حقاً لقد صدق وزير الداخلية مروان شربل عندما قال: "إذا اردت أن تعرف ماذا يحدث في طرابلس عليك أن تعرف ماذا يحدث في القصير"، لأن هناك حيّزا كبيرا من الوضع الأمني المتردي في الشمال مرتبطا بالأزمة السورية، ناهيك عن توظيف تيار "المستقبل" وحلفائه التكفيريين وإدارتهم الخارجية الحوادث الامنية المفتعلة في لبنان الشمالي وخصوصاً في طرابلس في السياسة المحلية. ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: اشتعال محاور "القتال" بين باب التبانة وجبل محسن غداة تأليف "الحكومة الميقاتية الثانية" والتي نالت فيها طرابلس "حصة الاسد"، لافشال الاستقبال الشعبي الذي نظم آنذاك للوزراء الطرابلسيين.

ومن يراقب مسار الحوادث الامنية في طرابلس، يدرك تماماً ارتباطها بالشأن المحلي، فقد همدت "الاشتباكات التقليدية" بين "التبانة" و"الجبل" بعد استقالة الحكومة الراهنة، وعادت لتتجدد قبيل التجديد للمجلس النيابي، وذلك لاشاعة اجواء تعوق إجراء الانتخابات النيابية، وبالتالي فرض "التمديد" كأمر واقع، في انتظار تبلور الأوضاع في المنطقة، وخصوصاً في الجارة الأقرب، لاعادة رسم المشهد السياسي اللبناني. وهذا كله يؤكد بوضوح ارتباط بعض الاطراف السياسيين اللبنانيين بالإدارة الخارجية للحرب على سورية، ويكشف مدى ارتهانهم للخارج، واسهامهم في ضرب الاستقرار اللبناني وتعطيل مؤسسات الدولة، وربط مصير لبنان بما يجري حوله.

لا شك أنه من المؤسف أن غالبية الدول في المنطقة تتجه اليوم نحو الحياة الديموقراطية، فيما في لبنان يمدد مجلس النواب لنفسه تحت ذريعة "تردي الاوضاع الامنية". والسؤال هنا: كيف أجريت في سورية انتخابات تشريعية وبلدية على رغم كل الظروف الامنية الدقيقة التي تمر فيها؟!

وبالعودة الى الوضع الامني الراهن في طرابلس، هو من دون ادنى شك مرتبط بمسار الوضع الميداني في سورية،

فبعد الانجازات الميدانية التي يحققها الجيش السوري تباعاً على أرضه لاسيما في القصير، التمس الاطراف اللبنانيون الشركاء في الحرب على سورية وإدارتهم الخارجية، الهزيمة الاستراتجية التي لحقت بهم. وبعدما تمكن الجيش من عزل المسلحين وتقطيع أوصال اوكارهم في الداخل، يحاول الاطراف المذكورون إقامة "منطقة آمنة" للمجموعات المسلحة المنخرطة في الازمة السورية في طرابلس وبعض مناطق الشمال، يتمتعون فيها بنوع من حرية الحركة، كإنشاء المقرات في شكلٍ علنيٍ وما الى ذلك. ولتحقيق هذه الغاية يجب إخراج الجيش اللبناني من المدينة، ليتسنى لامراء المحاور وقادة المجموعات المسلحة السيطرة عليها، ولكن تبين ان المسلحين هم ليسوا أكثر من "مجموعات هواة"، واعجز من ان يحققوا هكذا عملية، فقد حاول بعضهم الانتشار في شوارع طرابلس على شكل "مناورة" خلال "الجولة 16" من الاشتباكات، غير ان الجيش اللبناني تصدى لهم ومنعهم من ذلك.

من هنا بدأ الهجوم "المستقلبي- التكفيري" على الجيش من خلال التحريض عليه، واستهدافه امنياً في عاصمة الشمال، وتأتي الحملة التي شنها النائب المستقبلي محمد عبد اللطيف كبارة على المؤسسة العسكرية في هذا السياق، ولكن كلامه لا يعدو كونه سوى "فقعات صابون في الهواء" لم تغير في الواقع شيئاً ولن تثني الجيش عن دوره في حماية السلم الاهلي.

فقد دخلت طرابلس في اختبار أمني جديد، مع تنفيذ الجيش اللبناني إعادة انتشار واسع في جبل محسن، تخلله توقيف عناصر مسلحة وإزالة دشم عدة، تمهيدا للانتشار في مختلف ارجاء المدينة.

اذا، ان حملة كبارة وتهديداته بتوسيع رقعة الاشتباكات لتطاول مناطق أخرى، قاصداً بذلك مناطق وجود حزب الله، ليست إلا للتغطية على فشل مراهنته على سقوط سورية، ومحاولة لاستنهاض الشارع ...والطرابلسي تحديداً من خلال التحريض المذهبي، لأن "المستقبل" ورط طرابلس في أتون نارٍ مذهبيةٍ وفي مراهنات فاشلة، ولم يقدم لها أي مشروع انمائي جديد، بل ضرب أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية.

  • فريق ماسة
  • 2013-06-06
  • 10176
  • من الأرشيف

المستقبل يحرض على الجيش اللبناني لتغطية فشل مراهنته في سورية

حقاً لقد صدق وزير الداخلية مروان شربل عندما قال: "إذا اردت أن تعرف ماذا يحدث في طرابلس عليك أن تعرف ماذا يحدث في القصير"، لأن هناك حيّزا كبيرا من الوضع الأمني المتردي في الشمال مرتبطا بالأزمة السورية، ناهيك عن توظيف تيار "المستقبل" وحلفائه التكفيريين وإدارتهم الخارجية الحوادث الامنية المفتعلة في لبنان الشمالي وخصوصاً في طرابلس في السياسة المحلية. ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: اشتعال محاور "القتال" بين باب التبانة وجبل محسن غداة تأليف "الحكومة الميقاتية الثانية" والتي نالت فيها طرابلس "حصة الاسد"، لافشال الاستقبال الشعبي الذي نظم آنذاك للوزراء الطرابلسيين. ومن يراقب مسار الحوادث الامنية في طرابلس، يدرك تماماً ارتباطها بالشأن المحلي، فقد همدت "الاشتباكات التقليدية" بين "التبانة" و"الجبل" بعد استقالة الحكومة الراهنة، وعادت لتتجدد قبيل التجديد للمجلس النيابي، وذلك لاشاعة اجواء تعوق إجراء الانتخابات النيابية، وبالتالي فرض "التمديد" كأمر واقع، في انتظار تبلور الأوضاع في المنطقة، وخصوصاً في الجارة الأقرب، لاعادة رسم المشهد السياسي اللبناني. وهذا كله يؤكد بوضوح ارتباط بعض الاطراف السياسيين اللبنانيين بالإدارة الخارجية للحرب على سورية، ويكشف مدى ارتهانهم للخارج، واسهامهم في ضرب الاستقرار اللبناني وتعطيل مؤسسات الدولة، وربط مصير لبنان بما يجري حوله. لا شك أنه من المؤسف أن غالبية الدول في المنطقة تتجه اليوم نحو الحياة الديموقراطية، فيما في لبنان يمدد مجلس النواب لنفسه تحت ذريعة "تردي الاوضاع الامنية". والسؤال هنا: كيف أجريت في سورية انتخابات تشريعية وبلدية على رغم كل الظروف الامنية الدقيقة التي تمر فيها؟! وبالعودة الى الوضع الامني الراهن في طرابلس، هو من دون ادنى شك مرتبط بمسار الوضع الميداني في سورية، فبعد الانجازات الميدانية التي يحققها الجيش السوري تباعاً على أرضه لاسيما في القصير، التمس الاطراف اللبنانيون الشركاء في الحرب على سورية وإدارتهم الخارجية، الهزيمة الاستراتجية التي لحقت بهم. وبعدما تمكن الجيش من عزل المسلحين وتقطيع أوصال اوكارهم في الداخل، يحاول الاطراف المذكورون إقامة "منطقة آمنة" للمجموعات المسلحة المنخرطة في الازمة السورية في طرابلس وبعض مناطق الشمال، يتمتعون فيها بنوع من حرية الحركة، كإنشاء المقرات في شكلٍ علنيٍ وما الى ذلك. ولتحقيق هذه الغاية يجب إخراج الجيش اللبناني من المدينة، ليتسنى لامراء المحاور وقادة المجموعات المسلحة السيطرة عليها، ولكن تبين ان المسلحين هم ليسوا أكثر من "مجموعات هواة"، واعجز من ان يحققوا هكذا عملية، فقد حاول بعضهم الانتشار في شوارع طرابلس على شكل "مناورة" خلال "الجولة 16" من الاشتباكات، غير ان الجيش اللبناني تصدى لهم ومنعهم من ذلك. من هنا بدأ الهجوم "المستقلبي- التكفيري" على الجيش من خلال التحريض عليه، واستهدافه امنياً في عاصمة الشمال، وتأتي الحملة التي شنها النائب المستقبلي محمد عبد اللطيف كبارة على المؤسسة العسكرية في هذا السياق، ولكن كلامه لا يعدو كونه سوى "فقعات صابون في الهواء" لم تغير في الواقع شيئاً ولن تثني الجيش عن دوره في حماية السلم الاهلي. فقد دخلت طرابلس في اختبار أمني جديد، مع تنفيذ الجيش اللبناني إعادة انتشار واسع في جبل محسن، تخلله توقيف عناصر مسلحة وإزالة دشم عدة، تمهيدا للانتشار في مختلف ارجاء المدينة. اذا، ان حملة كبارة وتهديداته بتوسيع رقعة الاشتباكات لتطاول مناطق أخرى، قاصداً بذلك مناطق وجود حزب الله، ليست إلا للتغطية على فشل مراهنته على سقوط سورية، ومحاولة لاستنهاض الشارع ...والطرابلسي تحديداً من خلال التحريض المذهبي، لأن "المستقبل" ورط طرابلس في أتون نارٍ مذهبيةٍ وفي مراهنات فاشلة، ولم يقدم لها أي مشروع انمائي جديد، بل ضرب أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية.

المصدر : الثبات/ حسان الحسن


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة