احتلت صورة طفل سوري يبلغ من العمر ثماني سنوات ويمتشق بندقية آلية اطول منه، ويدخن سيجارة بشراهة مبالغ فيها مكانة بارزة في معظم الصحف والمجلات ومحطات التلفزة العالمية، بعضها نشر هذه الصورة بتعاطف واعجاب، والبعض الآخر بطريقة انتقادية تعكس مدى تدهور الاوضاع الانسانية في هذا البلد المنكوب.

الطفل، ومثلما تقول الخلفية الاخبارية المرافقة للصورة، فقد والديه في هذه الحرب الدموية، وانضم الى مقاتلي الجيش الحر، برفقة عمه، للقتال من اجل اسقاط النظام السوري .

ايا كان موقف المرء، سواء في صف الثورة او في الخندق الآخر المقابل لها، او حتى يتخذ من الحياد موقفا، فانه لا يجب ان يؤيد الزج بالاطفال في هذه الحرب الدموية، مهما كانت المبررات، لان هذا يعطي انطباعا معاكسا وسلبيا، من حيث تصويرنا كعرب ومسلمين قساة غلاظ القلوب.

ندرك جيدا ان هذا الطفل جرى استخدامه، وتوظيف قضيته، من اجل تحقيق مكاسب اعلامية ونفسية، مثل ادانة النظام، وعكس توجه او صورة تفيد بان الجميع يقاتل ضد النظام في سورية بمن في الاطفال، ولكن اي مكاسب اعلامية او دعائية في هذا الصدد قد يجري تفسيرها بتفسيرات مغايرة تماما.

لا تخدم الاهداف التي يتطلع اصحابها لتحقيقها خاصة في البلدان الغربية.

وربما يجادل البعض بان النظام بغاراته المتواصلة على احياء او تجمعات تتمترس فيها قوات المعارضة المسلحة، والجيش الحر والجماعات الجهادية على وجه الخصوص، قتل المئات من الاطفال لا حول لهم ولا قوة، وهذا صحيح لا يمكن ان يجادل اي عاقل بحصوله، لكن يجب على الطرف الآخر الحفاظ على الصورة النقية للطفولة، وعدم الزج بها في الحرب بطريقة مغايرة بأي شكل من الاشكال.

نشعر بألم عندما نرى سورية تتحول الى غابة سلاح، والى ميادين للقتل وسفك الدماء، وما يزيدنا الما حالة الانقسام والتقسيم المتفاقمة حاليا على اسس طائفية وعرقية، وهي حالة قد تحدث جروحا غائرة تحتاج الى عقود لكي تندمل.

في ظل غياب الحلول السياسية كليا، وانتهاء مهمة المبعوث الدولي والعربي الاخضر الابراهيمي الى الفشل، وتراجع الاهتمام الدولي بالازمة السورية لصالح ملفات وازمات جديدة ربما تكون اكثر اهمية وخطورة مثل الحرب الوشيكة بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية، تبدو الصورة في سورية المستقبل قاتمة للغاية، ولا تبعث مطلقا على اي نوع من انواع التفاؤل.

منظر الطفل السوري ابن الثمانية اعوام وهو يحمل بندقية آلية روسية الصنع بتثاقل، ويدخن سيجارة بطريقة مسرحية جرى اعدادها واخراجها بطريقة سيئة سيظل عالقا بالاذهان، اذهاننا على الاقل لسنوات طويلة، وكتعبير مؤلم عن الازمة في سورية ودمويتها وانتفاء بعض الجوانب الانسانية عن بعض فصولها.

 

  • فريق ماسة
  • 2013-03-31
  • 9406
  • من الأرشيف

الطفل السوري حامل الكلاشينكوف

احتلت صورة طفل سوري يبلغ من العمر ثماني سنوات ويمتشق بندقية آلية اطول منه، ويدخن سيجارة بشراهة مبالغ فيها مكانة بارزة في معظم الصحف والمجلات ومحطات التلفزة العالمية، بعضها نشر هذه الصورة بتعاطف واعجاب، والبعض الآخر بطريقة انتقادية تعكس مدى تدهور الاوضاع الانسانية في هذا البلد المنكوب. الطفل، ومثلما تقول الخلفية الاخبارية المرافقة للصورة، فقد والديه في هذه الحرب الدموية، وانضم الى مقاتلي الجيش الحر، برفقة عمه، للقتال من اجل اسقاط النظام السوري . ايا كان موقف المرء، سواء في صف الثورة او في الخندق الآخر المقابل لها، او حتى يتخذ من الحياد موقفا، فانه لا يجب ان يؤيد الزج بالاطفال في هذه الحرب الدموية، مهما كانت المبررات، لان هذا يعطي انطباعا معاكسا وسلبيا، من حيث تصويرنا كعرب ومسلمين قساة غلاظ القلوب. ندرك جيدا ان هذا الطفل جرى استخدامه، وتوظيف قضيته، من اجل تحقيق مكاسب اعلامية ونفسية، مثل ادانة النظام، وعكس توجه او صورة تفيد بان الجميع يقاتل ضد النظام في سورية بمن في الاطفال، ولكن اي مكاسب اعلامية او دعائية في هذا الصدد قد يجري تفسيرها بتفسيرات مغايرة تماما. لا تخدم الاهداف التي يتطلع اصحابها لتحقيقها خاصة في البلدان الغربية. وربما يجادل البعض بان النظام بغاراته المتواصلة على احياء او تجمعات تتمترس فيها قوات المعارضة المسلحة، والجيش الحر والجماعات الجهادية على وجه الخصوص، قتل المئات من الاطفال لا حول لهم ولا قوة، وهذا صحيح لا يمكن ان يجادل اي عاقل بحصوله، لكن يجب على الطرف الآخر الحفاظ على الصورة النقية للطفولة، وعدم الزج بها في الحرب بطريقة مغايرة بأي شكل من الاشكال. نشعر بألم عندما نرى سورية تتحول الى غابة سلاح، والى ميادين للقتل وسفك الدماء، وما يزيدنا الما حالة الانقسام والتقسيم المتفاقمة حاليا على اسس طائفية وعرقية، وهي حالة قد تحدث جروحا غائرة تحتاج الى عقود لكي تندمل. في ظل غياب الحلول السياسية كليا، وانتهاء مهمة المبعوث الدولي والعربي الاخضر الابراهيمي الى الفشل، وتراجع الاهتمام الدولي بالازمة السورية لصالح ملفات وازمات جديدة ربما تكون اكثر اهمية وخطورة مثل الحرب الوشيكة بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية، تبدو الصورة في سورية المستقبل قاتمة للغاية، ولا تبعث مطلقا على اي نوع من انواع التفاؤل. منظر الطفل السوري ابن الثمانية اعوام وهو يحمل بندقية آلية روسية الصنع بتثاقل، ويدخن سيجارة بطريقة مسرحية جرى اعدادها واخراجها بطريقة سيئة سيظل عالقا بالاذهان، اذهاننا على الاقل لسنوات طويلة، وكتعبير مؤلم عن الازمة في سورية ودمويتها وانتفاء بعض الجوانب الانسانية عن بعض فصولها.  

المصدر : رأي القدس


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة