لا أفق سياسياً للحرب السورية، والعملية السياسية التي كان ينبغي أن يحدد لها الثلاثي الروسي - الأميركي - الأممي موعدا وأجندة، لم تقلع بسبب إخفاق «الائتلاف الوطني السوري» المعارض في التوصل إلى قرار بالمشاركة في مؤتمر «جنيف 2»، وعجز المعارضة الخارجية عن تقديم وفد ذي مصداقية إلى المؤتمر كما يأمل الوسيط الأخضر الإبراهيمي من قرار التأجيل.

وجرت تغطية الفشل بحصيلة ضئيلة، كانجاز نص الدعوة إلى مؤتمر، لم يحدد له لا مدعوون ولا تاريخ للانعقاد، ويهيمن تردد كبير على طرفه الأميركي من مجرد الخوض في تحديده خشية أن يفجر «الائتلاف» أو يسقط الهدنة التي أنجزها وزير الخارجية الأميركي جون كيري في زيارته للرياض مع نظيره السعودي الأمير سعود الفيصل.

كذلك جرت تغطية الفشل، بعودة مقررة إلى اجتماع الثلاثي الدولي في 25 تشرين الثاني الحالي، بعد أن يكون «الائتلاف السوري»، قد عبر محنة تقرير المشاركة في اجتماعه المقرر في اسطنبول السبت المقبل.

وعبر الإبراهيمي عن مأزق استيلاد جنيف ومسؤولية «الائتلاف» بالقول إن «المعارضة السورية تواجه أوقاتا صعبة، وهي تحاول التغلب عليها، وهناك خلافات داخلية بين أطرافها، وعليهم أن يتجهزوا، وهم غير جاهزين حتى الآن». وشدد على أن «المؤتمر يجب أن يعقد من دون شروط مسبقة».

وفي ضوء الفشل في مجرد تحديد موعد للمؤتمر، يربح أعداء منح السوريين طاولة للتفاوض حول «جنيف 1»، جولة مهمة في الحرب على أي محاولة لفك الحصار عن الفرصة الأولى لاختبار الحل السياسي، بعد عامين ونصف العام من الحرب. وتكسب السعودية ومعها قطر وتركيا التي هاجم مندوبها «جنيف 1» خلال الاجتماع المسائي الذي ضم الثلاثي الدولي إلى سفراء دول الجوار السوري، لبنان والأردن وتركيا والعراق.

وقال المندوب التركي، في ما يعبر عن الاتجاه السائد لدى حلفاء «الائتلاف» السوري، ان لا جدوى من «جنيف 2»، داعيا إلى الذهاب إلى مجلس الأمن واستصدار قرار دولي حول سوريا. ولا يبدو أن إعادة تجهيز الائتلافيين سياسيا وتوحيدهم هو هدف السعودية، فالأغلب أن الرهان الراجح، هو العمل على توحيد الفصائل السلفية الأكثر تجانسا إيديولوجياً، وخضوعا لقيادة مدير الاستخبارات السعودية الأمير بندر بن سلطان.

وتشهد الريحانية في الاسكندرون، اجتماعات يديرها وزير الخارجية القطري خالد العطية، لتهيئة بدائل أكثر فعالية عن قيادة سليم إدريس، وتأليف «جيش محمد» من الكتل «الجهادية» التي تضم «أحرار الشام وصقورها»، و«جيش الإسلام» الذي يقوده زهران علوش، وفصائل سلفية أخرى، لا تهدف بالضرورة إلى تحسين شروط التفاوض في جنيف، الذي رفضته هذه الفصائل.

وتلقى النظام السوري، بشكل متفاوت، هدية غير منتظرة، من خلال تحميل المعارضة مسؤولية الفشل في إطلاق العملية السياسية. ويمنح فشل الأمس النظام السوري المزيد من الوقت لتعزيز تقدم الجيش السوري على جبهات عدة.

وكان واضحا أن تقدم موعد الاجتماع الدولي بالأمس، لتثبيت موعد نهائي لـ«جنيف 2» على اجتماع «الائتلاف» الاسطنبولي السبت المقبل، والمكرس لاتخاذ موقف نهائي من الاجتماع، قد أدى إلى وضع الأميركيين والروس والأخضر الإبراهيمي أمام خيارات صعبة، إذ ان تحديد موعد ثابت قبل اجتماع الائتلافيين الذين يقودهم رفض سعودي لمؤتمر جنيف، كان سيؤدي إلى وضع الثلاثي الدولي في مواجهة مع «الائتلاف» والسعودية التي تحاول أميركا التوصل إلى هدنة في التوتر الديبلوماسي معها. كما كان تثبيت موعد، من دون القدرة على فرض حضوره على «الائتلاف»، سيفضي إلى انكشاف عجز الأميركيين عن الوفاء بالتزاماتهم في ما يسمى الاتفاق الأميركي - الروسي، وتسهيل الحل السياسي في سوريا. وقال مسؤول روسي رفيع المستوى في جنيف «إننا لا نعلم ما يجري بالفعل لدى الأميركيين، وما إذا كانوا سيلتزمون بتعهداتهم».

وكانت المداولات الصباحية قد قادت الروس والأميركيين والوسيط الدولي إلى خلاصة ترى أن «الائتلاف» ليس جاهزا بعد لدخول المفاوضات مع النظام. وبحسب مصدر ديبلوماسي فقد دافعت مساعدة وزير الخارجية الأميركي ويندي شيرمان عن ضرورة إعطاء المزيد من الوقت للائتلافيين «لأنهم لا يملكون الخبرة السياسية الكافية لخوض المفاوضات، وانه ينبغي انتظار اجتماعهم، وأنهم ليسوا مستعدين لذلك». وقالت مصادر انه طلب من المندوبين العودة إلى الوزيرين الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، للتوافق على موعد تسمح به أجنداتهم، لتحديد موعد للمؤتمر.

وقالت شيرمان خلال الاجتماع، بحسب مصدر ديبلوماسي روسي، إن عقد الاجتماع في 23 و24 تشرين الثاني الحالي، كما كان مقترحا، يعد تسرعا، ويشكل مكسبا مجانيا للنظام السوري، الذي سيحاور معارضة منقسمة ومشرذمة وغير جاهزة، وانه ينبغي منحهم المزيد من الوقت لتحضير أنفسهم، وتشكيل وفدهم، وتوحيد صفوفهم. ودافعت شيرمان عن عجز «الائتلافيين» في الاجتماع، قائلة «لا ينبغي أن نتسرع، وينبغي أن ندعم اجتماع المعارضة في اسطنبول، كي يصلوا جنيف موحدين».

وقال المصدر الديبلوماسي الروسي إن المعارضة الخارجية، التي فشلت خلال عام بتوحيد صفوفها، لن تكون قادرة خلال أيام على حل مشكلاتها. وقال المندوب الروسي، نائب وزير الخارجية غينادي غاتيلوف إن «المعارضة لا تملك موقفا موحدا، وان مواقفها مخيبة للآمال، لكن المؤتمر سيعقد قبل نهاية العام».

ولا يبدو انه من الممكن المخاطرة بموعد جديد لجنيف قبل نهاية العام، بغض النظر عن نتائج اجتماع اسطنبول. إذ صارحت الديبلوماسية الأميركية ويندي شيرمان، من التقتهم في الجلسة المسائية التي ضمت ممثلين عن الدول الثلاث الأخرى الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وهي الصين وفرنسا وبريطانيا، بان نافذة أي اجتماع في كانون الأول المقبل ستكون ضيقة جدا، والأرجح أن أعياد الميلاد الغربية لن تترك الوقت الكافي لعقد جنيف، كما انه من غير الممكن عقده، قبل انقضاء الميلاد الشرقي، في روسيا، في نهاية الأسبوع الأول من كانون الثاني.

  • فريق ماسة
  • 2013-11-05
  • 10557
  • من الأرشيف

رهان خليجي على «جيش محمد» السلفي بديلاً لـ«الحر» ..«جنيف 2» في مهب خلافات «الائتلاف السوري»

لا أفق سياسياً للحرب السورية، والعملية السياسية التي كان ينبغي أن يحدد لها الثلاثي الروسي - الأميركي - الأممي موعدا وأجندة، لم تقلع بسبب إخفاق «الائتلاف الوطني السوري» المعارض في التوصل إلى قرار بالمشاركة في مؤتمر «جنيف 2»، وعجز المعارضة الخارجية عن تقديم وفد ذي مصداقية إلى المؤتمر كما يأمل الوسيط الأخضر الإبراهيمي من قرار التأجيل. وجرت تغطية الفشل بحصيلة ضئيلة، كانجاز نص الدعوة إلى مؤتمر، لم يحدد له لا مدعوون ولا تاريخ للانعقاد، ويهيمن تردد كبير على طرفه الأميركي من مجرد الخوض في تحديده خشية أن يفجر «الائتلاف» أو يسقط الهدنة التي أنجزها وزير الخارجية الأميركي جون كيري في زيارته للرياض مع نظيره السعودي الأمير سعود الفيصل. كذلك جرت تغطية الفشل، بعودة مقررة إلى اجتماع الثلاثي الدولي في 25 تشرين الثاني الحالي، بعد أن يكون «الائتلاف السوري»، قد عبر محنة تقرير المشاركة في اجتماعه المقرر في اسطنبول السبت المقبل. وعبر الإبراهيمي عن مأزق استيلاد جنيف ومسؤولية «الائتلاف» بالقول إن «المعارضة السورية تواجه أوقاتا صعبة، وهي تحاول التغلب عليها، وهناك خلافات داخلية بين أطرافها، وعليهم أن يتجهزوا، وهم غير جاهزين حتى الآن». وشدد على أن «المؤتمر يجب أن يعقد من دون شروط مسبقة». وفي ضوء الفشل في مجرد تحديد موعد للمؤتمر، يربح أعداء منح السوريين طاولة للتفاوض حول «جنيف 1»، جولة مهمة في الحرب على أي محاولة لفك الحصار عن الفرصة الأولى لاختبار الحل السياسي، بعد عامين ونصف العام من الحرب. وتكسب السعودية ومعها قطر وتركيا التي هاجم مندوبها «جنيف 1» خلال الاجتماع المسائي الذي ضم الثلاثي الدولي إلى سفراء دول الجوار السوري، لبنان والأردن وتركيا والعراق. وقال المندوب التركي، في ما يعبر عن الاتجاه السائد لدى حلفاء «الائتلاف» السوري، ان لا جدوى من «جنيف 2»، داعيا إلى الذهاب إلى مجلس الأمن واستصدار قرار دولي حول سوريا. ولا يبدو أن إعادة تجهيز الائتلافيين سياسيا وتوحيدهم هو هدف السعودية، فالأغلب أن الرهان الراجح، هو العمل على توحيد الفصائل السلفية الأكثر تجانسا إيديولوجياً، وخضوعا لقيادة مدير الاستخبارات السعودية الأمير بندر بن سلطان. وتشهد الريحانية في الاسكندرون، اجتماعات يديرها وزير الخارجية القطري خالد العطية، لتهيئة بدائل أكثر فعالية عن قيادة سليم إدريس، وتأليف «جيش محمد» من الكتل «الجهادية» التي تضم «أحرار الشام وصقورها»، و«جيش الإسلام» الذي يقوده زهران علوش، وفصائل سلفية أخرى، لا تهدف بالضرورة إلى تحسين شروط التفاوض في جنيف، الذي رفضته هذه الفصائل. وتلقى النظام السوري، بشكل متفاوت، هدية غير منتظرة، من خلال تحميل المعارضة مسؤولية الفشل في إطلاق العملية السياسية. ويمنح فشل الأمس النظام السوري المزيد من الوقت لتعزيز تقدم الجيش السوري على جبهات عدة. وكان واضحا أن تقدم موعد الاجتماع الدولي بالأمس، لتثبيت موعد نهائي لـ«جنيف 2» على اجتماع «الائتلاف» الاسطنبولي السبت المقبل، والمكرس لاتخاذ موقف نهائي من الاجتماع، قد أدى إلى وضع الأميركيين والروس والأخضر الإبراهيمي أمام خيارات صعبة، إذ ان تحديد موعد ثابت قبل اجتماع الائتلافيين الذين يقودهم رفض سعودي لمؤتمر جنيف، كان سيؤدي إلى وضع الثلاثي الدولي في مواجهة مع «الائتلاف» والسعودية التي تحاول أميركا التوصل إلى هدنة في التوتر الديبلوماسي معها. كما كان تثبيت موعد، من دون القدرة على فرض حضوره على «الائتلاف»، سيفضي إلى انكشاف عجز الأميركيين عن الوفاء بالتزاماتهم في ما يسمى الاتفاق الأميركي - الروسي، وتسهيل الحل السياسي في سوريا. وقال مسؤول روسي رفيع المستوى في جنيف «إننا لا نعلم ما يجري بالفعل لدى الأميركيين، وما إذا كانوا سيلتزمون بتعهداتهم». وكانت المداولات الصباحية قد قادت الروس والأميركيين والوسيط الدولي إلى خلاصة ترى أن «الائتلاف» ليس جاهزا بعد لدخول المفاوضات مع النظام. وبحسب مصدر ديبلوماسي فقد دافعت مساعدة وزير الخارجية الأميركي ويندي شيرمان عن ضرورة إعطاء المزيد من الوقت للائتلافيين «لأنهم لا يملكون الخبرة السياسية الكافية لخوض المفاوضات، وانه ينبغي انتظار اجتماعهم، وأنهم ليسوا مستعدين لذلك». وقالت مصادر انه طلب من المندوبين العودة إلى الوزيرين الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، للتوافق على موعد تسمح به أجنداتهم، لتحديد موعد للمؤتمر. وقالت شيرمان خلال الاجتماع، بحسب مصدر ديبلوماسي روسي، إن عقد الاجتماع في 23 و24 تشرين الثاني الحالي، كما كان مقترحا، يعد تسرعا، ويشكل مكسبا مجانيا للنظام السوري، الذي سيحاور معارضة منقسمة ومشرذمة وغير جاهزة، وانه ينبغي منحهم المزيد من الوقت لتحضير أنفسهم، وتشكيل وفدهم، وتوحيد صفوفهم. ودافعت شيرمان عن عجز «الائتلافيين» في الاجتماع، قائلة «لا ينبغي أن نتسرع، وينبغي أن ندعم اجتماع المعارضة في اسطنبول، كي يصلوا جنيف موحدين». وقال المصدر الديبلوماسي الروسي إن المعارضة الخارجية، التي فشلت خلال عام بتوحيد صفوفها، لن تكون قادرة خلال أيام على حل مشكلاتها. وقال المندوب الروسي، نائب وزير الخارجية غينادي غاتيلوف إن «المعارضة لا تملك موقفا موحدا، وان مواقفها مخيبة للآمال، لكن المؤتمر سيعقد قبل نهاية العام». ولا يبدو انه من الممكن المخاطرة بموعد جديد لجنيف قبل نهاية العام، بغض النظر عن نتائج اجتماع اسطنبول. إذ صارحت الديبلوماسية الأميركية ويندي شيرمان، من التقتهم في الجلسة المسائية التي ضمت ممثلين عن الدول الثلاث الأخرى الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وهي الصين وفرنسا وبريطانيا، بان نافذة أي اجتماع في كانون الأول المقبل ستكون ضيقة جدا، والأرجح أن أعياد الميلاد الغربية لن تترك الوقت الكافي لعقد جنيف، كما انه من غير الممكن عقده، قبل انقضاء الميلاد الشرقي، في روسيا، في نهاية الأسبوع الأول من كانون الثاني.

المصدر : الماسة السورية/ محمد بلوط


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة