يعود حديث الحرب مجدداً الى الواجهة في المنطقة. الحراك الصاخب في الاقليم لم يمنع بقاء المواجهة المحتملة مع «حزب الله» اولوية لدى اسرائيل التي حوّلت قواتها في جبهتها الشمالية من الحدود مع سوريا الى الحدود مع لبنان.

التحضيرات الإسرائيلية المتواصلة لمواجهة محتملة على الجبهة اللبنانية لم تنقطع يوماً. فيما «حزب الله» يضع استعداداته للحرب المقبلة فوق أي اعتبار، رغم ما يحيط به من واقع مضطرب. مراقبون كثيرون يعتقدون بأن الجبهة بين اسرائيل ولبنان مرشحة للانفجار في اي لحظة. هذا، في ظل عدم جدية مؤشرات التصعيد عسكرياً على اي من الجبهات الاخرى الممتدة على مدى الاقليم.

الجبهة السورية ـ الاسرائيلية هي اليوم، كما كانت من قبل، بعيدة عن التصعيد. هي كذلك لانه لا حاجة للحرب على هذه الجبهة ما دامت ماتسمى «الثورة» تفعل فعلها في الداخل السوري. الجبهة الاميركية – الايرانية كذلك ما زالت خارج الأولوية العسكرية ما دامت قوة ايران وتموضعها يجعلان استهدافها عسكرياً من واشنطن او تل ابيب اقرب الى الحماقة منه الى المغامرة العسكرية. جبهة غزة ايضاً ليست منظورة، مرحلياً على الاقل، من بين خطوط التوتر الساخنة، خاصة في ظل انخراط حماس سياسياً في المشروع العالمي لـ«الاخوان» واقترابها من محور «الاعتدال» العربي – التركي المناهض لدمشق. اذاً، ما معنى الكلام عن تصعيد عسكري في المنطقة؟ وهل الجبهة اللبنانية ذاهبة بالفعل نحو الانفجار قريباً؟

المرجّح أن تحافظ الجبهة بين لبنان والعدو الاسرائيلي على هدوئها رغم كل ما يقال عن امكان اشتعالها. الاسباب كثيرة لا يسع المقام لذكرها. لكن اهمها، قوة «حزب الله» التي رغم عجز العدو عن إدراكها بالتفصيل فإنه يستطيع تقديرها بالإجمال. وباختصار يمكن القول إن ميزان القوى بين ايران واميركا هو نفسه قائم بين «حزب الله» واسرائيل. والأسباب التي تمنع واشنطن من الاعتداء على طهران هي نفسها تدفع تل ابيب الى الامتناع عن ضرب لبنان.

اسرائيل، غير مستعدة للذهاب الى حرب ليست مضمونة في تحقيق أهدافها. هذا هو المبدأ العام الذي يتحكم بحروبها. لكن مشكلتها في الحرب، هذه المرة وفي ظل الموازين الراهنة، تتخطى ضمانة الربح الذي تسعى اليه الى ارجحية الهزيمة التي تهرب منها.. كيف؟

لا يمكن مقاربة الحرب المقبلة بين اسرائيل و«حزب الله» بحرب تموز العام 2006. في المرة المقبلة لن يخوض الحزب حرباً دفاعية فحسب لمنع العدوان من تحقيق اهدافه، ولن يسمح أن يقتصر الدمار على لبنان من دون دمار يوازيه داخل فلسطين المحتلة، كما لن يعطي العدو فرصة لإطالة أمد الحرب. والاهم من ذلك، لن ينتظر قراراً من مجلس الامن لوقف النار. باختصار، هي حرب سيخوضها مقاتلو الحزب على انها الحاسمة التي ستضع اسرائيل على سكة الزوال من الوجود.

«حزب الله»، في الحرب المقبلة، أقوى مما كان عليه في حرب تموز بعشرة اضعاف عدة وعديداً، كماً ونوعاً، تجهيزاً واستعداداً، قدرة وأداء. وبالتالي هل سيمتلك الاسرائيلي ما يكفي من الجرأة للتورط في الحرب مجدداً وهو يدرك ان لدى الحزب القدرة والارادة على استهداف كامل فلسطين المحتلة؟ بالترجمة العسكرية هذا يعني القدرة على ضرب الطائرات الاسرائيلية قبل إقلاعها من المطارات، واستهداف الدبابات قبل وصولها الى الاراضي اللبنانية، وإصابة القطع الحربية البحرية وهي بعيدة عن الشواطئ اللبنانية. وهذا يعني أيضاً القدرة على تدمير موانئ ومطارات ومحطات كهرباء ومصانع ومستشفيات ومنشآت حيوية و… ذلك كله فضلاً عن دخول طائرة ايوب على خط المواجهة الى جانب ما يمكن ان تمتلكه المقاومة من مفاجآت على صعيد الدفاع الجوي. اضافة الى ما يُحكى عن استعداد المقاومين للدخول الى مستوطنات شمالي فلسطين في الساعات الاولى للحرب.

اذاً، لا حرب إسرائيلية متوقعة على لبنان.. فهل البديل هو استعار الفتنة التي قد تكون اشد من الحرب؟

  • فريق ماسة
  • 2013-03-30
  • 10049
  • من الأرشيف

الحرب .. إذا وقعت

يعود حديث الحرب مجدداً الى الواجهة في المنطقة. الحراك الصاخب في الاقليم لم يمنع بقاء المواجهة المحتملة مع «حزب الله» اولوية لدى اسرائيل التي حوّلت قواتها في جبهتها الشمالية من الحدود مع سوريا الى الحدود مع لبنان. التحضيرات الإسرائيلية المتواصلة لمواجهة محتملة على الجبهة اللبنانية لم تنقطع يوماً. فيما «حزب الله» يضع استعداداته للحرب المقبلة فوق أي اعتبار، رغم ما يحيط به من واقع مضطرب. مراقبون كثيرون يعتقدون بأن الجبهة بين اسرائيل ولبنان مرشحة للانفجار في اي لحظة. هذا، في ظل عدم جدية مؤشرات التصعيد عسكرياً على اي من الجبهات الاخرى الممتدة على مدى الاقليم. الجبهة السورية ـ الاسرائيلية هي اليوم، كما كانت من قبل، بعيدة عن التصعيد. هي كذلك لانه لا حاجة للحرب على هذه الجبهة ما دامت ماتسمى «الثورة» تفعل فعلها في الداخل السوري. الجبهة الاميركية – الايرانية كذلك ما زالت خارج الأولوية العسكرية ما دامت قوة ايران وتموضعها يجعلان استهدافها عسكرياً من واشنطن او تل ابيب اقرب الى الحماقة منه الى المغامرة العسكرية. جبهة غزة ايضاً ليست منظورة، مرحلياً على الاقل، من بين خطوط التوتر الساخنة، خاصة في ظل انخراط حماس سياسياً في المشروع العالمي لـ«الاخوان» واقترابها من محور «الاعتدال» العربي – التركي المناهض لدمشق. اذاً، ما معنى الكلام عن تصعيد عسكري في المنطقة؟ وهل الجبهة اللبنانية ذاهبة بالفعل نحو الانفجار قريباً؟ المرجّح أن تحافظ الجبهة بين لبنان والعدو الاسرائيلي على هدوئها رغم كل ما يقال عن امكان اشتعالها. الاسباب كثيرة لا يسع المقام لذكرها. لكن اهمها، قوة «حزب الله» التي رغم عجز العدو عن إدراكها بالتفصيل فإنه يستطيع تقديرها بالإجمال. وباختصار يمكن القول إن ميزان القوى بين ايران واميركا هو نفسه قائم بين «حزب الله» واسرائيل. والأسباب التي تمنع واشنطن من الاعتداء على طهران هي نفسها تدفع تل ابيب الى الامتناع عن ضرب لبنان. اسرائيل، غير مستعدة للذهاب الى حرب ليست مضمونة في تحقيق أهدافها. هذا هو المبدأ العام الذي يتحكم بحروبها. لكن مشكلتها في الحرب، هذه المرة وفي ظل الموازين الراهنة، تتخطى ضمانة الربح الذي تسعى اليه الى ارجحية الهزيمة التي تهرب منها.. كيف؟ لا يمكن مقاربة الحرب المقبلة بين اسرائيل و«حزب الله» بحرب تموز العام 2006. في المرة المقبلة لن يخوض الحزب حرباً دفاعية فحسب لمنع العدوان من تحقيق اهدافه، ولن يسمح أن يقتصر الدمار على لبنان من دون دمار يوازيه داخل فلسطين المحتلة، كما لن يعطي العدو فرصة لإطالة أمد الحرب. والاهم من ذلك، لن ينتظر قراراً من مجلس الامن لوقف النار. باختصار، هي حرب سيخوضها مقاتلو الحزب على انها الحاسمة التي ستضع اسرائيل على سكة الزوال من الوجود. «حزب الله»، في الحرب المقبلة، أقوى مما كان عليه في حرب تموز بعشرة اضعاف عدة وعديداً، كماً ونوعاً، تجهيزاً واستعداداً، قدرة وأداء. وبالتالي هل سيمتلك الاسرائيلي ما يكفي من الجرأة للتورط في الحرب مجدداً وهو يدرك ان لدى الحزب القدرة والارادة على استهداف كامل فلسطين المحتلة؟ بالترجمة العسكرية هذا يعني القدرة على ضرب الطائرات الاسرائيلية قبل إقلاعها من المطارات، واستهداف الدبابات قبل وصولها الى الاراضي اللبنانية، وإصابة القطع الحربية البحرية وهي بعيدة عن الشواطئ اللبنانية. وهذا يعني أيضاً القدرة على تدمير موانئ ومطارات ومحطات كهرباء ومصانع ومستشفيات ومنشآت حيوية و… ذلك كله فضلاً عن دخول طائرة ايوب على خط المواجهة الى جانب ما يمكن ان تمتلكه المقاومة من مفاجآت على صعيد الدفاع الجوي. اضافة الى ما يُحكى عن استعداد المقاومين للدخول الى مستوطنات شمالي فلسطين في الساعات الاولى للحرب. اذاً، لا حرب إسرائيلية متوقعة على لبنان.. فهل البديل هو استعار الفتنة التي قد تكون اشد من الحرب؟

المصدر : السفير \حبيب فياض


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة