دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
وصل وزير الخارجية الأميركية جون كيري إلى الأراضي الفلسطينية في جولة يستهدف عبرها إخراج عربة المفاوضات بين حكومة بنيامين نتنياهو والسلطة الفلسطينية من الجمود ومنع انهيارها.
ويبدو أن كيري، الذي لا يزال يصر على أن لا مشروع لأميركا في الصراع العربي - الإسرائيلي سوى استمرار المفاوضات، ينوي عرض خطة لتسوية مرحلية بعد إدراكه أن رئيس الحكومة الإسرائيلية غير معني بتسوية نهائية. وسبق لنتنياهو أن أعلن أن أحداً لم يتحدث معه في التسوية المرحلية، ولكن مستشاره للأمن القومي الجنرال يعقوب عاميدرور رأى أن انهيار المفاوضات يعني فرض العزلة على إسرائيل.
وخلال الاحتفال عند نصب رابين التذكاري، قال كيري إنه بوسع إسرائيل الاطمئنان الى أن «أميركا ستقف إلى جانبها في كل خطوة على الطريق»، مضيفاً أنه يؤمن بأنه من الممكن التوصل إلى تسوية تناسب الجميع. وتابع أن «السلام العادل» سيضمن أمن إسرائيل، و«سيجعل من الممكن تحقيق مقولة رابين: مصيرنا أن نحيا معاً. وأنا (كيري) أضيف: بسلام».
ومن المقرر أن يجتمع كيري اليوم في بيت لحم مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وبعد ذلك مع بنيامين نتنياهو في القدس المحتلة. ولكنه قبل ذلك شارك ليلة أمس في تخليد ذكرى رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق اسحق رابين بوضع إكليل على نصب تذكاري في ساحة رابين في تل أبيب. ويشدد فلسطينيون على أن عباس سيركز في حديثه مع كيري على شعور الخيبة الذي يعم السلطة الفلسطينية جراء استخدام إسرائيل للمفاوضات غطاء لتكثيف الاستيطان من دون ردع أميركي.
ويطالب عباس الأميركيين بعرض رؤية أو خريطة طريق للتسوية الدائمة قبل انتهاء مهلة الأشهر التسعة التي تقرر استئناف المفاوضات خلالها. ويتهم الفلسطينيون الأميركيين بأنهم حتى اليوم قصروا دورهم في المفاوضات على مراقبة المحادثات، وليس القيام بدور الوسيط فيها، ولذلك فإن مشاركتهم سلبية لأنهم تركوا الإسرائيليين يشعرون أن بوسعهم فعل ما يشاؤون من دون حسيب ولا رقيب.
وبديهي أن تحاول حكومة نتنياهو صرف الأنظار عن المفاوضات بالإلحاح على الغضب من «التسريبات» الأميركية بشأن الغارات الإسرائيلية على سوريا. ولكن من شبه المؤكد أن يرد كيري مثل هذه الاتهامات ويطالب بوضعها في سياق آخر. وقد شدد نتنياهو مؤخراً على أن أحداً لم يعرض عليه أي أفكار بشأن تسوية مرحلية وأن «الفلسطينيين لا ينوون التزحزح عن 93 في المئة».
وكان السؤال الجوهري يوم أمس في المحافل الإسرائيلية والفلسطينية يدور حول ما إذا كان كيري يحمل معه خطة سياسية جديدة أم لا. وسبق لكيري أن أعلن أنه لا يحمل مثل هذه الخطة.
ولكن جهات مختلفة، إسرائيلية ودولية، تصر على أنه يحمل خطة لإخراج المفاوضات من عثرتها. وتحدثت أوساط إسرائيلية عن أن الخطة الأميركية الجديدة ولدت في أعقاب اللقاء المطول بين نتنياهو وكيري في العاصمة الإيطالية أواخر الشهر الماضي.
ونقلت صحف إسرائيلية عن مصادر أوروبية قولها إن لقاء روما قاد كيري إلى الاقتناع بأن نتنياهو لا يتطلع إلى تسوية دائمة، وهذا يفسر حدة تلميحات وانتقادات وزير الخارجية الأميركي، والتي قال فيها إن «الولايات المتحدة لن تخضع لتكتيكات التخويف» في إشارة إلى موقف نتنياهو من الشأن النووي الإيراني.
وتبع ذلك حديث هاتفي بين الرئيس أوباما ونتنياهو أوضح فيه الأول أنه يمنح كل التأييد لكيري في مساعيه للتوصل إلى تسوية.
وبحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية، فإنه برغم التوتر الكبير الذي ساد المحادثات مؤخراً بسبب الإفراج عن المعتقلين من ناحية، وتوسيع الاستيطان من ناحية أخرى، إلا أن الطرفين أبلغا الأميركيين أن لا نية لأي منهما بالتخلي عن المحادثات قبل مهلة الأشهر التسعة المحددة أصلاً.
وكانت زعيمة حركة «ميرتس» زهافا غالئون قد أعلنت أنها سمعت من مصادر أميركية وفلسطينية رفيعة المستوى أن «الأميركيين سيقدمون مطلع العام 2014 مبادرة سياسية جديدة للتسوية».
وأشار المعلق في «يديعوت أحرونوت» إيتان هابر إلى أن رئيس الحكومة وما دون، بمن فيهم المستوطنون، يعلمون جيداً أن اقتراحاً أميركياً للتسوية سيعرض ذات يوم، وأنه وفق الأفكار الأميركية في 46 عاماً الأخيرة ليس للمستوطنين مبرر للفرح.
من جهته، أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أنه برغم كل اللقاءات بين الجانبين «لم يتحقق أي تقدم في المحادثات». وأشار أمام اجتماع لحركة فتح إلى أن الوضع بين إسرائيل والفلسطينيين ازداد سوءا في أعقاب توسيع المستوطنات. ورفض الربط الإسرائيلي بين الإفراج عن المعتقلين والبناء في المستوطنات، محذرا من ان ذلك سيقود إلى تفجير الوضع.
وبديهي أن كلام أبو مازن يتسم بأهمية خاصة بعد 16 لقاء امتد كل منها طوال ثلاث ساعات في المتوسط بين مفاوضين إسرائيليين وفلسطينيين بمشاركة أميركية جزئية في القدس وأريحا وآخرها يوم أمس. وتدور المحادثات بطريق شبه أكاديمية يعرض فيها أحد الطرفين قضية كي يتمكن الطرف الثاني من العودة في اللقاء التالي بأسئلة وردود.
وحاولت إسرائيل طوال الوقت من جانبها حصر النقاشات في الجوانب الأمنية، ومع ذلك فإن القضايا الجوهرية مثل القدس والحدود كانت تثار. وبوسع كل من مسألتي القدس والحدود تفجير الموقف. فالمفاوض الإسرائيلي يقفز تماماً عن موضوع القدس ولا يتطرق إليه. أما الحدود فإن المنطلقات متناقضة، حيث أن إسرائيل ترى أن على الفلسطينيين الاكتفاء بما يقع خارج الجدار الفاصل، في حين يشدد الفلسطينيون على حدود العام 1967 مع تعديلات بسيطة.
عموماً كان لافتاً كلام مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق يعقوب عاميدرور، الذي أنهى مهامه قبل ثلاثة أيام، عن أن انهيار المفاوضات سيجلب على إسرائيل موجة مقاطعة لم يسبق لها مثيل. وثمة أهمية لهذا الكلام لأن عاميدرور من أبرز المنظرين العسكريين في معسكر اليمين الإسرائيلي، والذي يبدو أن عمله دفعه لإطلاق مثل هذا التحذير.
المصدر :
الماسة السورية/ حلمي موسى
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة