لا يُمكن سعد الحريري وحده أن يصدر إشارة القبول أو الرفض في أيٍّ من القضايا. للرجل دائرة ضيقة، ورثها عن والده الرئيس رفيق الحريري، يعتمد عليها في كل كبيرة وصغيرة. وإذا كان أعز ممتلكاته، كما يقول، هو «سوار الحقيقة» الذي يلفّ معصمه، فإن الأعز منه هو «التركة» البشرية التي عايشت والده، ولم تتركه منذ دخوله المعترك السياسي عام 2005.

منذ «استدعائه» على عجل عام 2005 ليدير «التركة السياسية» التي خلّفها الرئيس الراحل رفيق الحريري، غرف الوريث سعد الحريري من قاعدة أصدقاء الوالد ومستشاريه. هاوي الغطس الذي لم تستهوه السياسة يوماً، «غطس» في وحول السياسة اللبنانية. حافظ على بعض المستشارين الذين عملوا إلى جانب والده، كهاني حمّود وباسم السبع، واستبعد آخرين، كبهيج طبارة، واستقدم مستشارين جدداً، كعبد العرب ونادر الحريري. ومن يعرف الرجل عن قرب، يدرك أن المستشارين في مثل حالته ليسوا ترفاً. لكن يبدو أنهم لم يستطيعوا تحسين أداء الرئيس القائد لواحد من أكبر التيارات السياسية في لبنان. يقول مطلعون على أسرار زعيم تيار المستقبل ورئيس أكبر كتلة نيابية في لبنان إنه أثناء استقباله، في قريطم عام 2007، وفداً من الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، سأل يومها، بكل ثقة بالنفس، رئيس الوفد، «عن الكليات التي تضمها الجامعة والاختصاصات التي تُدرّسها»! «ملك الباستا» (هذه الصفة يطلقها عليه أصدقاؤه، بحسب موقعه الإلكتروني الرسمي) الذي درس في «أهم جامعات العالم»، لا يعرف أن «الجامعة» هي «مؤسسة اغترابية، لا تحمل أي طابع طائفي أو مذهبي أو ديني أو سياسي، مهمتها الثقافة والتقارب وجمع شمل المغتربين في أنحاء العالم».

هذه القصة قد تكون هيّنة أمام ما جرى عندما استقبل الحريري، وهو رئيس للحكومة، وفداً نقابياً. منذ اللحظات الأولى، تبيّن للوفد أن دولته «لا يُميّز بين كلمتي تقاعد وتعاقد».

لا تقف «نهفات» الحريري عند هذا الحد. يُحكى عن لقائه الأول مع وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندوليزا رايس (قبل حرب تموز 2006). فرئيسة دبلوماسية واشنطن اعتادت ـــ في بداية أي لقاء مع مسؤول من الدول «التابعة أو الحليفة أو الصديقة» للولايات المتحدة ـــ أن تستمع منهم إلى رؤيتهم للأوضاع العامة في بلادهم، قبل الدخول في ما تريد قوله. جيش مستشاري الشيخ سعد ـــ الذي يقول إن أهم «إنجازاته» هو «الإدراك أن المرء لا ينجح إلا بالعمل مع الآخرين» ـــ لم يشرحوا للرئيس الشاب ما يجب أن يقوم به في حضرة كوندي. ما ان جلس معها، حتى سألها: ماذا علينا أن نفعل؟ لم تتمكن من أن تجيبه عن سؤاله، فهي لم تسمع مثيلاً له من قبل، بهذا الوضوح، وهذه المباشرة.

الجيش نفسه «لم يعلّم» رئيسَ تيار المستقبل ألفباء العلاقات السياسية بين لبنان وسورية. فما ان بدأ تنفيذ الطلب السعودي بفتح علاقة مع الرئيس السوري بشار الأسد عام 2009، حتى ظن أن بشار الأسد صار «خَيّو الأصلي». بعد عدة لقاءات بين الرجلين، صار الحريري يهاجم أمام الأسد حليفه الأوثق، الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله! ثم كرر الهجوم ذاته في منزل النائب سليمان فرنجية، الذي استقبله في بنشعي بعد قطيعة طويلة. حتى اليوم، لا يزال فرنجية يستغرب ما جرى، للدلالة على «سوء تدبير» الحريري السياسي.

نادر الحريري «الأساس»

فريق العمل الذي خلّفه الشهيد لوريثه لم يعد اليوم كما كان. استبعد الحريري الابن كثيرين، وحافظ على دائرة ضيقة وحدها تعرف عنه ما لا يعرفه إلا الله. في زمن رفيق الحريري، ثمّة مقولة حفظتها جدران قريطم، تقول إن «أفضل مستشار لرفيق الحريري هو رفيق الحريري». لكن في «بيت الوسط» والرياض وباريس، تبدو الأجواء مغايرة تماماً. فالرئيس الشاب لا يتمتّع بقدر كافٍ من الدهاء السياسي يخوّله أن يكون صاحب قرار. وهو لم يستطع حتى الآن، رغم الحظ الذي أحاط به، أن يستجمع فريقاً حديدياً مشابهاً لذلك الذي أحاط بـ«أبو بهاء». بعد خروجه من رئاسة الحكومة، اهتم بإرساء دعائم فريقه الأساسي الذي يحيط به كل الوقت. على رأس هؤلاء يجلس عبد العرب (أبو كريم). الأخير هو وريث «أبو طارق» (يحيى العرب) في المعادلة الحريرية الأمنية، وكان يتولى في السابق حماية الأمن الشخصي لسعد الحريري خلال وجوده في بيروت. إذا سار سعد الحريري في أي شارع في العالم، فسيرى الجميع ظل عبد العرب وراءه، لا ظلّه هو. هو الرفيق والمرافق وكاتم الأسرار الشخصية، الذي يمكث إلى جانبه طوال الوقت، ولا يأتي إلى بيروت إلا في زيارة خاطفة لرؤية عائلته. يقول العارفون به «إنه لا يجلس إلى جانب سعد، بل في أذنه. يضخّ فيها الكثير من المعلومات الأمنية والسياسية وحتى المالية. فخبرة العرب التي جمعها في شركة «عائلته» إلى جانب أخيه، المقاول جهاد العرب، تُعَدّ مصدراً يستعين به سعد في أعماله التجارية».

وقد خسر الحريري باغتيال اللواء وسام الحسن عنصراً أساسياً في فريقه. فالحريري كان يعتمد بشكل كبير على الحسن، في السياسة والأمن والعلاقات الخارجية، ولا سيما أنه «نجح في إقامة علاقات مع أجهزة الاستخبارات في الدول العربية والغربية، وصولاً إلى روسيا. حتى في السعودية، كان الحسن يساعد الحريري. ولم يكن الأخير يرى أفضل من وسام الحسن، كشخص قادر على إبقاء خطوط التواصل مفتوحة مع الأطراف التي يعاديها، ولا سيما حزب الله، «لأنّ العلاقة على الرغم ممّا قيل عنها، كانت جيّدة بينه وبين وفيق صفا، مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب»، إضافة إلى كل «حلفاء سورية في لبنان، وفي مقدمتهم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية».

النائب السابق باسم السبع حافظ على وظيفته في الدائرة الضيقة. السبع هو الشاهد على خطى رفيق الحريري السياسية. يعتبر بقاءه إلى جانب سعد واجباً. يؤدي السبع دوره بنجاح، وإن سمع أحدكم خطاباً لـ«الشيخ»، فهو، بالتأكيد، ينظر إلى صورة باسم بصوت سعد. يُعرف ابن برج البراجنة بـ«رئيس الظل» الذي يكتب كل كلمات «زعيمه». السبع الذي كان ممن يختلون برفيق الحريري، ويعلمون حقيقة مواقفه من جميع الملفات، بدءاً من مشاكله مع النظام السوري والضغوط الأمنية وحزب الله والاتفاقات السرية، بات اليوم من العارفين بخصوصيات الوارث، وواحداً من الثلاثة الأشرس في البلاط الحريري. أما الثاني، الذي يوازي في أهميته عبد العرب، فهو هاني حمّود. كانت مقابلة واحدة أجراها مع رفيق الحريري كفيلة بتحويل الصحافي حمود سنداً إعلامياً للرئيس الشهيد، وهي مهمّة يواصلها مع الابن. ميزته، بحسب مصادر قريطم، أنه «يملك شبكة صحافيين وإعلاميين كبيرة، ويُدير المؤسسات الإعلامية الزرقاء. له موازنة مفتوحة وbonus دائم وحصانة التصرف التلقائي في العديد من الأمور. ينصت إليه سعد في الأمور الإعلامية والسياسة، فهو عينه الراصدة لكل المقالات والأخبار التي تتناوله». لا أحد يمون على الحريري كما يفعل حمود، فـ«كلمته ما بتصير اثنين عنده». خبير في جمع الأقلام «المبخرة» لسيرة آل الحريري منذ عهد الأب حتى عهد الابن، يُنظم جلسات شبه يومية لعدد من الصحافيين على مأدبة غداء أو عشاء لإبقاء خطوط التواصل مستمرة مع «بيت الوسط». وهو يستطيع أن «يرفع سمّاعة هاتفه ويوبّخ أي مسؤول مستقبلي يتجرأ ويصدر موقفاً لا يتناسب وجوّ الشيخ سعد». وعلى سبيل المثال، تعرّض أحد إعلاميي المستقبل البارزين لتأنيب حمود، لأنه شارك في مؤتمر «تضامني مع الشعب السوري في ثورته من أجل الكرامة والحرية والديمقراطية»، يوم كان قرار الشيخ يقضي بالصمت حيال ما يجري في سورية.

أما الثالث الذي استقدمه سعد فهو ابن عمته، نادر الحريري. يبرز نادر كحالة خاصة إلى جانب ابن خاله. تؤكّد المصادر أنه «العمود الفقري للدائرة الضيقة ». ميزته، هو الآخر، أنّ «له قدرة تأثيرية كبيرة، ترتكز على الأرقام والمعلومات». فهو «شغوف بالدراسات والإحصاءات. يستعين بها في كل ملف يطرح أمامه، أو يسأل فيه». ورغم «كرهه» للإعلام، ورفضه الإدلاء بأي تصريح إعلامي، من النادر أن «لا يظهر نادر في كادر أي صورة لسعد»، فـ«رجل الأعمال الذي يدير بعض استثمارات آل الحريري والمشارك في تأسيس جمعية بادر لمساعدة الشباب ورجال الأعمال الناشئين في سوق العمل والاستثمارات، تخطّى أخيراً عتبة الدور الاستشاري ليدخل في منظومة ترتيب اللقاءات السياسية وهندستها ونقل الرسائل من سعد وإليه» كما يقول العارفون.

ولا يعتمد الحريري على العنصر الذكوري في فريقه فحسب. فكرمى إكمكجي، التي اختارتها مجلة «دبلوماتيك كوريير» من بين لائحتها لأكثر ٩٩ شخصية شابة (ما دون سن الـ33) مؤثرة في مجال السياسة الخارجية في العالم عام 2012، عملت مسؤولة للشؤون الدولية في مكتبه، عندما كان رئيساً للوزراء. لم تلبث أن خرجت من السرايا بخروج رئيسها، لتعود وتدخل القفص الذهبي، وتتزوج من هاني حمّود. مهمتها محصورة مع السفارات في دول العالم، ومتابعة العلاقة التي تربط المسؤولين فيها بتيار المستقبل. فهي معروفة بشبكة علاقاتها القوية في هذا المجال. ويشمل العنصر الأنثوي أسماء اندراوس منظمة الحفلات التي دُفعت لأن تصبح ناشطة مدنية بعد اغتيال الحريري. آنذاك، جمعت أسماء أصدقاءها لحضور تشييع الحريري حاملين لافتات كتب عليها «إنه واضح أليس كذلك». وهي من أعدّ لعريضة عند قبر الحريري، دعت الحكومة اللبنانية إلى الاستقالة. اندفاعة أندراوس لم توصلها فقط لأن تصبح منظمة مهرجانات الحريري بدلاً من عزّت قريطم الذي «وضع على الرف»، بل شجّعت «الزعيم» على تكليفها بمنصب مسؤولة العلاقات العامة في منزله في وادي أبو جميل. وهي، مثلاً، من اقترح عليه تقليد باراك أوباما وخلع الجاكيت على منبر ساحة الشهداء عام 2011. وتُضاف إلى السيدتين هازار كركلا، مستشارته للشؤون الاقتصادية إلى جانب مازن حنّا.

لكن يبدو أن أمور فريق العمل هذا ليست على أفضل ما يرام، إذ تتحدث مصادر «وادي أبو جميل ــ باريس ــ الرياض ــ موناكو ــ الطائرة الخاصة....» عن «صراع كان دائراً حول قسم البروتوكول في القصر، بين الحاج دريان الزعتري الذي سُلّم إدارة أرشيف كل الوثائق الخاصة بعائلة الحريري، ومحمد منيمنة الذي تسلم منصب دائرة التشريفات والضيافة».

الحلقة الأوسع

أما الحلقة الحريرية الأوسع، فتضمّ «الضابط السابق جوني عبدو». رُغم أن السفير السابق نفى أن يكون عنصراً في فريق عمل الحريري، مشيراً إلى أن الأخير «يُعامل كولد في الرياض»، بحسب إحدى وثائق ويكيليكس، يؤكد مقربون من رئيس تيار المستقبل أن «عبدو مستشار سياسي أساسي له، إلى جانب النائب السابق غطّاس خوري». ويُحكى أن «خوري يفرض نفسه بالقوة على سعد؛ إذ يروي أحد الذين كانوا في الولايات المتحدة، لحظة زيارة الحريري لواشنطن على رأس وفد وزاري، كيف انتظر خوري ساعات في بهو الفندق كي يُلقي رئيس الحكومة التحية عليه».

في الشأن المسيحي، يعود الحريري إلى مستشاره داوود الصايغ، وفي الشؤون الخارجية إلى الوزير السابق محمد شطح. ولسعد «وكيل» معتمد في فرنسا يدعى باسيل يارد، يعمل محامياً له، وهو صلة الوصل بينه وبين الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك. أهمية وجوده إلى جانب «قائد الدراجات النارية في باريس» هي في معرفته العميقة بالملفات التي تربط لبنان بفرنسا. أميركياً، لا يزال رفيق البزري مسؤول «مؤسسة الحريري» في واشنطن، ضمن فريق عمل الابن، ومعه المستشارة للشؤون الأميركية آمال مدللي. وعلى هامش المستشارين، يأتي نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري الذي «انخرط في العمل الحريري السياسي، ووهب نفسه بعد عام 2005 للشيخ سعد، ملازماً له، مطالباً بالثأر أكثر من عائلة الراحل».

ليس بالضرورة أن يحمل فريق العمل المحيط بالرئيس المولع بالمطبخ الإيطالي سيرة سياسية وإعلامية كي يُسجّل في خانة «غير المستغنى عنهم». وإن كانت السعادة الحقيقية بالنسبة إليه هي «في ارتداء الجينز طوال الوقت» كما يقول، فبالطبع لن يسمح له «مصمّم أزيائه» بذلك، إذ إن درويش الربيع الذي يهتم «بمظهر» سعد الخارجي وحتّى الداخلي طوال الوقت، يحرص، كما يقول العارفون، على «فرض البذلات المناسبة عليه». من «البابوج إلى الطربوش»، يتولى درويش المهمة، من دون التنازل عن حقه في «برزة الرجل». حتّى إن سعد حين يملّ منه يقول: «ربيع خنقني بكرافاتاته». والربيع هذا لا يسلم من تدخل عبد العرب في عمله، إذ يختلف ذوق الاثنين أحياناً كثيرة. لكنّ ذوق عبد العرب (الأقوى) هو ما يلتزم به سعد الحريري في النهاية، عندما يكون الأمر متعلقاً بلون ربطة العنق. ومن قال إن «السيجار الفاخر الذي يُكافئ به سعد نفسه بعد يوم عمل طويل، هو الدخان الوحيد الذي يُحبه؟». فالشاب «مدمن إمرار دخان نرجيلة التنبك المشتعل بالفحم»، ويتولى هندستها عبد الشعار.

أصحاب قرار لا مستشارون

يمكن الجزم بأنّ أهم شخصيات دائرة الرئيس سعد الحريري هما الرئيس فؤاد السنيورة والنائب نهاد المشنوق. يعود إليهما في الأمور الاستراتيجية. يجتمع بهما لمناقشة الملفات الكبيرة. لا يُعَدّ الاثنان مستشارين وحسب، ولا حتى من المقربين جداً. هما صاحبا قرار في تيار المستقبل، وكلمتاهما مسموعة. كذلك ثبّت على قائمته بعض الوجوه النيابية الشبابية المقربة منه، كزياد القادري وعقاب صقر الذي تحول أخيراً إلى ممثل الحريري في الثورة السورية. أما في الشأن المالي، فيثق سعد بوليد السبع أعين، الممسك بالشؤون المالية. ورغم أن الأخير ليس صاحب قرار، ولا يحمل صفة مستشار اقتصادي، كزميلته في التيار ريا الحسن، إلا أن أهميته هي في معرفة التفاصيل المالية الدقيقة في التيار. فهو يعلم «أين تصرف الأموال ولمن تصرف، وأين تصب وأين تهدر».

«الكلمة الفصل» سعودية

يصعب على النائب سعد الحريري اتخاذ بعض القرارات من دون العودة إلى حضن المملكة العربية السعودية. يُجمع من يلتقون برئيس تيار المستقبل على أن كل الفريق المحيط به لا يستطيع أن يُملي عليه استشاراته في ما يتعلق ببعض القضايا. فريقه هذا متخصص في شؤون التيار الداخلية، والعلاقة مع الأطراف اللبنانية كافة في الأمور التفصيلية.

أما الملفات الاستراتيجية، فالقرار سعودي بامتياز، إذ يُشير أحد نواب المستقبل البارزين إلى «أن خط التواصل المباشر مع المملكة لا يُقفل». طبعاً، «لا تتدخل السعودية في الملفات الصغيرة التي يستطيع فريق عمل الحريري الضيق تسويتها»، ولكن، كما يؤكد النائب، «الأم الحنون لسعد لا تتيح له أي فرصة في اتخاذ قرارات تتعلق بقضايا مصيرية، ولا حتّى إبداء رأيه فيها». لعلّ أبرزها «ملف الحوار اللبناني الذي يرعاه رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان». وهنا، يعود النائب المستقبلي إلى التذكير بقرار فريق الرابع عشر من آذار مقاطعة طاولة الحوار، «فيما كسر التيار هذا القرار بطلب سعودي». ومن الملفات أيضاً يقول النائب: «الموقف من سلاح حزب الله وكيفية معالجته على مستوى المعادلة الداخلية»، فالرياض «قادرة على ردعه إن اتخذ قراراً بمواجهته، في حال لم تكُن تريد ذلك». وللمملكة أيضاً الكلمة الفصل دوماً في ما يتعلق بالمعادلات الكبيرة، على غرار الـ« سين ــ سين» التي لم يُبدِ الحريري انفتاحاً عليها إلا بأمر سعودي، ولا سيما أنه «لم يكُن في وارد الذهاب إلى تسوية على حساب المحكمة الدولية».

  • فريق ماسة
  • 2013-05-02
  • 9818
  • من الأرشيف

مستشارو الحريري: سياســة و«بزنس» وأركيلة

لا يُمكن سعد الحريري وحده أن يصدر إشارة القبول أو الرفض في أيٍّ من القضايا. للرجل دائرة ضيقة، ورثها عن والده الرئيس رفيق الحريري، يعتمد عليها في كل كبيرة وصغيرة. وإذا كان أعز ممتلكاته، كما يقول، هو «سوار الحقيقة» الذي يلفّ معصمه، فإن الأعز منه هو «التركة» البشرية التي عايشت والده، ولم تتركه منذ دخوله المعترك السياسي عام 2005. منذ «استدعائه» على عجل عام 2005 ليدير «التركة السياسية» التي خلّفها الرئيس الراحل رفيق الحريري، غرف الوريث سعد الحريري من قاعدة أصدقاء الوالد ومستشاريه. هاوي الغطس الذي لم تستهوه السياسة يوماً، «غطس» في وحول السياسة اللبنانية. حافظ على بعض المستشارين الذين عملوا إلى جانب والده، كهاني حمّود وباسم السبع، واستبعد آخرين، كبهيج طبارة، واستقدم مستشارين جدداً، كعبد العرب ونادر الحريري. ومن يعرف الرجل عن قرب، يدرك أن المستشارين في مثل حالته ليسوا ترفاً. لكن يبدو أنهم لم يستطيعوا تحسين أداء الرئيس القائد لواحد من أكبر التيارات السياسية في لبنان. يقول مطلعون على أسرار زعيم تيار المستقبل ورئيس أكبر كتلة نيابية في لبنان إنه أثناء استقباله، في قريطم عام 2007، وفداً من الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، سأل يومها، بكل ثقة بالنفس، رئيس الوفد، «عن الكليات التي تضمها الجامعة والاختصاصات التي تُدرّسها»! «ملك الباستا» (هذه الصفة يطلقها عليه أصدقاؤه، بحسب موقعه الإلكتروني الرسمي) الذي درس في «أهم جامعات العالم»، لا يعرف أن «الجامعة» هي «مؤسسة اغترابية، لا تحمل أي طابع طائفي أو مذهبي أو ديني أو سياسي، مهمتها الثقافة والتقارب وجمع شمل المغتربين في أنحاء العالم». هذه القصة قد تكون هيّنة أمام ما جرى عندما استقبل الحريري، وهو رئيس للحكومة، وفداً نقابياً. منذ اللحظات الأولى، تبيّن للوفد أن دولته «لا يُميّز بين كلمتي تقاعد وتعاقد». لا تقف «نهفات» الحريري عند هذا الحد. يُحكى عن لقائه الأول مع وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندوليزا رايس (قبل حرب تموز 2006). فرئيسة دبلوماسية واشنطن اعتادت ـــ في بداية أي لقاء مع مسؤول من الدول «التابعة أو الحليفة أو الصديقة» للولايات المتحدة ـــ أن تستمع منهم إلى رؤيتهم للأوضاع العامة في بلادهم، قبل الدخول في ما تريد قوله. جيش مستشاري الشيخ سعد ـــ الذي يقول إن أهم «إنجازاته» هو «الإدراك أن المرء لا ينجح إلا بالعمل مع الآخرين» ـــ لم يشرحوا للرئيس الشاب ما يجب أن يقوم به في حضرة كوندي. ما ان جلس معها، حتى سألها: ماذا علينا أن نفعل؟ لم تتمكن من أن تجيبه عن سؤاله، فهي لم تسمع مثيلاً له من قبل، بهذا الوضوح، وهذه المباشرة. الجيش نفسه «لم يعلّم» رئيسَ تيار المستقبل ألفباء العلاقات السياسية بين لبنان وسورية. فما ان بدأ تنفيذ الطلب السعودي بفتح علاقة مع الرئيس السوري بشار الأسد عام 2009، حتى ظن أن بشار الأسد صار «خَيّو الأصلي». بعد عدة لقاءات بين الرجلين، صار الحريري يهاجم أمام الأسد حليفه الأوثق، الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله! ثم كرر الهجوم ذاته في منزل النائب سليمان فرنجية، الذي استقبله في بنشعي بعد قطيعة طويلة. حتى اليوم، لا يزال فرنجية يستغرب ما جرى، للدلالة على «سوء تدبير» الحريري السياسي. نادر الحريري «الأساس» فريق العمل الذي خلّفه الشهيد لوريثه لم يعد اليوم كما كان. استبعد الحريري الابن كثيرين، وحافظ على دائرة ضيقة وحدها تعرف عنه ما لا يعرفه إلا الله. في زمن رفيق الحريري، ثمّة مقولة حفظتها جدران قريطم، تقول إن «أفضل مستشار لرفيق الحريري هو رفيق الحريري». لكن في «بيت الوسط» والرياض وباريس، تبدو الأجواء مغايرة تماماً. فالرئيس الشاب لا يتمتّع بقدر كافٍ من الدهاء السياسي يخوّله أن يكون صاحب قرار. وهو لم يستطع حتى الآن، رغم الحظ الذي أحاط به، أن يستجمع فريقاً حديدياً مشابهاً لذلك الذي أحاط بـ«أبو بهاء». بعد خروجه من رئاسة الحكومة، اهتم بإرساء دعائم فريقه الأساسي الذي يحيط به كل الوقت. على رأس هؤلاء يجلس عبد العرب (أبو كريم). الأخير هو وريث «أبو طارق» (يحيى العرب) في المعادلة الحريرية الأمنية، وكان يتولى في السابق حماية الأمن الشخصي لسعد الحريري خلال وجوده في بيروت. إذا سار سعد الحريري في أي شارع في العالم، فسيرى الجميع ظل عبد العرب وراءه، لا ظلّه هو. هو الرفيق والمرافق وكاتم الأسرار الشخصية، الذي يمكث إلى جانبه طوال الوقت، ولا يأتي إلى بيروت إلا في زيارة خاطفة لرؤية عائلته. يقول العارفون به «إنه لا يجلس إلى جانب سعد، بل في أذنه. يضخّ فيها الكثير من المعلومات الأمنية والسياسية وحتى المالية. فخبرة العرب التي جمعها في شركة «عائلته» إلى جانب أخيه، المقاول جهاد العرب، تُعَدّ مصدراً يستعين به سعد في أعماله التجارية». وقد خسر الحريري باغتيال اللواء وسام الحسن عنصراً أساسياً في فريقه. فالحريري كان يعتمد بشكل كبير على الحسن، في السياسة والأمن والعلاقات الخارجية، ولا سيما أنه «نجح في إقامة علاقات مع أجهزة الاستخبارات في الدول العربية والغربية، وصولاً إلى روسيا. حتى في السعودية، كان الحسن يساعد الحريري. ولم يكن الأخير يرى أفضل من وسام الحسن، كشخص قادر على إبقاء خطوط التواصل مفتوحة مع الأطراف التي يعاديها، ولا سيما حزب الله، «لأنّ العلاقة على الرغم ممّا قيل عنها، كانت جيّدة بينه وبين وفيق صفا، مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب»، إضافة إلى كل «حلفاء سورية في لبنان، وفي مقدمتهم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية». النائب السابق باسم السبع حافظ على وظيفته في الدائرة الضيقة. السبع هو الشاهد على خطى رفيق الحريري السياسية. يعتبر بقاءه إلى جانب سعد واجباً. يؤدي السبع دوره بنجاح، وإن سمع أحدكم خطاباً لـ«الشيخ»، فهو، بالتأكيد، ينظر إلى صورة باسم بصوت سعد. يُعرف ابن برج البراجنة بـ«رئيس الظل» الذي يكتب كل كلمات «زعيمه». السبع الذي كان ممن يختلون برفيق الحريري، ويعلمون حقيقة مواقفه من جميع الملفات، بدءاً من مشاكله مع النظام السوري والضغوط الأمنية وحزب الله والاتفاقات السرية، بات اليوم من العارفين بخصوصيات الوارث، وواحداً من الثلاثة الأشرس في البلاط الحريري. أما الثاني، الذي يوازي في أهميته عبد العرب، فهو هاني حمّود. كانت مقابلة واحدة أجراها مع رفيق الحريري كفيلة بتحويل الصحافي حمود سنداً إعلامياً للرئيس الشهيد، وهي مهمّة يواصلها مع الابن. ميزته، بحسب مصادر قريطم، أنه «يملك شبكة صحافيين وإعلاميين كبيرة، ويُدير المؤسسات الإعلامية الزرقاء. له موازنة مفتوحة وbonus دائم وحصانة التصرف التلقائي في العديد من الأمور. ينصت إليه سعد في الأمور الإعلامية والسياسة، فهو عينه الراصدة لكل المقالات والأخبار التي تتناوله». لا أحد يمون على الحريري كما يفعل حمود، فـ«كلمته ما بتصير اثنين عنده». خبير في جمع الأقلام «المبخرة» لسيرة آل الحريري منذ عهد الأب حتى عهد الابن، يُنظم جلسات شبه يومية لعدد من الصحافيين على مأدبة غداء أو عشاء لإبقاء خطوط التواصل مستمرة مع «بيت الوسط». وهو يستطيع أن «يرفع سمّاعة هاتفه ويوبّخ أي مسؤول مستقبلي يتجرأ ويصدر موقفاً لا يتناسب وجوّ الشيخ سعد». وعلى سبيل المثال، تعرّض أحد إعلاميي المستقبل البارزين لتأنيب حمود، لأنه شارك في مؤتمر «تضامني مع الشعب السوري في ثورته من أجل الكرامة والحرية والديمقراطية»، يوم كان قرار الشيخ يقضي بالصمت حيال ما يجري في سورية. أما الثالث الذي استقدمه سعد فهو ابن عمته، نادر الحريري. يبرز نادر كحالة خاصة إلى جانب ابن خاله. تؤكّد المصادر أنه «العمود الفقري للدائرة الضيقة ». ميزته، هو الآخر، أنّ «له قدرة تأثيرية كبيرة، ترتكز على الأرقام والمعلومات». فهو «شغوف بالدراسات والإحصاءات. يستعين بها في كل ملف يطرح أمامه، أو يسأل فيه». ورغم «كرهه» للإعلام، ورفضه الإدلاء بأي تصريح إعلامي، من النادر أن «لا يظهر نادر في كادر أي صورة لسعد»، فـ«رجل الأعمال الذي يدير بعض استثمارات آل الحريري والمشارك في تأسيس جمعية بادر لمساعدة الشباب ورجال الأعمال الناشئين في سوق العمل والاستثمارات، تخطّى أخيراً عتبة الدور الاستشاري ليدخل في منظومة ترتيب اللقاءات السياسية وهندستها ونقل الرسائل من سعد وإليه» كما يقول العارفون. ولا يعتمد الحريري على العنصر الذكوري في فريقه فحسب. فكرمى إكمكجي، التي اختارتها مجلة «دبلوماتيك كوريير» من بين لائحتها لأكثر ٩٩ شخصية شابة (ما دون سن الـ33) مؤثرة في مجال السياسة الخارجية في العالم عام 2012، عملت مسؤولة للشؤون الدولية في مكتبه، عندما كان رئيساً للوزراء. لم تلبث أن خرجت من السرايا بخروج رئيسها، لتعود وتدخل القفص الذهبي، وتتزوج من هاني حمّود. مهمتها محصورة مع السفارات في دول العالم، ومتابعة العلاقة التي تربط المسؤولين فيها بتيار المستقبل. فهي معروفة بشبكة علاقاتها القوية في هذا المجال. ويشمل العنصر الأنثوي أسماء اندراوس منظمة الحفلات التي دُفعت لأن تصبح ناشطة مدنية بعد اغتيال الحريري. آنذاك، جمعت أسماء أصدقاءها لحضور تشييع الحريري حاملين لافتات كتب عليها «إنه واضح أليس كذلك». وهي من أعدّ لعريضة عند قبر الحريري، دعت الحكومة اللبنانية إلى الاستقالة. اندفاعة أندراوس لم توصلها فقط لأن تصبح منظمة مهرجانات الحريري بدلاً من عزّت قريطم الذي «وضع على الرف»، بل شجّعت «الزعيم» على تكليفها بمنصب مسؤولة العلاقات العامة في منزله في وادي أبو جميل. وهي، مثلاً، من اقترح عليه تقليد باراك أوباما وخلع الجاكيت على منبر ساحة الشهداء عام 2011. وتُضاف إلى السيدتين هازار كركلا، مستشارته للشؤون الاقتصادية إلى جانب مازن حنّا. لكن يبدو أن أمور فريق العمل هذا ليست على أفضل ما يرام، إذ تتحدث مصادر «وادي أبو جميل ــ باريس ــ الرياض ــ موناكو ــ الطائرة الخاصة....» عن «صراع كان دائراً حول قسم البروتوكول في القصر، بين الحاج دريان الزعتري الذي سُلّم إدارة أرشيف كل الوثائق الخاصة بعائلة الحريري، ومحمد منيمنة الذي تسلم منصب دائرة التشريفات والضيافة». الحلقة الأوسع أما الحلقة الحريرية الأوسع، فتضمّ «الضابط السابق جوني عبدو». رُغم أن السفير السابق نفى أن يكون عنصراً في فريق عمل الحريري، مشيراً إلى أن الأخير «يُعامل كولد في الرياض»، بحسب إحدى وثائق ويكيليكس، يؤكد مقربون من رئيس تيار المستقبل أن «عبدو مستشار سياسي أساسي له، إلى جانب النائب السابق غطّاس خوري». ويُحكى أن «خوري يفرض نفسه بالقوة على سعد؛ إذ يروي أحد الذين كانوا في الولايات المتحدة، لحظة زيارة الحريري لواشنطن على رأس وفد وزاري، كيف انتظر خوري ساعات في بهو الفندق كي يُلقي رئيس الحكومة التحية عليه». في الشأن المسيحي، يعود الحريري إلى مستشاره داوود الصايغ، وفي الشؤون الخارجية إلى الوزير السابق محمد شطح. ولسعد «وكيل» معتمد في فرنسا يدعى باسيل يارد، يعمل محامياً له، وهو صلة الوصل بينه وبين الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك. أهمية وجوده إلى جانب «قائد الدراجات النارية في باريس» هي في معرفته العميقة بالملفات التي تربط لبنان بفرنسا. أميركياً، لا يزال رفيق البزري مسؤول «مؤسسة الحريري» في واشنطن، ضمن فريق عمل الابن، ومعه المستشارة للشؤون الأميركية آمال مدللي. وعلى هامش المستشارين، يأتي نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري الذي «انخرط في العمل الحريري السياسي، ووهب نفسه بعد عام 2005 للشيخ سعد، ملازماً له، مطالباً بالثأر أكثر من عائلة الراحل». ليس بالضرورة أن يحمل فريق العمل المحيط بالرئيس المولع بالمطبخ الإيطالي سيرة سياسية وإعلامية كي يُسجّل في خانة «غير المستغنى عنهم». وإن كانت السعادة الحقيقية بالنسبة إليه هي «في ارتداء الجينز طوال الوقت» كما يقول، فبالطبع لن يسمح له «مصمّم أزيائه» بذلك، إذ إن درويش الربيع الذي يهتم «بمظهر» سعد الخارجي وحتّى الداخلي طوال الوقت، يحرص، كما يقول العارفون، على «فرض البذلات المناسبة عليه». من «البابوج إلى الطربوش»، يتولى درويش المهمة، من دون التنازل عن حقه في «برزة الرجل». حتّى إن سعد حين يملّ منه يقول: «ربيع خنقني بكرافاتاته». والربيع هذا لا يسلم من تدخل عبد العرب في عمله، إذ يختلف ذوق الاثنين أحياناً كثيرة. لكنّ ذوق عبد العرب (الأقوى) هو ما يلتزم به سعد الحريري في النهاية، عندما يكون الأمر متعلقاً بلون ربطة العنق. ومن قال إن «السيجار الفاخر الذي يُكافئ به سعد نفسه بعد يوم عمل طويل، هو الدخان الوحيد الذي يُحبه؟». فالشاب «مدمن إمرار دخان نرجيلة التنبك المشتعل بالفحم»، ويتولى هندستها عبد الشعار. أصحاب قرار لا مستشارون يمكن الجزم بأنّ أهم شخصيات دائرة الرئيس سعد الحريري هما الرئيس فؤاد السنيورة والنائب نهاد المشنوق. يعود إليهما في الأمور الاستراتيجية. يجتمع بهما لمناقشة الملفات الكبيرة. لا يُعَدّ الاثنان مستشارين وحسب، ولا حتى من المقربين جداً. هما صاحبا قرار في تيار المستقبل، وكلمتاهما مسموعة. كذلك ثبّت على قائمته بعض الوجوه النيابية الشبابية المقربة منه، كزياد القادري وعقاب صقر الذي تحول أخيراً إلى ممثل الحريري في الثورة السورية. أما في الشأن المالي، فيثق سعد بوليد السبع أعين، الممسك بالشؤون المالية. ورغم أن الأخير ليس صاحب قرار، ولا يحمل صفة مستشار اقتصادي، كزميلته في التيار ريا الحسن، إلا أن أهميته هي في معرفة التفاصيل المالية الدقيقة في التيار. فهو يعلم «أين تصرف الأموال ولمن تصرف، وأين تصب وأين تهدر». «الكلمة الفصل» سعودية يصعب على النائب سعد الحريري اتخاذ بعض القرارات من دون العودة إلى حضن المملكة العربية السعودية. يُجمع من يلتقون برئيس تيار المستقبل على أن كل الفريق المحيط به لا يستطيع أن يُملي عليه استشاراته في ما يتعلق ببعض القضايا. فريقه هذا متخصص في شؤون التيار الداخلية، والعلاقة مع الأطراف اللبنانية كافة في الأمور التفصيلية. أما الملفات الاستراتيجية، فالقرار سعودي بامتياز، إذ يُشير أحد نواب المستقبل البارزين إلى «أن خط التواصل المباشر مع المملكة لا يُقفل». طبعاً، «لا تتدخل السعودية في الملفات الصغيرة التي يستطيع فريق عمل الحريري الضيق تسويتها»، ولكن، كما يؤكد النائب، «الأم الحنون لسعد لا تتيح له أي فرصة في اتخاذ قرارات تتعلق بقضايا مصيرية، ولا حتّى إبداء رأيه فيها». لعلّ أبرزها «ملف الحوار اللبناني الذي يرعاه رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان». وهنا، يعود النائب المستقبلي إلى التذكير بقرار فريق الرابع عشر من آذار مقاطعة طاولة الحوار، «فيما كسر التيار هذا القرار بطلب سعودي». ومن الملفات أيضاً يقول النائب: «الموقف من سلاح حزب الله وكيفية معالجته على مستوى المعادلة الداخلية»، فالرياض «قادرة على ردعه إن اتخذ قراراً بمواجهته، في حال لم تكُن تريد ذلك». وللمملكة أيضاً الكلمة الفصل دوماً في ما يتعلق بالمعادلات الكبيرة، على غرار الـ« سين ــ سين» التي لم يُبدِ الحريري انفتاحاً عليها إلا بأمر سعودي، ولا سيما أنه «لم يكُن في وارد الذهاب إلى تسوية على حساب المحكمة الدولية».

المصدر : الاخبار/ميسم رزق


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة