رغم بعض الانطباعات الايجابية التي يبديها افرقاء يرجحون تارة تأليف الحكومة قريباً، ويوحون احيانا بتجاوز العقبات على طريق التأليف، الا ان ادلة ايجابية لم تطفُ بعد. يقترب الافرقاء من اعادة ترتيب الاولويات مع دنو الاستحقاق الرئاسي. الهدف المقبل للسجال الداخلي

رغم ان اوان انتخابات رئاسة الجمهورية لم يحن تماما، ولا المهلة الدستورية للانتخاب وشيكة يفصل عنها اقل من ستة اشهر، يتحضّر الجميع لاستحقاق لا يزال مصيره غامضا، شأن الغموض الذي يحوط بتأليف الحكومة ويجعله مستبعدا حتى اشعار آخر. الاصح ايضا ان الافرقاء يريدون التحوّط من استحقاق قد لا يبصر النور، ويدفع بهم الى فراغ اضافي في المؤسسات الدستورية يطاول هذه المرة الرئاسة الاولى. في سبعة اشهر هاجم الفراغ المؤسسات تلك تباعا: استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي وتعثر جهود الرئيس المكلف تمام سلام في تأليف اخرى، تمديد ولاية مجلس النواب ثم قائد الجيش. يخشى المسؤولون والافرقاء ــــ وبعضهم يتوقع ــــ انتقال العدوى الى انتخابات الرئاسة عندما تحين، واخفاقهم عندئذ في انتخاب خلف للرئيس ميشال سليمان للمرة الثالثة في هذا الاستحقاق بعد عامي 1988 و2007.

يتحدّث وزير الداخلية مروان شربل عن هذه المخاوف عندما يؤكد اصرار رئيس الجمهورية على تأليف حكومة جديدة يريدها ترضي الاطراف المعنيين جميعا، وتنال حكما ثقة مجلس النواب كي تكمل المدة المتبقية من ولايته. يقول انها «رؤية الرئيس» لاخراج البلاد من مأزقها الحالي.

يأمل الوزير في حكومة تشبه الحكومة الاولى لميقاتي عام 2005، عندما امضت في الحكم مئة يوم اشرفت خلالها على الانتخابات النيابية. لا ضير في مهمة مشابهة وموقتة ــــ يقول شربل ــــ تعهد الى حكومة جديدة حتى انتهاء ولاية الرئيس تدير المرحلة الانتقالية وتستقيل بعد انتخاب خلف له. لا دور للحكومة في الاستحقاق الرئاسي، وهي غير معنية بأي من اجراءاته، لكنها تحمل وزر الامن والاستقرار وتحضير الظروف الملائمة لاجتماع مجلس النواب وانتخاب الرئيس: «عند حدودنا حرب سوريا التي تتناثر شظاياها الى داخل الحدود، مليون لاجئ سوري بينهم موالون للنظام ومعارضون ومتطرفون وفارون وفي صفوفهم مسلحون متنافرون متأهبون لخوض حربهم بعضهم ضد البعض الآخر على الاراضي اللبنانية، اعمال مخلة بالامن وفلتان بعضها يرتكبها هؤلاء اللاجئون، اغتيالات، سيارات مفخخة، تفجيرات، خلايا ارهابية وسواها. ثمة اكثر من سبب جوهري وضروري لتأليف حكومة جديدة تراقب مرحلة الاستحقاق الرئاسي وتسهر عليه».

وماذا اذا اخفق تأليف الحكومة؟

يلاحظ وزير الداخلية ان سليمان يتولى، اليوم، نيابة عن حكومة مستقيلة لا تجتمع، الملف الامني عندما يرأس اجتماعات المجلس الاعلى للدفاع ويصدر توصيات وقرارات. لكنه يعتقد كذلك ان عقد اجتماع لطاولة الحوار الوطني للاتفاق على حكومة جديدة ــــ وان خلافا للاصول الدستورية ــــ يصبح حاجة ملحة: «يتبادل الافرقاء الآن الرسائل بالواسطة. ليتبادلوها وجهاً لوجه الى طاولة الحوار، ويطرحوا مطالبهم كي لا يُحمّل رئيس الجمهورية والرئيس المكلف تبعة فشل التأليف. ليسا مَن يعطله، وهما متمسكان بصلاحياتهما الدستورية، الا ان المشكلة هي ايضا عند الاطراف الآخرين».

يذهب شربل الى ابعد من ذلك في مقاربة انتخابات الرئاسة، بتأكيده ان تمديد ولاية سليمان «حاصل حتماً اذا لم تؤلف حكومة جديدة حتى موعد الاستحقاق الرئاسي. التمديد سيئ، لكن الفراغ في الرئاسة اسوأ. في غياب حكومة جديدة نصبح امام احد هذين الخيارين، السيئ والأسوأ، التمديد او الفراغ. لا يسعني الا اختيار الخيار الاول لتفادي الكارثة. الرئيس سليمان يرفض التمديد وهو اعلن ذلك مرارا، لكنني اضيف الى ما يقوله ان الفراغ اكثر سوءاً. انه الاسوأ. في نهاية المطاف اذا وجدنا انفسنا امام فراغ محتمل في رئاسة الجمهورية، فان الرئيس سليمان سيجد نفسه ملزما الرضوخ لهذا الحل لتجنيب البلاد ازمة اكثر تعقيداً، على نحو ما جرى مع ولايتي مجلس النواب وقائد الجيش. طبعا لم يكن المخرج ملائما ولا الطريقة مقبولة، لكن التمديد لهما جنّبنا ما هو ادهى. ان نرى الجمهورية بلا مجلس نيابي، وان نرى الجيش بلا قائده. وقد يكون استحقاق الرئاسة مرشحا لهذا المصير».

يلاحظ وزير الداخلية ان القلق من فراغ محتمل في رئاسة الدولة «يجعل تمديد ولاية رئيس الجمهورية ملحا بعدما جربنا الفراغ مرتين. اعرف رأيه وسمعته انا وسواي تكرارا، يقول انه لن يوافق على التمديد، لكن مصلحة الدولة تتقدم على رأيه الشخصي. يجب ان يوافق عليه اذا استمرت العراقيل في طريق تأليف حكومة جديدة. لا يسع رئيس الدولة، عند انتهاء ولايته من دون انتخاب خلف له، ومن دون وجود حكومة، اقفال ابواب قصر بعبدا والذهاب الى بيته وترك الرئاسة والدولة بلا رأس. التمديد سيفرض نفسه شاء الرئيس او ابى». يعتقد بأن الاستحقاق المقبل قد يكون اكثر تعقيدا من فراغي 1988 و2007. في الاول غادر الرئيس امين الجميل منصبه باصداره مرسوما قضى بتأليف حكومة عسكرية تتولى صلاحياته موقتا. كان الدستور يجيز له منفردا هذه الصلاحية، مع ذلك وقعت البلاد في ازمة حكومتين كانتا تتنافسان على الشرعية الدستورية. عندما غادر الرئيس اميل لحود الرئاسة تسلمت حكومة الرئيس فؤاد السنيورة مجتمعة صلاحياته الدستورية عملا بأحكام الدستور رغم اتهامها بافتقارها الى الميثاقية. اما في حالنا نحن، فالمشكلة اصعب. اذا لم تؤلف حكومة جديدة من الآن حتى ايار المقبل، فان ولاية الرئيس تنتهي في وجود حكومة تصريف اعمال لا يسعها تسلم صلاحياته، او في احسن الاحوال لا قدرة لها على الاضطلاع بدور رئاسة الجمهورية الشاغرة، ولا ادارة صلاحياتها. فكيف عندما لا تجتمع ابداً. يحدوني ذلك على القول ان تمديد ولاية الرئيس سليمان هو الحل الضروري الذي لا مفر منه».

يضيف شربل سبباً آخر الى حتمية التمديد هو «تعذر اتفاق الافرقاء على رئيس جديد للجمهورية يخلف الرئيس الحالي. ذلك يعني ايضا اننا سنكون امام احتمال الفراغ مجددا بطريقة اخرى. لا نتفق على حكومة، ولا نتفق على رئيس. الى اين تؤول حال الدولة عندئذ؟ لا اعرف كيف يمكننا ان نرسم المشهد: مجلس النواب لا يجتمع، حكومة مستقيلة لا تجتمع واخرى لا تؤلف، فراغ في رئاسة الجمهورية».

  • فريق ماسة
  • 2013-10-10
  • 13077
  • من الأرشيف

وزير الداخلية: التمديد لسليمان واقعٌ إذا لم تؤلف حكومة

رغم بعض الانطباعات الايجابية التي يبديها افرقاء يرجحون تارة تأليف الحكومة قريباً، ويوحون احيانا بتجاوز العقبات على طريق التأليف، الا ان ادلة ايجابية لم تطفُ بعد. يقترب الافرقاء من اعادة ترتيب الاولويات مع دنو الاستحقاق الرئاسي. الهدف المقبل للسجال الداخلي رغم ان اوان انتخابات رئاسة الجمهورية لم يحن تماما، ولا المهلة الدستورية للانتخاب وشيكة يفصل عنها اقل من ستة اشهر، يتحضّر الجميع لاستحقاق لا يزال مصيره غامضا، شأن الغموض الذي يحوط بتأليف الحكومة ويجعله مستبعدا حتى اشعار آخر. الاصح ايضا ان الافرقاء يريدون التحوّط من استحقاق قد لا يبصر النور، ويدفع بهم الى فراغ اضافي في المؤسسات الدستورية يطاول هذه المرة الرئاسة الاولى. في سبعة اشهر هاجم الفراغ المؤسسات تلك تباعا: استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي وتعثر جهود الرئيس المكلف تمام سلام في تأليف اخرى، تمديد ولاية مجلس النواب ثم قائد الجيش. يخشى المسؤولون والافرقاء ــــ وبعضهم يتوقع ــــ انتقال العدوى الى انتخابات الرئاسة عندما تحين، واخفاقهم عندئذ في انتخاب خلف للرئيس ميشال سليمان للمرة الثالثة في هذا الاستحقاق بعد عامي 1988 و2007. يتحدّث وزير الداخلية مروان شربل عن هذه المخاوف عندما يؤكد اصرار رئيس الجمهورية على تأليف حكومة جديدة يريدها ترضي الاطراف المعنيين جميعا، وتنال حكما ثقة مجلس النواب كي تكمل المدة المتبقية من ولايته. يقول انها «رؤية الرئيس» لاخراج البلاد من مأزقها الحالي. يأمل الوزير في حكومة تشبه الحكومة الاولى لميقاتي عام 2005، عندما امضت في الحكم مئة يوم اشرفت خلالها على الانتخابات النيابية. لا ضير في مهمة مشابهة وموقتة ــــ يقول شربل ــــ تعهد الى حكومة جديدة حتى انتهاء ولاية الرئيس تدير المرحلة الانتقالية وتستقيل بعد انتخاب خلف له. لا دور للحكومة في الاستحقاق الرئاسي، وهي غير معنية بأي من اجراءاته، لكنها تحمل وزر الامن والاستقرار وتحضير الظروف الملائمة لاجتماع مجلس النواب وانتخاب الرئيس: «عند حدودنا حرب سوريا التي تتناثر شظاياها الى داخل الحدود، مليون لاجئ سوري بينهم موالون للنظام ومعارضون ومتطرفون وفارون وفي صفوفهم مسلحون متنافرون متأهبون لخوض حربهم بعضهم ضد البعض الآخر على الاراضي اللبنانية، اعمال مخلة بالامن وفلتان بعضها يرتكبها هؤلاء اللاجئون، اغتيالات، سيارات مفخخة، تفجيرات، خلايا ارهابية وسواها. ثمة اكثر من سبب جوهري وضروري لتأليف حكومة جديدة تراقب مرحلة الاستحقاق الرئاسي وتسهر عليه». وماذا اذا اخفق تأليف الحكومة؟ يلاحظ وزير الداخلية ان سليمان يتولى، اليوم، نيابة عن حكومة مستقيلة لا تجتمع، الملف الامني عندما يرأس اجتماعات المجلس الاعلى للدفاع ويصدر توصيات وقرارات. لكنه يعتقد كذلك ان عقد اجتماع لطاولة الحوار الوطني للاتفاق على حكومة جديدة ــــ وان خلافا للاصول الدستورية ــــ يصبح حاجة ملحة: «يتبادل الافرقاء الآن الرسائل بالواسطة. ليتبادلوها وجهاً لوجه الى طاولة الحوار، ويطرحوا مطالبهم كي لا يُحمّل رئيس الجمهورية والرئيس المكلف تبعة فشل التأليف. ليسا مَن يعطله، وهما متمسكان بصلاحياتهما الدستورية، الا ان المشكلة هي ايضا عند الاطراف الآخرين». يذهب شربل الى ابعد من ذلك في مقاربة انتخابات الرئاسة، بتأكيده ان تمديد ولاية سليمان «حاصل حتماً اذا لم تؤلف حكومة جديدة حتى موعد الاستحقاق الرئاسي. التمديد سيئ، لكن الفراغ في الرئاسة اسوأ. في غياب حكومة جديدة نصبح امام احد هذين الخيارين، السيئ والأسوأ، التمديد او الفراغ. لا يسعني الا اختيار الخيار الاول لتفادي الكارثة. الرئيس سليمان يرفض التمديد وهو اعلن ذلك مرارا، لكنني اضيف الى ما يقوله ان الفراغ اكثر سوءاً. انه الاسوأ. في نهاية المطاف اذا وجدنا انفسنا امام فراغ محتمل في رئاسة الجمهورية، فان الرئيس سليمان سيجد نفسه ملزما الرضوخ لهذا الحل لتجنيب البلاد ازمة اكثر تعقيداً، على نحو ما جرى مع ولايتي مجلس النواب وقائد الجيش. طبعا لم يكن المخرج ملائما ولا الطريقة مقبولة، لكن التمديد لهما جنّبنا ما هو ادهى. ان نرى الجمهورية بلا مجلس نيابي، وان نرى الجيش بلا قائده. وقد يكون استحقاق الرئاسة مرشحا لهذا المصير». يلاحظ وزير الداخلية ان القلق من فراغ محتمل في رئاسة الدولة «يجعل تمديد ولاية رئيس الجمهورية ملحا بعدما جربنا الفراغ مرتين. اعرف رأيه وسمعته انا وسواي تكرارا، يقول انه لن يوافق على التمديد، لكن مصلحة الدولة تتقدم على رأيه الشخصي. يجب ان يوافق عليه اذا استمرت العراقيل في طريق تأليف حكومة جديدة. لا يسع رئيس الدولة، عند انتهاء ولايته من دون انتخاب خلف له، ومن دون وجود حكومة، اقفال ابواب قصر بعبدا والذهاب الى بيته وترك الرئاسة والدولة بلا رأس. التمديد سيفرض نفسه شاء الرئيس او ابى». يعتقد بأن الاستحقاق المقبل قد يكون اكثر تعقيدا من فراغي 1988 و2007. في الاول غادر الرئيس امين الجميل منصبه باصداره مرسوما قضى بتأليف حكومة عسكرية تتولى صلاحياته موقتا. كان الدستور يجيز له منفردا هذه الصلاحية، مع ذلك وقعت البلاد في ازمة حكومتين كانتا تتنافسان على الشرعية الدستورية. عندما غادر الرئيس اميل لحود الرئاسة تسلمت حكومة الرئيس فؤاد السنيورة مجتمعة صلاحياته الدستورية عملا بأحكام الدستور رغم اتهامها بافتقارها الى الميثاقية. اما في حالنا نحن، فالمشكلة اصعب. اذا لم تؤلف حكومة جديدة من الآن حتى ايار المقبل، فان ولاية الرئيس تنتهي في وجود حكومة تصريف اعمال لا يسعها تسلم صلاحياته، او في احسن الاحوال لا قدرة لها على الاضطلاع بدور رئاسة الجمهورية الشاغرة، ولا ادارة صلاحياتها. فكيف عندما لا تجتمع ابداً. يحدوني ذلك على القول ان تمديد ولاية الرئيس سليمان هو الحل الضروري الذي لا مفر منه». يضيف شربل سبباً آخر الى حتمية التمديد هو «تعذر اتفاق الافرقاء على رئيس جديد للجمهورية يخلف الرئيس الحالي. ذلك يعني ايضا اننا سنكون امام احتمال الفراغ مجددا بطريقة اخرى. لا نتفق على حكومة، ولا نتفق على رئيس. الى اين تؤول حال الدولة عندئذ؟ لا اعرف كيف يمكننا ان نرسم المشهد: مجلس النواب لا يجتمع، حكومة مستقيلة لا تجتمع واخرى لا تؤلف، فراغ في رئاسة الجمهورية».

المصدر : نقولا ناصيف


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة