تشترط أميركا وبكل وقاحة ووضوح أن يتحقق التوازن في الميدان بين القوى السورية الرسمية الشرعية من جهة وبين الإرهابيين والجماعات المسلحة الخارجة على القانون، والذين هم في معظمهم من أجانب غير سوريين من جهة أخرى، تشترط ذلك من أجل السير قدماً في فتح الطريق إلى جنيف لعقد المؤتمر الدولي حول سورية، ورغم أن الموقف لا يستحق إلا الانكار والادانة يبقى أن نسأل هل المؤتمر قابل للتحقيق؟‏

في الاجابة هنا لا نرى إمكاناً من غير اطلالة شاملة على المشهد المتشكل حالياً، وهومشهد يقود إلى الاستنتاج بأن العدوان الصهيو-أميركي على المنطقة دخل مرحلة جديدة من التهاوي والتراجع، أجبرت قيادته على اتخاذ مواقف عولت عليها لكبح المسار الانحداري، ولانقاذ المشروع أو الاتجاه نحوالانتقام التدميري الذي يلجأ اليه من يصل إلى حالة اليأس النهائي فيفجر يأسه بتدمير ما تصل اليه يده بعد أن يقطع الامل من الانتصار .‏

وقبل أن نفصل جزئيات هذا المشهد لا بد من أن نذكر بأن منظومة العدوان على سورية والمنطقة اعتمدت في مراحل التنفيذ الاساسية على الارهاب والعنف وسيلة رئيسية لتحقيق اهداف العدوان، وتمسكت بهذه الوسيلة بعد أن أقفلت بوجهها السبل الأخرى من سياسية ودبلوماسية وعطلت أو حجمت الوسائل الاقتصادية والاعلامية، بحيث قاد هذا الاقفال اوالتعطيل اوالتحجيم قاد إلى جعل الارهاب الطريق شبه الوحيد المتاح الذي يعول عليه من اجل انقاذ المشروع، وعلى هذا الاساس فقد بات اتجاه الميدان المؤشر الذي يستدل به لمعرفة مستوى تقدم هذا المشروع أو تراجعه، وتبقى العناوين السياسية اوالاعلامية عناصر مساعدة للتوضيح أو تأكيد ما يرسمه الميدان وانطلاقاً من ذلك فإننا نبحث في المشهد بوجهيه الميداني والسياسي:‏

 

أ. على الصعيد الميداني نسجل ما يلي :‏

1) امتلاك الجيش العربي السوري زمام المبادرة على صعيد معظم العمليات الميدانية، فهو في العمليات الهجومية من يحدد سلم الأوليات للاهداف التي يقرر معالجتها بهجوم يحدد هومكانه وزمانه والقوى المشاركة في التنفيذ، وعلى صعيد الدفاع هوالذي يتحكم بتحريك الميدان واستدراج العصابات الإرهابية إلى مناطق التقتيل في الحد الاقصى الممكن مع تنفيذ ذلك بالحد الادنى من الوسائل والخسائر، اما في المجال الامني والاستخبارتي فحدث ولا حرج عن قدرة الدولة في اختراق الجماعات الإرهابية ومعرفة ما يدور في حلقاتها وصولا إلى حملها على بيع ما يصلها من سلاح متطور من قيادة جبهة العدوان.‏

2) نجاح الجيش العربي السوري والقوات الرديفة في السيطرة على شبكة المواصلات الرئيسية داخل سورية وربط المناطق السورية ببعضها، وفي المقابل فقدان الجماعات المسلحة حرية الحركة وتحولها إلى بؤر وجزر مقطعة الاوصال تفرض على المعنيين بها من الإرهابيين جهدا اكبر لتأمين الحاجات العسكرية، اوتنفيذ العمليات الاجرامية .‏

3) نجاح الجيش العربي السوري في استعادة ما يتعدى نصف المناطق التي كانت قد خرجت عن سلطة القانون، ثم نجاحه في اقامة منظومة تكاملية لتثبيت الامن والدفاع عنها، الأمر الذي غير جذريا في مسار العمليات الميدانية التي كانت في مطلع الازمة مميزة بالكر والفر ما جعل المنطقة الواحدة عرضة لاكثر من عملية هجوم وتطهير، أما الآن فقد بات التحرك بقدم راسخة واثقة من القدرة على الثبات في المواقع المطهرة.‏

4) انحدار القدرات العسكرية والميدانية لدى الجماعات المسلحة، انحدارها عن القمة التي وصلت اليها قبل أربعة أشهر، ثم انعدام الآمال لدى جبهة العدوان في العودة إلى تلك القمة . وموضوعيا نقول بأن سقف الـ 150 الف مسلح الذي بلغته الجماعات الإرهابية المندرجة تحت اكثر من 50 عنواناً من تسميات شتى، سقف لن تعود اليه بعد أن بدأت تجفف مصادر الارهاب في الخارج، وارتفاع مستوى الوعي لدى الشعب السوري ما يحول دون تجند شباب إضافي في الاعمال الإرهابية. أما عن التسليح فاننا نشهد الاضطراب والتقلب في نمطه، وصحيح ان توريد السلاح مستمر لكن الفوضى والارتباك يحكم مساره ما يجعل القيمة الميدانية له محدودة، ولهذا نشهد عمليات بيع هذا السلاح من قبل الإرهابيين دون التوقف عند هوية المشتري حتى ولوكانت الدولة السورية نفسها .‏

5) تعطيل ورقة لبنان في تعزيز قدرات الجماعات المسلحة بعد نجاح الجيش العربي السوري في تطهير القصير ثم تلكلخ ثم محاصرة غوطة دمشق الغربية وتضييق الخناق على المسلحين في البقعة السورية الواقعة شرقي خط عرسال – مجدل عنجر اللبنانية.‏

واذا تذكرنا ان 40 % من قدرات المسلحين كانت توفر لهم عبر الاتجاه اللبناني نعلم اهمية تعطيل هذه الورقة على مسار الاحداث مستقبلياً.‏

6) فشل الحالة الإرهابية السلفية التكفيرية التي رعاها تيار المستقبل ونماها في صيدا من اجل إحداث فتنة في لبنان تحاصر المقاومة وتقود إلى حرب اهلية تفتح الطريق إلى عدوان اسرائيلي يتكئ عليه في محاصرة سورية من الغرب، وتعزيز قدرات الإرهابيين فيها، كل تلك الاحلام انهارت مع نجاح الجيش اللبناني في اجتثاث حالة الأسير الإرهابية، ولن يعوض تيار المستقبل هذه الخسارة الفادحة بالحركة الكيدية والتضليلة التي يقودها الآن، فالخسارة وقعت وصيدا خرجت من مأزق الفتنة ولا عودة إلى الوراء.‏

ب. أما على الصعيد السياسي فإننا نسجل بوضوح :‏

1) اضمحلال بنى وهيئات ومكونات ما يسمى المعارضة السورية، إلى الحد الذي باتت قيادة العدوان عاجزة عن تشكيل الهيئة التي تكلفها أو تدعي انها تمثل كل المعارضة أو النطق أو التفاوض باسمها، وأن القول بعدم جهوز المعارضة للذهاب إلى جنيف لحضور المؤتمر الدولي حول سورية امر مرده إلى عدم وجود من يمثل أصلاً أو يقبل به ممن يسمون أنفسهم معارضة، ولذلك سيبقى العائق المانع لانعقاد هذا المؤتمر عائداً إلى هذا السبب أيضاً وليس لما يدعيه البعض من شروط للذهاب، فهؤلاء هم أوهن بكثير من أن يضعوا شروطاً على من يستعيد الامساك بالميدان السوري ويمارس السيادة الوطنية عليها، أي الحكومة السورية الشرعية .‏

2) دخول مثلث العدوان الاقليمي في حالة اضطراب وارباك متأتية عن اوضاع داخلية ذات اسباب شتى، حالة تمنع هذا المثلث من متابعة الوضع السوري بالزخم السابق ومن كل الوجوه. حيث نجد أن قطر وبعد عزل اميرها وتغيير حكومتها ستتراجع إلى الخلف في الازمة السورية لتخلي المكان للسعودية التي تعاني من اشتباك الاجنحة بين العائلة المالكة في ظل مخاوف شديدة لدى تلك العائلة من انفجار الخلاف وخروجه عن السيطرة، وخاصة أن حظوظ التيار الامني - السياسي المرتجف والممعن في دعمه للارهاب في سورية (محور بندر - سعود الفيصل)، حظوظه في الامساك بالقرار السعودي باتت متدنية قياسا على قدرات التيارات الأخرى. أما تركيا فإن اضطرار أردوغانها للانحناء امام ما يجري في الداخل وتلمسه بداية نهايته لن يسمح له بتقديم شيء اضافي لدعم جماعات الارهاب العاملة في سورية، وخاصة مع تشكل مخاوف جدية لديه بأن قسماً كبيراً من السلاح المستحضر لادخاله إلى سورية، سيبقى في تركيا للاستعمال ضده، لهذا فان قلقه من هذا الخطر يدفعه إلى مراجعة الكثير من مواقفه حيال سورية وإلى الحد الذي سربت اوساطه بانه يفكر جدياً باقفال مخيمات النازحين السوريين وطرد شاغليها لاعادتهم إلى سورية.‏

3) وعلى جبهة التنظيم العالمي للإخوان المسلمين يكفي ان نشير إلى الانفجار الشعبي بوجه هذا التنظيم وقيادته في مصر لنعلم ان هؤلاء الذين كانوا يمنون النفس بحكم المنطقة كلها من تونس إلى سورية تنفيذا للصفقة مع اميركا قائدة العدوان، إن هؤلاء دخلوا في مرحلة الدفاع اليائس والمستميت لحماية ما وصلوا اليه ولم يعد بمقدورهم التحرك لنيل مكاسب جديدة في ظل تدني أملهم حتى بالاحتفاظ بما في يدهم اليوم.‏

 

4) أما غلاة الاتحاد الاروبي ضد سورية – فرنسا وبريطانيا – فانهما وبعد الكثير من التهويل والظهور بمظهر المستعد لتزويد المعارضة بكل ما تطلب من سلاح، فانهما كما يبدو عادتا عن كل ذلك وباتتا تتقنان اطلاق الاعذار المانعة من التنفيذ، ما يقودنا إلى القول بأن ما نفذتاه من تسليح قد نفد ولن يكون زيادة في الشأن بعد انعدام الثقة بالمعارضة وفقدان أي أمل بنجاح عسكري تحققه في مواجهة النظام والحكومة السورية .‏

5) ونختم مع أميركا التي لجأت إلى التهويل والقول بانها ستقود الميدان بنفسها حتى تقيم توازناً فيه يحمل النظام على التفاوض في جنيف. وهنا نستبعد ان تنجح أميركا أو تنفذ ما تعد به لان الظروف الميدانية والموضوعية تحول دون ذلك، سواء على الصعيد الجغرافي اوالصعيد البشري ولن يحملنا على تغيير رأينا هنا ما سربته اميركا من أنها دربت وتواصل تدريب 4 آلاف عنصر مما يسمى «جيش حر»، تعول عليهم لتحقيق المطلوب من التوازن فالامر يدعوللسخرية اكثر من الاهتمام بجديته.، وخاصة مع السؤال : ما ذا سيغير 4 آلاف عنصر في ميدان فيه أكثر من 400 ألف مقاتل.‏

وبنتيجة ما تقدم نعود إلى القول بأن قدرات العدوان على سورية وبكل وجوهه ومكونات منفذيه،غادرت نقطة القمة التي كانت وصلت اليها وانحدرت هابطة مع انعدام آمال قيادته بترميم الوضع اوالعودة إلى تلك القمة، وبخلاف ذلك نجد جبهة الدفاع تشتد تماسكاً وفعالية وترتقي انجازاتها صعودا وبشكل يمكننا من القول إن الدفاع الآن هو في أفضل ظروفه، بينما يعيش العدوان اسوأها، أما فكرة إعادة التوازن بين الجبهتين فإنها حلم لن يتحقق وموقع لن يدرك. واذا كان هذا التوازن شرط اميركا لانعقاد جنيف فاننا وبساطة نقول إن المؤتمر هذا لن ينعقد، ولايبقى للسعي الأميركي هذا إلا وظيفة واحدة هو احداث مزيد من التدمير الإرهابي الذي لن يوضع له حد إلا على يد الجيش العربي السوري وبمزيد من الوعي لدى الشعب السوري.‏

 

  • فريق ماسة
  • 2013-06-30
  • 10092
  • من الأرشيف

لهذه الأسباب لن ينعقد المؤتمر الدولي .. بشروط أميركا

تشترط أميركا وبكل وقاحة ووضوح أن يتحقق التوازن في الميدان بين القوى السورية الرسمية الشرعية من جهة وبين الإرهابيين والجماعات المسلحة الخارجة على القانون، والذين هم في معظمهم من أجانب غير سوريين من جهة أخرى، تشترط ذلك من أجل السير قدماً في فتح الطريق إلى جنيف لعقد المؤتمر الدولي حول سورية، ورغم أن الموقف لا يستحق إلا الانكار والادانة يبقى أن نسأل هل المؤتمر قابل للتحقيق؟‏ في الاجابة هنا لا نرى إمكاناً من غير اطلالة شاملة على المشهد المتشكل حالياً، وهومشهد يقود إلى الاستنتاج بأن العدوان الصهيو-أميركي على المنطقة دخل مرحلة جديدة من التهاوي والتراجع، أجبرت قيادته على اتخاذ مواقف عولت عليها لكبح المسار الانحداري، ولانقاذ المشروع أو الاتجاه نحوالانتقام التدميري الذي يلجأ اليه من يصل إلى حالة اليأس النهائي فيفجر يأسه بتدمير ما تصل اليه يده بعد أن يقطع الامل من الانتصار .‏ وقبل أن نفصل جزئيات هذا المشهد لا بد من أن نذكر بأن منظومة العدوان على سورية والمنطقة اعتمدت في مراحل التنفيذ الاساسية على الارهاب والعنف وسيلة رئيسية لتحقيق اهداف العدوان، وتمسكت بهذه الوسيلة بعد أن أقفلت بوجهها السبل الأخرى من سياسية ودبلوماسية وعطلت أو حجمت الوسائل الاقتصادية والاعلامية، بحيث قاد هذا الاقفال اوالتعطيل اوالتحجيم قاد إلى جعل الارهاب الطريق شبه الوحيد المتاح الذي يعول عليه من اجل انقاذ المشروع، وعلى هذا الاساس فقد بات اتجاه الميدان المؤشر الذي يستدل به لمعرفة مستوى تقدم هذا المشروع أو تراجعه، وتبقى العناوين السياسية اوالاعلامية عناصر مساعدة للتوضيح أو تأكيد ما يرسمه الميدان وانطلاقاً من ذلك فإننا نبحث في المشهد بوجهيه الميداني والسياسي:‏   أ. على الصعيد الميداني نسجل ما يلي :‏ 1) امتلاك الجيش العربي السوري زمام المبادرة على صعيد معظم العمليات الميدانية، فهو في العمليات الهجومية من يحدد سلم الأوليات للاهداف التي يقرر معالجتها بهجوم يحدد هومكانه وزمانه والقوى المشاركة في التنفيذ، وعلى صعيد الدفاع هوالذي يتحكم بتحريك الميدان واستدراج العصابات الإرهابية إلى مناطق التقتيل في الحد الاقصى الممكن مع تنفيذ ذلك بالحد الادنى من الوسائل والخسائر، اما في المجال الامني والاستخبارتي فحدث ولا حرج عن قدرة الدولة في اختراق الجماعات الإرهابية ومعرفة ما يدور في حلقاتها وصولا إلى حملها على بيع ما يصلها من سلاح متطور من قيادة جبهة العدوان.‏ 2) نجاح الجيش العربي السوري والقوات الرديفة في السيطرة على شبكة المواصلات الرئيسية داخل سورية وربط المناطق السورية ببعضها، وفي المقابل فقدان الجماعات المسلحة حرية الحركة وتحولها إلى بؤر وجزر مقطعة الاوصال تفرض على المعنيين بها من الإرهابيين جهدا اكبر لتأمين الحاجات العسكرية، اوتنفيذ العمليات الاجرامية .‏ 3) نجاح الجيش العربي السوري في استعادة ما يتعدى نصف المناطق التي كانت قد خرجت عن سلطة القانون، ثم نجاحه في اقامة منظومة تكاملية لتثبيت الامن والدفاع عنها، الأمر الذي غير جذريا في مسار العمليات الميدانية التي كانت في مطلع الازمة مميزة بالكر والفر ما جعل المنطقة الواحدة عرضة لاكثر من عملية هجوم وتطهير، أما الآن فقد بات التحرك بقدم راسخة واثقة من القدرة على الثبات في المواقع المطهرة.‏ 4) انحدار القدرات العسكرية والميدانية لدى الجماعات المسلحة، انحدارها عن القمة التي وصلت اليها قبل أربعة أشهر، ثم انعدام الآمال لدى جبهة العدوان في العودة إلى تلك القمة . وموضوعيا نقول بأن سقف الـ 150 الف مسلح الذي بلغته الجماعات الإرهابية المندرجة تحت اكثر من 50 عنواناً من تسميات شتى، سقف لن تعود اليه بعد أن بدأت تجفف مصادر الارهاب في الخارج، وارتفاع مستوى الوعي لدى الشعب السوري ما يحول دون تجند شباب إضافي في الاعمال الإرهابية. أما عن التسليح فاننا نشهد الاضطراب والتقلب في نمطه، وصحيح ان توريد السلاح مستمر لكن الفوضى والارتباك يحكم مساره ما يجعل القيمة الميدانية له محدودة، ولهذا نشهد عمليات بيع هذا السلاح من قبل الإرهابيين دون التوقف عند هوية المشتري حتى ولوكانت الدولة السورية نفسها .‏ 5) تعطيل ورقة لبنان في تعزيز قدرات الجماعات المسلحة بعد نجاح الجيش العربي السوري في تطهير القصير ثم تلكلخ ثم محاصرة غوطة دمشق الغربية وتضييق الخناق على المسلحين في البقعة السورية الواقعة شرقي خط عرسال – مجدل عنجر اللبنانية.‏ واذا تذكرنا ان 40 % من قدرات المسلحين كانت توفر لهم عبر الاتجاه اللبناني نعلم اهمية تعطيل هذه الورقة على مسار الاحداث مستقبلياً.‏ 6) فشل الحالة الإرهابية السلفية التكفيرية التي رعاها تيار المستقبل ونماها في صيدا من اجل إحداث فتنة في لبنان تحاصر المقاومة وتقود إلى حرب اهلية تفتح الطريق إلى عدوان اسرائيلي يتكئ عليه في محاصرة سورية من الغرب، وتعزيز قدرات الإرهابيين فيها، كل تلك الاحلام انهارت مع نجاح الجيش اللبناني في اجتثاث حالة الأسير الإرهابية، ولن يعوض تيار المستقبل هذه الخسارة الفادحة بالحركة الكيدية والتضليلة التي يقودها الآن، فالخسارة وقعت وصيدا خرجت من مأزق الفتنة ولا عودة إلى الوراء.‏ ب. أما على الصعيد السياسي فإننا نسجل بوضوح :‏ 1) اضمحلال بنى وهيئات ومكونات ما يسمى المعارضة السورية، إلى الحد الذي باتت قيادة العدوان عاجزة عن تشكيل الهيئة التي تكلفها أو تدعي انها تمثل كل المعارضة أو النطق أو التفاوض باسمها، وأن القول بعدم جهوز المعارضة للذهاب إلى جنيف لحضور المؤتمر الدولي حول سورية امر مرده إلى عدم وجود من يمثل أصلاً أو يقبل به ممن يسمون أنفسهم معارضة، ولذلك سيبقى العائق المانع لانعقاد هذا المؤتمر عائداً إلى هذا السبب أيضاً وليس لما يدعيه البعض من شروط للذهاب، فهؤلاء هم أوهن بكثير من أن يضعوا شروطاً على من يستعيد الامساك بالميدان السوري ويمارس السيادة الوطنية عليها، أي الحكومة السورية الشرعية .‏ 2) دخول مثلث العدوان الاقليمي في حالة اضطراب وارباك متأتية عن اوضاع داخلية ذات اسباب شتى، حالة تمنع هذا المثلث من متابعة الوضع السوري بالزخم السابق ومن كل الوجوه. حيث نجد أن قطر وبعد عزل اميرها وتغيير حكومتها ستتراجع إلى الخلف في الازمة السورية لتخلي المكان للسعودية التي تعاني من اشتباك الاجنحة بين العائلة المالكة في ظل مخاوف شديدة لدى تلك العائلة من انفجار الخلاف وخروجه عن السيطرة، وخاصة أن حظوظ التيار الامني - السياسي المرتجف والممعن في دعمه للارهاب في سورية (محور بندر - سعود الفيصل)، حظوظه في الامساك بالقرار السعودي باتت متدنية قياسا على قدرات التيارات الأخرى. أما تركيا فإن اضطرار أردوغانها للانحناء امام ما يجري في الداخل وتلمسه بداية نهايته لن يسمح له بتقديم شيء اضافي لدعم جماعات الارهاب العاملة في سورية، وخاصة مع تشكل مخاوف جدية لديه بأن قسماً كبيراً من السلاح المستحضر لادخاله إلى سورية، سيبقى في تركيا للاستعمال ضده، لهذا فان قلقه من هذا الخطر يدفعه إلى مراجعة الكثير من مواقفه حيال سورية وإلى الحد الذي سربت اوساطه بانه يفكر جدياً باقفال مخيمات النازحين السوريين وطرد شاغليها لاعادتهم إلى سورية.‏ 3) وعلى جبهة التنظيم العالمي للإخوان المسلمين يكفي ان نشير إلى الانفجار الشعبي بوجه هذا التنظيم وقيادته في مصر لنعلم ان هؤلاء الذين كانوا يمنون النفس بحكم المنطقة كلها من تونس إلى سورية تنفيذا للصفقة مع اميركا قائدة العدوان، إن هؤلاء دخلوا في مرحلة الدفاع اليائس والمستميت لحماية ما وصلوا اليه ولم يعد بمقدورهم التحرك لنيل مكاسب جديدة في ظل تدني أملهم حتى بالاحتفاظ بما في يدهم اليوم.‏   4) أما غلاة الاتحاد الاروبي ضد سورية – فرنسا وبريطانيا – فانهما وبعد الكثير من التهويل والظهور بمظهر المستعد لتزويد المعارضة بكل ما تطلب من سلاح، فانهما كما يبدو عادتا عن كل ذلك وباتتا تتقنان اطلاق الاعذار المانعة من التنفيذ، ما يقودنا إلى القول بأن ما نفذتاه من تسليح قد نفد ولن يكون زيادة في الشأن بعد انعدام الثقة بالمعارضة وفقدان أي أمل بنجاح عسكري تحققه في مواجهة النظام والحكومة السورية .‏ 5) ونختم مع أميركا التي لجأت إلى التهويل والقول بانها ستقود الميدان بنفسها حتى تقيم توازناً فيه يحمل النظام على التفاوض في جنيف. وهنا نستبعد ان تنجح أميركا أو تنفذ ما تعد به لان الظروف الميدانية والموضوعية تحول دون ذلك، سواء على الصعيد الجغرافي اوالصعيد البشري ولن يحملنا على تغيير رأينا هنا ما سربته اميركا من أنها دربت وتواصل تدريب 4 آلاف عنصر مما يسمى «جيش حر»، تعول عليهم لتحقيق المطلوب من التوازن فالامر يدعوللسخرية اكثر من الاهتمام بجديته.، وخاصة مع السؤال : ما ذا سيغير 4 آلاف عنصر في ميدان فيه أكثر من 400 ألف مقاتل.‏ وبنتيجة ما تقدم نعود إلى القول بأن قدرات العدوان على سورية وبكل وجوهه ومكونات منفذيه،غادرت نقطة القمة التي كانت وصلت اليها وانحدرت هابطة مع انعدام آمال قيادته بترميم الوضع اوالعودة إلى تلك القمة، وبخلاف ذلك نجد جبهة الدفاع تشتد تماسكاً وفعالية وترتقي انجازاتها صعودا وبشكل يمكننا من القول إن الدفاع الآن هو في أفضل ظروفه، بينما يعيش العدوان اسوأها، أما فكرة إعادة التوازن بين الجبهتين فإنها حلم لن يتحقق وموقع لن يدرك. واذا كان هذا التوازن شرط اميركا لانعقاد جنيف فاننا وبساطة نقول إن المؤتمر هذا لن ينعقد، ولايبقى للسعي الأميركي هذا إلا وظيفة واحدة هو احداث مزيد من التدمير الإرهابي الذي لن يوضع له حد إلا على يد الجيش العربي السوري وبمزيد من الوعي لدى الشعب السوري.‏  

المصدر : د. أمين محمد حطيط/ الثورة


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة