيلي"، وفرضت بالإكراه وبالترغيب والترهيب على الأردن أن تبدأ عمليات عدوانية واسعة ضد سورية، فأنشأت غرفة عمليات لتقود حرباً واسعة ضد سورية، ووفّرت لها كل الإمكانيات العسكرية والمادية واللوجستية، يشرف عليها سلمان بن سلطان؛ نائب وزير الدفاع السعودي والأخ غير الشقيق لبندر، فكانت كل حلقات العمليات العسكرية تتحطم الواحدة تلو الأخرى، وبعد الانتصارات النوعية للجيش السوري في الغوطة الشرقية والقلمون، وفي أرياف حلب وحمص واللاذقية وغيرها، كان القرار السعودي - "الإسرائيلي" بالهجوم الواسع على طريقة "موجات البحر" الهائج، فحشدت لهذه الغاية عشرات آلاف المقاتلين، ليندفعوا "موجات موجات" من الأردن عبر درعا إلى الغوطتين وإلى القلمون. في هذه العدوانية الجديدة وُفِّرت للعصابات المسلحة قوة نارية هائلة، وشاركت تل أبيب في هذه العملية، من خلال قدراتها التكنولوجية العالية التي حضّرت لها على مدى أكثر من شهر، فقطعت الاتصالات عن الجيش العربي السوري، لتضرب كل إمكانيات القيادة والسيطرة لديه. وإذا مانجحت موجة الآلاف الأولى من المسلحين من التقدم واحتلال بعض القرى، فإن الجيش العربي السوري سرعان ما استوعب هذا الهجوم، وتمكّن من إعادة الاتصال والتواصل، موجّهاً بذلك كفاً قوياً للعدو "الإسرائيلي"، وقضى على موجات الهجوم الواسع والمتلاحقة، فقتل آلاف السعوديين والأردنيين والليبيين والشيشانيين، وجنسيات متعددة بينها أوروبي وآسيوي، وواصل الجيش السوري هجومه ليحرر النبك من فلول العصابات المسلحة، التي اكتُشفت فيها مخازن أسلحة ثقيلة ومصانع عبوات وأحزمة ناسفة وسيارات مفخخة كانت مُعدة لإرسالها إلى لبنان، وها هو الآن على مشارف يبرود. ويلاحظ أنه مع احتدام الهجوم السعودي - "الإسرائيلي" من الأردن على سورية، تصاعدت الموجة الهتسيرية في حروب عاصمة الشمال طرابلس، حيث طُرح شعار "جبل محسن مقابل القلمون"، لكن سرعان ما اختفى بعد أن تأكّد فشل هجوم "موجات البحر الهائج" واستلام الجيش السوري زمام المبادرة، حيث بات هناك شبه يقين بأن الجيش العربي السوري سيتابع عملياته النوعية الدقيقة لاستئصال العصابات المسلحة. وهنا لم يبق أمام السعودي سوى طريقته القديمة - الجديدة؛ اللجوء إلى الرشاوى، فعاود الكرّة مع الروسي من خلال زيارة بندر بن سلطان الثانية إلى روسيا، حيث تفيد المعلومات أنه قال للرئيس بوتين إن الرياض تقبل ببقاء الرئيس الأسد في الفترة الانتقالية شرط أن تناط صلاحيات الرئاسة السورية بمجلس وزراء تترأسه المعارضة وتشارك فيه الموالاة، وألا تُجرى الانتخابات الرئاسية في العام 2014، بل يتم التمديد للرئيس الأسد إلى حين انتهاء الفترة الانتقالية، وفي حال الاتفاق على ذلك فإن السعودية مستعدة لإعادة إعمار كل ما تهدّم في سورية، لكن بندر سمع كلاماً قاسياً؛ بأن الجيش السوري حقق انتصارات ميدانية، وهو الأمر الذي أتى ببندر إلى موسكو مرة ثانية، وسورية ليست بحاجة إلى المال السعودي، فروسيا والصين وإيران سيعيدون بناء سورية، أما الأهم فهو أن موسكو وواشنطن متفاهمتان على ضرورة اجتثاث الإرهاب الذي يشكّل خطراً على الأمن العالمي، كما أن أوروبا اقتربت من الموقف الأميركي – الروسي خشية من تفشي الإرهاب في بلدانها، جراء مشاركة آلاف الأوروبيين في جرائم المجموعات المسلحة في سورية، والتي ستنتقل عاجلاً أو آجلاً إلى بلدانهم. إضافة إلى ذلك، ذكّر بوتين زائره أن السعودية تنتج عشرة ملايين وخمسمئة ألف برميل نفط يومياً، يذهب معظمه للأسرة الحاكمة، فيما روسيا تنتج عشرة ملايين برميل يذهب من أجل مجد روسيا وتقدّمها وتطورها. بأي حال، أمام التطورات السورية المتلاحقة، والانتصارات النوعية للجيش السوري، بات من المؤكّد أن واشنطن وموسكو سيُضيفان بنداً على جدول أعمال مؤتمر "جنيف-2" تحت عنوان "مكافحة الإرهاب". ووفقاً للمعلومات فإن أجهزة مخابرات أوروبية بدأت اتصالات حثيثة مع المخابرات السورية للوقوف على الوقائع والحقائق، وتذهب هذه المعلومات إلى التأكيد أن العاصمة السورية دمشق شهدت اجتماعاً بين رؤساء أجهزة الاستخبارات البريطانية والإسبانية والألمانية والإيطالية من جهة، وأجهزة أمنية سورية من جهة أخرى، جرى خلاله عرض دقيق لانتشار عناصر متطرفة أوروبية في سورية تنتمي إلى "داعش" و"النصرة" يقدَّر عددها بنحو ألفي عنصر، كما أن وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي اجتمعوا في بروكسل للغرض نفسه. ماذا بعد؟ تابعوا التطورات السورية بدقة؛ ماذا سيحصل في يبرود وفي سلسلة جبل لبنان الشرقية (الغربية في سورية)؟ وماذا عن معارك الحسم التي ينفذها الجيش السوري في أكثر من مكان، خصوصاً في أرياف حلب واللاذقية وحمص ودرعا؟ تابعوا جيداً ما يجري في السعودية، التي فشل مشروعها في إقامة اتحاد خليجي بدلاً من مجلس التعاون، وانتبهوا جيداً للصراع الذي بدأ على السلطة في مملكة الرمال.

المصدر : الثبات / أحمد زين الدين


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة