مبروك وسام الآداب والفنون الذي منحته فرنسا الأسبوع الماضي للفنان الكبير الياس الرحباني تقديراً لمساهمته في «إغناء الثقافة الفرنسية بالحان على مدى خمسة عقود» على ما أوضح الرحباني في مقابلة أجرتها معه الزميلة «المهضومة» دارين شاهين على محطة تلفزيون «الجديد»،

 وشكر الرحباني الدولة الفرنسية لهذه اللفتة الخاصة تجاه من يُغْني ثقافنها وتمنّى لو «بقي لبنان تحت حكم فرنسا مئة سنة أخرى لأننا غير قادرين على أن نحكم أنفسنا» كما صرح الرحباني، بائعاً بوسام معدني كل الدماء التي سالت في محاربة فرنسا طلباً للحرية في ميسلون والثورة السورية الكبرى وثورة ابراهيم هنانو.

للدول العظمى ذات المقعد الدائم في مجلس الأمن هيبة، خاصة أن معظم اللبنانيين درسوا في مدارس إرسالياتها وتراهم مهما علا شأنهم وتطوّرت قدراتهم يتحوّلون تلاميذ صغار في حضرة ممثلي هذه الدول، يتبادلون ابتسامات فخر خجولة فرحاً بوصولهم إلى داخل أبواب السفارات الأجنبية، وطبعاً «لا ضير» أن يغالي بعضهم في تشويه صورة بلده وشعبه والانتقاص من طاقته وإمكاناته أمام العدسة والميكروفون من باب التملّق للأجنبي، فالتلميذ النجيب يفهم درسه جيداً، ويبدو أن الفنان الياس الرحباني أبدع في دروسه الموسيقية وغير الموسيقة وتشرّب رسالة الإرساليات الأساسية التي تشكّل بحد ذاتها الذريعة المستعملة لتبرير وجودهم في بلادنا وهي، كما يدعون، أننا شعب متأخّر عاجز عن حكم نفسه لذا نحن في حاجة إلى من ينقذنا من أنفسنا ويطوّرنا، وبالطبع يسرق مواردنا كجائزة ترضية له لكون هذا المستعمر «تحمّلنا» طيلة عقود و»أهدر وقته» في تثقيفنا وتطويرنا.

وفي هذا السياق أذكر جيداً حين كنت يافعاً كيف أنّبنا رئيس مدرستنا البريطاني مراراً وعلى مدى أشهر طويلة، متهماً القرية وسكانها وبلديتها بالتخلف وصبّ الصرف الصحي للقرية في أراضي المدرسة، ما نتج منه روائح كريهة في نطاق المدرسة، قائلاً إن لا جدوى من تثقيفنا لأننا نعود إلى تخلفنا وجهلنا حالما نغادر مقاعد المدرسة، وتمادى رئيس المدرسة في استعلائه وغطرسته الاستعمارية، ما دفعه إلى إرسال كتاب شديد اللهجة إلى رئيس المجلس البلدي يتضمن الكثير من التهجّم والمسّ بكرامة القرية وسكانها. لم يشف غليل رئيس المدرسة الإمبريالي أن يهاجم أولاداً طيلة النهار فانتقل بحقده وتعاليه إلى كبار القرية وحكمائها، وبعدما لبّى رئيس البلدية دعوة رئيس المدرسة للقدوم إلى حرم المدرسة والتحقق من الأمر مع فريق من الخبراء، تبيّن أن قسطل الصرف الصحي الخاص بالمدرسة نفسها معطوب وفي حاجة إلى صيانة وهو الذي يتسبب بالروائح، وأن تقصير أدارة المدرسة في صيانة منشآتها هو أصل المشكلة وليس صرف القرية الصحّي، فتوجّه رئيس المجلس البلدي المعروف بظرفه إلى البريطاني المتعالي قائلاً «إرخ عقدة البابيون حول رقبتك إذ يبدو أنها تمنع الدم من الوصول إلى دماغك». ولم يقتصر تعدّي الصرف الصحي البريطاني على خراج قرية وادعة في جبل لبنان فحسب، بل نرى بريطانيا اليوم تساهم في إرسال صرف العالم الصحي البشري الإرهابي إلى بلادنا لارتكاب الجرائم، وآخرها استعمال السلاح الكيميائي هذا الأسبوع في خان العسل. وفرنسا كذلك، لا توزّع الأوسمة اليوم فحسب، بل تسهّل إرسال أسلحة إلى ثوار الناتو في الشام وتحاول الحصول على موافقة الإتحاد الأوروبي لإرسال المزيد من وسائل الدمار إلى بلادنا.

لحسن الحظ، لم يفهم «برميل الغاز» القطري الفنّ حتى اليوم ولم يقدّره ليحاول شراءه، رغم دعوة الرحباني فرنسا إلى استعمارنا مجدداً خلال المقابلة التلفزيونية، وتبقى فقرة دارين شاهين وشادي خليفة أفضل ما تقدمه محطة «الجديد» في نشرة الأخبار، إذ أن النشرات الإخبارية في الكثير من المحطات التلفزيونية نضبت من أيّ مضمون ذي صدقية واقتصرت على الأخبار الملفّقة التي تحاول من دون جدوى نفخ الحياة في الثورة المهزومة في الشام، على وزن أن كتيبة «برميل إبن بترول» سيطرت على «براد للكولا بكل الذخيرة الموجودة فيه» أو «انشقاق سمسار شقق للبيع اشترى منه أحد مؤيدي النظام شقة العام الفائت». وكاد معظم مقدمي البرامج الحوارية في هذه المحطات يصاب بالفالج خلال العامين الماضيين. وهم يتوسّلون بلا جدوى موقفاً من بعض ضيوفهم الشرفاء يُظهر الثوار بمظهر المنتصر، تماماً كما حدث إبان حرب تموز حين توسّل مقدّمو البرامج الحوارية عبر محطات «لبنان في خندق الإستسلام والعمالة أولاً» ضيوفهم من الخبراء العسكريين المزعومين ولو اجتهاداً بسيطاً أو استشرافاً غير واقعي يوصل اليهود ولو حسابياً إلى مياه الليطاني، فما لم تحقّقه «ثورتهم» على الأرض لا يمكن تعويضه في البرنامج الحواري مهما جاشت العواطف وبرزت العروق النافرة في رقبة مقدم البرنامج وجبهته، وقد يؤخر الإعلام المشبوه الانتصار ويشوّه صورته إنما تبقى قضية الحق هي المنتصرة ويبقى الباطل مهزوماً مهما علا غبار المعركة واشتد رحاها، ولا برنامج «ساعة في الأسبوع» ولا «الأسبوع في ساعة» ولا الأسبوع وكل ساعاته تستطيع أن تحوّل سمسار الأسلحة المأجور إلى موزع حليب. واليوم مع نقل جيش الشام المعركة ضد الإرهابيين إلى داخل الحدود اللبنانية، من الأجدر ببعض «أمراء» الشمال «العتيدين»، الذين يبدو أنهم «يمشطون دقونهم» لتبوّء منصب الإمارة السلفية الموعودة، أن ينسوا موضوع المشاركة في البرامج الحوارية و»يضبضبوا كلاكيشهم» استعداداً للرحيل برفقة كل من يتمنّى أن تحكمه فرنسا أو «إسرائيل» أو بريطانيا، خاصة بعدما اقتربت زوبعة النيران الشامية من جحورهم في هذا الكيان المريض بطائفيته. أما ربطات العنق وتأثيرها في سيل الدم إلى الدماغ فحدث عنها ولا حرج، إذ اجتمع ذوو ربطات العنق الأوروبية والأميركية في بلاد السجاد الرخيص هذا الأسبوع وعيّنوا «رئيس وزراء» ليتبوأ كرسي سورية في ما كان يعرف بجامعة الدول العربية التي أضحت اليوم «جامعة المازوت الخليحية»، بعد سقوط كل أقنعة العروبة والوطنية عن محرّكيها وخروج سورية منها، ولا عجب أن نرى في المستقبل القريب ممثلاً للكيان الصهيوني يجلس إلى جانب رئيس وزراء ثورة الرجعية في الاجتماعات الدورية بعدما سيطرت أميركا و«إسرائيل» على قرارت جامعة المازوت.

وبعد ابتكار «المجلس الوطني السوري» في العام المنصرم برئاسة يساريي أميركا ، غليون وصبرا، ومن ثم الائتلاف المعارض برئاسة «الإخونجي» معاذ الخطيب، أتونا اليوم ببدعة «رئيس حكومة» إسمه غسان هيتو موظّف في جمعية أميركية «لنشر الديمقراطية» وتفوح منه رائحة غاز الكلور. وابتكارهم الأخير هذا الذي لا يشكّل أكثر من ستار دخان كيميائي لتغطية هزيمتهم سيبوء بالفشل كما هي الحال في كل ابتكاراتهم السابقة، فلا هيتو ولا غير هيتو سيؤجل سقوط ثورتهم المحتّم لحظة واحدة ، إذ صدق المثل القائل (بقليل من التصرف) «هيتو هيتو متل ما رحتو متل ما جيتو».

  • فريق ماسة
  • 2013-03-22
  • 9312
  • من الأرشيف

هيتو هيتو .. متل ما رحتو متل ما جيتو

مبروك وسام الآداب والفنون الذي منحته فرنسا الأسبوع الماضي للفنان الكبير الياس الرحباني تقديراً لمساهمته في «إغناء الثقافة الفرنسية بالحان على مدى خمسة عقود» على ما أوضح الرحباني في مقابلة أجرتها معه الزميلة «المهضومة» دارين شاهين على محطة تلفزيون «الجديد»،  وشكر الرحباني الدولة الفرنسية لهذه اللفتة الخاصة تجاه من يُغْني ثقافنها وتمنّى لو «بقي لبنان تحت حكم فرنسا مئة سنة أخرى لأننا غير قادرين على أن نحكم أنفسنا» كما صرح الرحباني، بائعاً بوسام معدني كل الدماء التي سالت في محاربة فرنسا طلباً للحرية في ميسلون والثورة السورية الكبرى وثورة ابراهيم هنانو. للدول العظمى ذات المقعد الدائم في مجلس الأمن هيبة، خاصة أن معظم اللبنانيين درسوا في مدارس إرسالياتها وتراهم مهما علا شأنهم وتطوّرت قدراتهم يتحوّلون تلاميذ صغار في حضرة ممثلي هذه الدول، يتبادلون ابتسامات فخر خجولة فرحاً بوصولهم إلى داخل أبواب السفارات الأجنبية، وطبعاً «لا ضير» أن يغالي بعضهم في تشويه صورة بلده وشعبه والانتقاص من طاقته وإمكاناته أمام العدسة والميكروفون من باب التملّق للأجنبي، فالتلميذ النجيب يفهم درسه جيداً، ويبدو أن الفنان الياس الرحباني أبدع في دروسه الموسيقية وغير الموسيقة وتشرّب رسالة الإرساليات الأساسية التي تشكّل بحد ذاتها الذريعة المستعملة لتبرير وجودهم في بلادنا وهي، كما يدعون، أننا شعب متأخّر عاجز عن حكم نفسه لذا نحن في حاجة إلى من ينقذنا من أنفسنا ويطوّرنا، وبالطبع يسرق مواردنا كجائزة ترضية له لكون هذا المستعمر «تحمّلنا» طيلة عقود و»أهدر وقته» في تثقيفنا وتطويرنا. وفي هذا السياق أذكر جيداً حين كنت يافعاً كيف أنّبنا رئيس مدرستنا البريطاني مراراً وعلى مدى أشهر طويلة، متهماً القرية وسكانها وبلديتها بالتخلف وصبّ الصرف الصحي للقرية في أراضي المدرسة، ما نتج منه روائح كريهة في نطاق المدرسة، قائلاً إن لا جدوى من تثقيفنا لأننا نعود إلى تخلفنا وجهلنا حالما نغادر مقاعد المدرسة، وتمادى رئيس المدرسة في استعلائه وغطرسته الاستعمارية، ما دفعه إلى إرسال كتاب شديد اللهجة إلى رئيس المجلس البلدي يتضمن الكثير من التهجّم والمسّ بكرامة القرية وسكانها. لم يشف غليل رئيس المدرسة الإمبريالي أن يهاجم أولاداً طيلة النهار فانتقل بحقده وتعاليه إلى كبار القرية وحكمائها، وبعدما لبّى رئيس البلدية دعوة رئيس المدرسة للقدوم إلى حرم المدرسة والتحقق من الأمر مع فريق من الخبراء، تبيّن أن قسطل الصرف الصحي الخاص بالمدرسة نفسها معطوب وفي حاجة إلى صيانة وهو الذي يتسبب بالروائح، وأن تقصير أدارة المدرسة في صيانة منشآتها هو أصل المشكلة وليس صرف القرية الصحّي، فتوجّه رئيس المجلس البلدي المعروف بظرفه إلى البريطاني المتعالي قائلاً «إرخ عقدة البابيون حول رقبتك إذ يبدو أنها تمنع الدم من الوصول إلى دماغك». ولم يقتصر تعدّي الصرف الصحي البريطاني على خراج قرية وادعة في جبل لبنان فحسب، بل نرى بريطانيا اليوم تساهم في إرسال صرف العالم الصحي البشري الإرهابي إلى بلادنا لارتكاب الجرائم، وآخرها استعمال السلاح الكيميائي هذا الأسبوع في خان العسل. وفرنسا كذلك، لا توزّع الأوسمة اليوم فحسب، بل تسهّل إرسال أسلحة إلى ثوار الناتو في الشام وتحاول الحصول على موافقة الإتحاد الأوروبي لإرسال المزيد من وسائل الدمار إلى بلادنا. لحسن الحظ، لم يفهم «برميل الغاز» القطري الفنّ حتى اليوم ولم يقدّره ليحاول شراءه، رغم دعوة الرحباني فرنسا إلى استعمارنا مجدداً خلال المقابلة التلفزيونية، وتبقى فقرة دارين شاهين وشادي خليفة أفضل ما تقدمه محطة «الجديد» في نشرة الأخبار، إذ أن النشرات الإخبارية في الكثير من المحطات التلفزيونية نضبت من أيّ مضمون ذي صدقية واقتصرت على الأخبار الملفّقة التي تحاول من دون جدوى نفخ الحياة في الثورة المهزومة في الشام، على وزن أن كتيبة «برميل إبن بترول» سيطرت على «براد للكولا بكل الذخيرة الموجودة فيه» أو «انشقاق سمسار شقق للبيع اشترى منه أحد مؤيدي النظام شقة العام الفائت». وكاد معظم مقدمي البرامج الحوارية في هذه المحطات يصاب بالفالج خلال العامين الماضيين. وهم يتوسّلون بلا جدوى موقفاً من بعض ضيوفهم الشرفاء يُظهر الثوار بمظهر المنتصر، تماماً كما حدث إبان حرب تموز حين توسّل مقدّمو البرامج الحوارية عبر محطات «لبنان في خندق الإستسلام والعمالة أولاً» ضيوفهم من الخبراء العسكريين المزعومين ولو اجتهاداً بسيطاً أو استشرافاً غير واقعي يوصل اليهود ولو حسابياً إلى مياه الليطاني، فما لم تحقّقه «ثورتهم» على الأرض لا يمكن تعويضه في البرنامج الحواري مهما جاشت العواطف وبرزت العروق النافرة في رقبة مقدم البرنامج وجبهته، وقد يؤخر الإعلام المشبوه الانتصار ويشوّه صورته إنما تبقى قضية الحق هي المنتصرة ويبقى الباطل مهزوماً مهما علا غبار المعركة واشتد رحاها، ولا برنامج «ساعة في الأسبوع» ولا «الأسبوع في ساعة» ولا الأسبوع وكل ساعاته تستطيع أن تحوّل سمسار الأسلحة المأجور إلى موزع حليب. واليوم مع نقل جيش الشام المعركة ضد الإرهابيين إلى داخل الحدود اللبنانية، من الأجدر ببعض «أمراء» الشمال «العتيدين»، الذين يبدو أنهم «يمشطون دقونهم» لتبوّء منصب الإمارة السلفية الموعودة، أن ينسوا موضوع المشاركة في البرامج الحوارية و»يضبضبوا كلاكيشهم» استعداداً للرحيل برفقة كل من يتمنّى أن تحكمه فرنسا أو «إسرائيل» أو بريطانيا، خاصة بعدما اقتربت زوبعة النيران الشامية من جحورهم في هذا الكيان المريض بطائفيته. أما ربطات العنق وتأثيرها في سيل الدم إلى الدماغ فحدث عنها ولا حرج، إذ اجتمع ذوو ربطات العنق الأوروبية والأميركية في بلاد السجاد الرخيص هذا الأسبوع وعيّنوا «رئيس وزراء» ليتبوأ كرسي سورية في ما كان يعرف بجامعة الدول العربية التي أضحت اليوم «جامعة المازوت الخليحية»، بعد سقوط كل أقنعة العروبة والوطنية عن محرّكيها وخروج سورية منها، ولا عجب أن نرى في المستقبل القريب ممثلاً للكيان الصهيوني يجلس إلى جانب رئيس وزراء ثورة الرجعية في الاجتماعات الدورية بعدما سيطرت أميركا و«إسرائيل» على قرارت جامعة المازوت. وبعد ابتكار «المجلس الوطني السوري» في العام المنصرم برئاسة يساريي أميركا ، غليون وصبرا، ومن ثم الائتلاف المعارض برئاسة «الإخونجي» معاذ الخطيب، أتونا اليوم ببدعة «رئيس حكومة» إسمه غسان هيتو موظّف في جمعية أميركية «لنشر الديمقراطية» وتفوح منه رائحة غاز الكلور. وابتكارهم الأخير هذا الذي لا يشكّل أكثر من ستار دخان كيميائي لتغطية هزيمتهم سيبوء بالفشل كما هي الحال في كل ابتكاراتهم السابقة، فلا هيتو ولا غير هيتو سيؤجل سقوط ثورتهم المحتّم لحظة واحدة ، إذ صدق المثل القائل (بقليل من التصرف) «هيتو هيتو متل ما رحتو متل ما جيتو».

المصدر : البناء/ جورج كرم


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة