دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
كشفت سلطات الاحتلال خلال الأسبوع الماضي عن وثائق معينة اختارتها من محاضر اجتماع عقدته الحكومة الإسرائيلية برئاسة مناحيم بيغن في العاشر من شباط العام 1983 لبحث تقرير لجنة «كاهان»، وهي لجنة التحقيق الإسرائيلية الرسمية في مجزرة صبرا وشاتيلا (15 أيلول 1982)، أو لتبادل الاتهامات بين القادة الإسرائيليين أو بالأحرى تبادل المسؤوليات.
وبحسب صحيفة «هآرتس»، فإن الأرشيف الرسمي لإسرائيل سمح أمس الأول، بنشر بعض المقاطع، التي حظرت الرقابة العسكرية نشرها الأسبوع الماضي. وتلقي الوثائق الضوء على الخلافات بين جهاز الموساد وشعبة الاستخبارات العسكرية «أمان»، التي أرغمت وحدها، بحسب «هآرتس»، «على دفع الثمن» بعدما أعفي الموساد من المسؤولية.
وكان الأرشيف الإسرائيلي قد نشر الأسبوع الماضي جزءاً من محضر الاجتماع، وبيّن الخلافات بين بيغن من جهة ووزير الدفاع الإسرائيلي وقتها آرييل شارون. وقد تم بالفعل الأخذ بتوصية اللجنة بالإطاحة بالأخير، وهو الذي حذر من ذلك على اعتبار أنه سيؤدي إلى اتهام الحكومة بإبادة شعب. وأكد في الوقت ذاته ما هو معروف مسبقاً، بأن الإسرائيليين قاموا بتوجيه حزب «الكتائب» للقيام بالمجزرة ووفروا له المساعدة الكافية، وذلك للحؤول دون تعريض جنودهم للخطر.
ووفقاً للمقاطع الجديدة من الوثائق التي تم الكشف عنها مؤخراً، فإن رئيس شعبة «أمان» يهوشواع ساغي، الذي أجبرته الحكومة على الاستقالة إثر توصيات «لجنة كاهان»، اعتبر خلال الاجتماع أن التوصيات تُلحق ظلماً كبيراً بمسؤولي الشعبة، وخصوصاً أن تقديراتهم في ما يتعلق بالخطورة التي يمكن أن تترتب على السماح لـ«الكتائب» بالدخول إلى المخيمين كانت صحيحة، ولكنه لم يؤثر على الموساد بالرغم من أنه كان المسؤول عن العلاقات مع الحزب اللبناني.
أما شارون، فلم يحمّل رئيس الموساد وقتها ناحوم أدموني المسؤولية على اعتبار أنه تسلم منصبه قبل فترة قصيرة من المجزرة، ولكنه أوضح «أننا لا نختبر الأشخاص فحسب، بل الأجهزة برمّتها، فهل يعتقد أحد أنه لدى معالجتنا للأوضاع في لبنان، أو أنه من خلال زيارة رئيس هيئة الأركان العامة الجنرال رافائيل إيتان إلى مقر قيادة الكتائب في 15 أيلول العام 1982 في الساعة الثالثة والنصف فجراً، لم يكن هناك مندوب من المستويات الرفيعة جداً في الموساد، والذي يتعامل مع الملف اللبناني منذ سنوات طويلة؟»، مضيفاً «جميعنا نقدّر هذا الرجل، وأنا مسرور لأن اللجنة لم تضبطه، لكن هذا كان من قبيل المصادفة فقط». وتجدر الإشارة إلى أن الرقابة الإسرائيلية لم تسمح بالإفصاح عن اسم رجل الموساد في لبنان.
ولفت شارون إلى أنه «لو كان عمل هذه اللجنة ألحق ضرراً بأحد ما من الموساد لكان هذه الجهاز برمته سيتعرض لهزة عنيفة، مثل شعبة أمان». وتابع «أنا أعرف ذلك المندوب من الموساد، وأعمل معه باتصال وثيق منذ وقت طويل»، متسائلاً «ألم يكن معي في مقر قيادة الكتائب، صباح 15 أيلول، عندما ناقشنا الموضوع، وأمرته بأن ينسق مع قائد المنطقة العسكرية الشمالية؟ ألم يكن برفقتي في بِكفيا، عندما أبلغت بيار الجميّل وأمين الجميّل بما ننوي أن نقوم به؟ ألم يقم بترجمة أقوالي، مثلما قام بترجمة أقوال رئيس هيئة الأركان العامة».
وخلص شارون في كلمته إلى أنه «لا شك في أن الموساد كان ضالعاً في هذا الموضوع»، ولكنه تابع قائلاً «ليس لديّ أي ادعاءات ضد الموساد... فلم يقدر أي أحد منا أن هذا هو ما سيحدث، وقد أدلى جميع الخبراء في شعبتي أمان والموساد، فضلاً عن رؤساء المؤسسة السياسية وقادة الجيش، بشهادات مشفوعة بالقسم أكدوا فيها أنهم لم يتوقعوا مثل هذا الخطر».
يُذكر أن الحكومة أخذت بتوصية اللجنة وأجبرت ساغي على الاستقالة، لأن شهادته دلت على «لا مبالاة، وانعدام اهتمام بارز، وعلى غضّ الطرف وعدم الإصغاء». أما رئيس الموساد فبقي في منصبه سبع سنوات أخرى، بالرغم من تأكيد اللجنة على أنه لم يحذر الحكومة من «خطر السماح للكتائب بالدخول إلى المخيمَين، ولم يُبد أي ملاحظة خلال تقويمه للوضع أمام الحكومة».
المصدر :
السفير
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة