قال الدكتور بشار الجعفري مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة في مستهل كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في جلسة لمناقشة مشروع القرار الخاص بسورية:" إنني استمعت باهتمام بالغ لكلمة رئيس الجمعية العامة وهي كلمة أرجو أن تكون جزءا لا يتجزأ من محاضر هذه الجلسة لما فيها من تحليل دقيق لما يجري في منطقتنا وحول المنطقة وكذلك قراءة دقيقة تستقرىء القادم من الأيام في حال أصرت بعض القوى على رفض الحل السياسي والمضي قدما بالتلاعب في مقدرات شعبنا وشعوب المنطقة".

وأضاف الجعفري:" من المثير للعجب حقا أن يقدم مشروع القرار المطروح أمامنا في إطار البند المعنون منع نشوب النزاعات المسلحة في حين أن مضمون المشروع يتناقض تماما مع عنوان وهدف هذا البند النبيل من حيث سعي مشروع القرار إلى تصعيد الأزمة وتأجيج العنف في سورية عبر خلق سابقة خطيرة في العلاقات الدولية تحاول إضفاء الشرعية على تقديم الأسلحة إلى المجموعات الإرهابية في سورية وتمرير اعتراف غير شرعي بفصيل معين من المعارضة الخارجية بدعوى أنه "الممثل الشرعي للشعب السوري" وذلك على الرغم من أن هذا الفصيل المنقسم على نفسه والذي ليس لديه رئيس لا يمثل حتى أطياف المعارضة نفسها في الداخل أو في الخارج".

وتابع الجعفري:" مع ذلك وجد من أعد مسودة هذا المشروع أنه من المناسب أن يتحدث باسم الشعب السوري كله.. باسم ملايين السوريين كلهم في الداخل والخارج وأن يملي عليكم أن الممثل الشرعي للشعب السوري يجب أن يكون هذا الفصيل الصغير من المعارضة الخارجية.. وهي معارضة ولدت وترعرعت وتم تسمينها وتغذيتها في قطر إعلاميا وأما سياسيا فقد جرى الشيء نفسه في عواصم أخرى في المنطقة وخارجها".

وأكد الجعفري أنه كلما لاحت بوادر تبلور حل سياسي للأزمة في سورية تزداد وتيرة وحجم العمليات الإرهابية على الأرض وتتسارع خطوات بعض الدول لإجهاض هذا التوجه وكأن رسالتهم تقول بأن الحل السياسي السلمي التحاوري غير مسموح في سورية وخير مثال هو مشروع القرار المطروح أمامنا والذي يعتبر سباحة عكس التيار في ضوء التقارب الروسي الأمريكي الأخير الذي رحبت به الحكومة السورية.

وأوضح الجعفري أن مئات العمليات الإرهابية بما في ذلك الانتحارية منها حصدت أرواح أعداد كبيرة من المدنيين الأبرياء مشيرا إلى أن تنظيمات إرهابية تنشط في سورية وتعلن صراحة ولاءها لتنظيم القاعدة الذي نحاربه جميعا لكن يبدو أن البعض يحاربه نظريا والبعض الآخر يحاربه عمليا في حين أن هناك من يدعم هذا التنظيم سرا وعلانية.

وقال الجعفري:" إن آلاف الإرهابيين المتطرفين والمرتزقة الأجانب المستقدمين الى سورية بتواطؤ استخباراتي دولي هم استجابة إلى دعوات زعيم تنظيم القاعدة وغيره لتدمير الدولة السورية وتأسيس خلافة إسلامية مجاهدة مكانها على حد وصف زعيم تنظيم القاعدة".

وأكد الجعفري أن عمليات علنية وموثقة بتقارير أممية لتهريب مختلف أنواع الأسلحة إلى سورية من ليبيا وغيرها وجرائم بربرية غير مسبوقة وانتهاكات موثقة لحقوق الإنسان تقوم بها مجموعات إرهابية مسلحة في سورية وإجراءات اقتصادية وتجارية ومالية قسرية أحادية الجانب وغير شرعية فاقمت المعاناة الإنسانية للشعب السوري وأن عمليات اغتيال وخطف منظمة لرجال الدين الإسلامي والمسيحي وتدمير أقدم كنيس في المنطقة في ضواحي دمشق وبيع مقتنياته في أسواق بيروت وغيرها من قبل العصابات المسلحة وتجار الآلام هي انتهاك ممنهج لحرمات الأضرحة وتدنيس للمقدسات الدينية واعتداء همجي على معالم أثرية ورموز فكرية تاريخية ناصعة في مشهد يذكرنا بهدم تماثيل بوذا في أفغانستان وبتصرفات مشابهة في تونس وليبيا ومالي وفلسطين المحتلة.

وقال الجعفري:" كل ما ذكرته هو غيض من فيض مما يحدث في بلادي في سورية وقد أقر به حتى مسؤولو بعض الدول مقدمة مشروع القرار إلا أن الأيادي التي صاغت مشروع القرار قد شلت على ما يبدو عندما وصل الأمر إلى إدانة هذه المسائل وإبراز خطرها على سورية والسوريين" مؤكدا أن مشروع القرار المطروح لم يأت على ذكر كلمة إرهاب ولا مرة واحدة ولكن قد يقول قائل بأن مطالبة مقدمي مشروع القرار بإدراج تلك المسائل في مشروعهم وإدانتها إنما هي مطالبة لا يمكن تلبيتها بطبيعة الحال لأن بعض مقدمي المشروع سيدينون بذلك أنفسهم بأنفسهم نظرا لتورطهم حتى النخاع في كل تلك الأمور التي تجاوزت في سقف إجرامها الإرهاب نفسه.

وأضاف الجعفري:" إن إجلاس ما يسمى "الائتلاف الوطني السوري" على مقعد سورية في جامعة الدول العربية بطريقة غير شرعية ومن ثم محاولة مقدمي المشروع توريط الجمعية العامة في منح هذا الائتلاف صفة تمثيلية وهمية للشعب السوري إنما يرمي حقيقة إلى تقويض الدولة السورية ومؤسساتها ككل وقطع الطريق أمام أي حل سلمي للأزمة استنادا لقراري مجلس الأمن 2042 و2043 وبيان جنيف علاوة على أنه انتهاك فاضح لميثاقي الأمم المتحدة والجامعة العربية ولأحكام القانون الدولي".

وبين الجعفري أن "الائتلاف الوطني السوري" الذي تم استحداثه في الدوحة بقطر يضم نظريا على الأقل 63 عضوا لكنه عمليا لا يضم سوى 53 عضوا ولماذا.. لأن أولئك الذين استحدثوا هذا "الائتلاف" المعارض المتطرف الرافض للحوار في الدوحة تركوا عشرة مقاعد ليملأها العلمانيون من المعارضين السوريين موضحا أن القطريين وحلفاءهم لم يعثروا بعد مرور حوالي سنة على عشرة من العلمانيين السوريين المعارضين يقبلون بأن يكونوا جزءا من هذا الائتلاف الذي تسيطر عليه بطبيعة الحال أجنحة متطرفة دينيا.

وتساءل الجعفري:" أليس من المستغرب أن بعض الدول التي تدعي العمل على جلب الديمقراطية والحرية إلى سورية والحرص على تمكين الشعب السوري من تحديد المستقبل الذي ينشد تقوم بنفس الوقت بمصادرة حق هذا الشعب في اختيار ممثليه وقياداته وتقرر نيابة عنه بأن جهة معينة تم استيلادها في الدوحة هي الممثل الشرعي الوحيد له" مضيفا:" يبدو أن تلك الدول ذاتها قد أدخلت بعض التعديلات الخاصة بها على مفهوم الديمقراطية بحيث أصبحت الديمقراطية الحقيقية بنظرهم تقوم على حق بعض الدول في اختيار ممثليه وقيادة بلد آخر دون تدخل داخلي من شعب هذا البلد نفسه وهذه هي القراءة الموجودة لدى بعض مقدمي مشروع القرار".

وشدد الجعفري على أن سورية لفتت عناية الجميع عدة مرات إلى دور جامعة الدول العربية الهدام الذي تقوده قطر والسعودية بالذات مع العضو الجديد في الجامعة تركيا إزاء ما يجري في سورية بدءا من تلاعبها ببعثة المراقبين العرب وانتهاء بقراراتها الأخيرة التي أعطت الحق لدول الجامعة بتقديم الأسلحة للمجموعات الإرهابية وهو ما يعتبر تمويلا ودعما للإرهاب وفقا للمعايير القانونية الدولية ذات الصلة.

وقال الجعفري:" إن هذه القرارات لا تتعارض فحسب مع الدور المنوط بالمنظمات الإقليمية وفقا للفصل الثامن من ميثاق الأمم المتحدة بل من شأنها إذا ما طبقت توجيه ضربة قاصمة لإمكانية التوصل إلى حل سياسي للازمة وهو بالضبط ما يسعى إليه بعض مقدمي مشروع القرار فهم لا يريدون حلا سياسيا سلميا للأزمة السورية بل يسعون فقط وراء ما يسمونه تغيير النظام بأي وسيلة كانت ويسمون ذلك "لعبة" أي أن آلام الشعب السوري واستقرار سورية ومصيرها هو كله عبارة عن "لعبة".

وأضاف الجعفري:" إنني سأستشهد هنا بما ذكره المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي في إحاطته أمام مجلس الأمن بتاريخ 19 نيسان الماضي حول قرار الجامعة العربية الموءرخ في 6 آذار 2013 وهو قرار اعتمد في الدوحة واقتبس منه العبارة التالية:" إذا أخذت لغة مقترح الحل الذي قدمته جامعة الدول العربية بحرفيته فهذا يعني أن على الجامعة اعتبار عملية جنيف بشكل مطلق تعني أنه لا حوار أو مفاوضات ممكنة أو ضرورية" .. فإذا كان المبعوث الأممي يقول ذلك بحق هذا المشروع فماذا تريدون أن اضيف على ذلك".

وتساءل الجعفري:" إذا كان فساد البترودولار القطري والسعودي قد قضى على مصداقية الجامعة العربية وذهب بهيبة منصب أمينها العام وأضر بمهمة الإبراهيمي فهل ستسمح الدول الاعضاء في الأمم المتحدة بنقل عدوى الإفساد إلى الأمم المتحدة حيث يتولى النظامان القطري والتركي الراعيان للتطرف الديني في سورية مسألة حوار الحضارات بينما يقوم النظام السعودي المجند للإرهابيين الجهاديين بمهمة مكافحة الارهاب من خلال المركز الذي أنشؤوه في الأمم المتحدة ودفعوا 10 ملايين دولار تمويلا مسبقا له".

وجدد الجعفري التأكيد على أن الحكومة السورية تعاملت إيجابياً مع جميع المبادرات لحل الأزمة في سورية سلمياً وقال إنني أعلن من على هذا المنبر من جديد بأن الحكومة السورية جادة وصادقة في موضوع الحوار الوطني الشامل بقيادة سورية مع مختلف مكونات المجتمع السوري وكل القوى السياسية بما في ذلك جميع قوى المعارضة الوطنية الداخلية والخارجية والمسلحون الذين يرجحون لغة العقل على حمل السلاح مبينا أن هناك ضمانات قضائية وأمنية حقيقية تكفل العودة الآمنة لقوى المعارضة الخارجية ومن بينها أعضاء ما يسمى "الائتلاف" إذا ما رغبت هذه القوى بالمشاركة في الحوار الوطني والعملية السياسية.

وأوضح الجعفري أن الغالبية العظمى من السوريين ترفض العنف والفوضى وتؤيد حلا سياسيا سلميا سريعا للأزمة وحلاً يحافظ على حقهم في الحياة والأمن والاستقرار والمواطنة والعدالة ويصون مقدرات بلدهم ويضمن مستقبل ابنائهم بعيداً عن آثام التطرف وآفة الإرهاب مؤكدا أن على أطراف المعارضة الرافضة للحوار إن كانت حقاً حريصة على سورية الوطن والشعب وإن كانت حقاً حريصة على وقف نزيف الدم السوري ووضع حد للعنف والدمار أن تضع الأحقاد الشخصية جانباً وترفض تنفيذ الأجندات الخارجية وتنخرط في الحوار الوطني.

وقال الجعفري:" إنني أناشد جميع السوريين أن يعوا أن المطلوب خارجياً في بعض العواصم المعنية باستمرار سفك الدم السوري هو ترك الأزمة في سورية تستمر كما هي حتى تستنزف قدرات سورية وتدمر بنيتها التحتية ونسيجها الاجتماعي بالكامل مبينا أن الخاسر الوحيد عندها سيكون هو سورية الوطن والشعب ولن يكون هناك من رابح سوى من يروم السوء بالدولة السورية".

وأشار الجعفري إلى أنه بمراجعة التاريخ البعيد والقريب في أفغانستان والعراق وليبيا ودول أخرى يتم التعرف بسهولة على أن الأمر غير متعلق أبداً بحقوق الإنسان والوضع الإنساني ونشر الديمقراطية ومصالح شعب هذا البلد أو ذاك مضيفا:" كلها أمور نتفق عليها جميعاً بل يرتبط الأمر حصراً بمصالح سياسية وعسكرية واقتصادية لا تخلف وراءها إلا انعدام الأمن والخراب والقتل والإرهاب والتقسيم والطائفية والفقر وغير ذلك من المشاكل التي تستلزم عشرات السنين لحلها".

وجدد الجعفري التأكيد على أن الحل الحقيقي للأزمة في سورية لن يكون في نهاية المطاف إلا سورياً بامتياز وبقيادة السوريين أنفسهم وقال:" بناء على كل ما سبق فإن وفد بلادي يطلب التصويت على مشروع القرار الوارد في الوثيقة المذكورة ونحث كل الدول على التصويت ضده".

وقال الجعفري في ختام كلمته:" أود أن أنقل لكم معلومة مهمة تشير إلى عمق الفساد الجاري في بعض مكاتب هذه المنظمة الدولية.. هناك بريد الكتروني "ايميل" وصل إلى العديد من كبار موظفي هذه الأمانة العامة جاء من الدوحة والذي أرسله هو ما يسمى سفير الائتلاف في دولة قطر.. هذا السفير هو الذي أعطى التعليمات للمجموعة الإرهابية المسماة "لواء شهداء اليرموك" بأن يقوموا باختطاف عناصر الكتيبة الفلبينية العاملة ضمن قوات الأندوف في الجولان.

وأوضح الجعفري أن سفير الائتلاف في الدوحة الذي أعطته السلطات القطرية السفارة السورية هناك هو الذي أدار عملية التفاوض مع الخاطفين الذين خطفوا أفراد الكتيبة الفلبينية في الجولان في المرتين مشيرا إلى أنه في المرة الأولى عندما خطفوا 21 عنصرا وأخذوهم إلى الأردن وتم التقاط الصور التذكارية لهم هناك وتم تقديم الشاي والعصير والطعام قبل أن يتركوا ليعودوا أيضا عبر منطقة الفصل ومنها إلى داخل الأراضي السورية وفي المرة الثانية أيضا قبل أيام عندما خطفوا أربعة عناصر من الكتيبة الفلبينية.

وذكر الجعفري الإيميل ورقم التلفون الذي كان يتم من خلاله إصدار التوجيهات من الدوحة مشيرا إلى أن هذا الإيميل موجود في الكثير من مكاتب الأمانة العامة ولم يتحدث عنه أحد ولم يأت على ذكره أحد علما بأن المسألة تتعلق بسلامة عناصر قوات الأندوف العاملة في الجولان ولا أريد أن أعقب أكثر من ذلك.

  • فريق ماسة
  • 2013-05-14
  • 7436
  • من الأرشيف

الجعفري : إذا كان فساد البترودولار قضى على مصداقية الجامعة العربية فهل ستسمح الدول الاعضاء بنقل العدوى اإلى الأمم المتحدة

قال الدكتور بشار الجعفري مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة في مستهل كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في جلسة لمناقشة مشروع القرار الخاص بسورية:" إنني استمعت باهتمام بالغ لكلمة رئيس الجمعية العامة وهي كلمة أرجو أن تكون جزءا لا يتجزأ من محاضر هذه الجلسة لما فيها من تحليل دقيق لما يجري في منطقتنا وحول المنطقة وكذلك قراءة دقيقة تستقرىء القادم من الأيام في حال أصرت بعض القوى على رفض الحل السياسي والمضي قدما بالتلاعب في مقدرات شعبنا وشعوب المنطقة". وأضاف الجعفري:" من المثير للعجب حقا أن يقدم مشروع القرار المطروح أمامنا في إطار البند المعنون منع نشوب النزاعات المسلحة في حين أن مضمون المشروع يتناقض تماما مع عنوان وهدف هذا البند النبيل من حيث سعي مشروع القرار إلى تصعيد الأزمة وتأجيج العنف في سورية عبر خلق سابقة خطيرة في العلاقات الدولية تحاول إضفاء الشرعية على تقديم الأسلحة إلى المجموعات الإرهابية في سورية وتمرير اعتراف غير شرعي بفصيل معين من المعارضة الخارجية بدعوى أنه "الممثل الشرعي للشعب السوري" وذلك على الرغم من أن هذا الفصيل المنقسم على نفسه والذي ليس لديه رئيس لا يمثل حتى أطياف المعارضة نفسها في الداخل أو في الخارج". وتابع الجعفري:" مع ذلك وجد من أعد مسودة هذا المشروع أنه من المناسب أن يتحدث باسم الشعب السوري كله.. باسم ملايين السوريين كلهم في الداخل والخارج وأن يملي عليكم أن الممثل الشرعي للشعب السوري يجب أن يكون هذا الفصيل الصغير من المعارضة الخارجية.. وهي معارضة ولدت وترعرعت وتم تسمينها وتغذيتها في قطر إعلاميا وأما سياسيا فقد جرى الشيء نفسه في عواصم أخرى في المنطقة وخارجها". وأكد الجعفري أنه كلما لاحت بوادر تبلور حل سياسي للأزمة في سورية تزداد وتيرة وحجم العمليات الإرهابية على الأرض وتتسارع خطوات بعض الدول لإجهاض هذا التوجه وكأن رسالتهم تقول بأن الحل السياسي السلمي التحاوري غير مسموح في سورية وخير مثال هو مشروع القرار المطروح أمامنا والذي يعتبر سباحة عكس التيار في ضوء التقارب الروسي الأمريكي الأخير الذي رحبت به الحكومة السورية. وأوضح الجعفري أن مئات العمليات الإرهابية بما في ذلك الانتحارية منها حصدت أرواح أعداد كبيرة من المدنيين الأبرياء مشيرا إلى أن تنظيمات إرهابية تنشط في سورية وتعلن صراحة ولاءها لتنظيم القاعدة الذي نحاربه جميعا لكن يبدو أن البعض يحاربه نظريا والبعض الآخر يحاربه عمليا في حين أن هناك من يدعم هذا التنظيم سرا وعلانية. وقال الجعفري:" إن آلاف الإرهابيين المتطرفين والمرتزقة الأجانب المستقدمين الى سورية بتواطؤ استخباراتي دولي هم استجابة إلى دعوات زعيم تنظيم القاعدة وغيره لتدمير الدولة السورية وتأسيس خلافة إسلامية مجاهدة مكانها على حد وصف زعيم تنظيم القاعدة". وأكد الجعفري أن عمليات علنية وموثقة بتقارير أممية لتهريب مختلف أنواع الأسلحة إلى سورية من ليبيا وغيرها وجرائم بربرية غير مسبوقة وانتهاكات موثقة لحقوق الإنسان تقوم بها مجموعات إرهابية مسلحة في سورية وإجراءات اقتصادية وتجارية ومالية قسرية أحادية الجانب وغير شرعية فاقمت المعاناة الإنسانية للشعب السوري وأن عمليات اغتيال وخطف منظمة لرجال الدين الإسلامي والمسيحي وتدمير أقدم كنيس في المنطقة في ضواحي دمشق وبيع مقتنياته في أسواق بيروت وغيرها من قبل العصابات المسلحة وتجار الآلام هي انتهاك ممنهج لحرمات الأضرحة وتدنيس للمقدسات الدينية واعتداء همجي على معالم أثرية ورموز فكرية تاريخية ناصعة في مشهد يذكرنا بهدم تماثيل بوذا في أفغانستان وبتصرفات مشابهة في تونس وليبيا ومالي وفلسطين المحتلة. وقال الجعفري:" كل ما ذكرته هو غيض من فيض مما يحدث في بلادي في سورية وقد أقر به حتى مسؤولو بعض الدول مقدمة مشروع القرار إلا أن الأيادي التي صاغت مشروع القرار قد شلت على ما يبدو عندما وصل الأمر إلى إدانة هذه المسائل وإبراز خطرها على سورية والسوريين" مؤكدا أن مشروع القرار المطروح لم يأت على ذكر كلمة إرهاب ولا مرة واحدة ولكن قد يقول قائل بأن مطالبة مقدمي مشروع القرار بإدراج تلك المسائل في مشروعهم وإدانتها إنما هي مطالبة لا يمكن تلبيتها بطبيعة الحال لأن بعض مقدمي المشروع سيدينون بذلك أنفسهم بأنفسهم نظرا لتورطهم حتى النخاع في كل تلك الأمور التي تجاوزت في سقف إجرامها الإرهاب نفسه. وأضاف الجعفري:" إن إجلاس ما يسمى "الائتلاف الوطني السوري" على مقعد سورية في جامعة الدول العربية بطريقة غير شرعية ومن ثم محاولة مقدمي المشروع توريط الجمعية العامة في منح هذا الائتلاف صفة تمثيلية وهمية للشعب السوري إنما يرمي حقيقة إلى تقويض الدولة السورية ومؤسساتها ككل وقطع الطريق أمام أي حل سلمي للأزمة استنادا لقراري مجلس الأمن 2042 و2043 وبيان جنيف علاوة على أنه انتهاك فاضح لميثاقي الأمم المتحدة والجامعة العربية ولأحكام القانون الدولي". وبين الجعفري أن "الائتلاف الوطني السوري" الذي تم استحداثه في الدوحة بقطر يضم نظريا على الأقل 63 عضوا لكنه عمليا لا يضم سوى 53 عضوا ولماذا.. لأن أولئك الذين استحدثوا هذا "الائتلاف" المعارض المتطرف الرافض للحوار في الدوحة تركوا عشرة مقاعد ليملأها العلمانيون من المعارضين السوريين موضحا أن القطريين وحلفاءهم لم يعثروا بعد مرور حوالي سنة على عشرة من العلمانيين السوريين المعارضين يقبلون بأن يكونوا جزءا من هذا الائتلاف الذي تسيطر عليه بطبيعة الحال أجنحة متطرفة دينيا. وتساءل الجعفري:" أليس من المستغرب أن بعض الدول التي تدعي العمل على جلب الديمقراطية والحرية إلى سورية والحرص على تمكين الشعب السوري من تحديد المستقبل الذي ينشد تقوم بنفس الوقت بمصادرة حق هذا الشعب في اختيار ممثليه وقياداته وتقرر نيابة عنه بأن جهة معينة تم استيلادها في الدوحة هي الممثل الشرعي الوحيد له" مضيفا:" يبدو أن تلك الدول ذاتها قد أدخلت بعض التعديلات الخاصة بها على مفهوم الديمقراطية بحيث أصبحت الديمقراطية الحقيقية بنظرهم تقوم على حق بعض الدول في اختيار ممثليه وقيادة بلد آخر دون تدخل داخلي من شعب هذا البلد نفسه وهذه هي القراءة الموجودة لدى بعض مقدمي مشروع القرار". وشدد الجعفري على أن سورية لفتت عناية الجميع عدة مرات إلى دور جامعة الدول العربية الهدام الذي تقوده قطر والسعودية بالذات مع العضو الجديد في الجامعة تركيا إزاء ما يجري في سورية بدءا من تلاعبها ببعثة المراقبين العرب وانتهاء بقراراتها الأخيرة التي أعطت الحق لدول الجامعة بتقديم الأسلحة للمجموعات الإرهابية وهو ما يعتبر تمويلا ودعما للإرهاب وفقا للمعايير القانونية الدولية ذات الصلة. وقال الجعفري:" إن هذه القرارات لا تتعارض فحسب مع الدور المنوط بالمنظمات الإقليمية وفقا للفصل الثامن من ميثاق الأمم المتحدة بل من شأنها إذا ما طبقت توجيه ضربة قاصمة لإمكانية التوصل إلى حل سياسي للازمة وهو بالضبط ما يسعى إليه بعض مقدمي مشروع القرار فهم لا يريدون حلا سياسيا سلميا للأزمة السورية بل يسعون فقط وراء ما يسمونه تغيير النظام بأي وسيلة كانت ويسمون ذلك "لعبة" أي أن آلام الشعب السوري واستقرار سورية ومصيرها هو كله عبارة عن "لعبة". وأضاف الجعفري:" إنني سأستشهد هنا بما ذكره المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي في إحاطته أمام مجلس الأمن بتاريخ 19 نيسان الماضي حول قرار الجامعة العربية الموءرخ في 6 آذار 2013 وهو قرار اعتمد في الدوحة واقتبس منه العبارة التالية:" إذا أخذت لغة مقترح الحل الذي قدمته جامعة الدول العربية بحرفيته فهذا يعني أن على الجامعة اعتبار عملية جنيف بشكل مطلق تعني أنه لا حوار أو مفاوضات ممكنة أو ضرورية" .. فإذا كان المبعوث الأممي يقول ذلك بحق هذا المشروع فماذا تريدون أن اضيف على ذلك". وتساءل الجعفري:" إذا كان فساد البترودولار القطري والسعودي قد قضى على مصداقية الجامعة العربية وذهب بهيبة منصب أمينها العام وأضر بمهمة الإبراهيمي فهل ستسمح الدول الاعضاء في الأمم المتحدة بنقل عدوى الإفساد إلى الأمم المتحدة حيث يتولى النظامان القطري والتركي الراعيان للتطرف الديني في سورية مسألة حوار الحضارات بينما يقوم النظام السعودي المجند للإرهابيين الجهاديين بمهمة مكافحة الارهاب من خلال المركز الذي أنشؤوه في الأمم المتحدة ودفعوا 10 ملايين دولار تمويلا مسبقا له". وجدد الجعفري التأكيد على أن الحكومة السورية تعاملت إيجابياً مع جميع المبادرات لحل الأزمة في سورية سلمياً وقال إنني أعلن من على هذا المنبر من جديد بأن الحكومة السورية جادة وصادقة في موضوع الحوار الوطني الشامل بقيادة سورية مع مختلف مكونات المجتمع السوري وكل القوى السياسية بما في ذلك جميع قوى المعارضة الوطنية الداخلية والخارجية والمسلحون الذين يرجحون لغة العقل على حمل السلاح مبينا أن هناك ضمانات قضائية وأمنية حقيقية تكفل العودة الآمنة لقوى المعارضة الخارجية ومن بينها أعضاء ما يسمى "الائتلاف" إذا ما رغبت هذه القوى بالمشاركة في الحوار الوطني والعملية السياسية. وأوضح الجعفري أن الغالبية العظمى من السوريين ترفض العنف والفوضى وتؤيد حلا سياسيا سلميا سريعا للأزمة وحلاً يحافظ على حقهم في الحياة والأمن والاستقرار والمواطنة والعدالة ويصون مقدرات بلدهم ويضمن مستقبل ابنائهم بعيداً عن آثام التطرف وآفة الإرهاب مؤكدا أن على أطراف المعارضة الرافضة للحوار إن كانت حقاً حريصة على سورية الوطن والشعب وإن كانت حقاً حريصة على وقف نزيف الدم السوري ووضع حد للعنف والدمار أن تضع الأحقاد الشخصية جانباً وترفض تنفيذ الأجندات الخارجية وتنخرط في الحوار الوطني. وقال الجعفري:" إنني أناشد جميع السوريين أن يعوا أن المطلوب خارجياً في بعض العواصم المعنية باستمرار سفك الدم السوري هو ترك الأزمة في سورية تستمر كما هي حتى تستنزف قدرات سورية وتدمر بنيتها التحتية ونسيجها الاجتماعي بالكامل مبينا أن الخاسر الوحيد عندها سيكون هو سورية الوطن والشعب ولن يكون هناك من رابح سوى من يروم السوء بالدولة السورية". وأشار الجعفري إلى أنه بمراجعة التاريخ البعيد والقريب في أفغانستان والعراق وليبيا ودول أخرى يتم التعرف بسهولة على أن الأمر غير متعلق أبداً بحقوق الإنسان والوضع الإنساني ونشر الديمقراطية ومصالح شعب هذا البلد أو ذاك مضيفا:" كلها أمور نتفق عليها جميعاً بل يرتبط الأمر حصراً بمصالح سياسية وعسكرية واقتصادية لا تخلف وراءها إلا انعدام الأمن والخراب والقتل والإرهاب والتقسيم والطائفية والفقر وغير ذلك من المشاكل التي تستلزم عشرات السنين لحلها". وجدد الجعفري التأكيد على أن الحل الحقيقي للأزمة في سورية لن يكون في نهاية المطاف إلا سورياً بامتياز وبقيادة السوريين أنفسهم وقال:" بناء على كل ما سبق فإن وفد بلادي يطلب التصويت على مشروع القرار الوارد في الوثيقة المذكورة ونحث كل الدول على التصويت ضده". وقال الجعفري في ختام كلمته:" أود أن أنقل لكم معلومة مهمة تشير إلى عمق الفساد الجاري في بعض مكاتب هذه المنظمة الدولية.. هناك بريد الكتروني "ايميل" وصل إلى العديد من كبار موظفي هذه الأمانة العامة جاء من الدوحة والذي أرسله هو ما يسمى سفير الائتلاف في دولة قطر.. هذا السفير هو الذي أعطى التعليمات للمجموعة الإرهابية المسماة "لواء شهداء اليرموك" بأن يقوموا باختطاف عناصر الكتيبة الفلبينية العاملة ضمن قوات الأندوف في الجولان. وأوضح الجعفري أن سفير الائتلاف في الدوحة الذي أعطته السلطات القطرية السفارة السورية هناك هو الذي أدار عملية التفاوض مع الخاطفين الذين خطفوا أفراد الكتيبة الفلبينية في الجولان في المرتين مشيرا إلى أنه في المرة الأولى عندما خطفوا 21 عنصرا وأخذوهم إلى الأردن وتم التقاط الصور التذكارية لهم هناك وتم تقديم الشاي والعصير والطعام قبل أن يتركوا ليعودوا أيضا عبر منطقة الفصل ومنها إلى داخل الأراضي السورية وفي المرة الثانية أيضا قبل أيام عندما خطفوا أربعة عناصر من الكتيبة الفلبينية. وذكر الجعفري الإيميل ورقم التلفون الذي كان يتم من خلاله إصدار التوجيهات من الدوحة مشيرا إلى أن هذا الإيميل موجود في الكثير من مكاتب الأمانة العامة ولم يتحدث عنه أحد ولم يأت على ذكره أحد علما بأن المسألة تتعلق بسلامة عناصر قوات الأندوف العاملة في الجولان ولا أريد أن أعقب أكثر من ذلك.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة