دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
تلملم دمشق جراحها وترفع الأنقاض عن شوارعها بعد استشهاد ما لا يقل عن خمسة وثلاثين شخصاً وجرح أكثر من ثمانية وثمانين مواطناً في تفجيرات تعتبر الأكثر دموية في دمشق، منذ تفجير منطقة المزرعة بالقرب من مشفى الحياة في العاصمة السورية.
يبدو تفجير السبع بحرات للوهلة الأولى كالتفجيرات السابقة، ولكن تفجير سيارات مفخخة في قلب العاصمة، وبالقرب من مبانٍ حكومية تعج بالمراجعين والموظفين، والمدارس، وشوارع مكتظة بالسيارات والمارة، لم يكن مصادفة، حيث إن هذه التفجيرات تأتي بعد الانجازات العسكرية التي حققها الجيش العربي السوري، والضربات المؤلمة للمجموعات المسلحة على محور الغوطة الشرقية في ريف دمشق، بعد أن أكمل الجيش السوري الطوق على الغوطة الشرقية كاملة، وتمكن من تنظيف المنطقة الممتدة من مطار دمشق الدولي، كفرين، حران العواميد، العتيبة، العبادة والمدينة الصناعية في عدرا، وصولا إلى جنوب غرب الضمير وهي منطقة تابعة لريف دمشق شرقا، من ثم الالتفاف نحو القرى التابعة لمدينة دوما، كالشوفونية والريحان، وصولاً إلى بساتين العب في دوما، ومنها إلى الاوستراد الدولي الواصل إلى مدينة حمص، وهذا ما ذكرناه في مقال سابق عبر موقع "العهد" الالكتروني.
وتتركز محاولات المجموعات المسلحة في هذه الفترة على فك الحصار المفروض من الجيش السوري حول بلدة عدرا الاستراتيجية التابعة لريف دمشق، والتي فقدت المجموعات المسلحة من خلاله خطوط إمداد عسكرية، إضافة إلى سيطرة الجيش السوري على طرق إمداد الطاقة للعاصمة دمشق والتي تشكل مسألة أساسية للحكومة السورية وحتى لسكان العاصمة، ولا تزال مواجهات عنيفة تدور في عدد من محاور هذه البلدة الواقعة على بعد 25 كلم شمال شرق دمشق، وتعتبر من أهم المراكز الصناعية في سورية، ومركز التجارة الحرة في ريف دمشق ويقع فيها سجن دمشق المركزي المعروف باسم سجن عدرا، بالاضافة إلى مخيم الوافدين وهو يضم عدداً كبيراً للنازحين السوريين من الجولان المحتل.
وتعد الغوطة الشرقية من أهم معاقل المجموعات المسلحة ويوجد فيها عدد كبير من مقاتليها العرب والأجانب التي كانت تحاول السيطرة على مطار دمشق الدولي بغية شل حركة الدولة السورية وقطع الإمدادات عن القوات العسكرية السورية في باقي المناطق.
ولم يكن انجاز الجيش السوري في الغوطة الشرقية هو الوحيد الذي اتاح لفكي كماشة الجيش السوري الاطباق على المسلحين، فالتقدم الذي شهدته مدينة داريا، جاء بعد التفاف الجيش السوري ضمن تشكيل صندوق مفتوح، ما وضع المسلحين ضمن حصار خانق، ما ادى إلى شل حركتهم وقطع طرق الامداد عنهم، وجعلهم تحت مرمى نيران الجيش السوري.
كما تؤكد المعطيات الميدانية، ان الجيش السوري هو صاحب المبادرة في منطقة جوبر شمال دمشق، والتي تعد أحد المداخل الرئيسية للدخول إلى قلب دمشق بالذات، وخصوصاً أن الجيش يمتلك امكانيات كبيرة وجهوزية دائمة في دمشق، وهذا ما مكنه من معالجة الموقف من دون ان يهدر دقيقة انتظار، في التحشيد او وضع الخطة او اتخاذ القرار، ما سبب الصدمة والانهيار الادراكي لدى قسم كبير من المسلحين.
هذا التصعيد وهذه التفجيرات في المشهد السوري، يأتيان خلال هذه الأيام في ظل غياب المبادرات السياسية. فبعد إدراك المجموعات المسلحة بأن اقتحام مدينة دمشق والسيطرة على ريفها باتا بعيدَي المنال، بدأت الجماعات المسلحة باللجوء إلى تفجير السيارات المفخخة والعبوات الناسفة مستهدفة الأماكن التي تعد الأكثر أمناً في سورية، بينما يستمر تنفيذ العملية العسكرية الدفاعية عن دمشق، تحت تأثير الزخم النفسي والمعنوي الذي أضافه الجيش السوري حتى على البعد الجغرافي للمعارك
المصدر :
العهد/ حسين مرتضى
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة