وفقا لأحد المعارضين السوريين المقيمين في الخارج، فإن تنظيم «جبهة النصرة» الذي بايع أمس زعيم تنظيم «القاعدة» المصري أيمن الظواهري، سيصبح «هدف الثورة» بعد وصول الأخيرة لهدفها بإسقاط النظام. لكن المعركة التي يفترض أن تأتي لاحقا، لا تبيح للمعارضة بشقيها في «المجلس الوطني» و«الائتلاف الوطني»، تجاهل القوة المنظمة والمؤثرة للجبهة في المعارك الدائرة مع الجيش السوري، وقواه الأمنية في مختلف مناحي البلاد.

الواقع أن وسائل الإعلام وشبكات التواصل الإخباري، سجلت صراعات مسلحة جرت بين كتائب تنتمي إلى الطرفين، في كل من ريف حلب، لا سيما على المعابر الحدودية، وفي ريف إدلب، ودير الزور، وفي الرقة أيضا. وتداولت مواقع الكترونية، كما هو معروف، قصصا كثيرة عن اعتقال وتعذيب مقاتلي «النصرة» لناشطين سلميين في حلب وغيرها، بسبب رفع العلم الأسود، أو انتقاد أداء الجبهة العسكري أو المدني. لكن الندية التي تدعي فصائل المعارضة المسلحة ممارستها مع الجبهة، لا تأتي بنتيجة كما تشير الوقائع، إذ تسجل كل الزيارات الإعلامية الميدانية لمناطق سيطرة المعارضة، أن العلم الأسود هو العلم الأعلى، وأن «المجالس المحلية» المقامة تحتكم إلى قضاة دينيين شرعيين، ولجان «أمر بالمعروف ونهي عن المنكر»، وأن المدنية والعلمانية هويتان مفقودتان في غالبية تلك المناطق.

«النصرة» لا تعتبر الأكثر تنظيما فقط، في فصائل المعارضة، ولكنها الأشد فعالية. الجبهة تؤمن بالجهاد ضد الآخر من منطلق مذهبي بالأساس، ولغاية ربانية بنظرها، هي إقامة «الدولة الإسلامية العليا». هي تبيح كل الوسائل في الصراع، من الانتحاريين، إلى تفجير السيارات في المناطق المدنية، إلى استخدام النساء، واعتبار المدنيين وقودا للصراع. ليس لدى الجبهة ما تخجل منه، باعتبار أن كل شيء مباح بهدف الوصول للهدف الأسمى، بعكس المعارضة التي يلبس ممثلوها بذات باهظة الثمن، ويستقبلهم زعماء العالم الغربي بشكل دوري، ويروجون لغايتهم الأعلى، وهي «انتخابات ديموقراطية وسط مناخ من الحرية الدستورية».

كلام لا يجد أي صدى لدى «الجبهة» كما هو معلوم، إذ إنها تستفيد من زخم مشاركة الأجانب المغامرين أو الباحثين عن جسور جهادية نحو الجنة.

وقد سبق للمعارضة، المتمثلة بـ«المجلس الوطني»، أن أتيحت لها فرصة اتخاذ مسافة من التنظيم، بعد تصنيف الولايات المتحدة لـ«جبهة النصرة» بأنها «إرهابية». على العكس دافعت جماعة «الإخوان المسلمين» عن الجبهة، واعتبرت القرار متسرعا، وانتقد رئيس «المجلس الوطني» جورج صبرا القرار الذي صدر ضد «أخوة السلاح». الأمر ذاته قام به رئيس «الائتلاف» احمد معاذ الخطيب، الذي كرر بالأمس أن فكر «القاعدة لا يناسبنا».

وهو كلام يقال نصفه وفق ما ينقل ديبلوماسيون خلال لقاءاتهم مع ممثلي المعارضة التي تزيد على هذا ان «مقاتلي التنظيم سيغادرون إلى الجهاد في مكان آخر بعد الثورة. أو سنقاتلهم». الخيار الأخير يبدو الأرجح، باعتبار أن هدف القتال صار إقامة «دولة الشام الإسلامية» وفق ما طلب الظواهري قبل يومين.

واقع جديد، يرفض ممثلو المعارضة مواجهته من دون أوهام أو مخادعة. هو الواقع ذاته الذي سبق أن حذر منسق «هيئة التنسيق الوطنية» في الخارج هيثم مناع، في مؤتمر مراكش قبل أشهر، من تجاهله، مشيرا إلى تحول معركة الجيش السوري إلى معركة ضد «القاعدة»، الأمر الذي يمكن أن يقلب الكثير من الموازين القائمة، والذي يجعل كل كلام لزعيمه عن تطمين الأقليات أو المعتدلين كلاما فارغا واهما. هل من آمال؟ أمس نقلت مواقع سورية عن الخطيب اتهامه الشركات الأميركية بمعاملة طالبي التوظيف السوريين «بعنصرية» ، مشيرا إلى أن هذا يستوجب «ردا قانونيا». ذهب إلى أبعد من ذلك. طلب من المحامي هيثم المالح الموجود في الولايات المتحدة، وفقا للمصدر ذاته، أن يرفع دعوى على الحكومة الأميركية، بتهم «الدفع للتمييز والعنصرية». إحساس المعارضة بحجمها سواء على المستوى الميداني أو القانوني، يحتاج فعليا إلى إعادة نظر.

  • فريق ماسة
  • 2013-04-10
  • 9003
  • من الأرشيف

«جهاديّو سوريا» بين إحراج المعارضة ومساندتها

وفقا لأحد المعارضين السوريين المقيمين في الخارج، فإن تنظيم «جبهة النصرة» الذي بايع أمس زعيم تنظيم «القاعدة» المصري أيمن الظواهري، سيصبح «هدف الثورة» بعد وصول الأخيرة لهدفها بإسقاط النظام. لكن المعركة التي يفترض أن تأتي لاحقا، لا تبيح للمعارضة بشقيها في «المجلس الوطني» و«الائتلاف الوطني»، تجاهل القوة المنظمة والمؤثرة للجبهة في المعارك الدائرة مع الجيش السوري، وقواه الأمنية في مختلف مناحي البلاد. الواقع أن وسائل الإعلام وشبكات التواصل الإخباري، سجلت صراعات مسلحة جرت بين كتائب تنتمي إلى الطرفين، في كل من ريف حلب، لا سيما على المعابر الحدودية، وفي ريف إدلب، ودير الزور، وفي الرقة أيضا. وتداولت مواقع الكترونية، كما هو معروف، قصصا كثيرة عن اعتقال وتعذيب مقاتلي «النصرة» لناشطين سلميين في حلب وغيرها، بسبب رفع العلم الأسود، أو انتقاد أداء الجبهة العسكري أو المدني. لكن الندية التي تدعي فصائل المعارضة المسلحة ممارستها مع الجبهة، لا تأتي بنتيجة كما تشير الوقائع، إذ تسجل كل الزيارات الإعلامية الميدانية لمناطق سيطرة المعارضة، أن العلم الأسود هو العلم الأعلى، وأن «المجالس المحلية» المقامة تحتكم إلى قضاة دينيين شرعيين، ولجان «أمر بالمعروف ونهي عن المنكر»، وأن المدنية والعلمانية هويتان مفقودتان في غالبية تلك المناطق. «النصرة» لا تعتبر الأكثر تنظيما فقط، في فصائل المعارضة، ولكنها الأشد فعالية. الجبهة تؤمن بالجهاد ضد الآخر من منطلق مذهبي بالأساس، ولغاية ربانية بنظرها، هي إقامة «الدولة الإسلامية العليا». هي تبيح كل الوسائل في الصراع، من الانتحاريين، إلى تفجير السيارات في المناطق المدنية، إلى استخدام النساء، واعتبار المدنيين وقودا للصراع. ليس لدى الجبهة ما تخجل منه، باعتبار أن كل شيء مباح بهدف الوصول للهدف الأسمى، بعكس المعارضة التي يلبس ممثلوها بذات باهظة الثمن، ويستقبلهم زعماء العالم الغربي بشكل دوري، ويروجون لغايتهم الأعلى، وهي «انتخابات ديموقراطية وسط مناخ من الحرية الدستورية». كلام لا يجد أي صدى لدى «الجبهة» كما هو معلوم، إذ إنها تستفيد من زخم مشاركة الأجانب المغامرين أو الباحثين عن جسور جهادية نحو الجنة. وقد سبق للمعارضة، المتمثلة بـ«المجلس الوطني»، أن أتيحت لها فرصة اتخاذ مسافة من التنظيم، بعد تصنيف الولايات المتحدة لـ«جبهة النصرة» بأنها «إرهابية». على العكس دافعت جماعة «الإخوان المسلمين» عن الجبهة، واعتبرت القرار متسرعا، وانتقد رئيس «المجلس الوطني» جورج صبرا القرار الذي صدر ضد «أخوة السلاح». الأمر ذاته قام به رئيس «الائتلاف» احمد معاذ الخطيب، الذي كرر بالأمس أن فكر «القاعدة لا يناسبنا». وهو كلام يقال نصفه وفق ما ينقل ديبلوماسيون خلال لقاءاتهم مع ممثلي المعارضة التي تزيد على هذا ان «مقاتلي التنظيم سيغادرون إلى الجهاد في مكان آخر بعد الثورة. أو سنقاتلهم». الخيار الأخير يبدو الأرجح، باعتبار أن هدف القتال صار إقامة «دولة الشام الإسلامية» وفق ما طلب الظواهري قبل يومين. واقع جديد، يرفض ممثلو المعارضة مواجهته من دون أوهام أو مخادعة. هو الواقع ذاته الذي سبق أن حذر منسق «هيئة التنسيق الوطنية» في الخارج هيثم مناع، في مؤتمر مراكش قبل أشهر، من تجاهله، مشيرا إلى تحول معركة الجيش السوري إلى معركة ضد «القاعدة»، الأمر الذي يمكن أن يقلب الكثير من الموازين القائمة، والذي يجعل كل كلام لزعيمه عن تطمين الأقليات أو المعتدلين كلاما فارغا واهما. هل من آمال؟ أمس نقلت مواقع سورية عن الخطيب اتهامه الشركات الأميركية بمعاملة طالبي التوظيف السوريين «بعنصرية» ، مشيرا إلى أن هذا يستوجب «ردا قانونيا». ذهب إلى أبعد من ذلك. طلب من المحامي هيثم المالح الموجود في الولايات المتحدة، وفقا للمصدر ذاته، أن يرفع دعوى على الحكومة الأميركية، بتهم «الدفع للتمييز والعنصرية». إحساس المعارضة بحجمها سواء على المستوى الميداني أو القانوني، يحتاج فعليا إلى إعادة نظر.

المصدر : السفير \ زياد حيدر


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة