دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
منذ ثلاثة أشهر، وصلت معلومات إلى جهاز استخباراتي لبناني تفيد بدخول بضع سيارات مفخخة بطريقة ذكية الى لبنان وسورية عبر الأردن، وتحوي كميات كبيرة من المتفجرات. لم يسرب الخبر في لبنان حينها لعدم التسبب بذعر المواطنين. مضى شهران وانفجرت سيارة في بئر العبد وتبعتها جريمة تفجير السيارة في الرويس.
منذ أسابيع قليلة، باشر “حزب الله” تنفيذ إجراءات أمنية مشددة نسبيا في الضاحية وأقام حواجز مدنية طيارة وأوقف سيارات يشتبه بها لضبط أيّ محاولة تفجير كما حصل في بئر العبد. تحمس المواطنون لتلك الإجراءات بإعتبارها تساهم في حماية الأهالي من أيّ عمل تخريبي.
أتت حادثة الرويس لتؤكد وجهة نظر الحزب، بوجود تهديدات جدية لا ترتبط فقط بما يقال عن سبب الدخول بمعارك القصير السورية، بل تتعداها الى مسار الأحداث في المنطقة.
المشهد يكتمل في صورة تبدأ من تفجيرات العراق المفتوحة يوميا الى معارك سوريا وتفجيراتها ومستجدات مصر وخصوصا في جبهة سيناء بين الجيش والمتطرفين وهجوم الإسلاميين على الكنائس القبطية من ناحية ثانيا، الى أوضاع ليبيا والجزائر وتونس وخصوصا اشتباكات المناطق الحدودية.
المشهد تتضح حلقاته في سياق ما أشارت اليه التقارير الاستخباراتية الدولية عندما تحدثت واشنطن ثم الامم المتحدة عن تعدد المجموعات التي ترتبط بالقاعدة واستقلاليتها، ما يعني اتساع حدود أخطارها.
لا يمكن بعد اليوم كما يقول مطلعون فصل الساحة اللبنانية عن غيرها، لأسباب لا ترتبط باللبنانيين بل بنهج التيارات الاسلامية المتطرفة التي اصبحت عابرة للحدود. صار أمر الاغتيال يصدر من قبل مجموعة ما في دولة ويخطط له من قبل مجموعة اخرى في دولة اخرى وتنفذه مجموعة مختلفة في ساحة الاستهداف. ولذلك ترتفع اسهم الخطر في الساحات العربية على مساحة زمنية مفتوحة.
ماذا يعني هذا الكلام؟
ببساطة يتجرأ مطلعون على القول اننا دخلنا النفق المظلم في مرحلة يزداد فيها التطرف ويشرع مثلا في سوريا التي باتت تحوي “عشرات آلاف الجهاديين” المستعدين للانتحار في اي مكان.
تعلم الدول الغربية حجم المخاطر، والصحف الأميركية والأوروبية حذرت نقلا عن اجهزة الإستخبارات من انتقال الخطر الى عواصم الغرب. فهل تغيرت المعادلة؟
يقول المطلعون ان الخطر المتطرف لن يضبط بعد اليوم الا بتعاون أعدائه بغض النظر عن الحسابات السياسية، لان الواقع اثبت وجود فصل بين تيارين: احدهما يجمع بين الإسلاميين المتطرفين ومن ضمنهم الاخوان المسلمين كما تبين في سوريا ومصر وليبيا، والآخر يجمع الجيوش والمدنيين والمعتدلين والطامحين بحياة غير متطرفة بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية والعقائدية.
الم يجر حرق الكنائس في مصر؟ هل يمكن للمسيحيين مثلا تحييد انفسهم وكنائسهم؟ لقد سايروا الاخوان طويلا، و خرج منهم في لبنان من يقول: فليحكم الأخوان، لكن ماذا كانت النتيجة؟ إسألوا أقباط مصر، ومسيحيي العراق وسوريا… إسألوا عن خوف المسيحيين في الأردن. شاهدوا ماذا حصل مع رجال الدين المسيحيين، الم يخطف منهم في سوريا؟ ألم يقتل منهم في مصر؟
تؤكد الأحداث ان التيارين في الشرق اليوم يزدادان رسوخا، بدليل حماية المسلمين المصريين للكنائس في سوهاج المصرية وغيرها من محاولة الأخوان والمتطرفين الإسلاميين حرقها كما فعلوا في كنائس أخرى، لكن الرد كان معبرا جداً من الأقباط الذين شكروا المسلمين وقالوا لهم: خففوا عنكم أهلنا، “الحجارة بتتعوض اذا راحت اما أنتم ما حدا بعوضنا عنكم”.
يوما بعد يوم سيجد مناصرو التيارين المذكورين انفسهم اكثر التصاقا بأفكارهم. سيعترف كثيرون انهم أخطأوا بحق أوطانهم تحت تأثير خديعة الثورات العربية. وقائع سوريا تؤكد ذلك.
امام هذا الواقع، يصعب على جنيف اثنين وثلاثة وخمسة وعشرة ان يجد حلولا. يقول العالمون ان الحل يكمن باتحاد الشعوب للثورة ضد المتطرفين، في شرق يعج بالأزمات من البشر الى الثروات الطبيعية الى التقسيمات الجغرافية والقوميات والأطماع الغربية. محطات تذكرنا بالقول ان الله انزل 125 الف نبي ورسول الى هذا الشرق، لكن تبين انه في العام 2013 ميلادي يشدّ المتطرفون الى زمن الجاهلية، فمن يستطيع ان يهدي هؤلاء بعد عجز الرسالات والأديان عن إقناعهم بإنسانية البشر؟
انها بداية الزمن الصعب، قد تكون دورة الجاهلية طويلة هذه المرة.
المصدر :
النشرة/ عباس ضاهر
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة