يعرف «أصدقاء سوريا» من العرب والأجانب، والذين اجتمعوا الخميس الماضي في روما ، أن النظام السوري بقيادة الرئيس بشار الأسد ليس على وشك السقوط.

بل أكثر من ذلك تعلم مخابراتهم جيدا ان الإمكانات والقدرات العسكرية المتوفرة لدى هذا النظام، فضلا عن الدعم السياسي الداخلي والإقليمي والدولي، كل ذلك قد يطيل عمره لسنوات وسنوات. ومع ذلك يصر «أصدقاء سوريا « على المزيد من الدعم السياسي والمالي والعسكري للمعارضة المسلحة، بدل الدفع بالأمور نحو تسوية سياسية منطقية تخرج سوريا من أزمتها الراهنة، وكأن المطلوب فقط إطالة عمر الحرب الضروس التي تدمر سوريا شيئا فشيئا.

وفيما يبدي الفريق العربي – الاوروبي في مجموعة روما حماسا منقطع النظير لإسقاط النظام، تبدو الولايات المتحدة على لسان وزير خارجيتها الجديد جون كيري، أكثر واقعية وتوازنا تجاه ذلك. وفضلا عن رفضه امداد المعارضة بالسلاح، صرح رئيس الدبلوماسية الاميركية بأن بلاده لا يمكن «أن تترك البلد الموجود وسط الشرق الاوسط، يدمر من قبل مستبدين فاسدين، أو يخطف من قبل متشددين».

على أن «النَفَس» الصادر عن اجتماع روما لا يوحي بأن التسوية السياسية التي ينتظرها الكثيرون على يد الاميركيين والروس، باتت ناضجة، بل إن توجهات روما أطاحت باحتمالات التسوية في المدى المنظور. ويؤشر ذلك على أن الأزمة السورية طويلة لأسباب كثيرة منها:

أولا: ان السياسة الغربية من الاساس تريد تعطيل الدور السوري واشغاله عن قضايا المنطقة، وقد ازداد هذا النهج قناعة في ضوء الواقع الجديد في سوريا خلال السنتين الماضيتين حيث تشكل المعارضة المتشددة الغريبة، العصب الرئيسي للقوى المسلحة، والتي لا تقاتل من أجل فرض الديموقراطية في سوريا، أو يفترض بها بعد سقوط النظام ان تسلم السلطة للقوى المعتدلة وتشد الرحال عن بلاد الشام، وكأنها جمعية خيرية تعمل لوجه الله.

ثانيا: ليس سرا ان مصير هذه القوى السالفة الذكر، في حال سقوط النظام، هو ما يقلق الدول العربية والاسلامية التي أفسحت لها المجال بالدخول الى سوريا، ويقال ان بعض الدول أخرجت العناصر المتشددة من السجون وارسلتهم الى سوريا، وهي لن تسمح بعودتهم الى البلدان التي خرجوا منها. ومن الطبيعي في هذه الحالة ان تطويل الازمة السورية سيقضي على العدد الأكبر من هؤلاء، وفي ذلك مصلحة للجميع،عربا وأجانب ومعارضة سورية.

 

ثالثا: ما يزال الفريق العربي – الغربي يصر على ان اي تسوية يجب ان يكون شرطها الاساسي رحيل الرئيس الأسد عن السلطة، وهو ما يرفضه النظام والقوى الاقليمية والدولية الداعمة له. فالرئيس الأسد لم يعد مجرد شخص في هذه المعمعة، بل هو عنوان كبير في هذا الصراع الكوني على سوريا. واذا كان لا بد من رحيله فلن يكون على الطريقة المصرية او التونسية او الليبية او اليمنية، بل من خلال انتخابات حرة يرعاها المجتمع الدولي، وليقرر الشعب السوري ساعتئذ مستقبله السياسي. والفرصة في هذا الاطار ليست سانحة قبل العام المقبل مع انتهاء ولاية الاسد.

أمام هذه المعطيات يتضح ان أهداف «أصدقاء سوريا» هي إطالة الأزمة والقضاء على ما تبقى من هذا البلد، كي لا تقوم له قائمة لعقود طويلة. ومثل هؤلاء لا يمكن ان يكونوا أصدقاء لسوريا، بل ليسوا فقط أعداء لنظامها، بل اعداء لسوريا نفسها ولشعبها ومستقبلها بالدرجة الأولى.

 

  • فريق ماسة
  • 2013-03-01
  • 10441
  • من الأرشيف

أصدقاء سورية .. أعداؤها

يعرف «أصدقاء سوريا» من العرب والأجانب، والذين اجتمعوا الخميس الماضي في روما ، أن النظام السوري بقيادة الرئيس بشار الأسد ليس على وشك السقوط. بل أكثر من ذلك تعلم مخابراتهم جيدا ان الإمكانات والقدرات العسكرية المتوفرة لدى هذا النظام، فضلا عن الدعم السياسي الداخلي والإقليمي والدولي، كل ذلك قد يطيل عمره لسنوات وسنوات. ومع ذلك يصر «أصدقاء سوريا « على المزيد من الدعم السياسي والمالي والعسكري للمعارضة المسلحة، بدل الدفع بالأمور نحو تسوية سياسية منطقية تخرج سوريا من أزمتها الراهنة، وكأن المطلوب فقط إطالة عمر الحرب الضروس التي تدمر سوريا شيئا فشيئا. وفيما يبدي الفريق العربي – الاوروبي في مجموعة روما حماسا منقطع النظير لإسقاط النظام، تبدو الولايات المتحدة على لسان وزير خارجيتها الجديد جون كيري، أكثر واقعية وتوازنا تجاه ذلك. وفضلا عن رفضه امداد المعارضة بالسلاح، صرح رئيس الدبلوماسية الاميركية بأن بلاده لا يمكن «أن تترك البلد الموجود وسط الشرق الاوسط، يدمر من قبل مستبدين فاسدين، أو يخطف من قبل متشددين». على أن «النَفَس» الصادر عن اجتماع روما لا يوحي بأن التسوية السياسية التي ينتظرها الكثيرون على يد الاميركيين والروس، باتت ناضجة، بل إن توجهات روما أطاحت باحتمالات التسوية في المدى المنظور. ويؤشر ذلك على أن الأزمة السورية طويلة لأسباب كثيرة منها: أولا: ان السياسة الغربية من الاساس تريد تعطيل الدور السوري واشغاله عن قضايا المنطقة، وقد ازداد هذا النهج قناعة في ضوء الواقع الجديد في سوريا خلال السنتين الماضيتين حيث تشكل المعارضة المتشددة الغريبة، العصب الرئيسي للقوى المسلحة، والتي لا تقاتل من أجل فرض الديموقراطية في سوريا، أو يفترض بها بعد سقوط النظام ان تسلم السلطة للقوى المعتدلة وتشد الرحال عن بلاد الشام، وكأنها جمعية خيرية تعمل لوجه الله. ثانيا: ليس سرا ان مصير هذه القوى السالفة الذكر، في حال سقوط النظام، هو ما يقلق الدول العربية والاسلامية التي أفسحت لها المجال بالدخول الى سوريا، ويقال ان بعض الدول أخرجت العناصر المتشددة من السجون وارسلتهم الى سوريا، وهي لن تسمح بعودتهم الى البلدان التي خرجوا منها. ومن الطبيعي في هذه الحالة ان تطويل الازمة السورية سيقضي على العدد الأكبر من هؤلاء، وفي ذلك مصلحة للجميع،عربا وأجانب ومعارضة سورية.   ثالثا: ما يزال الفريق العربي – الغربي يصر على ان اي تسوية يجب ان يكون شرطها الاساسي رحيل الرئيس الأسد عن السلطة، وهو ما يرفضه النظام والقوى الاقليمية والدولية الداعمة له. فالرئيس الأسد لم يعد مجرد شخص في هذه المعمعة، بل هو عنوان كبير في هذا الصراع الكوني على سوريا. واذا كان لا بد من رحيله فلن يكون على الطريقة المصرية او التونسية او الليبية او اليمنية، بل من خلال انتخابات حرة يرعاها المجتمع الدولي، وليقرر الشعب السوري ساعتئذ مستقبله السياسي. والفرصة في هذا الاطار ليست سانحة قبل العام المقبل مع انتهاء ولاية الاسد. أمام هذه المعطيات يتضح ان أهداف «أصدقاء سوريا» هي إطالة الأزمة والقضاء على ما تبقى من هذا البلد، كي لا تقوم له قائمة لعقود طويلة. ومثل هؤلاء لا يمكن ان يكونوا أصدقاء لسوريا، بل ليسوا فقط أعداء لنظامها، بل اعداء لسوريا نفسها ولشعبها ومستقبلها بالدرجة الأولى.  

المصدر : واصف عواضة


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة