يقفز الواهمون في ما يسمّى بـ«المعارضة السورية» (هي عمليّاً اليوم في قبضة «جبهة النصرة» و«القاعدة»… إند كومباني) فوق كلّ الاعتبارات الجيو ـ سياسية والتوازنات المحليّة والإقليمية والدولية، ليعيشوا أحلام يقظة بامتياز، متوهّمين النصر متحقّقاً لهم،وهو في خيالهم وأوهامهم قاب قوسين أو أدنى، وتلوح لهم مقاعد السلطة والحكم قريبة جداً فيتدرّبون على الجلوس فيها بـ«حكومة انتقاليّة» تشبه عرضاً كوميدياً يؤدّيه ممثلون فاشلون لا يحسنون فنّ الإضحاك، فتنقلب الكوميديا مأساة لأصحابها، ويتبدّى النصر وتسلّم السلطة سراباً بسراب.

العالم كلّه، شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً، يرى منذ سنتين، أيّ منذ انطلاق المؤامرة الصهيو ـ أميركية والعثمانية ـ الإعرابية ضدّ سورية لتدميرها كوطن وكيان صلب ممانع ومقاوم لا كسلطة قائمة ونظام، كرمى لعيون بني صهيون كي يهنأ بالهم وتستتبّ لهم السيطرة على المنطقة وثرواتها ومقدّراتها وحضارتها وثقافتها وكل شيء… يرى العالم إذن أنّ تلك الحركة التافهة والساذجة المدعوّة «معارضة سورية» تتخبّط في فوضاها العارمة وتتقاذفها أذرع أخطبوط المؤامرة مثل الكرة، فمرّة هي في عهدة الأميركان وأذنابهم الأوروبيين من فرنسيين وبريطانيين، ومرّة ثانية بين أيدي رقّاص الساعة سعود الفيصل وقرينه الموتور الحاقد حمد القطري الذي يقطر سمّاً ولؤماً وهوساً نيرونيّاً بالقتل والتدمير ورؤية سورية أطلالاً، ومرّة ثالثة هم تحت مظلّة السلطان أردوغان العثماني الطالع من غبار التاريخ الاستعماريّ الاستبداديّ المجرم، وبخاصة ماضي أجداده غير المشرّف على امتداد الهلال الخصيب … وليكتمل مشهد التخبّط والضياع لدى السذّج والمغفّلين الحاقدين من جماعة «المعارضة» الذين لم يفقهوا جوهر المؤامرة ضدّ بلدهم حتى الساعة وخالوا أنفسهم أسوداً وسباعاً وقادة تغيير (لبّيكِ «جبهة النصرة»!) راحوا «يتناقرون» كالديكة العجوزة في ما بينهم، أفراداً ومجالس وهيئات، في برج بابل سوريّ ما بعد عراقيّ، وما اتفقوا على رأي أو موقف أو خطّة أو منهج وتحرّك لبلوغ الأهداف (حتى الآن لا نعرف ما هي أهدافهم سوى لازمة «إسقاط النظام» وبمعزل عمّا بعدها وما يعدون الشعب السوري ويعدوننا به من منّ وسلوى و«مدينة فاضلة» يغار منها أفلاطون والفارابي معاً) ولا قدّموا شخصاً ذا كاريزما خاصة ترفّ له الأفئدة وتجحظ العيون وتصفّق الأيدي ويكون من وزن ثقيل قادرٍ على الإيحاء بالقوة والزعامة، أي في اختصار من فصيلة السباع لا من فئة الصيصان والضفادع. لم تقدّم «المعارضة» المثيرة للشفقة وجهاً واحداً يجذب مئة مواطن سوريّ فكيف به يأسر قلوب الملايين كحال الرئيس بشّار الأسد، مع كامل مواصفات القائد فيه.

ارتضى «المعارضون» السوريون الواهمون أن يكونوا دمى تافهة وأدوات رخيصة في أيدي أطراف المؤامرة الكثر، وأن يقفوا تماماً كالدمى الصامتة والبلاحياة أمام مشهد وطنهم يُدمّر ويُحاصر ويُذلّ ويستباح أرضاً وبشراً وعرضاً وتُحرق معالمه وتُسرق آثاره وتدكّ مدنه وبيوته وأحياؤه التراثية، ويغرق أبناؤه في بحر من الدماء والدموع وينزح سكّانه إلى خارج الحدود ليختبر الفقراء منهم ذلّ استعطاء اللقمة والبحث عن سقف يقيهم برد الليالي، وأن يتفرّج «معارضو» فنادق الخمس نجوم والكافيار ومال الغاز القطري والنفط السعوديّ الأسود مثل قلب سعود الفيصل ووجهه الهزّاز على كل هذا الدمار والموت والحريق، وهم يردّدون صبحاً ومساء، ليلاً ونهاراً، اللازمة المملّة النابعة من قلوبهم الحاقدة والملقّنة لهم من أسياد مؤامرة «إسقاط النظام»، حتى لو احترقت سورية كلّها ومات كلّ شعبها وصارت أثراً بعد عين، فالمهمّ أن «يسقط النظام»، فيا له من حقد مجنون لم يشهد مثله تاريخ البشر!

قمة المهزلة ـ المأساة، بعد الأوهام والأحلام والتشتّت والتفتّت والتخبّط والضياع والحقد الذي يعمي الأبصار ويملأ العقول والقلوب، تتمثّل في فرض الأطراف المتآمرة على دمى «المعارضة» ما سمّي بـ«الحكومة الانتقاليّة» واستجلب لها (على طريقة مذكّرة الجلب) مهندس اتصالات سوري من آل هيتو يعيش في الولايات المتحدة منذ عقود ولم يسمع به أحد (إلاّ الاستخبارات الأميركية التي تعرفه جيداً وأعدّته للمهمة الخيانية العظمى ضدّ بلده أو أرغمته عليها تحت التهديد بالإقصاء أو التصفية) ليكون «رئيساً» نظرياً لحكومة صورية لا قيمة لها ولا شرعية ولا فاعلية، سوى للقول «نحن هنا ولا نزال جاهزين لتسلّم السلطة في حال … إملأ الفراغ … غير الآتي بالتأكيد»، فالرئيس الأسد هو القائد والحامي والحافظ لسورية والهازم أعداءها والمعيد إليها بعد حين قريب مجدها الراسخ والمشرق في الحضارة والموقع والتاريخ. أمّا المتآمرون على وطنهم فقريباً إلى الهزيمة الكاملة المحقّقة، فما عاشوه طوال الفترة الماضية وحتى الساعة، لا يتعدّى كونه وهماً وسراباً، إذ لا يقرأون لا في الجغرافيا ولا في التاريخ، إنّما هم دمى وأقزام في لعبة الأمم التي لا يفقهون شيئاً من شروطها وأصولها، لذا باتوا خارج الجغرافيا والتاريخ … بل خارج الوطن الذي لفظهم حثالة نتنة.

 

  • فريق ماسة
  • 2013-03-21
  • 11414
  • من الأرشيف

أوهام «المعارضة السورية» وأحلامها

يقفز الواهمون في ما يسمّى بـ«المعارضة السورية» (هي عمليّاً اليوم في قبضة «جبهة النصرة» و«القاعدة»… إند كومباني) فوق كلّ الاعتبارات الجيو ـ سياسية والتوازنات المحليّة والإقليمية والدولية، ليعيشوا أحلام يقظة بامتياز، متوهّمين النصر متحقّقاً لهم،وهو في خيالهم وأوهامهم قاب قوسين أو أدنى، وتلوح لهم مقاعد السلطة والحكم قريبة جداً فيتدرّبون على الجلوس فيها بـ«حكومة انتقاليّة» تشبه عرضاً كوميدياً يؤدّيه ممثلون فاشلون لا يحسنون فنّ الإضحاك، فتنقلب الكوميديا مأساة لأصحابها، ويتبدّى النصر وتسلّم السلطة سراباً بسراب. العالم كلّه، شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً، يرى منذ سنتين، أيّ منذ انطلاق المؤامرة الصهيو ـ أميركية والعثمانية ـ الإعرابية ضدّ سورية لتدميرها كوطن وكيان صلب ممانع ومقاوم لا كسلطة قائمة ونظام، كرمى لعيون بني صهيون كي يهنأ بالهم وتستتبّ لهم السيطرة على المنطقة وثرواتها ومقدّراتها وحضارتها وثقافتها وكل شيء… يرى العالم إذن أنّ تلك الحركة التافهة والساذجة المدعوّة «معارضة سورية» تتخبّط في فوضاها العارمة وتتقاذفها أذرع أخطبوط المؤامرة مثل الكرة، فمرّة هي في عهدة الأميركان وأذنابهم الأوروبيين من فرنسيين وبريطانيين، ومرّة ثانية بين أيدي رقّاص الساعة سعود الفيصل وقرينه الموتور الحاقد حمد القطري الذي يقطر سمّاً ولؤماً وهوساً نيرونيّاً بالقتل والتدمير ورؤية سورية أطلالاً، ومرّة ثالثة هم تحت مظلّة السلطان أردوغان العثماني الطالع من غبار التاريخ الاستعماريّ الاستبداديّ المجرم، وبخاصة ماضي أجداده غير المشرّف على امتداد الهلال الخصيب … وليكتمل مشهد التخبّط والضياع لدى السذّج والمغفّلين الحاقدين من جماعة «المعارضة» الذين لم يفقهوا جوهر المؤامرة ضدّ بلدهم حتى الساعة وخالوا أنفسهم أسوداً وسباعاً وقادة تغيير (لبّيكِ «جبهة النصرة»!) راحوا «يتناقرون» كالديكة العجوزة في ما بينهم، أفراداً ومجالس وهيئات، في برج بابل سوريّ ما بعد عراقيّ، وما اتفقوا على رأي أو موقف أو خطّة أو منهج وتحرّك لبلوغ الأهداف (حتى الآن لا نعرف ما هي أهدافهم سوى لازمة «إسقاط النظام» وبمعزل عمّا بعدها وما يعدون الشعب السوري ويعدوننا به من منّ وسلوى و«مدينة فاضلة» يغار منها أفلاطون والفارابي معاً) ولا قدّموا شخصاً ذا كاريزما خاصة ترفّ له الأفئدة وتجحظ العيون وتصفّق الأيدي ويكون من وزن ثقيل قادرٍ على الإيحاء بالقوة والزعامة، أي في اختصار من فصيلة السباع لا من فئة الصيصان والضفادع. لم تقدّم «المعارضة» المثيرة للشفقة وجهاً واحداً يجذب مئة مواطن سوريّ فكيف به يأسر قلوب الملايين كحال الرئيس بشّار الأسد، مع كامل مواصفات القائد فيه. ارتضى «المعارضون» السوريون الواهمون أن يكونوا دمى تافهة وأدوات رخيصة في أيدي أطراف المؤامرة الكثر، وأن يقفوا تماماً كالدمى الصامتة والبلاحياة أمام مشهد وطنهم يُدمّر ويُحاصر ويُذلّ ويستباح أرضاً وبشراً وعرضاً وتُحرق معالمه وتُسرق آثاره وتدكّ مدنه وبيوته وأحياؤه التراثية، ويغرق أبناؤه في بحر من الدماء والدموع وينزح سكّانه إلى خارج الحدود ليختبر الفقراء منهم ذلّ استعطاء اللقمة والبحث عن سقف يقيهم برد الليالي، وأن يتفرّج «معارضو» فنادق الخمس نجوم والكافيار ومال الغاز القطري والنفط السعوديّ الأسود مثل قلب سعود الفيصل ووجهه الهزّاز على كل هذا الدمار والموت والحريق، وهم يردّدون صبحاً ومساء، ليلاً ونهاراً، اللازمة المملّة النابعة من قلوبهم الحاقدة والملقّنة لهم من أسياد مؤامرة «إسقاط النظام»، حتى لو احترقت سورية كلّها ومات كلّ شعبها وصارت أثراً بعد عين، فالمهمّ أن «يسقط النظام»، فيا له من حقد مجنون لم يشهد مثله تاريخ البشر! قمة المهزلة ـ المأساة، بعد الأوهام والأحلام والتشتّت والتفتّت والتخبّط والضياع والحقد الذي يعمي الأبصار ويملأ العقول والقلوب، تتمثّل في فرض الأطراف المتآمرة على دمى «المعارضة» ما سمّي بـ«الحكومة الانتقاليّة» واستجلب لها (على طريقة مذكّرة الجلب) مهندس اتصالات سوري من آل هيتو يعيش في الولايات المتحدة منذ عقود ولم يسمع به أحد (إلاّ الاستخبارات الأميركية التي تعرفه جيداً وأعدّته للمهمة الخيانية العظمى ضدّ بلده أو أرغمته عليها تحت التهديد بالإقصاء أو التصفية) ليكون «رئيساً» نظرياً لحكومة صورية لا قيمة لها ولا شرعية ولا فاعلية، سوى للقول «نحن هنا ولا نزال جاهزين لتسلّم السلطة في حال … إملأ الفراغ … غير الآتي بالتأكيد»، فالرئيس الأسد هو القائد والحامي والحافظ لسورية والهازم أعداءها والمعيد إليها بعد حين قريب مجدها الراسخ والمشرق في الحضارة والموقع والتاريخ. أمّا المتآمرون على وطنهم فقريباً إلى الهزيمة الكاملة المحقّقة، فما عاشوه طوال الفترة الماضية وحتى الساعة، لا يتعدّى كونه وهماً وسراباً، إذ لا يقرأون لا في الجغرافيا ولا في التاريخ، إنّما هم دمى وأقزام في لعبة الأمم التي لا يفقهون شيئاً من شروطها وأصولها، لذا باتوا خارج الجغرافيا والتاريخ … بل خارج الوطن الذي لفظهم حثالة نتنة.  

المصدر : البناء\ جورج كعدي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة