يحلم السلفيون بتوحيد قواهم. كيف لا؟ فـ«يد الله مع الجماعة». لكنّ تعدّد مدارسهم ومشاربهم شتّت جمعهم. وعوضاً عن كونها مصدر غنى، استحالت باباً للفرقة والتشرذم. هكذا، لم يكن السلفيون يوماً يداً واحدة. وبات حديث «نظم الأمر» القائل: «إن كنتم اثنين فأمّروا أحدكما»، مصدراً لتعدد الرؤوس لديهم. يُحاول هؤلاء اليوم جمع الصف وتوحيد الكلمة، ولا سيما أن «أحداً من الجمهور لا يعلم حقيقة السلفية نتيجة التشويه الذي يطاولنا»، بحسب ما يُردد غير شيخ سلفي. وانطلاقاً من الغاية المذكورة، وتحت عنوان «ترتيب البيت السلفي»، عُقد في قاعة مسجد «ذي النورين» في رأس النبع أوسع اجتماع سلفي على مستوى لبنان ضم أكثر من 70 شيخاً وداعية في السابع عشر من الشهر الجاري. خُصّص الاجتماع للبحث في الشأن الداخلي السلفي والسعي للوصول إلى إطلاق عمل جماعي دعوي وسياسي يُعنى بالشأن العام وبتحقيق مصالح أهل السنّة في لبنان. وخلص الاجتماع إلى اعتبار الحاضرين هيئة تأسيسية. وأُعلن إنشاء لجنة إدارية ومجلس علمي. تقوم الأولى بمتابعة الأحداث والاجتماع لاتخاذ ما يلزم اتجاهها، فيما تكون مهمة المجلس وضع الرؤى والتصوّرات والموقف الشرعي من الأحداث.

ما الدافع إلى هذا الاجتماع؟ ألا تكفي «هيئة علماء المسلمين» لتكون إطاراً جامعاً؟ وماذا عن الإيحاء الخارجي، ولا سيما أنه تمكن من جمع مشايخ كان يستحيل أن يُجمعوا على طاولة واحدة لولا قدرة قادر؟ تساؤلات يردّ عليها أحد المشاركين بأن اجتماعهم هذا مختص بالسلفيين فحسب في المرحلة الأولى، مشيراً إلى احتمال توسيع «البيكار» ليطاول كل علماء السنّة. المصدر المذكور نفى وجود أي إيحاء خارجي، مؤكداً أنها مبادرة ذاتية وإرادات متعددة. أما لماذا استُبعد مشايخ سلفيون، فردّ بأن السعي بداية إلى جمع المتجانسين من دون إغلاق الباب أمام أحد. وفي السياق نفسه، وخلال اتصال مع «الأخبار»، رأى رئيس «جمعية دعوة العدل والإحسان» الشيخ الدكتور حسن الشهّال أن «هناك إجماع في الوسط السلفي على تنظيم البيت الداخلي». وإذ انطلق من عنوان أن «السلفية ضد التكفير، ونحن سلفيون لا نُشبه السلفيين الذين يُروّج لهم في الإعلام»، خلُص إلى الغاية من هذه الاجتماعات، فقال: «السلفيون لا يُريدون أن يُظلَموا»، مضيفاً: «نُريد تبيان حقيقة السلفيين والتعاطي بحكمة مع الجيش والسلطة». وكشف الشهّال أن «التقارب في الاجتماع الأول وصل إلى أكثر من ٩٠ في المئة»، مشيراً إلى أنّ «من الممكن أن يكون هناك مؤتمر نُعلن فيه ما يريده السلفيون». من جهته، أشار الناشط السلفي إيهاب البنّا إلى أن «الفترة الأخيرة شهدت عدة محاولات لجمع السلفيين قبل أن تُثمر أخيراً»، كاشفاً أن «العمل لا يزال جارياً لبلورة تصوّر أو رؤية لتنظيم البيت السلفي». وذكر البنّا لـ«الأخبار» أن «الاجتماعات تكثّفت في الشهرين الأخيرين»، لافتاً إلى أن «الدعوات لعقد إطار كهذا جاءت من مختلف المناطق قبل أن تُختار بيروت مكاناً لعقد الاجتماع الافتتاحي». وفي السياق نفسه، كشف البنّا أنه لحدّ الآن عُقد اجتماعان في ما لا يزال الثالث قيد الإعداد. أما في الإطار التنظيمي، فلفت البنّا إلى أن الخطوط العريضة وُضعت على أساس «منطلقات وطنية تنسجم مع أدبيات المدرسة السلفية». وفيما رأى متابعون للوضع السلفي أن مصيرها الفشل، مستبقين ما قد يخرج عنها باعتبار أنها «شغلة مستحيلة، كل واحد عندو توجهاته وأفكاره ومرجعيته»، قال البنّا: «لا ننكر أن هناك عوامل مناطقية وخلفيات مختلفة كلها قد تشكل عوائق، لكننا نسعى إلى ألّا تكون أسباب الاختلاف أسباباً مانعة، إنما جامعة تُساعدنا لنتكامل». وردّاً على سؤال: هل يُريد السلفيون الاجتماع لمواجهة ما يرونه حرباً تُشن عليهم؟ لم ينف الناشط السلفي أن الكلمة الافتتاحية تضمنت عبارة: «بعيداً عمّا يُحاك لنا ويُقال لنا»، لكنه رأى أن القول القائل «يد الله مع الجماعة» كانت الدافع الرئيسي لتجمّعهم.

وتخلل الاجتماع طرحُ بعض الحضور إنشاء مجلس شورى، فجرت موافقة على الموضوع بشرط إجراء بعض المشاورات. وسَجّل الشيخ داعي الإسلام الشهّال امتعاضه من تلقي دعوة لحضور اللقاء من دون مشاورته في أساس عقده، مشيراً إلى أنه كان فكرته. لكن إيهاب البنا قاطعه بأن «فكرتك هي إنشاء جبهة سُنية والجبهة ستضم إسلاميين وعلمانيين، لذلك يجب البدء بترتيب البيت السلفي أولاً، وبعدها نطرح الأفكار على سائر مكونات الطائفة السنية». تجدر الإشارة إلى أن المجلس العلمي تألّف من كل من الدكتور سعد الدين كبّي والدكتور سالم الرافعي والدكتور زكريا المصري والدكتور عدنان أمامة والدكتور أحمد المزوق والدكتور حسن الشهال والشيخ داعي الإسلام الشهّال والشيخ أبو جهاد الزغبي. أما اللجنة الإدارية فعُيّنت من ممثلين عن المناطق اللبنانية كافة، وهم: الشيخ رائد حليحل، الشيخ سالم الرافعي ممثلين عن طرابلس. والمفتي زيد بكار زكريا عن عكّار. وعن بيروت، عُيّن الشيخ ربيع حداد. ليبقى الشيخ أحمد عمّورة عن الجنوب والشيخ حسن عبد الرحمن عن البقاع.

ومن المتوقع أن يزور وفد من اللقاء المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم اليوم.

  • فريق ماسة
  • 2013-03-29
  • 7041
  • من الأرشيف

السلفيون يلمّون شملهم: نرفض التكفير

يحلم السلفيون بتوحيد قواهم. كيف لا؟ فـ«يد الله مع الجماعة». لكنّ تعدّد مدارسهم ومشاربهم شتّت جمعهم. وعوضاً عن كونها مصدر غنى، استحالت باباً للفرقة والتشرذم. هكذا، لم يكن السلفيون يوماً يداً واحدة. وبات حديث «نظم الأمر» القائل: «إن كنتم اثنين فأمّروا أحدكما»، مصدراً لتعدد الرؤوس لديهم. يُحاول هؤلاء اليوم جمع الصف وتوحيد الكلمة، ولا سيما أن «أحداً من الجمهور لا يعلم حقيقة السلفية نتيجة التشويه الذي يطاولنا»، بحسب ما يُردد غير شيخ سلفي. وانطلاقاً من الغاية المذكورة، وتحت عنوان «ترتيب البيت السلفي»، عُقد في قاعة مسجد «ذي النورين» في رأس النبع أوسع اجتماع سلفي على مستوى لبنان ضم أكثر من 70 شيخاً وداعية في السابع عشر من الشهر الجاري. خُصّص الاجتماع للبحث في الشأن الداخلي السلفي والسعي للوصول إلى إطلاق عمل جماعي دعوي وسياسي يُعنى بالشأن العام وبتحقيق مصالح أهل السنّة في لبنان. وخلص الاجتماع إلى اعتبار الحاضرين هيئة تأسيسية. وأُعلن إنشاء لجنة إدارية ومجلس علمي. تقوم الأولى بمتابعة الأحداث والاجتماع لاتخاذ ما يلزم اتجاهها، فيما تكون مهمة المجلس وضع الرؤى والتصوّرات والموقف الشرعي من الأحداث. ما الدافع إلى هذا الاجتماع؟ ألا تكفي «هيئة علماء المسلمين» لتكون إطاراً جامعاً؟ وماذا عن الإيحاء الخارجي، ولا سيما أنه تمكن من جمع مشايخ كان يستحيل أن يُجمعوا على طاولة واحدة لولا قدرة قادر؟ تساؤلات يردّ عليها أحد المشاركين بأن اجتماعهم هذا مختص بالسلفيين فحسب في المرحلة الأولى، مشيراً إلى احتمال توسيع «البيكار» ليطاول كل علماء السنّة. المصدر المذكور نفى وجود أي إيحاء خارجي، مؤكداً أنها مبادرة ذاتية وإرادات متعددة. أما لماذا استُبعد مشايخ سلفيون، فردّ بأن السعي بداية إلى جمع المتجانسين من دون إغلاق الباب أمام أحد. وفي السياق نفسه، وخلال اتصال مع «الأخبار»، رأى رئيس «جمعية دعوة العدل والإحسان» الشيخ الدكتور حسن الشهّال أن «هناك إجماع في الوسط السلفي على تنظيم البيت الداخلي». وإذ انطلق من عنوان أن «السلفية ضد التكفير، ونحن سلفيون لا نُشبه السلفيين الذين يُروّج لهم في الإعلام»، خلُص إلى الغاية من هذه الاجتماعات، فقال: «السلفيون لا يُريدون أن يُظلَموا»، مضيفاً: «نُريد تبيان حقيقة السلفيين والتعاطي بحكمة مع الجيش والسلطة». وكشف الشهّال أن «التقارب في الاجتماع الأول وصل إلى أكثر من ٩٠ في المئة»، مشيراً إلى أنّ «من الممكن أن يكون هناك مؤتمر نُعلن فيه ما يريده السلفيون». من جهته، أشار الناشط السلفي إيهاب البنّا إلى أن «الفترة الأخيرة شهدت عدة محاولات لجمع السلفيين قبل أن تُثمر أخيراً»، كاشفاً أن «العمل لا يزال جارياً لبلورة تصوّر أو رؤية لتنظيم البيت السلفي». وذكر البنّا لـ«الأخبار» أن «الاجتماعات تكثّفت في الشهرين الأخيرين»، لافتاً إلى أن «الدعوات لعقد إطار كهذا جاءت من مختلف المناطق قبل أن تُختار بيروت مكاناً لعقد الاجتماع الافتتاحي». وفي السياق نفسه، كشف البنّا أنه لحدّ الآن عُقد اجتماعان في ما لا يزال الثالث قيد الإعداد. أما في الإطار التنظيمي، فلفت البنّا إلى أن الخطوط العريضة وُضعت على أساس «منطلقات وطنية تنسجم مع أدبيات المدرسة السلفية». وفيما رأى متابعون للوضع السلفي أن مصيرها الفشل، مستبقين ما قد يخرج عنها باعتبار أنها «شغلة مستحيلة، كل واحد عندو توجهاته وأفكاره ومرجعيته»، قال البنّا: «لا ننكر أن هناك عوامل مناطقية وخلفيات مختلفة كلها قد تشكل عوائق، لكننا نسعى إلى ألّا تكون أسباب الاختلاف أسباباً مانعة، إنما جامعة تُساعدنا لنتكامل». وردّاً على سؤال: هل يُريد السلفيون الاجتماع لمواجهة ما يرونه حرباً تُشن عليهم؟ لم ينف الناشط السلفي أن الكلمة الافتتاحية تضمنت عبارة: «بعيداً عمّا يُحاك لنا ويُقال لنا»، لكنه رأى أن القول القائل «يد الله مع الجماعة» كانت الدافع الرئيسي لتجمّعهم. وتخلل الاجتماع طرحُ بعض الحضور إنشاء مجلس شورى، فجرت موافقة على الموضوع بشرط إجراء بعض المشاورات. وسَجّل الشيخ داعي الإسلام الشهّال امتعاضه من تلقي دعوة لحضور اللقاء من دون مشاورته في أساس عقده، مشيراً إلى أنه كان فكرته. لكن إيهاب البنا قاطعه بأن «فكرتك هي إنشاء جبهة سُنية والجبهة ستضم إسلاميين وعلمانيين، لذلك يجب البدء بترتيب البيت السلفي أولاً، وبعدها نطرح الأفكار على سائر مكونات الطائفة السنية». تجدر الإشارة إلى أن المجلس العلمي تألّف من كل من الدكتور سعد الدين كبّي والدكتور سالم الرافعي والدكتور زكريا المصري والدكتور عدنان أمامة والدكتور أحمد المزوق والدكتور حسن الشهال والشيخ داعي الإسلام الشهّال والشيخ أبو جهاد الزغبي. أما اللجنة الإدارية فعُيّنت من ممثلين عن المناطق اللبنانية كافة، وهم: الشيخ رائد حليحل، الشيخ سالم الرافعي ممثلين عن طرابلس. والمفتي زيد بكار زكريا عن عكّار. وعن بيروت، عُيّن الشيخ ربيع حداد. ليبقى الشيخ أحمد عمّورة عن الجنوب والشيخ حسن عبد الرحمن عن البقاع. ومن المتوقع أن يزور وفد من اللقاء المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم اليوم.

المصدر : الأخبار/رضوان مرتضى


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة