دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
لم تفاجئني كلمة معاذ الخطيب في الدوحة وهو يطالب بحماس منقطع النظير بضرورة تدخل الناتو بشؤون بلاده وهي المؤسسة الرديفة لمفهوم "دار الكفر" وولاية الكفار على المسلمين في اعراف من يفترض ان الخطيب ينتمي اليهم حسب زعمه المعلن مقابل مطالبته الحماسية بالخروج الفوري لمن ادعى انهم الاف المستشارين الايرانيين واللبنانيين من حزب الله ممن يدافعون عن النظام على حد زعمه ( طبعا الى جانب الروس ) وهم الذين يفترض انهم من اتباع دار الاسلام التي برر بحماس منقطع النظير لقدوم الالف المؤلفة منها " للجهاد" في سوريا بدافع "وجداني" محض كما قال شدد الخطيب في كلمته القطرية ! ومع ذلك فقد دفعتني الكلمة البدعة للاتصال فورا بصديقي الدكتور علي اكبر صالحي لاقول له انه بات عليك عزيزي الوزير ان تدفع " كفارة " على لقائك بهذا الرجل في ميونيخ على هامش مؤتمر الامن الدولي وهو ما تقبله الرجل مني برحابة صدره المعروفة معربا عن اسفه البالغ لما آل اليه وضع الخطيب ومن شجعه وحرضه على ارتكاب هذه الخطيئة البدعة والسابقة الخطيرة في العلاقات البينية الاقليمية والدولية كما اكد صالحي !
اما مفهوم " الكفارة " هذا انما استحضره اليوم لاقول بانه ذكرني في الواقع بما جرى بيني وبين مرجعية لبنانية ثقيلة الوزن قبل نحو تسعة اعوام على خلفية غزو الامريكيين للعراق وذلك عندما قالها الرجل الوازن في حينه عن انه يشعر بان عليه دفع "الكفارة " هذه مع كل صباح بسبب ما قامت به بعض الرموز المحسوبة على الاسلام السياسي العراقي من ورطة " شرعنة" استدعاء الاجنبي تحت نفس الذريعة التي يحاول الخطيب اليوم ان يروج لها حول سوريا !
و الغريب والمؤلم بالمناسبة ان ما حاوله الخطيب في الدوحة انما جرى في حضرة نفس القوى والدول والحكومات التي رعت وشرعنت غزو العراق ما يعني ان الرجل وجماعته لم يعتبروا من التاريخ كما لم يستوفوا شروط استيعاب الحديث الشريف: لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين!
ولكن بعيدا عن الشرع والايمان والحديث الشريف نريد ان نلفت نظر الخطيب ومن شجعوه وحمسوه للتورط بما تورط به في خطيئة الدوحة التاريخية لبعض حقائق الجغرافية السياسية الراهنة وموازين القوى التي تتحكم بكثير من تطورات الوضع الراهن لاسيما تلك الخاصة باستقطابات الحرب الكونية المعلنة على الدولة والجيش العربي السوري ومحور المقاومة وان باسم الثورة والحرية ما قد يجعله ومعه حماته الاقليميين والدوليين مراجعة حساباتهم سريعا قبل ان ترتد سهام هذه الخطوة المسيئة لهم والمخالفة لمواثيق العمل السياسي والديبلوماسي فنقول لهم :
اولا: اذا كان معيار الجلوس على مقعد الدولة وتمثيلها في المجموعات الاقليمية والدولية هو الاكثرية الشعبية والمظلومية والحقانية اليس الاولى بالشيخ عيسى قاسم او الشيخ علي سلمان مثلا ان يجلسا على مقعد البحرين وهما اللذان يملكان كل الشروط الآنفة الذكر بدلا عن الشيخ حمد ملك ال خليفة وهما اصحاب الثورة السلمية حقا مائة في المائة والتي لم تطلق قواها وتنظيماتها طلقة واحدة ضد حكامها الذين تعاملوا معها بالحديد والنار بالمقارنة مع الخطيب الذي لا يملك اجماعا في ائتلافه الفئوي ناهيك عن المعارضات المتشظية والمتورطة في اسوأ المذابح الاهلية ضد شعبها فضلا عن عامة الشعب السوري الذي يقف في اكثريته ضد العنف والارهاب و التدخل الاجنبي في بلاده و بالتاكيد ضد دعوة الخطيب لاستدعاء بندقية الناتو للامعان في سفك الدم السوري اكثر فاكثر!
ثانيا: اذا كان معيار نجاعة العمل السياسي والديبلوماسي والعلاقات الاقليمية والدولية هو منطق القوة والاقتدار والثروة والمال ، فهل فكر مشجعوا ومروجوا فكرة احتلال مقعد الدولة السورية ماذا ستكون عليه جغرافية تمثيل المقاعد في منطقتنا لو قررت الجمهورية الاسلامية مثلا ومثلها روسيا والصين او اي مجموعة اخرى ان تجلس من تريد على مقعد الدولة التي تختلف مع نظامها السياسي الحاكم بناء على المنطق الآنف الذكر و ماذا سيكون عليه جيوبوليتيك المنطقة في حال قررت بعض عواصم القرار الدولي والاقليمي الوزن استحضار ممثلي المعارضات في دول البترودولار لتشغل سفارات بلدانهم و تمثيلها في المحافل الدولية والاقليمية ؟!
ثالثا: هل فكر اصحاب بدعة اطلاق يد التسليح والتمويل للمعارضات والتدخل في خارطة انظمة الحكم في المنطقة ماذا سيكون عليه شكل الامن الاقليمي في المنطقة وكذلك الامن الدولي فضلا عن امن عروشهم فيما لو قررت طهران مثلا تفعيل " وجدان " شبابها فحسب وليس وجدان جحافل جيوشها للدفاع عن كرامات" اكثريات او اقليات " مجتمعات المنطقة فضلا عن الدفاع عن قدس الاقداس وفلسطين التي يتم التآمر عليها في عواصم باتت تجاهر في صداقة مغتصبيها مقابل اعتبار طهران والمقاومة اللبنانية الشريفة اخطر من شارون على الامة العربية كما يتداول وزراء خارجية عرب حديث احد امراء دولة وازنة تستمد مشروعيتها من الدين الحنيف !
رابعا : اذا كان ما نقل على لسان امين عام الجامعة العربية قوله لوزير خارجية لبنان مباشرة بعد خطيئة الدوحة بان ما حصل بالنسبة للخطيب ليس قانونيا مطلقا صحيحا ، وهو ما اكده الوزير اللبناني في تصريح علني وهو ما يعرفه كل مبتدئ بالسياسة البته وتؤكده نصوص ميثاق الجامعة العربية لاسيما مادتها الثامنة !
المصدر :
محمد صادق الحسيني
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة