عادت قطر إلى اللعب في "الوقت الضائع"، مستغلة حالة "السبات" السعودية لإعادة فرض الدوحة نفسها لاعباً أساسياً في الملف السوري، من خلال أقوى أوراقها المسماة "الكتائب الإسلامية"، وهي الجماعات المسلحة "الجهادية" التي لم تبايع علناً "القاعدة" وأدواتها في سورية (داعش والنصرة).

ففي حين كانت السعودية منشغلة بخلافها مع الأميركيين، فوجئت "هيئة الأركان" التي يقودها المنشق سليم إدريس وتحظى بغطاء أميركي - سعودي، ببيان لـ21 كتيبة "جهادية" تنزع فيه الشرعية من الأركان، لكن المفاجأة الأكبر كانت في جمع القطريين لأصحاب البيان في اسطنبول ومحاولتهم فرض أمر واقع على هيئة الأركان بخلق تشكيل جديد مشابه لـ"الائتلاف"، أي بعبارة أخرى محاولة القيام بما قام به السعوديون سابقاً لتحجيم النفوذ القطري بخلق كيان أكبر من المجلس الوطني الذي تسيطر عليه قطر، سمته "الائتلاف الوطني" بحيث أصبح المجلس أقلية، فقطر تريد إنشاء هيكلية عسكرية جديدة تصبح فيها الأركان المدعومة سعودياً أقلية في وسط المسلحين مجدداً.

وكان لافتاً تخصيص وزير الخارجية القطري خالد العطية ثلاثة أيام كاملة قضاها في اسطنبول مترأساً اجتماعات المسلحين الذين قدمت قياداتهم بتسهيل من الاستخبارات التركية إلى موقع الاجتماع في أحد فنادق اسطنبول الفاخرة، ثم استدعيت هيئة الأركان إلى الاجتماع لوضعها أمام واقع من اثنين، توسيع الأركان بضم كتائب إسلامية جديدة إليها تكون صاحبة الكلمة الأولى، أو إعلان هذه الكتائب الانفصال عن الأركان ومحاربتها.

مصادر سورية معارضة شاركت في الاجتماع أشارت إلى أن قادة الكتائب "الجهادية" كانوا في غاية الوضوح في تأكيدهم رفض سلطة إدريس "إذا ما استمر في هذا المنحى"، وصولاً إلى قيام أحدهم بتهديده علناً قائلاً له: "أنت والائتلاف لا تساويان شيئاً على الأرض.. أنا أقوى منكما مجتمعيْن". ورغم غياب "النصرة" و"داعش" عن الاجتماع، إلا أن ظلّهما كان واضحاً، إذ بدتا ممثلتين فيه بقوة من خلال هذه الجماعات التي وإن كان بعضها صغيراً، إلا أنه يستند إلى قوتها على الأراضي السورية.

غير أن حسابات البيدر القطري لم تتطابق تماماً مع حسابات حقل المسلحين "الجهاديين"، لجهة إصرار هؤلاء على أن يتضمن أي إعلان سياسي يصدر عن المجتمعين وعن "الائتلاف" قيام دولة "الخلافة" في سورية بعد سقوط النظام كشرط أساسي لمشاركتها تحت لواء الأركان والائتلاف، ولم تفلح جهود وزير الخارجية القطري إلا في تليين الموقف، وأفاد معارضون أن العطية قال لهؤلاء إنه غير قادر على مجاراتهم – وإن كان يتفهمهم ويؤيدهم – بسبب الوضع الدولي المتخوف من نمو الحركات الجهادية، ونقل عنه قوله بوضوح: "نحن ندعمكم ونؤيدكم في مسعاكم، لكننا لا نستطيع أن نقوم بذلك الآن.. عليكم بالصبر".

وقدم "الجهاديون" تنازلاً وحيداً كان عبارة عن نزع عبارة "الدولة المدنية" من كافة مواثيق المعارضة كشرط أساسي لعدم انضمامهم علناً إلى جهد "القاعدة" في سورية، وذلك مقابل عدم ذكر "دولة الخلافة"، لكن القطريين والأتراك أكدوا صعوبة تطبيق الأمر في ظل الواقع الدولي الضاغط والمتخوف من نمو هذه الحركات.

وهكذا غادر العطية تركيا، قبل أن يعود إليها مجدداً من أجل جولة جديدة من الحوار، قبل أن يلتقط السعودي أنفاسه، وعود إلى الساحة بانتظار أن تسمح الاستخبارات التركية للسعوديين بفتح بعض مكاتبهم مجدداً في تركيا

  • فريق ماسة
  • 2013-11-06
  • 10465
  • من الأرشيف

قطر تلعب في "الوقت الضائع" بثورة "جهادية" ضد "الأركان"

عادت قطر إلى اللعب في "الوقت الضائع"، مستغلة حالة "السبات" السعودية لإعادة فرض الدوحة نفسها لاعباً أساسياً في الملف السوري، من خلال أقوى أوراقها المسماة "الكتائب الإسلامية"، وهي الجماعات المسلحة "الجهادية" التي لم تبايع علناً "القاعدة" وأدواتها في سورية (داعش والنصرة). ففي حين كانت السعودية منشغلة بخلافها مع الأميركيين، فوجئت "هيئة الأركان" التي يقودها المنشق سليم إدريس وتحظى بغطاء أميركي - سعودي، ببيان لـ21 كتيبة "جهادية" تنزع فيه الشرعية من الأركان، لكن المفاجأة الأكبر كانت في جمع القطريين لأصحاب البيان في اسطنبول ومحاولتهم فرض أمر واقع على هيئة الأركان بخلق تشكيل جديد مشابه لـ"الائتلاف"، أي بعبارة أخرى محاولة القيام بما قام به السعوديون سابقاً لتحجيم النفوذ القطري بخلق كيان أكبر من المجلس الوطني الذي تسيطر عليه قطر، سمته "الائتلاف الوطني" بحيث أصبح المجلس أقلية، فقطر تريد إنشاء هيكلية عسكرية جديدة تصبح فيها الأركان المدعومة سعودياً أقلية في وسط المسلحين مجدداً. وكان لافتاً تخصيص وزير الخارجية القطري خالد العطية ثلاثة أيام كاملة قضاها في اسطنبول مترأساً اجتماعات المسلحين الذين قدمت قياداتهم بتسهيل من الاستخبارات التركية إلى موقع الاجتماع في أحد فنادق اسطنبول الفاخرة، ثم استدعيت هيئة الأركان إلى الاجتماع لوضعها أمام واقع من اثنين، توسيع الأركان بضم كتائب إسلامية جديدة إليها تكون صاحبة الكلمة الأولى، أو إعلان هذه الكتائب الانفصال عن الأركان ومحاربتها. مصادر سورية معارضة شاركت في الاجتماع أشارت إلى أن قادة الكتائب "الجهادية" كانوا في غاية الوضوح في تأكيدهم رفض سلطة إدريس "إذا ما استمر في هذا المنحى"، وصولاً إلى قيام أحدهم بتهديده علناً قائلاً له: "أنت والائتلاف لا تساويان شيئاً على الأرض.. أنا أقوى منكما مجتمعيْن". ورغم غياب "النصرة" و"داعش" عن الاجتماع، إلا أن ظلّهما كان واضحاً، إذ بدتا ممثلتين فيه بقوة من خلال هذه الجماعات التي وإن كان بعضها صغيراً، إلا أنه يستند إلى قوتها على الأراضي السورية. غير أن حسابات البيدر القطري لم تتطابق تماماً مع حسابات حقل المسلحين "الجهاديين"، لجهة إصرار هؤلاء على أن يتضمن أي إعلان سياسي يصدر عن المجتمعين وعن "الائتلاف" قيام دولة "الخلافة" في سورية بعد سقوط النظام كشرط أساسي لمشاركتها تحت لواء الأركان والائتلاف، ولم تفلح جهود وزير الخارجية القطري إلا في تليين الموقف، وأفاد معارضون أن العطية قال لهؤلاء إنه غير قادر على مجاراتهم – وإن كان يتفهمهم ويؤيدهم – بسبب الوضع الدولي المتخوف من نمو الحركات الجهادية، ونقل عنه قوله بوضوح: "نحن ندعمكم ونؤيدكم في مسعاكم، لكننا لا نستطيع أن نقوم بذلك الآن.. عليكم بالصبر". وقدم "الجهاديون" تنازلاً وحيداً كان عبارة عن نزع عبارة "الدولة المدنية" من كافة مواثيق المعارضة كشرط أساسي لعدم انضمامهم علناً إلى جهد "القاعدة" في سورية، وذلك مقابل عدم ذكر "دولة الخلافة"، لكن القطريين والأتراك أكدوا صعوبة تطبيق الأمر في ظل الواقع الدولي الضاغط والمتخوف من نمو هذه الحركات. وهكذا غادر العطية تركيا، قبل أن يعود إليها مجدداً من أجل جولة جديدة من الحوار، قبل أن يلتقط السعودي أنفاسه، وعود إلى الساحة بانتظار أن تسمح الاستخبارات التركية للسعوديين بفتح بعض مكاتبهم مجدداً في تركيا

المصدر : الثبات


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة