لم يوفر الإعلام التابع لرئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان حتى الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي إكمال الدين إحسان أوغلي، في سياق حملته على القوى التي أطاحت بجماعة «الإخوان المسلمين» في مصر.

ففي احد عناوينها الفرعية في الصفحة الأولى، ذكرت صحيفة «يني شفق» الإسلامية ان إحسان أوغلي لم يدل بموقف حول فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، إلا بعد مرور ساعات على حدوثه. وأشارت إلى انه «لم يستخدم حتى الآن كلمة انقلاب عسكري للدلالة على ما حدث، كما انه تجنب وصف فض اعتصامات الإخوان وسقوط عشرات القتلى بالمجزرة»، بل اقتصر على إبداء قلقه وحزنه والدعوة إلى الحوار.

وكانت الصحيفة تغمز من وراء هذا النقد إلى ولاء أحسان اوغلي للسعودية، ذات الثقل الأكبر في المنظمة، وليس لتركيا التي زكّته وسعت إلى انتخابه أمينا عاما للمنظمة قبل سنوات.

أما على صعيد ردود الفعل الرسمية، فكانت مواقف اردوغان هي الأبرز، وكعادته استخدم التعابير الدينية من أجل كسب العطف وإظهار الشراكة الإيديولوجية مع «الإخوان المسلمين» عندما هدد قادة «الانقلاب العسكري» بأنهم لن يبقوا في هذه الدنيا، قائلا «يجب أن يعلموا بأن الفراعنة الذين كانوا يظنون أنفسهم أقوياء قد رحلوا عن هذا العالم. والانقلابيون بدورهم سيرحلون. ويجب أن يعلموا ذلك جيدا». وأضاف «عاجلا أم آجلا سيظهر موسى، ويحاسب هؤلاء على ظلمهم».

ومع أن اردوغان انتقد بشدة قبل أيام حامل جائزة نوبل للسلام محمد البرادعي لمشاركته «الانقلابيين» في الانقلاب على «الإخوان»، منتقدا أيضا لجنة جائزة نوبل لمنحها البرادعي الجائزة، عاد أمس وقال انه رغم تأخرها فإن استقالة البرادعي هي نموذج يجب أن يحتذيه قادة الانقلاب.

ودعا اردوغان إلى «محاكمة الانقلابيين على المجازر التي ارتكبوها»، والى «إطلاق سراح محمد مرسي وزعماء الإخوان المسلمين».

وإذ دعا الأمم المتحدة إلى التحرك وإدانة المجازر، قال إن «تركيا ستتحمل المسؤولية التاريخية التي ورثتها عن أجدادها». وانتقد الغرب الذي لم يسم ما حدث بالانقلاب بل بالتدخل. وقال إن «ما يجري في مصر وغيرها مؤامرة على العالم الإسلامي وتركيا مستهدفة من هذه المؤامرة، فهم لا يريدون تركيا قوية. لا أحد يريد تركيا قوية». وأضاف ان «ما حدث للإخوان المسلمين في مصر حدث مثله في السابق لحركة حماس، التي فازت في انتخابات ديموقراطية فبادروا إلى حصارها بشتى الوسائل».

وفي انتقاد ضمني للسعودية ودول الخليج الأخرى، قال اردوغان انه فقط تركيا وقطر ساعدتا نظام حكم «الإخوان» بعد وصولهم إلى السلطة في مصر.

وعن استدعاء السفير التركي في مصر حسين عوني بوتسالي إلى أنقرة، قال اردوغان إن حكومته لا تحصل على المعلومات الدقيقة التي تريد أن تحصل عليها من بوتسالي. واعلنت مصر استدعاء سفيرها من انقرة.

وأعلنت وزارة الخارجية المصرية، في بيان، أن مصر قررت إلغاء تدريبات عسكرية بحرية مشتركة مع تركيا احتجاجاً على «التدخل في الشأن المصري». وذكرت ان «مصر قررت إلغاء التدريب البحري المشترك مع الجانب التركي تحت اسم بحر صداقة، والذي كان من المقرر تنظيمه من 21 إلى 28 تشرين الأول (المقبل) في تركيا».

وذكرت صحيفة «دنيا» الاقتصادية ان العديد من الشركات التركية الكبرى في مصر، ولا سيما على صعيد صناعة النسيج، قد اتخذت قرارا بنقل استثماراتها إلى تركيا. وقالت إن «أكثر من مئتي شركة تركية تعمل في مصر، باستثمارات تصل إلى ملياري دولار، تشعر بقلق عميق من التطورات في مصر وفي شمال أفريقيا، والتي تفتح على مخاطر جمة على الاستثمارات التركية». وأشارت إلى أن «حجم التجارة التركية مع مصر وصل خلال السنوات الخمس الماضية إلى خمسة مليارات دولار. ومن الشركات التي أوقفت عملها شركة أولكير الشهيرة للبسكويت والشوكولا وشركة هاي فود وشركة اروغلو للنسيج».

على صعيد آخر، يبذل حزب العدالة والتنمية جهودا مكثفة لمنع رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتشدار أوغلو من تحقيق زيارته للعراق. وقد دخلت وزارة الخارجية التركية على الخط، محذرة كيليتشدار اوغلو من زيارة بغداد بسبب المخاطر الأمنية.

وأعلن نائب رئيس الحزب غورسيل تكين أن رئيس الحزب مصمم على الزيارة، رغم انه سيأخذ في الاعتبار تحذيرات الخارجية التركية. وقال تكين «كم هو مؤسف أننا نعيش نتائج السياسة الخارجية الخاطئة منذ عشر سنوات»، مضيفا أن تركيا كانت تقول بالأمس أنها «لاعب عالمي» بينما هي اليوم «دمية عالمية» في الشرق الأوسط.
  • فريق ماسة
  • 2013-08-16
  • 9408
  • من الأرشيف

أردوغان يهاجم «الفراعنة» ويستنجد بـ«موسى»!

لم يوفر الإعلام التابع لرئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان حتى الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي إكمال الدين إحسان أوغلي، في سياق حملته على القوى التي أطاحت بجماعة «الإخوان المسلمين» في مصر. ففي احد عناوينها الفرعية في الصفحة الأولى، ذكرت صحيفة «يني شفق» الإسلامية ان إحسان أوغلي لم يدل بموقف حول فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، إلا بعد مرور ساعات على حدوثه. وأشارت إلى انه «لم يستخدم حتى الآن كلمة انقلاب عسكري للدلالة على ما حدث، كما انه تجنب وصف فض اعتصامات الإخوان وسقوط عشرات القتلى بالمجزرة»، بل اقتصر على إبداء قلقه وحزنه والدعوة إلى الحوار. وكانت الصحيفة تغمز من وراء هذا النقد إلى ولاء أحسان اوغلي للسعودية، ذات الثقل الأكبر في المنظمة، وليس لتركيا التي زكّته وسعت إلى انتخابه أمينا عاما للمنظمة قبل سنوات. أما على صعيد ردود الفعل الرسمية، فكانت مواقف اردوغان هي الأبرز، وكعادته استخدم التعابير الدينية من أجل كسب العطف وإظهار الشراكة الإيديولوجية مع «الإخوان المسلمين» عندما هدد قادة «الانقلاب العسكري» بأنهم لن يبقوا في هذه الدنيا، قائلا «يجب أن يعلموا بأن الفراعنة الذين كانوا يظنون أنفسهم أقوياء قد رحلوا عن هذا العالم. والانقلابيون بدورهم سيرحلون. ويجب أن يعلموا ذلك جيدا». وأضاف «عاجلا أم آجلا سيظهر موسى، ويحاسب هؤلاء على ظلمهم». ومع أن اردوغان انتقد بشدة قبل أيام حامل جائزة نوبل للسلام محمد البرادعي لمشاركته «الانقلابيين» في الانقلاب على «الإخوان»، منتقدا أيضا لجنة جائزة نوبل لمنحها البرادعي الجائزة، عاد أمس وقال انه رغم تأخرها فإن استقالة البرادعي هي نموذج يجب أن يحتذيه قادة الانقلاب. ودعا اردوغان إلى «محاكمة الانقلابيين على المجازر التي ارتكبوها»، والى «إطلاق سراح محمد مرسي وزعماء الإخوان المسلمين». وإذ دعا الأمم المتحدة إلى التحرك وإدانة المجازر، قال إن «تركيا ستتحمل المسؤولية التاريخية التي ورثتها عن أجدادها». وانتقد الغرب الذي لم يسم ما حدث بالانقلاب بل بالتدخل. وقال إن «ما يجري في مصر وغيرها مؤامرة على العالم الإسلامي وتركيا مستهدفة من هذه المؤامرة، فهم لا يريدون تركيا قوية. لا أحد يريد تركيا قوية». وأضاف ان «ما حدث للإخوان المسلمين في مصر حدث مثله في السابق لحركة حماس، التي فازت في انتخابات ديموقراطية فبادروا إلى حصارها بشتى الوسائل». وفي انتقاد ضمني للسعودية ودول الخليج الأخرى، قال اردوغان انه فقط تركيا وقطر ساعدتا نظام حكم «الإخوان» بعد وصولهم إلى السلطة في مصر. وعن استدعاء السفير التركي في مصر حسين عوني بوتسالي إلى أنقرة، قال اردوغان إن حكومته لا تحصل على المعلومات الدقيقة التي تريد أن تحصل عليها من بوتسالي. واعلنت مصر استدعاء سفيرها من انقرة. وأعلنت وزارة الخارجية المصرية، في بيان، أن مصر قررت إلغاء تدريبات عسكرية بحرية مشتركة مع تركيا احتجاجاً على «التدخل في الشأن المصري». وذكرت ان «مصر قررت إلغاء التدريب البحري المشترك مع الجانب التركي تحت اسم بحر صداقة، والذي كان من المقرر تنظيمه من 21 إلى 28 تشرين الأول (المقبل) في تركيا». وذكرت صحيفة «دنيا» الاقتصادية ان العديد من الشركات التركية الكبرى في مصر، ولا سيما على صعيد صناعة النسيج، قد اتخذت قرارا بنقل استثماراتها إلى تركيا. وقالت إن «أكثر من مئتي شركة تركية تعمل في مصر، باستثمارات تصل إلى ملياري دولار، تشعر بقلق عميق من التطورات في مصر وفي شمال أفريقيا، والتي تفتح على مخاطر جمة على الاستثمارات التركية». وأشارت إلى أن «حجم التجارة التركية مع مصر وصل خلال السنوات الخمس الماضية إلى خمسة مليارات دولار. ومن الشركات التي أوقفت عملها شركة أولكير الشهيرة للبسكويت والشوكولا وشركة هاي فود وشركة اروغلو للنسيج». على صعيد آخر، يبذل حزب العدالة والتنمية جهودا مكثفة لمنع رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتشدار أوغلو من تحقيق زيارته للعراق. وقد دخلت وزارة الخارجية التركية على الخط، محذرة كيليتشدار اوغلو من زيارة بغداد بسبب المخاطر الأمنية. وأعلن نائب رئيس الحزب غورسيل تكين أن رئيس الحزب مصمم على الزيارة، رغم انه سيأخذ في الاعتبار تحذيرات الخارجية التركية. وقال تكين «كم هو مؤسف أننا نعيش نتائج السياسة الخارجية الخاطئة منذ عشر سنوات»، مضيفا أن تركيا كانت تقول بالأمس أنها «لاعب عالمي» بينما هي اليوم «دمية عالمية» في الشرق الأوسط.

المصدر : السفير/ محمد نور الدين


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة