دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
تتزامن التطورات الميدانية الأخيرة في معركة القصير، مع مواجهات ميدانية توازيها أهمية في مناطق متفرقة على مساحة الجغرافية السورية، بعد أن واصل الجيش السوري عملياته العسكرية وفق إستراتيجية "قطع شرايين الامداد" عن المجموعات المسلحة،وبسط سيطرته على بلدات سكا وتل سكا والدلبة والمنصورة، محكماً بذلك الطوق المفروض على المجموعات المسلحة في الغوطة الشرقية بريف دمشق، ومؤمناً جميع الأبنية المطلّة على طريق مطار دمشق الدولي في بلدة بيت سحم.
إلا ان معركة ريف حمص تبقى العنوان الأبرز، كون الانتصار في القصير يمهد لحملات أخرى مشابهة أبرزها في حلب، حيث تجري معارك تكتيكية حتى اللحظة، بانتظار المواجهة الكبرى.
وفي موازاة ذلك، أعقب إعلان الجيش السوري سيطرته على بلدتي عرجون والبراك وطريق عرجون ـ القصير والجوادية ومزارع الذيابية، إطباق وحداته الحصار على المنطقة الشمالية من مدينة القصير، بعدما جرى إفشال العديد من محاولات إسناد المقاتلين المحاصرين في القصير، ولا سيما تلك التي قام بها مسلّحون تابعون لما يسمى "لواء التوحيد" بحلب، وقد منيت هذه العناصر بخسائر كبيرة أثناء محاولتها اختراق خطوط تواجد الجيش السوري في محيط المدينة.
وتحدثت معلومات خاصة عن أن الجيش السوري يقوم بحشد قواته التي انهت تدريباتها على حرب العصابات، تحضيراً لعملية عسكرية واسعة، ستشمل محاور عدّة في حلب، في حين تزمع قوات النخبة في الجيش السوري التي بدأت بالتجمّع في مناطق الريف الجنوبي وعلى المحور الغربي لحلب، بالتقدّم لفك الحصار عن مطار "منغ" العسكري والسجن المركزي في حلب وتطهر محيطهما، بالتزامن مع حشد قوات أخرى في محور خان العسل تمهيداً لإستعادة السيطرة على منطقة خان تومان ومستودعات الذخيرة التي تحتويها.
وفي سياق متصل أكدت المصادر، أنه بعد الانتصارات التي حققتها وحدات النخبة في القصير وريفها، يتم العمل الآن على نقل عدد من الوحدات الضاربة التي شكّلت رأس حربة في الهجوم المباغت على القصير نحو حلب، في محاولة لتكرار التكتيكات العسكرية التي استخدمت في تلك المناطق.
وبحسب المصادر، فإن خطة حلب وضعت بإحكام، وجاء فيها أن القوات العالية للقوات المهاجمة بإمكانها الوصول الى نصف المدينة على الأقل في "القفزة الأولى" في المعارك، على أن تتمدّد الى معظم أحياء المدينة وتسيطر تدريجياً على مقرات المسلحين.
أما الخطوة الثانية كما هو مرسوم، فلن تتجاوز الـ 5 ايام كحد اقصى، وسيجري العمل فيها للوصول إلى الريف الشمالي لحلب واغلاق جميع المداخل المؤدية إلى قلب المدينة، لفصل الريف الشمالي وطرق امداده عن احياء المدينة، ولهذه الغاية تم تزويد قوات الجيش السوري بالاسلحة والذخائر والتجهيزات الحديثة اللازمة لإتمام مهامها ولرفع مستواها القتالي.
وتشير المصادر إلى أنه بات من المؤكد أن القادة العسكريين السوريين لن يعملوا وفق استراتيجية "قبضة النار المدمرة "، رغم القدرة النارية التي بحوزتهم، بل سيعملون وفق التكتيكات المعمول بها في القصير وريف دمشق، أي وفق استراتيجية "الاحتواء والقضم المتدرج" للارض والمسلحين، والمعالجة الموضعية لكل خلية مسلحة.
ولفتت المصادر إلى أن أبرز ملامح التغير في تكتيكات الجيش السوري تتمثل في سرعة الحركة، حيث أنه لا يحتاج الى نقل قطعات ثقيلة مرئية في حركة بطيئة بطبيعتها، وبالتالي فان سرعة الحركة القتالية لوحدات الجيش تجعلها عالية الأهلية للقتال غير الكلاسيكي على جبهات متعددة، ما يعني أن الإستراتيجي الجديدة، تقضي بأن يختار الجيش السوري زمن ومكان المعركة لا أن يُجَرَّ إليها، بعد أن ساهم تطويق عدد من المناطق الملتهبة، بالحد كثيرا من حركة المسلحين في أماكن كانوا يخططون لشن هجمات واسعة عليها، دون إغفال العامل التقني من خلال تغيّر طريقة التشويش على اتصالات المسلحين، بعد تطور أجهزة الرصد، ما حوّل العمليات العسكرية إلى هجمات موضعية أكثر إيلاما للمسلحين.
هذه الحقائق رسمت مسار معركة حلب القادمة، وبات قادة المسلحون وداعميهم، يدركون عجزهم عن استثمار وجودهم في أي مدينة أو قرية على امتداد سورية، خاصة وأن الجيش السوري استطاع ان يعطل مفهوم المناورة التأخيرية الذي ينتهجه المسلحون، من اجل كسب الوقت ومنع الانهيار السريع، وبالتالي فإن أيّاماً وربما ساعات، تفصلنا عن بدء المعارك في حلب، التي يعدّ ضباط الجيش السوري العدّة لها، معتمدين على استراتيجية جديدة تدل على مدى الحرفية العسكرية العالية التي يمتهنها الجيش السوري، والثابت أن إستعادة السيطرة على حلب باتت مسألة وقت فقط.
المصدر :
العهد/حسين مرتضى
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة