تتحدث أوساط فرنسية أن تحت الجمود حول الملف السوري في أوروبا والغرب غلياناً سياسياً واقتصادياً ومخاض تحولات جذرية على المستوى الإستراتيجي والجيو-سياسي كما على مستوى أولويات الدول.

وتقول المصادر المعنية بالملف الشرق أوسطي وشمال إفريقية في وزارة الخارجية الفرنسية: إن وزراء خارجية عدد من الدول الأوروبية قد لجؤوا إلى العديد من التقارير السرية كانت قد زودتهم كل من روسيا والولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي ومراكز الاستشراف في وزارات خارجية كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا حول الخارطة السياسية والعسكرية للقوى في سورية ومحيطها وكانت تقارير مقلقة جداً للأوروبيين وتنذر بمخاطر جسيمة على الوضع الأمني والاقتصادي في الداخل الأوروبي وفي المصالح الأوروبية. ويقرأ الأوروبيون في هذه التقارير، التي أنهى المعنيون دراستها بداية شهر نيسان الجاري، أن ثمة خللاً كبيراً في بنية دوائر القرار الأمني والسياسي والاقتصادي في عدد من البلدان التي شاركت عملياً في الأزمة السورية. وتتوقع المصادر أن تجري سلسلة مراجعات لا تطول فقط المواقف السياسية من الأزمة بل أيضاً إجراء تعديلات في العديد من المسؤوليات الرئيسية في الأجهزة الأمنية والاقتصادية والمالية في الدول الأوروبية الكبرى للحد وللخروج بأقل قدر من الخسائر رغم أن هذه التغييرات ستكون مؤلمة جداً في الداخل الأوروبي وخاصة في الدول الثلاث الكبرى فرنسا وبريطانيا وألمانيا.

هذه التقارير تثبت أن كل المعلومات حول مسارات الأزمة في سورية كانت كاذبة وأن حلفاءهم العرب والأتراك قد خدعوهم حول حقيقة الوضع في سورية وأكدوا لهم أن مقومات صمود الرئيس الأسد في السلطة قد سقطت وأنهم بصدد توجيه الضربة القاضية. في حين ترى أوساط فرنسية أن ثمة عامين من «المخادعة المتبادلة» بين العرب والأوروبيين ذهب ضحيتها السوريون وحصدها الإسرائيليون.

وتضيف المصادر الفرنسية: إن المشكلة التي ستطفو على السطح هي في بنية التحالفات التي نسجتها هذه الدول على خلفية الأزمة السورية وقد بدأت تظهر خارطة جديدة لها في المنطقة فالعلاقات السعودية - التركية تمر بمرحلة حرجة جداً تجاوزت مرحلة الشك بين البلدين إلى مرحلة تناقض المصالح السياسية والإستراتيجية لم يستطع الطرفان تجاوزها بعد، رغم المحاولات الأميركية، كما أن العلاقات بين آل سعود وآل ثاني بدأت تنحدر بسرعة هائلة في حين يحاول آل ثاني تعزيز العلاقات مع تركيا. وحسب قراءة الفرنسيين للتقارير فإن فرنسا هي المتضرر الأكبر من هذه المفاعيل لكون شهر العسل مع آل ثاني أدى إلى تسلل هؤلاء إلى العديد من المراكز الحساسة والدقيقة في المؤسسات الفرنسية المفتاحية في الاقتصاد الفرنسي إضافة إلى تورط العديد من الرموز السياسية الفرنسية في قضايا فساد مع قطر وهو ما تم تسريبه. إضافة إلى أن آل ثاني دخلوا في صراع نفوذ سياسي أمني مع آل سعود في لبنان ما يهدد أمن واستقرار هذا البلد الحساس جداً في الأزمة السورية. ويؤكد المصدر الفرنسي، يوافقه في ذلك مصدر أطلسي، أن آل ثاني عمدوا إلى إشعال تمرد عسكري على خطوط الهدنة الإسرائيلية – السورية في الجولان بناء على نصيحة تركية كان أحمد داوود أوغلو يخطط لها منذ بداية الأزمة السورية وينتظر «المصالحة» مع إسرائيل وهو أمر تعتبره باريس المرحلة الأخطر في الشرق الأوسط ويشعل المنطقة كلها، ممن أعارتهم فرنسا وبريطانيا لقطر وتركيا لتأمين غطاء مدني للإخوان المسلمين وآلاف المقاتلين كما تضم الذين فروا من الخدمة في سورية من مدنيين وعسكريين ولا تعرف أوروبا ماذا ستفعل بهؤلاء ولم تقدم قطر والسعودية اللتان تعهدتا تمويل المسلحين في سورية أي مقترح عملي حول مصيرهم في حين تم حل المشكلة في ليبيا عن طريق تمويل ذاتي ليبي لبقايا المسلحين. وكل ما قدمته قطر أنها «ستوقف» تمويل المتطرفين في شمال إفريقية لكنها لا تضمن عدم وصول التمويل لهم من خلال «إخوانهم في سورية» أو ليبيا.

  • فريق ماسة
  • 2013-04-09
  • 8541
  • من الأرشيف

نعم أوروبا في رمال الصحاري العربية

تتحدث أوساط فرنسية أن تحت الجمود حول الملف السوري في أوروبا والغرب غلياناً سياسياً واقتصادياً ومخاض تحولات جذرية على المستوى الإستراتيجي والجيو-سياسي كما على مستوى أولويات الدول. وتقول المصادر المعنية بالملف الشرق أوسطي وشمال إفريقية في وزارة الخارجية الفرنسية: إن وزراء خارجية عدد من الدول الأوروبية قد لجؤوا إلى العديد من التقارير السرية كانت قد زودتهم كل من روسيا والولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي ومراكز الاستشراف في وزارات خارجية كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا حول الخارطة السياسية والعسكرية للقوى في سورية ومحيطها وكانت تقارير مقلقة جداً للأوروبيين وتنذر بمخاطر جسيمة على الوضع الأمني والاقتصادي في الداخل الأوروبي وفي المصالح الأوروبية. ويقرأ الأوروبيون في هذه التقارير، التي أنهى المعنيون دراستها بداية شهر نيسان الجاري، أن ثمة خللاً كبيراً في بنية دوائر القرار الأمني والسياسي والاقتصادي في عدد من البلدان التي شاركت عملياً في الأزمة السورية. وتتوقع المصادر أن تجري سلسلة مراجعات لا تطول فقط المواقف السياسية من الأزمة بل أيضاً إجراء تعديلات في العديد من المسؤوليات الرئيسية في الأجهزة الأمنية والاقتصادية والمالية في الدول الأوروبية الكبرى للحد وللخروج بأقل قدر من الخسائر رغم أن هذه التغييرات ستكون مؤلمة جداً في الداخل الأوروبي وخاصة في الدول الثلاث الكبرى فرنسا وبريطانيا وألمانيا. هذه التقارير تثبت أن كل المعلومات حول مسارات الأزمة في سورية كانت كاذبة وأن حلفاءهم العرب والأتراك قد خدعوهم حول حقيقة الوضع في سورية وأكدوا لهم أن مقومات صمود الرئيس الأسد في السلطة قد سقطت وأنهم بصدد توجيه الضربة القاضية. في حين ترى أوساط فرنسية أن ثمة عامين من «المخادعة المتبادلة» بين العرب والأوروبيين ذهب ضحيتها السوريون وحصدها الإسرائيليون. وتضيف المصادر الفرنسية: إن المشكلة التي ستطفو على السطح هي في بنية التحالفات التي نسجتها هذه الدول على خلفية الأزمة السورية وقد بدأت تظهر خارطة جديدة لها في المنطقة فالعلاقات السعودية - التركية تمر بمرحلة حرجة جداً تجاوزت مرحلة الشك بين البلدين إلى مرحلة تناقض المصالح السياسية والإستراتيجية لم يستطع الطرفان تجاوزها بعد، رغم المحاولات الأميركية، كما أن العلاقات بين آل سعود وآل ثاني بدأت تنحدر بسرعة هائلة في حين يحاول آل ثاني تعزيز العلاقات مع تركيا. وحسب قراءة الفرنسيين للتقارير فإن فرنسا هي المتضرر الأكبر من هذه المفاعيل لكون شهر العسل مع آل ثاني أدى إلى تسلل هؤلاء إلى العديد من المراكز الحساسة والدقيقة في المؤسسات الفرنسية المفتاحية في الاقتصاد الفرنسي إضافة إلى تورط العديد من الرموز السياسية الفرنسية في قضايا فساد مع قطر وهو ما تم تسريبه. إضافة إلى أن آل ثاني دخلوا في صراع نفوذ سياسي أمني مع آل سعود في لبنان ما يهدد أمن واستقرار هذا البلد الحساس جداً في الأزمة السورية. ويؤكد المصدر الفرنسي، يوافقه في ذلك مصدر أطلسي، أن آل ثاني عمدوا إلى إشعال تمرد عسكري على خطوط الهدنة الإسرائيلية – السورية في الجولان بناء على نصيحة تركية كان أحمد داوود أوغلو يخطط لها منذ بداية الأزمة السورية وينتظر «المصالحة» مع إسرائيل وهو أمر تعتبره باريس المرحلة الأخطر في الشرق الأوسط ويشعل المنطقة كلها، ممن أعارتهم فرنسا وبريطانيا لقطر وتركيا لتأمين غطاء مدني للإخوان المسلمين وآلاف المقاتلين كما تضم الذين فروا من الخدمة في سورية من مدنيين وعسكريين ولا تعرف أوروبا ماذا ستفعل بهؤلاء ولم تقدم قطر والسعودية اللتان تعهدتا تمويل المسلحين في سورية أي مقترح عملي حول مصيرهم في حين تم حل المشكلة في ليبيا عن طريق تمويل ذاتي ليبي لبقايا المسلحين. وكل ما قدمته قطر أنها «ستوقف» تمويل المتطرفين في شمال إفريقية لكنها لا تضمن عدم وصول التمويل لهم من خلال «إخوانهم في سورية» أو ليبيا.

المصدر : الوطن /عيسى الأيوبي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة