بعد أن اقتُلعت الولايات المتحدة من العراق وأفغانستان فإنها لا ترغب البتّة في الانغماس في حرب جديدة في الشرق الأوسط، لا سيما من البوابة السورية «اللاعبون السوريون الجدد ليسوا مضمونين بسلوكهم، وخصوصا مع صعود مجموعات جهادية لا تحظى بثقة الادارة الأميركية» بحسب ما تشير أوساط أميركية مستقلة في واشنطن.

ما يحدث في سوريا «هو تراجيديا حقيقية، وعلى الولايات المتحدة أن تبقى بعيدة من مشاكل الشرق الأوسط، لأنها بدعمها المطلق واللامتناهي لإسرائيل تسهم في خلق المزيد من المشاكل في هذه البقعة من العالم» بحسب الأوساط الأميركية نفسها.

ولا ترى هذه الأوساط المتابعة للشأن السوري بتفاصيله أية رسائل «واعدة» قد يحملها الرئيس الأميركي باراك أوباما في جولته المستمرة، سواء بالنسبة الى سوريا أو القضية الفلسطينية أو الملف النووي الإيراني، مدرجة جولته في «إطار الإيفاء بتعهد معنوي تجاه إسرائيل أولا وحلفاء أميركا في المنطقة ثانيا».

وتقدّم الأوساط وجهة نظر تفيد بأن «الرئيس السوري بشار الأسد يرأس نظاما ديكتاتوريا، لكنّه في الوقت عينه أعطى النساء حريتهن ومنح الأديان والأقليات حرية المعتقد وممارسة شعائرها الدينية بشكل غير مسبوق»، وتشكّ هذه الأوساط بأن يبقى الوضع على حاله مع «الجهاديين» الذين «سيرثون عن النظام الحالي الديكتاتورية وحدها».

لا تسوّق إدارة أوباما هذا الرأي، علما أنها مقتنعة به، «ما يهمّ الإدارة هو دعم "الثوار" وإطاحة الرئيس بشار الأسد، وذلك انطلاقا من قاعدة إسرائيلية لم تتبدل مفادها بأن «تدمير سوريا يفضي الى إضعاف إيران»، أما الرئيس الأميركي فسيكرر كما ظهر في اليومين الماضيين استعداده لدعم أميركا المطلق لإسرائيل سياسيا وماليا وعسكريا».

هذه القاعدة «الذهبية» لإسرائيل يتشاطرها الأوروبيون والأميركيون في تحليلهم للأزمة السورية، وبالتالي فإن همّ هؤلاء الوحيد هو تدمير سوريا وصولا الى إضعاف إيران، ما يصبّ كليا في وجهة النظر الإسرائيلية التي لا تغفل أيضا إضعاف الذراع الإيرانية في المنطقة أي «حزب الله».

وثمة رأي سائد في الأروقة الأميركية بأن باريس ولندن تنتقدان ما تسميانه «التردد الأميركي»، لذا حزمتا أمرهما وجاهرتا بتسليح المعارضة السورية، علما أنهما كانتا تدعمان وتغطيان عمليات التسليح سابقا، لكنّهما تريدان حاليا نسج علاقات متينة مع أي نظام قد يخلف نظام الأسد مع اقتناعهما بأن إزاحة الأخير ليست سهلة أو قريبة المنال. أما الولايات المتحدة الأميركية «فستبقى متشبثة بإبعاد كأس حرب جديدة عنها إلا في حال بدء استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا، وهو أمر لم يتأكد لغاية اليوم على الرغم مما رشح عن استخدام أسلحة مماثلة في منطقة «خان العسل» في ريف حلب، والأمر سيّان بالنسبة الى إيران التي لن تستجلب اليها الحرب الأميركية إلا إذا فعّلت برنامجها النووي».

وتشير الأوساط ذاتها تعليقا على تشكيل الشخصية الكردية غسان هيتو لحكومة انتقالية بقولها ان «هذه الحكومة «طبختها» وكالة الاستخبارات الأميركية، «سي آي آي»، وهي أحد أشكال دعم الثوار ضدّ نظام الرئيس الأسد».

على الصعيد السياسي الدولي، تقول الأوساط الديبلوماسية الأميركية المتابعة ان «لا جديد لغاية اليوم على صعيد التفاوض الأميركي الروسي في شأن سوريا، وما رشح في الإعلام عن اتفاق حول تفسير «اتفاقية جنيف» يبقى رهنا بالإعلام لا أكثر ولا أقل، فالوضع لا يزال في مربعه الأول».

بالنسبة الى لبنان، ولّى زمن التوجس من انتقال الأزمة السورية اليه «لأنها انتقلت فعليا وبأوجه عدّة، فالانقسامات المذهبية باتت أعمق في لبنان، وسيكون الأمر كارثيا عليه إذا تطورت الأوضاع الى حرب شبيهة بحرب سنة 1975، لأن لبنان لا يحتاج الى ذلك البتّة».

في خلاصة مشهد أوباما في المنطقة أن الرئيس الأميركي وقبله وزير خارجيته جون كيري لم يحملا أي جديد لغاية اليوم، «كيري يأخذ وقته في استكشاف الوضع، إنه يتبع أوامر الرئيس أوباما كليا، ويرتبط بالخطوط الرئيسية للسياسة الخارجية الأميركية التي لا تتبدّل بين ليلة وضحاها».

وتلفت الأوساط الأميركية المستقلة الانتباه الى «أن لا هدف ملموسا لجولة الرئيس الأميركي، غير أن الأخير اطمأن الى اقتناص ولاية رئاسية ثانية ولديه فراغ يعبئه بالجولات التي لا طائل منها وهي شكلية، أما المدهش هنا في واشنطن فهو العجز عن تفسير السبب الذي يدفعه الى «تقبيل قدمي نتنياهو»، ما يوحي بأن زيارته هي لإرضاء مناصريه الإسرائيليين، وليس لإيجاد حلول للقضية الفلسطينية أو لسواها».

  • فريق ماسة
  • 2013-03-21
  • 11071
  • من الأرشيف

تناغم أميركي ـ إسرائيلي: إضعاف إيران و«حزب الله» بتدمير سورية

بعد أن اقتُلعت الولايات المتحدة من العراق وأفغانستان فإنها لا ترغب البتّة في الانغماس في حرب جديدة في الشرق الأوسط، لا سيما من البوابة السورية «اللاعبون السوريون الجدد ليسوا مضمونين بسلوكهم، وخصوصا مع صعود مجموعات جهادية لا تحظى بثقة الادارة الأميركية» بحسب ما تشير أوساط أميركية مستقلة في واشنطن. ما يحدث في سوريا «هو تراجيديا حقيقية، وعلى الولايات المتحدة أن تبقى بعيدة من مشاكل الشرق الأوسط، لأنها بدعمها المطلق واللامتناهي لإسرائيل تسهم في خلق المزيد من المشاكل في هذه البقعة من العالم» بحسب الأوساط الأميركية نفسها. ولا ترى هذه الأوساط المتابعة للشأن السوري بتفاصيله أية رسائل «واعدة» قد يحملها الرئيس الأميركي باراك أوباما في جولته المستمرة، سواء بالنسبة الى سوريا أو القضية الفلسطينية أو الملف النووي الإيراني، مدرجة جولته في «إطار الإيفاء بتعهد معنوي تجاه إسرائيل أولا وحلفاء أميركا في المنطقة ثانيا». وتقدّم الأوساط وجهة نظر تفيد بأن «الرئيس السوري بشار الأسد يرأس نظاما ديكتاتوريا، لكنّه في الوقت عينه أعطى النساء حريتهن ومنح الأديان والأقليات حرية المعتقد وممارسة شعائرها الدينية بشكل غير مسبوق»، وتشكّ هذه الأوساط بأن يبقى الوضع على حاله مع «الجهاديين» الذين «سيرثون عن النظام الحالي الديكتاتورية وحدها». لا تسوّق إدارة أوباما هذا الرأي، علما أنها مقتنعة به، «ما يهمّ الإدارة هو دعم "الثوار" وإطاحة الرئيس بشار الأسد، وذلك انطلاقا من قاعدة إسرائيلية لم تتبدل مفادها بأن «تدمير سوريا يفضي الى إضعاف إيران»، أما الرئيس الأميركي فسيكرر كما ظهر في اليومين الماضيين استعداده لدعم أميركا المطلق لإسرائيل سياسيا وماليا وعسكريا». هذه القاعدة «الذهبية» لإسرائيل يتشاطرها الأوروبيون والأميركيون في تحليلهم للأزمة السورية، وبالتالي فإن همّ هؤلاء الوحيد هو تدمير سوريا وصولا الى إضعاف إيران، ما يصبّ كليا في وجهة النظر الإسرائيلية التي لا تغفل أيضا إضعاف الذراع الإيرانية في المنطقة أي «حزب الله». وثمة رأي سائد في الأروقة الأميركية بأن باريس ولندن تنتقدان ما تسميانه «التردد الأميركي»، لذا حزمتا أمرهما وجاهرتا بتسليح المعارضة السورية، علما أنهما كانتا تدعمان وتغطيان عمليات التسليح سابقا، لكنّهما تريدان حاليا نسج علاقات متينة مع أي نظام قد يخلف نظام الأسد مع اقتناعهما بأن إزاحة الأخير ليست سهلة أو قريبة المنال. أما الولايات المتحدة الأميركية «فستبقى متشبثة بإبعاد كأس حرب جديدة عنها إلا في حال بدء استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا، وهو أمر لم يتأكد لغاية اليوم على الرغم مما رشح عن استخدام أسلحة مماثلة في منطقة «خان العسل» في ريف حلب، والأمر سيّان بالنسبة الى إيران التي لن تستجلب اليها الحرب الأميركية إلا إذا فعّلت برنامجها النووي». وتشير الأوساط ذاتها تعليقا على تشكيل الشخصية الكردية غسان هيتو لحكومة انتقالية بقولها ان «هذه الحكومة «طبختها» وكالة الاستخبارات الأميركية، «سي آي آي»، وهي أحد أشكال دعم الثوار ضدّ نظام الرئيس الأسد». على الصعيد السياسي الدولي، تقول الأوساط الديبلوماسية الأميركية المتابعة ان «لا جديد لغاية اليوم على صعيد التفاوض الأميركي الروسي في شأن سوريا، وما رشح في الإعلام عن اتفاق حول تفسير «اتفاقية جنيف» يبقى رهنا بالإعلام لا أكثر ولا أقل، فالوضع لا يزال في مربعه الأول». بالنسبة الى لبنان، ولّى زمن التوجس من انتقال الأزمة السورية اليه «لأنها انتقلت فعليا وبأوجه عدّة، فالانقسامات المذهبية باتت أعمق في لبنان، وسيكون الأمر كارثيا عليه إذا تطورت الأوضاع الى حرب شبيهة بحرب سنة 1975، لأن لبنان لا يحتاج الى ذلك البتّة». في خلاصة مشهد أوباما في المنطقة أن الرئيس الأميركي وقبله وزير خارجيته جون كيري لم يحملا أي جديد لغاية اليوم، «كيري يأخذ وقته في استكشاف الوضع، إنه يتبع أوامر الرئيس أوباما كليا، ويرتبط بالخطوط الرئيسية للسياسة الخارجية الأميركية التي لا تتبدّل بين ليلة وضحاها». وتلفت الأوساط الأميركية المستقلة الانتباه الى «أن لا هدف ملموسا لجولة الرئيس الأميركي، غير أن الأخير اطمأن الى اقتناص ولاية رئاسية ثانية ولديه فراغ يعبئه بالجولات التي لا طائل منها وهي شكلية، أما المدهش هنا في واشنطن فهو العجز عن تفسير السبب الذي يدفعه الى «تقبيل قدمي نتنياهو»، ما يوحي بأن زيارته هي لإرضاء مناصريه الإسرائيليين، وليس لإيجاد حلول للقضية الفلسطينية أو لسواها».

المصدر : السفير \ مارلين خليفة


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة