فسطاط المسلمين يوم الملحمة في أرض يقال لها الغوطة في مدينة يقال لها دمشق"، كان" الجهاديّون" المرابطون على أرض الغوطة يتداولون بين بعضهم البعض هذا الحديث المنسوب إلى الرسول (ص) بنشوة من يشعر أن الله قد اختاره لتحقيق نبوءة نبوية،

"نبوءةٌ مرت عليها مئات السنين ولم تتحقق، فأي لطف إلهي نزل بهؤلاء "الجهاديين" حتى كانوا هم الرجال الذين اصطفاهم الله لمهمة "يوم الملحمة" المنتظر على أرض الغوطة.

لا يقبل أيّ "جهادي" أن تشكك أمامه بصحة هذا الحديث أو غيره من الأحاديث التي وردت عن الشام، وأي إشارة منك إلى أن هذه الأحاديث قد تكون وضعت في زمن الفتنة الأول لخدمة الأهداف السياسية لأحد قطبيها، قد يدفع "الجهاديّ" إلى تركك غاضباً، والمغادرة قبل أن يتورط في حديث الكفر الذي تنطق به.

ما هي الملحمة؟ نوجّه السؤال إلى أبو قتادة الحربي، وهو "جهادي" سعودي قاتل في الغوطة الشرقية قبل أن يغادرها مؤخراً إلى منطقة لم يشأ الكشف عنها، فيجيب: إسقاط نظام الأسد الكافر!! تحاول جاهداً أن تخفي ابتسامتك وأنت تتخيّل أن الرسول (ص) كان يفكر أيضاً في إسقاط نظام الأسد ويحسب يوم سقوطه من أيام الملاحم!

ولكن لماذا نستبعد أن يكون الحديث صحيحاً وأن يكون ثمة ملحمة فعلاً ستجري على أرض الغوطة؟ أليس ثمة احتمال لهذا؟ تجد نفسك ملزماً بالتفكير بهذه الطريقة وأنت ترى اليقين المطلق الذي يتحدث به أبو قتادة وكأنه يرى أحداث الملحمة بعينيه كما ستقع تماماً.

لكنَّ صوتاً آخر يجعلك تخرج من وطأة التأثّر بما حسبته للحظات خلت يقيناً مطلقاً، إنه "قتّال"، وهو "جهادي" سعودي أيضاً ما زال حتى هذه اللحظة في الغوطة، يقول بأسى وإحباط: "في غضون شهرين استطاع النظام قطع طريق الإمداد للغوطة الشرقية واسترجاع ستة قرى، العتيبة- العبّادة - الزمانية - الجربا - ألقيسا – البحارية"، ويضيف: " بعد قطع طريق الإمداد، أصبح هناك شح في الذخائر وفي السلاح، وارتفعت أسعار الذخيرة، وكذا أسعار السلع ، والغوطة الشرقية أصبحت تعيش في حصار.. والإعلام عموماً يتجاهل بشكل متعمّد أو غير متعمّد معاناة الغوطة الشرقية".

من البديهي أن الملاحم لا تأتي بسهولة ودونها عقبات وأهوال، وتحتاج إلى تضحيات جسام!! والجهاديّون يكررون في كل مرة أنهم أكثر الناس قدرة على تحمل الصعاب والصبر على الأهوال وتقديم التضحيات، فمن يعرف قد يستطيعون التغلب على ما يعترض طريقهم وتحقيق النبوءة؟

غير أن "أبو جعفر الشامي" وهو سوري انضم إلى جبهة النصرة، يرسم صورة قاتمة للوضع في الغوطة مما يرخي بظلال الشك على إمكانية حدوث المعجزة، يقول: " الوضع خانق فالنظام يفرض طوق امني عسكري شديد على الغوطه، لذلك تعاني من انعدام التيار الكهربائي في معظم مناطقها، ونقص شديد في المياه الصالحة للشرب وكذلك نقص حاد في المواد الأساسية والغذائية والطبية وغيرها .. حيث ان النظام يمنع دخول كل ما ينتفع به المسلمون وأهل "الجهاد" خاصة الى الغوطة الشرقية". ليس هذا وحسب بل: إن معظم الفصائل المقاتلة والتي يبلغ عدد أفرادها حوالي خمسه وثلاثين ألف مقاتل ما هي إلا غثاء لا ينفع".

ولا يكتفي جيش النظام بفرض الحصار الخانق على الغوطة، ومنع دخول حتى ليتر بنزين، بحسب ما يروي الجهاديون، ولكنه عمد مؤخراً إلى نصب مكيدة كبيرة للغوطة جعلتها قاب قوسين أو أدنى من وقوعها بيديه.

لا ينظر الجهاديون بارتياح إلى ما يسمونه افتعال أحداث القصير الأخيرة، ويرون أن النظام استطاع أن يخدع العالم ويحوّل الأنظار من الغوطة إلى القصير، وقام الإعلام بالتضخيم والتكبير حتى أصبحت القصير هي قشة "الثورة" ، فإن ماتت القصير ماتت "الثورة"، وهذا خطأ فادح وكبير جداً جداً"، ويفسرون ذلك بالقول: " لأن الغوطة الشرقية أهم بكثير من ألف قصير بالنسبة للنظام، لأن النظام لن يسقط إلا إذا سقطت دمشق وأكبر دليل على ذلك هي ليبيا فقد سقطت كل المدن ولم يسقط النظام الليبي حتى سقطت طرابلس. والغوطة هي المفتاح الأساسي والرئيسي للنصر بدمشق، والآن النظام يستغل إنشغال العالم بالقصير ويقصف الغوطة ويتقدم بها والعالم لا يرى إلا القصير".

وتدوّي صرخة ذات مدلول كبير تطلقها تنسيقية النشابية القريبة من جبهة النصرة وجهادييها: "الغوطة تحتضر" ثم تلقي بمسؤولية هذا الاحتضار على عاتق المجلس العسكري متهمة إياه بالتخاذل وتضيف: " منذ معركة حران العواميد الشهيدة ولم يتخذ أي إجراء بحق المتخاذلين وإن جميع المتهمين بعمليات السرقة وإهانة الناس بقوة السلاح كلهم لم يتم اتخاذ أي إجراء بحقهم ومنهم من ثبتت عليه وبالأدلة القاطعة السرقة-القتل- الاختطاف - ولم يتخذ بحقهم أي إجراء بل خرجوا بريئين من جميع التهم الموجهة اليهم" ويبقى السؤال بحسب التنسيقية: " الى متى وإلى أين أنتم ذاهبون؟ ومن المستفيد الاكبر ؟؟ أليست المصالح الشخصية على حساب دماء شهدائنا خيانة عظمى؟؟ الا تعنيكم أطفالنا وبيوتنا بقدر ما تعنيكم جيوبكم؟؟".

ولا يقتصر الإحباط على تنسيقية النشابية أو غيرها من تنسيقيات الغوطة التي فاجأها هذا الانقلاب الكبير في أوضاع المنطقة، إذ بعد أن كانت مدن وبلدات الغوطة تحت سيطرة المجاهدين يسرحون ويمرحون فيها ويأمرون وينهون كما يريدون، أصبحت بمثابة السجن الذي لا يستطيعون مغادرته بعد إحكام الجيش السوري طوقه الأمني والعسكري حولها. فها هي جبهة النصرة التي تعتبر نفسها الأكثر خبرة وتنظيماً وتدريباً تحاول أن تفسر هذا الانقلاب بالمنطق البائس نفسه، إذ يقول أحد قادتها الميدانيين في الغوطة "أبو عزام النجدي": " تتعرض جبهه النصره - كما يعلم الجميع - لحمله حصار شديد حتى من بعض الفصائل المقاتلة التي تخضع للضغوط الغربية عن طريق المجلس العسكري لضمان عدم وصول السلاح والذخائر الى الجبهه، وكل من يقدم هذه المعونات للجبهه تتم معاقبته" ويضيف محاولاً رسم صورة مأساوية لجهاديي النصرة: " معظم معارك الجبهة تنتهي بنفاذ معظم ذخيرتهم وتصل العسرة الى ان كثير من الأخوة في الجبهة لا يستطيعون استبدال حذاء مهتري يقاتلون فيه منذ فترة طويلة وكذلك حال أللباس وغيره".

هل هذه هي جبهة النصرة التي أسرنا منذ قليل أحد جهادييها بيقينه المطلق؟ تنظر إلى المشهد وتتمعن في الانقلاب الذي حصل، ولا تستطيع مهما حاولت أن تتجاهل أن ثمة ملحمة قد حدثت في الغوطة .. ولكن بالتأكيد فإن هذه الملحمة لم تتحقق على يد أبو قتادة الحربي أو أي جهادي آخر تابع لجبهة النصرة .. وتعلم عندئذ علم اليقين أن الملاحم لها أهلها المعروفون.

  • فريق ماسة
  • 2013-06-03
  • 12141
  • من الأرشيف

هكذا ينظر الجهاديون الى يوم "ملحمة الغوطة"ّ!

فسطاط المسلمين يوم الملحمة في أرض يقال لها الغوطة في مدينة يقال لها دمشق"، كان" الجهاديّون" المرابطون على أرض الغوطة يتداولون بين بعضهم البعض هذا الحديث المنسوب إلى الرسول (ص) بنشوة من يشعر أن الله قد اختاره لتحقيق نبوءة نبوية، "نبوءةٌ مرت عليها مئات السنين ولم تتحقق، فأي لطف إلهي نزل بهؤلاء "الجهاديين" حتى كانوا هم الرجال الذين اصطفاهم الله لمهمة "يوم الملحمة" المنتظر على أرض الغوطة. لا يقبل أيّ "جهادي" أن تشكك أمامه بصحة هذا الحديث أو غيره من الأحاديث التي وردت عن الشام، وأي إشارة منك إلى أن هذه الأحاديث قد تكون وضعت في زمن الفتنة الأول لخدمة الأهداف السياسية لأحد قطبيها، قد يدفع "الجهاديّ" إلى تركك غاضباً، والمغادرة قبل أن يتورط في حديث الكفر الذي تنطق به. ما هي الملحمة؟ نوجّه السؤال إلى أبو قتادة الحربي، وهو "جهادي" سعودي قاتل في الغوطة الشرقية قبل أن يغادرها مؤخراً إلى منطقة لم يشأ الكشف عنها، فيجيب: إسقاط نظام الأسد الكافر!! تحاول جاهداً أن تخفي ابتسامتك وأنت تتخيّل أن الرسول (ص) كان يفكر أيضاً في إسقاط نظام الأسد ويحسب يوم سقوطه من أيام الملاحم! ولكن لماذا نستبعد أن يكون الحديث صحيحاً وأن يكون ثمة ملحمة فعلاً ستجري على أرض الغوطة؟ أليس ثمة احتمال لهذا؟ تجد نفسك ملزماً بالتفكير بهذه الطريقة وأنت ترى اليقين المطلق الذي يتحدث به أبو قتادة وكأنه يرى أحداث الملحمة بعينيه كما ستقع تماماً. لكنَّ صوتاً آخر يجعلك تخرج من وطأة التأثّر بما حسبته للحظات خلت يقيناً مطلقاً، إنه "قتّال"، وهو "جهادي" سعودي أيضاً ما زال حتى هذه اللحظة في الغوطة، يقول بأسى وإحباط: "في غضون شهرين استطاع النظام قطع طريق الإمداد للغوطة الشرقية واسترجاع ستة قرى، العتيبة- العبّادة - الزمانية - الجربا - ألقيسا – البحارية"، ويضيف: " بعد قطع طريق الإمداد، أصبح هناك شح في الذخائر وفي السلاح، وارتفعت أسعار الذخيرة، وكذا أسعار السلع ، والغوطة الشرقية أصبحت تعيش في حصار.. والإعلام عموماً يتجاهل بشكل متعمّد أو غير متعمّد معاناة الغوطة الشرقية". من البديهي أن الملاحم لا تأتي بسهولة ودونها عقبات وأهوال، وتحتاج إلى تضحيات جسام!! والجهاديّون يكررون في كل مرة أنهم أكثر الناس قدرة على تحمل الصعاب والصبر على الأهوال وتقديم التضحيات، فمن يعرف قد يستطيعون التغلب على ما يعترض طريقهم وتحقيق النبوءة؟ غير أن "أبو جعفر الشامي" وهو سوري انضم إلى جبهة النصرة، يرسم صورة قاتمة للوضع في الغوطة مما يرخي بظلال الشك على إمكانية حدوث المعجزة، يقول: " الوضع خانق فالنظام يفرض طوق امني عسكري شديد على الغوطه، لذلك تعاني من انعدام التيار الكهربائي في معظم مناطقها، ونقص شديد في المياه الصالحة للشرب وكذلك نقص حاد في المواد الأساسية والغذائية والطبية وغيرها .. حيث ان النظام يمنع دخول كل ما ينتفع به المسلمون وأهل "الجهاد" خاصة الى الغوطة الشرقية". ليس هذا وحسب بل: إن معظم الفصائل المقاتلة والتي يبلغ عدد أفرادها حوالي خمسه وثلاثين ألف مقاتل ما هي إلا غثاء لا ينفع". ولا يكتفي جيش النظام بفرض الحصار الخانق على الغوطة، ومنع دخول حتى ليتر بنزين، بحسب ما يروي الجهاديون، ولكنه عمد مؤخراً إلى نصب مكيدة كبيرة للغوطة جعلتها قاب قوسين أو أدنى من وقوعها بيديه. لا ينظر الجهاديون بارتياح إلى ما يسمونه افتعال أحداث القصير الأخيرة، ويرون أن النظام استطاع أن يخدع العالم ويحوّل الأنظار من الغوطة إلى القصير، وقام الإعلام بالتضخيم والتكبير حتى أصبحت القصير هي قشة "الثورة" ، فإن ماتت القصير ماتت "الثورة"، وهذا خطأ فادح وكبير جداً جداً"، ويفسرون ذلك بالقول: " لأن الغوطة الشرقية أهم بكثير من ألف قصير بالنسبة للنظام، لأن النظام لن يسقط إلا إذا سقطت دمشق وأكبر دليل على ذلك هي ليبيا فقد سقطت كل المدن ولم يسقط النظام الليبي حتى سقطت طرابلس. والغوطة هي المفتاح الأساسي والرئيسي للنصر بدمشق، والآن النظام يستغل إنشغال العالم بالقصير ويقصف الغوطة ويتقدم بها والعالم لا يرى إلا القصير". وتدوّي صرخة ذات مدلول كبير تطلقها تنسيقية النشابية القريبة من جبهة النصرة وجهادييها: "الغوطة تحتضر" ثم تلقي بمسؤولية هذا الاحتضار على عاتق المجلس العسكري متهمة إياه بالتخاذل وتضيف: " منذ معركة حران العواميد الشهيدة ولم يتخذ أي إجراء بحق المتخاذلين وإن جميع المتهمين بعمليات السرقة وإهانة الناس بقوة السلاح كلهم لم يتم اتخاذ أي إجراء بحقهم ومنهم من ثبتت عليه وبالأدلة القاطعة السرقة-القتل- الاختطاف - ولم يتخذ بحقهم أي إجراء بل خرجوا بريئين من جميع التهم الموجهة اليهم" ويبقى السؤال بحسب التنسيقية: " الى متى وإلى أين أنتم ذاهبون؟ ومن المستفيد الاكبر ؟؟ أليست المصالح الشخصية على حساب دماء شهدائنا خيانة عظمى؟؟ الا تعنيكم أطفالنا وبيوتنا بقدر ما تعنيكم جيوبكم؟؟". ولا يقتصر الإحباط على تنسيقية النشابية أو غيرها من تنسيقيات الغوطة التي فاجأها هذا الانقلاب الكبير في أوضاع المنطقة، إذ بعد أن كانت مدن وبلدات الغوطة تحت سيطرة المجاهدين يسرحون ويمرحون فيها ويأمرون وينهون كما يريدون، أصبحت بمثابة السجن الذي لا يستطيعون مغادرته بعد إحكام الجيش السوري طوقه الأمني والعسكري حولها. فها هي جبهة النصرة التي تعتبر نفسها الأكثر خبرة وتنظيماً وتدريباً تحاول أن تفسر هذا الانقلاب بالمنطق البائس نفسه، إذ يقول أحد قادتها الميدانيين في الغوطة "أبو عزام النجدي": " تتعرض جبهه النصره - كما يعلم الجميع - لحمله حصار شديد حتى من بعض الفصائل المقاتلة التي تخضع للضغوط الغربية عن طريق المجلس العسكري لضمان عدم وصول السلاح والذخائر الى الجبهه، وكل من يقدم هذه المعونات للجبهه تتم معاقبته" ويضيف محاولاً رسم صورة مأساوية لجهاديي النصرة: " معظم معارك الجبهة تنتهي بنفاذ معظم ذخيرتهم وتصل العسرة الى ان كثير من الأخوة في الجبهة لا يستطيعون استبدال حذاء مهتري يقاتلون فيه منذ فترة طويلة وكذلك حال أللباس وغيره". هل هذه هي جبهة النصرة التي أسرنا منذ قليل أحد جهادييها بيقينه المطلق؟ تنظر إلى المشهد وتتمعن في الانقلاب الذي حصل، ولا تستطيع مهما حاولت أن تتجاهل أن ثمة ملحمة قد حدثت في الغوطة .. ولكن بالتأكيد فإن هذه الملحمة لم تتحقق على يد أبو قتادة الحربي أو أي جهادي آخر تابع لجبهة النصرة .. وتعلم عندئذ علم اليقين أن الملاحم لها أهلها المعروفون.

المصدر : عربي برس/ عبد الله علي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة