ينتظر الرأي العالم الكلمة التي سيلقيها الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله، غدا، لمناسبة «عيد المقاومة والتحرير» من أجل الاستماع الى شرحه لحيثيات مشاركة الحزب في معركة القصير السورية، والتي جعلت الحملة الداخلية والخارجية عليه تعنف، وصولا الى حد المطالبة بعزله لبنانياً كما اقترح رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، والعمل على محاصرته دولياً عبر طلب بريطانيا إدراجه رسمياً على لائحة الاتحاد الأوروبي للإرهاب.

لم يعد انخراط الحزب في مواجهة القصير ملتبساً. عناصره تقاتل علنا، وتشييع شهدائه يتم في وضح النهار. بالطبع، ترتب هذه المشاركة المباشرة في القتال المزيد من الضغوط على الحزب الذي يدرك أن لكل خيار كلفته، وبالتالي فهو يعتبر انه إذا كانت مساهمته في معركة القصير ستلحق بعض الأضرار الجانبية به، فإن الانكفاء يسبب لاحقاً خسائر أكبر وأفدح، على المستوى الاستراتيجي.

ولعل رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية كان الأكثر صراحة ووضوحاً عندما قال ان معركة القصير هي لحماية المقاومة. بهذا المعنى، تسود الحزب قناعة راسخة بأن قتاله في سورية هو خيار اضطراري يندرج في صلب المواجهة مع اسرائيل والولايات المتحدة والدفاع عن فكرة المقاومة وحماية لبنان من خطر التمدد التكفيري، وليست الغارات الإسرائيلية على دمشق والحضانة الغربية والإقليمية للمجموعات المسلحة سوى إشارة صارخة الى جوهر الصراع وطبيعته.

الرؤية واضحة ولا لبس فيها لدى «حزب الله»: «في العام 2006 هاجمنا الإسرائيليون بدعم من الأميركيين وبعض المتواطئين العرب من الحدود الجنوبية للقضاء على المقاومة، ففشلوا. هذه المرة يعيدون الكرّة لكن عبر سلوك طريق دمشق التي يعتقدون أنها يمكن أن توصلهم الى إضعاف حزب الله في لبنان والجمهورية الإسلامية في إيران، بعد قطع العقد من وسطه».

يعتقد الحزب نفسه، حسب أحد قيادييه، «أن الخصم ينظر الى محور سورية ــ إيران ــ «حزب الله» باعتباره يشكل سلة واحدة وكلاً لا يتجزأ، بحيث إنه حتى إذا رغب أحد أطرافه في تحييد نفسه فإن الجبهة المضادة ترفض تحييده».

وعليه، يرى الحزب أن الخصم يتصرف دائما على أساس أن النجاح في ضرب إحدى حلقات السلسلة الممتدة من طهران الى ببيروت مروراً بدمشق يعني تلقائياً توجيه ضربة الى المحور كله وإضعافه بمجمله. انطلاقا من هذه المقاربة، يعتبر الحزب أنه «من غير الجائز السماح باستفراد سورية، ليس من منطق التبعية للنظام أو لطهران، وإنما من منطلق أن المركب واحد، وغرقه يعني غرق كل من على متنه».

وهناك من يستعيد على وقع معارك القصير المعادلة الشهيرة التي أطلقها السيد نصرالله مؤخرا بقوله ان لسورية أصدقاء حقيقيين لن يسمحوا بسقوطها في أيدي اسرائيل وأميركا والجماعات التكفيرية، وهي رسالة يبدو أن مفعولها بدأ يسري تدريجياً على الارض، علما أن العارفين باستراتيجية الحزب يؤكدون أن حلفاء الرئيس بشار الأسد يمكن أن يذهبوا أبعد بكثير في مساندته، إذا توسع دخول العامل الإسرائيلي أو الغربي على خط الأزمة، لأنه من غير الوارد الاكتفاء بالتفرج على إسقاط الدولة السورية الذي ستليه محاولة إسقاط المقاومة في لبنان والإطباق على إيران.

بالمعيار الميداني المباشر، يصر الحزب على أن حضوره في معركة القصير هو حضور دفاعي بامتياز. ليس منطقياً من وجهة نظره أن ينتظر حصول هجوم على الهرمل ومحاصرتها حتى يتحرك، لا سيما أن القصف العشوائي الذي تعرضت له المنطقة، مرات عدة، وضعها في دائرة النار وجعلها رهينة الاحتمالات الصعبة، عدا أن القرى السورية التي يقطنها لبنانيون في الريف بقيت تواجه حالة من عدم الاستقرار، حتى بعد صد محاولات اقتحامها أو استعادة ما سقط منها، لان المسلحين كانوا يعاودون الاعتداء عليها انطلاقا من القاعدة الخلفية لهم والمتمثلة في مدينة القصير التي باتت تشكل تهديداً واسعاً لمحيطها السوري واللبناني.

ووفق المعلومات، فإن وجود عناصر «حزب الله» على جبهة القصير يتركز جغرافياً في الجهات التي تمثل امتداداً للعمق اللبناني والقرى السورية المحاذية للحدود، فيما يتولى الجيش النظامي العمليات العسكرية في الجهات المطلة على العمق السوري من الناحيتين الشمالية والشرقية.

لا يخشى الحزب من التداعيات الأمنية أو المذهبية لخياره الميداني في سورية على الداخل اللبناني. من منظاره، التحريض عليه ليس جديداً وهو متواصل منذ العام 2005، ومحاولات إثارة الفتنة قائمة بمعزل عما يحصل في سورية، بل ان منع القضاء على الدولة السورية يساهم برأيه - في الحد من مخاطر انتشار الفوضى في لبنان واتساع التوتر المذهبي في ساحته.

عندما كان أحد نواب «حزب الله» في الجنوب، يقدم لعائلة أحد شهداء القصير شرحاً عن ظروف استشهاد ابنها، وهي عائلة غير حزبية، انبرى الوالد للقول: «الثمن كنا سندفعه، لكن هل ندفعه غدا كلنا في كل ساحات لبنان، أم تكون شهادة ابني ورفاقه حماية للبنان ولو على أرض سورية وعلى حساب بعض أهل سورية الذين يحق لهم أن يعترضوا على النظام».

  • فريق ماسة
  • 2013-05-23
  • 12301
  • من الأرشيف

الجميع سيصغي لكلمة السيد نصر الله غدا" . هذا ما يبتغيه «حزب الله» من «القصير»

ينتظر الرأي العالم الكلمة التي سيلقيها الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله، غدا، لمناسبة «عيد المقاومة والتحرير» من أجل الاستماع الى شرحه لحيثيات مشاركة الحزب في معركة القصير السورية، والتي جعلت الحملة الداخلية والخارجية عليه تعنف، وصولا الى حد المطالبة بعزله لبنانياً كما اقترح رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، والعمل على محاصرته دولياً عبر طلب بريطانيا إدراجه رسمياً على لائحة الاتحاد الأوروبي للإرهاب. لم يعد انخراط الحزب في مواجهة القصير ملتبساً. عناصره تقاتل علنا، وتشييع شهدائه يتم في وضح النهار. بالطبع، ترتب هذه المشاركة المباشرة في القتال المزيد من الضغوط على الحزب الذي يدرك أن لكل خيار كلفته، وبالتالي فهو يعتبر انه إذا كانت مساهمته في معركة القصير ستلحق بعض الأضرار الجانبية به، فإن الانكفاء يسبب لاحقاً خسائر أكبر وأفدح، على المستوى الاستراتيجي. ولعل رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية كان الأكثر صراحة ووضوحاً عندما قال ان معركة القصير هي لحماية المقاومة. بهذا المعنى، تسود الحزب قناعة راسخة بأن قتاله في سورية هو خيار اضطراري يندرج في صلب المواجهة مع اسرائيل والولايات المتحدة والدفاع عن فكرة المقاومة وحماية لبنان من خطر التمدد التكفيري، وليست الغارات الإسرائيلية على دمشق والحضانة الغربية والإقليمية للمجموعات المسلحة سوى إشارة صارخة الى جوهر الصراع وطبيعته. الرؤية واضحة ولا لبس فيها لدى «حزب الله»: «في العام 2006 هاجمنا الإسرائيليون بدعم من الأميركيين وبعض المتواطئين العرب من الحدود الجنوبية للقضاء على المقاومة، ففشلوا. هذه المرة يعيدون الكرّة لكن عبر سلوك طريق دمشق التي يعتقدون أنها يمكن أن توصلهم الى إضعاف حزب الله في لبنان والجمهورية الإسلامية في إيران، بعد قطع العقد من وسطه». يعتقد الحزب نفسه، حسب أحد قيادييه، «أن الخصم ينظر الى محور سورية ــ إيران ــ «حزب الله» باعتباره يشكل سلة واحدة وكلاً لا يتجزأ، بحيث إنه حتى إذا رغب أحد أطرافه في تحييد نفسه فإن الجبهة المضادة ترفض تحييده». وعليه، يرى الحزب أن الخصم يتصرف دائما على أساس أن النجاح في ضرب إحدى حلقات السلسلة الممتدة من طهران الى ببيروت مروراً بدمشق يعني تلقائياً توجيه ضربة الى المحور كله وإضعافه بمجمله. انطلاقا من هذه المقاربة، يعتبر الحزب أنه «من غير الجائز السماح باستفراد سورية، ليس من منطق التبعية للنظام أو لطهران، وإنما من منطلق أن المركب واحد، وغرقه يعني غرق كل من على متنه». وهناك من يستعيد على وقع معارك القصير المعادلة الشهيرة التي أطلقها السيد نصرالله مؤخرا بقوله ان لسورية أصدقاء حقيقيين لن يسمحوا بسقوطها في أيدي اسرائيل وأميركا والجماعات التكفيرية، وهي رسالة يبدو أن مفعولها بدأ يسري تدريجياً على الارض، علما أن العارفين باستراتيجية الحزب يؤكدون أن حلفاء الرئيس بشار الأسد يمكن أن يذهبوا أبعد بكثير في مساندته، إذا توسع دخول العامل الإسرائيلي أو الغربي على خط الأزمة، لأنه من غير الوارد الاكتفاء بالتفرج على إسقاط الدولة السورية الذي ستليه محاولة إسقاط المقاومة في لبنان والإطباق على إيران. بالمعيار الميداني المباشر، يصر الحزب على أن حضوره في معركة القصير هو حضور دفاعي بامتياز. ليس منطقياً من وجهة نظره أن ينتظر حصول هجوم على الهرمل ومحاصرتها حتى يتحرك، لا سيما أن القصف العشوائي الذي تعرضت له المنطقة، مرات عدة، وضعها في دائرة النار وجعلها رهينة الاحتمالات الصعبة، عدا أن القرى السورية التي يقطنها لبنانيون في الريف بقيت تواجه حالة من عدم الاستقرار، حتى بعد صد محاولات اقتحامها أو استعادة ما سقط منها، لان المسلحين كانوا يعاودون الاعتداء عليها انطلاقا من القاعدة الخلفية لهم والمتمثلة في مدينة القصير التي باتت تشكل تهديداً واسعاً لمحيطها السوري واللبناني. ووفق المعلومات، فإن وجود عناصر «حزب الله» على جبهة القصير يتركز جغرافياً في الجهات التي تمثل امتداداً للعمق اللبناني والقرى السورية المحاذية للحدود، فيما يتولى الجيش النظامي العمليات العسكرية في الجهات المطلة على العمق السوري من الناحيتين الشمالية والشرقية. لا يخشى الحزب من التداعيات الأمنية أو المذهبية لخياره الميداني في سورية على الداخل اللبناني. من منظاره، التحريض عليه ليس جديداً وهو متواصل منذ العام 2005، ومحاولات إثارة الفتنة قائمة بمعزل عما يحصل في سورية، بل ان منع القضاء على الدولة السورية يساهم برأيه - في الحد من مخاطر انتشار الفوضى في لبنان واتساع التوتر المذهبي في ساحته. عندما كان أحد نواب «حزب الله» في الجنوب، يقدم لعائلة أحد شهداء القصير شرحاً عن ظروف استشهاد ابنها، وهي عائلة غير حزبية، انبرى الوالد للقول: «الثمن كنا سندفعه، لكن هل ندفعه غدا كلنا في كل ساحات لبنان، أم تكون شهادة ابني ورفاقه حماية للبنان ولو على أرض سورية وعلى حساب بعض أهل سورية الذين يحق لهم أن يعترضوا على النظام».

المصدر : الماسة السورية/ عماد مرمل


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة