فيما كان أركان المعارضة السورية يجتمعون في مدينة اسطنبول برئاسة مسؤول كبير في الاستخبارات السعودية، لبحث كيفية الخلاص من أزمتهم الداخلية وتمرد أركان المسلحين عليهم، كانت “الدولة الإسلامية في العراق و الشام” (داعش) تُثبت ركائز حكمها الجديد الممتد من حدود العراق شرقاً حتى الحدود التركية شمالاً.

فبعد أن يأس هؤلاء من “الثوار” الذين ينسبون إلى أنفسهم عمليتها العسكرية، كما قال أحد قادتها في شريط مصور بث على الإنترنت، بدأت “داعش” عملية واسعة في مناطق المسلحين، حيث استولت على مدينة الرقة بالكامل، وأزالت الصلبان عن كنائس المدينة، وعندما تظاهر ضدها سكان مسلمون سوريون لمطالبتها بالرحيل، أطلق عناصرها النار مباشرة على المتظاهرين، فقتلوا ثلاثة منهم وجرحوا العشرات دابين الرعب في صفوفهم.

أما المرحلة الثانية فكانت في دير الزور وحقولها النفطية، ثم انتقلت إلى محافظة حلب للوصول إلى الحدود التركية، بهدف تأمين عبور “نفطها” المستولى عليه من الحقول السورية إلى تركيا، لتأمين مداخيل للدولة التي يعتزمون إنشاءها.

ويبدو أن الاجتماع الذي ضم في اسطنبول قادة المسلحين الموالين للسعودية، بالإضافة إلى الجربا، كانت نقطة مفصلية في توضيح الخلاف داخل صفوف المعارضة، حين بدا أن العامل القطري لم يتراجع تماماً، وأن الأمين العام السابق لـ”الائتلاف” مصطفى الصباع يقف وراء حملات تستهدف “الائتلاف” والدور السعودي المكلف به مرجع لبناني سابق.

وتقول المعلومات إن الصباغ بدأ بتأليب قادة المسلحين على “الائتلاف” من أجل إفقاده “الشرعية” عن طريق تأمين المال والسلاح مباشرة إلى هؤلاء عبر الحدود التركية، بعد أن رفض الأردن تمرير أي شيء لهؤلاء تحت ضغط سعودي، وتقول المعلومات إن الصباغ وجماعات قطرية أخرى أعادت فتح قنوات الاتصال مع قادة المتشددين من أجل الضغط على السعوديين، بالإضافة إلى محاولته إقناع قادة المسلحين الآخرين بالتعاون معهم، وتبيّن من خلال رسالة وجهها الصباغ إلى مؤتمر للقوى العلمانية المعارضة يطالبها فيها بالتواصل مع الراديكاليين، “حتى لو غاب الاتفاق الفكري أو (الأيديولوجي) مع تلك المكونات”، وداهم إلى “استخدام كل السبل الممكنة للتواصل مع القوى الفاعلة على الأرض السورية، والتي سيكون لها دور رئيس في صورة الحاضر والمستقبل بحكم الأمر الواقع، شاء من شاء وأبى من أبى”.

ورغم أن السعوديين استطاعوا إعادة بعض التوازن إلى ائتلافهم من خلال شراء ولاء القادة الميدانيين من جهة، ومن خلال اتفاقات تحت الطاولة مع “داعش” على التهدئة بوساطة كويتية قام بها رجال أعمال كويتيون يعتبرون الممول الرئيسي لـ”داعش”، إلا أن الواقع السياسي المهترئ للائتلاف ما يزال هشاً إلى درجة تتهدده بالانفجار في أي لحظة، بالإضافة إلى أن هؤلاء لا يثقون كثيراً بوعود “داعش” وقدرتها على تفجير الوضع في أي لحظة.

وأفادت المعلومات أن السعوديين واجهوا مضايقات تركية في الملف السوري نتيجة العلاقات المتوترة بين البلدين على خلفية الملف المصري، وقد عمدت تركيا إلى إقفال مكتب الاتصال السعودي في تركيا، وهو مركز كانت تقوم من خلاله الاستخبارات السعودية بتأمين التنسيق الميداني مع القوى المسلحة، وأشارت المصادر إلى أن هذا الواقع جعل السعوديين أقل قدرة على الحراك، لكنه لم يمنعهم من تقديم “الدعم المادي” لقادة المسلحين نقداً.

  • فريق ماسة
  • 2013-10-09
  • 11246
  • من الأرشيف

تركيا أقفلت مكتب الاستخبارات السعودية .. و”داعش” تواصل رسم حدود دولتها

فيما كان أركان المعارضة السورية يجتمعون في مدينة اسطنبول برئاسة مسؤول كبير في الاستخبارات السعودية، لبحث كيفية الخلاص من أزمتهم الداخلية وتمرد أركان المسلحين عليهم، كانت “الدولة الإسلامية في العراق و الشام” (داعش) تُثبت ركائز حكمها الجديد الممتد من حدود العراق شرقاً حتى الحدود التركية شمالاً. فبعد أن يأس هؤلاء من “الثوار” الذين ينسبون إلى أنفسهم عمليتها العسكرية، كما قال أحد قادتها في شريط مصور بث على الإنترنت، بدأت “داعش” عملية واسعة في مناطق المسلحين، حيث استولت على مدينة الرقة بالكامل، وأزالت الصلبان عن كنائس المدينة، وعندما تظاهر ضدها سكان مسلمون سوريون لمطالبتها بالرحيل، أطلق عناصرها النار مباشرة على المتظاهرين، فقتلوا ثلاثة منهم وجرحوا العشرات دابين الرعب في صفوفهم. أما المرحلة الثانية فكانت في دير الزور وحقولها النفطية، ثم انتقلت إلى محافظة حلب للوصول إلى الحدود التركية، بهدف تأمين عبور “نفطها” المستولى عليه من الحقول السورية إلى تركيا، لتأمين مداخيل للدولة التي يعتزمون إنشاءها. ويبدو أن الاجتماع الذي ضم في اسطنبول قادة المسلحين الموالين للسعودية، بالإضافة إلى الجربا، كانت نقطة مفصلية في توضيح الخلاف داخل صفوف المعارضة، حين بدا أن العامل القطري لم يتراجع تماماً، وأن الأمين العام السابق لـ”الائتلاف” مصطفى الصباع يقف وراء حملات تستهدف “الائتلاف” والدور السعودي المكلف به مرجع لبناني سابق. وتقول المعلومات إن الصباغ بدأ بتأليب قادة المسلحين على “الائتلاف” من أجل إفقاده “الشرعية” عن طريق تأمين المال والسلاح مباشرة إلى هؤلاء عبر الحدود التركية، بعد أن رفض الأردن تمرير أي شيء لهؤلاء تحت ضغط سعودي، وتقول المعلومات إن الصباغ وجماعات قطرية أخرى أعادت فتح قنوات الاتصال مع قادة المتشددين من أجل الضغط على السعوديين، بالإضافة إلى محاولته إقناع قادة المسلحين الآخرين بالتعاون معهم، وتبيّن من خلال رسالة وجهها الصباغ إلى مؤتمر للقوى العلمانية المعارضة يطالبها فيها بالتواصل مع الراديكاليين، “حتى لو غاب الاتفاق الفكري أو (الأيديولوجي) مع تلك المكونات”، وداهم إلى “استخدام كل السبل الممكنة للتواصل مع القوى الفاعلة على الأرض السورية، والتي سيكون لها دور رئيس في صورة الحاضر والمستقبل بحكم الأمر الواقع، شاء من شاء وأبى من أبى”. ورغم أن السعوديين استطاعوا إعادة بعض التوازن إلى ائتلافهم من خلال شراء ولاء القادة الميدانيين من جهة، ومن خلال اتفاقات تحت الطاولة مع “داعش” على التهدئة بوساطة كويتية قام بها رجال أعمال كويتيون يعتبرون الممول الرئيسي لـ”داعش”، إلا أن الواقع السياسي المهترئ للائتلاف ما يزال هشاً إلى درجة تتهدده بالانفجار في أي لحظة، بالإضافة إلى أن هؤلاء لا يثقون كثيراً بوعود “داعش” وقدرتها على تفجير الوضع في أي لحظة. وأفادت المعلومات أن السعوديين واجهوا مضايقات تركية في الملف السوري نتيجة العلاقات المتوترة بين البلدين على خلفية الملف المصري، وقد عمدت تركيا إلى إقفال مكتب الاتصال السعودي في تركيا، وهو مركز كانت تقوم من خلاله الاستخبارات السعودية بتأمين التنسيق الميداني مع القوى المسلحة، وأشارت المصادر إلى أن هذا الواقع جعل السعوديين أقل قدرة على الحراك، لكنه لم يمنعهم من تقديم “الدعم المادي” لقادة المسلحين نقداً.

المصدر : الثبات


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة