مع بدء تدمير الترسانة الكيميائية السورية، وزوال أسباب الخشية من ضربة عسكرية غربية ضد سورية..استفادت سورية من الإرباك السائد في صفوف المجموعات المسلحة  عبر عمليات نوعية ساعدت على تأمين طرق الامداد المباشر بين القوات المتواجدة في دمشق ومحيطها ومحافظة حلب، فضلاً عن الاستهداف المباشر لطرق الإمداد التابعة لبجهة “النصرة” من خارج نطاق أرض العمليات .

وبدا من مواقف الساعات الأخيرة، التي توجها رئيس “الائتلاف ” المعارض أحمد الجربا بشن هجوم عنيف على المعارضة، أن الإرباك وصل إلى داخل الدول الداعمة لأطياف المعارضة بعد أن تبدل المشهد برمته، وتحول إلى محاولات للتقرب من النظام السوري، ومن دبلوماسيته الناشطة على أكثر من خط اقليمي وأممي، في ظل غزل مباشر واشادة من وزير الخارجية الأميركية جون كيري باستجابة الحكومة السورية للمطالب الدولية وسرعة الشروع بتنفيذ عملية تفكيك الترسانة الكيميائية السورية، في خطوة فسرتها بعض الدول العربية باعادة "الشرعية"  للنظام السوري وحكومته، فضلاً عن اعطائها الضوء الأخضر لتسعير الحرب التي يخوضها الجيش السوري ضد من تصفهم واشنطن بـ”الارهابيين”، وتحاربهم في أكثر من مكان ورقعة جغرافية في الشرق الأوسط كما في أفريقيا.

ليس بعيداً عن ذلك، كشفت تقارير وصلت إلى دولة خليجية فاعلة أن احدى العواصم الأوروبية، التي كانت السباقة إلى رفض التدخل العسكري الأميركي في سوريا، شهدت أكثر من اجتماع بين الدبلوماسيتين الأميركية والسورية انتهت إلى اجتماع أخير حضره شخصيات عسكرية وأمنية واستخباراتية سورية، خلص إلى ترتيب الأولويات واعداد جدول زمني وسقف محدد لتحضير الأرضية للمشاركة في مؤتمر جنيف 2، بمعزل عن أي فريق تدرجه واشنطن على لائحة الارهاب، ما يعني الاتفاق بين الجانبين على حرمان تنظيم “القاعدة” وجبهة “النصرة” من الجلوس إلى طاولة الحوار، بل على العكس وضعها على الطاولة من ضمن أجندة اقليمية ودولية للحد من أخطارها واعادتها إلى حجمها الطبيعي.

الاجتماع المذكور بتوقيته ونتائجه المفترضة، أربك الدولة الخليجية التي تلقت التقرير ودفعتها إلى اعادة ترتيب أولوياتها، باعتبار أن كل ما جرى في الأشهر الأخيرة الماضية جاء من دون علمها وعلى عكس ما كانت تخطط له وتنتظره، وبالتالي فانها بدأت تعيش حالة انعدام الوزن نتيجة انعدام الثقة بحلفائها الغربيين والأوروبيين على حد سواء، بعد أن كانت قد تلقت الكثير من الوعود والضمانات بحفظ دورها في أي تسوية، فاذا بالأيام تثبت عكس ذلك وتعيد تجربة الانسحاب الأميركي من العراق، فعدم اشراك التنظيمات المدعومة من قبل الدولة الخليجية المعنية يعني اسقاط دورها والجعل من مشاركتها في طاولة الحوار السورية مجرد حدث لحفظ ماء الوجه، وذلك على اعتبار أن واشنطن هي من سيفاوض وسيحتفظ بالأوراق الرابحة لحماية مصالحها، بينما ستدفع الدول التي لعبت دوراً مباشراً في الحرب على الدولة السورية ثمن الفشل في تحقيق الأهداف المعلنة، وهذا يعني بشكل أو بآخر أن مشهد العراق يتكرر راهناً في سوريا مع فارق بسيط، وهو أن المستفيد من الأنسحاب من العراق كانت الدولة الايرانية بينما المستفيد الوحيد من الانسحاب الأميركي من الرمال السورية المتحركة هي الدولة السورية.

  • فريق ماسة
  • 2013-10-08
  • 9350
  • من الأرشيف

هل تجلس واشنطن في جنيف 2 إلى جانب من أدرجتهم على لائحة الارهاب؟

مع بدء تدمير الترسانة الكيميائية السورية، وزوال أسباب الخشية من ضربة عسكرية غربية ضد سورية..استفادت سورية من الإرباك السائد في صفوف المجموعات المسلحة  عبر عمليات نوعية ساعدت على تأمين طرق الامداد المباشر بين القوات المتواجدة في دمشق ومحيطها ومحافظة حلب، فضلاً عن الاستهداف المباشر لطرق الإمداد التابعة لبجهة “النصرة” من خارج نطاق أرض العمليات . وبدا من مواقف الساعات الأخيرة، التي توجها رئيس “الائتلاف ” المعارض أحمد الجربا بشن هجوم عنيف على المعارضة، أن الإرباك وصل إلى داخل الدول الداعمة لأطياف المعارضة بعد أن تبدل المشهد برمته، وتحول إلى محاولات للتقرب من النظام السوري، ومن دبلوماسيته الناشطة على أكثر من خط اقليمي وأممي، في ظل غزل مباشر واشادة من وزير الخارجية الأميركية جون كيري باستجابة الحكومة السورية للمطالب الدولية وسرعة الشروع بتنفيذ عملية تفكيك الترسانة الكيميائية السورية، في خطوة فسرتها بعض الدول العربية باعادة "الشرعية"  للنظام السوري وحكومته، فضلاً عن اعطائها الضوء الأخضر لتسعير الحرب التي يخوضها الجيش السوري ضد من تصفهم واشنطن بـ”الارهابيين”، وتحاربهم في أكثر من مكان ورقعة جغرافية في الشرق الأوسط كما في أفريقيا. ليس بعيداً عن ذلك، كشفت تقارير وصلت إلى دولة خليجية فاعلة أن احدى العواصم الأوروبية، التي كانت السباقة إلى رفض التدخل العسكري الأميركي في سوريا، شهدت أكثر من اجتماع بين الدبلوماسيتين الأميركية والسورية انتهت إلى اجتماع أخير حضره شخصيات عسكرية وأمنية واستخباراتية سورية، خلص إلى ترتيب الأولويات واعداد جدول زمني وسقف محدد لتحضير الأرضية للمشاركة في مؤتمر جنيف 2، بمعزل عن أي فريق تدرجه واشنطن على لائحة الارهاب، ما يعني الاتفاق بين الجانبين على حرمان تنظيم “القاعدة” وجبهة “النصرة” من الجلوس إلى طاولة الحوار، بل على العكس وضعها على الطاولة من ضمن أجندة اقليمية ودولية للحد من أخطارها واعادتها إلى حجمها الطبيعي. الاجتماع المذكور بتوقيته ونتائجه المفترضة، أربك الدولة الخليجية التي تلقت التقرير ودفعتها إلى اعادة ترتيب أولوياتها، باعتبار أن كل ما جرى في الأشهر الأخيرة الماضية جاء من دون علمها وعلى عكس ما كانت تخطط له وتنتظره، وبالتالي فانها بدأت تعيش حالة انعدام الوزن نتيجة انعدام الثقة بحلفائها الغربيين والأوروبيين على حد سواء، بعد أن كانت قد تلقت الكثير من الوعود والضمانات بحفظ دورها في أي تسوية، فاذا بالأيام تثبت عكس ذلك وتعيد تجربة الانسحاب الأميركي من العراق، فعدم اشراك التنظيمات المدعومة من قبل الدولة الخليجية المعنية يعني اسقاط دورها والجعل من مشاركتها في طاولة الحوار السورية مجرد حدث لحفظ ماء الوجه، وذلك على اعتبار أن واشنطن هي من سيفاوض وسيحتفظ بالأوراق الرابحة لحماية مصالحها، بينما ستدفع الدول التي لعبت دوراً مباشراً في الحرب على الدولة السورية ثمن الفشل في تحقيق الأهداف المعلنة، وهذا يعني بشكل أو بآخر أن مشهد العراق يتكرر راهناً في سوريا مع فارق بسيط، وهو أن المستفيد من الأنسحاب من العراق كانت الدولة الايرانية بينما المستفيد الوحيد من الانسحاب الأميركي من الرمال السورية المتحركة هي الدولة السورية.

المصدر : أنطوان الحايك - النشرة


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة