دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
أجمل وزير الخارجية الأميركي جون كيري، جولته الحالية بإعلان اتفاقه مع كل من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس، على تحقيق سلسلة من المشاريع الاقتصادية في الضفة الغربية لمساعدة الاقتصاد الفلسطيني. وأشار إلى أنه اتفق مع الطرفين على إبقاء نقاط الاتفاق سريّة في المرحلة الراهنة على أن يكشف عن بعضها في الأسبوع المقبل.
ومن المنطقي الافتراض أن كيري، الراغب في تسجيل إنجازات لصالح إدارته في المرحلة الجديدة، أجاد التهرب من عوامل الفشل، وركز على ما يمكن أن يبدو كإنجاز. فهو لم يتحدث عن نجاح في إعادة الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني إلى طاولة المفاوضات، كما لم يشع أي أوهام بقرب تحقيق اختراق في حائط الجليد القائم بينهما، وإنما ركز بشكل غامض على نقاط الاتفاق ذات الطبيعة الاقتصادية. وبداهة أن الاستقرار الاقتصادي للسلطة الفلسطينية في رام الله يشكل أحد أعمدة الاستقرار السياسي والأمني، وجميعها عانت مؤخراً من درجات مختلفة من الاهتزاز. ولا يختلف اثنان على أن بقاء السلطة واستقرارها، صارا من ثوابت السياستين الأميركية والإسرائيلية على الأقل في الوقت الراهن، وهو ما يخلق جسراً مع المصلحة الفلسطينية أيضاً.
غير أن الحديث عن الاقتصاد أزاح جانباً الحديث عن السياسة بمعنى المفاوضات، وإن أبقى السياسة بمعنى التواصل. وقد أشارت مصادر إسرائيلية إلى أن كيري الطامح، ولو بشكل أولي، لكبح التدهور في العلاقات بين إسرائيل والسلطة، ابتعد عن منطق تحقيق الاختراقات المدوية وعمد إلى تهدئة الأوضاع أولاً. ويجري الحديث عن تبادل التزامات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية أساسها تسهيلات اقتصادية من جانب إسرائيل تلحقها تعهدات بالإفراج عن معتقلين فلسطينيين، خصوصاً أولئك المعتقلين منذ ما قبل اتفاقيات أوسلو، وتعهدات فلسطينية بالحفاظ على الأمن وعدم التوجه إلى الأمم المتحدة أو المحكمة الجنائية الدولية. وتحدث مصدر إعلامي إسرائيلي عن نجاح كيري في أخذ التزام غير معلن من إسرائيل بالكف عن توسيع المستوطنات خارج الكتل الاستيطانية.
وأشارت «هآرتس» إلى أن كيري قصد بالمشاريع الاقتصادية تلك التي ستقام في المنطقة «ج»، التي تسيطر إسرائيل عليها أمنياً وإدارياً، وهي تتعلق بمشاريع سكنية وسياحية كانت إسرائيل ترفض السماح بها حتى الآن. وبرر كيري عدم إشارته إلى أي إنجازات على صعيد المفاوضات والتسوية بأنه لا يريد إدارة المفاوضات عبر وسائل الإعلام، مؤكداً أنه يتعامل مع الأمر «بهدوء ومسؤولية». ومع ذلك شدد على جانب ترفض حكومة نتنياهو سماعه، وهو أن الاتصالات السياسية تدور حول خطوط العام 1967 وتبادل أراض، لكنه استدرك قائلاً إن «الطرفين هما من سيضطر لبحث هذه الأمور». وفي هذا السياق، أشار كيري إلى مبادرة السلام العربية، وإلى أنها بصيغتها الحالية تشكل إسهاماً مهما في الحوار، لكنها «ليست أساساً للمفاوضات».
وكان كيري قد اجتمع مع عباس ونتنياهو خلال رحلته. وقال إنه يبذل الجهود في محاولة لاستئناف المفاوضات بين الطرفين لأن تحقيق السلام في الشرق الأوسط «مصلحة أمنية أميركية». وتركزت المباحثات معهما حول سبل استئناف المفاوضات. وأوحى نتنياهو بأنه لا يريد فقط مفاوضات، وإنما «جهد جدي لإنهاء النزاع مرة واحدة وإلى الأبد». وشدد نتنياهو على أنه في مفاوضاته مع الفلسطينيين يريد بحث «قضايا الاعتراف والأمن» بعكس ما يريده الفلسطينيون وهو حدود الدولة.
وكانت «معاريف» قد أشارت إلى أن حكومة نتنياهو تشترط اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل كدولة يهودية مقابل شرط الفلسطينيين تجميد البناء في المستوطنات وعرض خريطة حدود. ويتعارض هذا مع ما نشر على لسان وزيرة العدل تسيبي ليفني بأن الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل ليس شرطاً لاستئناف المفاوضات. ورأت جهات رسمية إسرائيلية أن موقف ليفني هذا لم يتم تنسيقه مسبقاً مع نتنياهو.
وأوضحت «معاريف» أنه بسبب صعوبة الاتفاق سياسياً بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية تحاول الإدارة الأميركية اللعب على حلول وسط جزئية، بينها «نقل عدد قليل من مناطق ج الى سيطرة فلسطينية كاملة، وبينها طريقا وصول قرب رام الله وفي منطقة طولكرم. واقتراح آخر هو اقرار نحو عشرة مخططات هيكلية لبلدات فلسطينية غير قانونية والدفع الى الامام بمخططات بناء وبنية تحتية في المنطقة ج، وكذلك نقل صلاحيات أمنية للفلسطينيين في المنطقة ب. وبحسب مصادر فلسطينية، فقد نقل الوزير كيري هذه الاقتراحات للفلسطينيين بالتشاور مع نتنياهو».
عموماً أشارت «معاريف» إلى أن كيري يعتزم ممارسة ضغط شديد على الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي للتوصل إلى توافقات بشأن استئناف المفاوضات في غضون نحو شهرين. ولهذا الغرض يعتزم المجيء الى المنطقة كل اسبوعين. ويبدو بشكل واضح أن كيري ينوي تكثيف اتصالاته وإظهار جهده، لكنه حتى الآن لا يملك رؤية واضحة لسبل استئناف المفاوضات وتحقيق اختراقات. وتشدد جهات إسرائيلية على أن كيري «عازم حقاً على استئناف المفاوضات. وهو ينوي التواجد كثيراً في المنطقة، وليس عبثاً. وجولته هذه ليست معدة للسياحة، وإنما للتقدم. هناك شعور باحتمال استئناف المفاوضات، لكن ليس واضحاً متى يتحقق ذلك».
المصدر :
الماسة السورية/ السفير
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة