... وفي اليوم الثاني عشر للحراك الشعبي التركي، سقط رجب طيب أردوغان في اختبار القوة أمام معارضيه. آلاف المتظاهرين عادوا مساء أمس إلى معقلهم الرمز، ميدان تقسيم في اسطنبول، بعد يوم من المواجهات العنيفة، إثر هجوم شنه المئات من عناصر قوات الأمن على الميدان وحديقة جيزي الملاصقة له، في محاولة لوأد الحراك الشعبي، وذلك قبيل وقت قليل من الخطاب العنيف الذي ألقاه رئيس الحكومة التركي خلال اجتماع لنواب «حزب العدالة والتنمية»، والذي جدد فيه وصف المتظاهرين بـ«الرعاع والغوغائيين»، رافضاً التراجع أمام مطالبهم.

وحتى ساعة متأخرة من ليل أمس، كان ميدان تقسيم يشهد عمليات كرّ وفرّ بين المتظاهرين وقوات الأمن التي استخدمت قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي وخراطيم المياه لفض الاعتصام.

وكانت المواجهات اندلعت بشكل عنيف، صباح أمس، قبل وقت قصير من إلقاء أردوغان كلمته أمام اجتماع لنواب «حزب العدالة والتنمية» في البرلمان.

وقال أحد الناشطين في الحراك الشعبي لـ«السفير» إن «اردوغان قد اختار إصدار الأوامر لقوات الأمن لفض الاعتصام في هذا التوقيت بالذات، بعدما أشاع مناخاً إيجابياً مساء أمس (الأول) بإعلان استعداده لاستقبال وفد من قيادة الحراك الشعبي غداً (اليوم)، والاستماع إلى المطالب».

وأضاف الناشط أن «هذا المناخ قد ساهم في تضاؤل عدد المعتصمين في ميدان تقسيم وحديقة جيزي، حيث ذهب كثرٌ إلى منازلهم لأخذ استراحة قصيرة ـ وبعضهم أمضى 12 يوماً في الميدان ـ وانتظار ما سيقوله أردوغان خلال الاجتماع البرلماني لنواب حزب العدالة والتنمية، ويبدو أنه قد استغل هذه الظروف لإصدار الأوامر بشن الهجوم».

ووصفت ناشطة أخرى ما جرى بالأمس بأنه كان «اليوم الاكثر صعوبة» بالنسبة إلى المتظاهرين منذ بدء الحراك الشعبي. وأكدت لـ«السفير» أن «قوات الأمن دفعت بمئات العناصر لاستعادة ميدان تقسيم وحديقة جيزي، وهو ما تحقق بالفعل، ولكن بشكل مؤقت، حيث عاد الآلاف من المتظاهرين إلى الميدان بحلول المساء، مرغمين قوات الامن على الانسحاب»، قبل ان تتطور الأمور لاحقاً في الليل حيث «استأنفت قوات الأمن هجومها، وسط إصرار المتظاهرين على الاحتفاظ بمعقل حراكهم».

وبعد استعادة قوات الأمن مجدداً سيطرتها على ميدان تقسيم، تقدّم عدد كبير من المتظاهرين، طالبين من عناصرها بسخرية أن تغادر المنطقة. وسرعان ما تطور الموقف إلى مواجهات عنيفة، استمرت في التصاعد حتى ساعة متأخرة من الليل، وسط معلومات اولية تفيد بسقوط مئة جريح.

ونددت «جمعية التضامن مع تقسيم»، وهي حركة بيئية تقف وراء الحركة الاحتجاجية الأخيرة، بانتهاج السلطات اسلوب القمع، مؤكدة «سنبقى هنا طالما لم تتخذ اي تدابير لتلبية مطالب الشبان الذين يحمون تقسيم ومنتزه جيزي».

إلى ذلك، اعتقلت الشرطة التركية 80 محامياً كانوا يحتجون على تدخل قوات الامن في ساحة تقسيم. وتجمع هؤلاء المحامون المضربون منذ بداية الحركة الاحتجاجية في حرم قصر العدل في اسطنبول للتنديد بالقمع، وذلك على وقع هتافات «تقسيم في كل مكان» و«المقاومة اينما كان». وتدخلت الشرطة عندئذ في قصر العدل لاخراجهم منه. وبعد صدامات استمرت لفترة وجيزة تم توقيف نحو 80 متظاهراً.

وفي تعليق على صفحته في موقع «فايسبوك» شجب رئيس نقابة المحامين في تركيا متين فيضي اوغلو هذه التوقيفات. وقال «نتوجه (من انقرة) الى اسطنبول للقاء السلطات في المكان».

وفي خطاب ألقاه أمام نواب «حزب العدالة والتنمية»، أكد أردوغان أن حكومته لن تبدي أي «تسامح» بعد الان حيال المتظاهرين.

وقال أردوغان «أوجه الحديث الى الذين يريدون مواصلة هذه الاحداث ويريدون مواصلة الترهيب: لقد انتهت هذه القضية الان. لن نبدي تسامحا بعد الان». وأضاف «سيحاسبون على ما فعلوا، اؤكد لكم ذلك»، وسط تصفيق حار من انصاره ونوابه.

وجدد أردوغان وصفه للمتظاهرين بأنهم «غوغائيون يمارسون العنف». وأضاف «إذا كان البعض يرى أنني حاد، فأنا لن أتغير».

وإذ شكر أردوغان الشرطة التركية على اقتحامها ميدان تقسيم صباحاً، تساءل «تريدون أن أركع أمام المتظاهرين وأرجوهم لإزالة اللافتات عن الأبنية الحكومية؟ كان على الشرطة التركية عدم السماح للمتظاهرين بتعليق اللافتات والصور لبعض الرموز غير القانونيين منذ البداية».

  • فريق ماسة
  • 2013-06-11
  • 5485
  • من الأرشيف

«انتفاضة تقسيم»: المتظاهرون يتصدون لخديعة أردوغان

... وفي اليوم الثاني عشر للحراك الشعبي التركي، سقط رجب طيب أردوغان في اختبار القوة أمام معارضيه. آلاف المتظاهرين عادوا مساء أمس إلى معقلهم الرمز، ميدان تقسيم في اسطنبول، بعد يوم من المواجهات العنيفة، إثر هجوم شنه المئات من عناصر قوات الأمن على الميدان وحديقة جيزي الملاصقة له، في محاولة لوأد الحراك الشعبي، وذلك قبيل وقت قليل من الخطاب العنيف الذي ألقاه رئيس الحكومة التركي خلال اجتماع لنواب «حزب العدالة والتنمية»، والذي جدد فيه وصف المتظاهرين بـ«الرعاع والغوغائيين»، رافضاً التراجع أمام مطالبهم. وحتى ساعة متأخرة من ليل أمس، كان ميدان تقسيم يشهد عمليات كرّ وفرّ بين المتظاهرين وقوات الأمن التي استخدمت قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي وخراطيم المياه لفض الاعتصام. وكانت المواجهات اندلعت بشكل عنيف، صباح أمس، قبل وقت قصير من إلقاء أردوغان كلمته أمام اجتماع لنواب «حزب العدالة والتنمية» في البرلمان. وقال أحد الناشطين في الحراك الشعبي لـ«السفير» إن «اردوغان قد اختار إصدار الأوامر لقوات الأمن لفض الاعتصام في هذا التوقيت بالذات، بعدما أشاع مناخاً إيجابياً مساء أمس (الأول) بإعلان استعداده لاستقبال وفد من قيادة الحراك الشعبي غداً (اليوم)، والاستماع إلى المطالب». وأضاف الناشط أن «هذا المناخ قد ساهم في تضاؤل عدد المعتصمين في ميدان تقسيم وحديقة جيزي، حيث ذهب كثرٌ إلى منازلهم لأخذ استراحة قصيرة ـ وبعضهم أمضى 12 يوماً في الميدان ـ وانتظار ما سيقوله أردوغان خلال الاجتماع البرلماني لنواب حزب العدالة والتنمية، ويبدو أنه قد استغل هذه الظروف لإصدار الأوامر بشن الهجوم». ووصفت ناشطة أخرى ما جرى بالأمس بأنه كان «اليوم الاكثر صعوبة» بالنسبة إلى المتظاهرين منذ بدء الحراك الشعبي. وأكدت لـ«السفير» أن «قوات الأمن دفعت بمئات العناصر لاستعادة ميدان تقسيم وحديقة جيزي، وهو ما تحقق بالفعل، ولكن بشكل مؤقت، حيث عاد الآلاف من المتظاهرين إلى الميدان بحلول المساء، مرغمين قوات الامن على الانسحاب»، قبل ان تتطور الأمور لاحقاً في الليل حيث «استأنفت قوات الأمن هجومها، وسط إصرار المتظاهرين على الاحتفاظ بمعقل حراكهم». وبعد استعادة قوات الأمن مجدداً سيطرتها على ميدان تقسيم، تقدّم عدد كبير من المتظاهرين، طالبين من عناصرها بسخرية أن تغادر المنطقة. وسرعان ما تطور الموقف إلى مواجهات عنيفة، استمرت في التصاعد حتى ساعة متأخرة من الليل، وسط معلومات اولية تفيد بسقوط مئة جريح. ونددت «جمعية التضامن مع تقسيم»، وهي حركة بيئية تقف وراء الحركة الاحتجاجية الأخيرة، بانتهاج السلطات اسلوب القمع، مؤكدة «سنبقى هنا طالما لم تتخذ اي تدابير لتلبية مطالب الشبان الذين يحمون تقسيم ومنتزه جيزي». إلى ذلك، اعتقلت الشرطة التركية 80 محامياً كانوا يحتجون على تدخل قوات الامن في ساحة تقسيم. وتجمع هؤلاء المحامون المضربون منذ بداية الحركة الاحتجاجية في حرم قصر العدل في اسطنبول للتنديد بالقمع، وذلك على وقع هتافات «تقسيم في كل مكان» و«المقاومة اينما كان». وتدخلت الشرطة عندئذ في قصر العدل لاخراجهم منه. وبعد صدامات استمرت لفترة وجيزة تم توقيف نحو 80 متظاهراً. وفي تعليق على صفحته في موقع «فايسبوك» شجب رئيس نقابة المحامين في تركيا متين فيضي اوغلو هذه التوقيفات. وقال «نتوجه (من انقرة) الى اسطنبول للقاء السلطات في المكان». وفي خطاب ألقاه أمام نواب «حزب العدالة والتنمية»، أكد أردوغان أن حكومته لن تبدي أي «تسامح» بعد الان حيال المتظاهرين. وقال أردوغان «أوجه الحديث الى الذين يريدون مواصلة هذه الاحداث ويريدون مواصلة الترهيب: لقد انتهت هذه القضية الان. لن نبدي تسامحا بعد الان». وأضاف «سيحاسبون على ما فعلوا، اؤكد لكم ذلك»، وسط تصفيق حار من انصاره ونوابه. وجدد أردوغان وصفه للمتظاهرين بأنهم «غوغائيون يمارسون العنف». وأضاف «إذا كان البعض يرى أنني حاد، فأنا لن أتغير». وإذ شكر أردوغان الشرطة التركية على اقتحامها ميدان تقسيم صباحاً، تساءل «تريدون أن أركع أمام المتظاهرين وأرجوهم لإزالة اللافتات عن الأبنية الحكومية؟ كان على الشرطة التركية عدم السماح للمتظاهرين بتعليق اللافتات والصور لبعض الرموز غير القانونيين منذ البداية».

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة