دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
يبدأ اليوم وزير الخارجية الأميركية جون كيري زيارته للشرق الأوسط من البوابة التركية. وينتظر أن يعقد لقاءات مع كل من رؤساء الجمهورية عبد الله غول والحكومة رجب طيّب أردوغان ووزير الخارجية أحمد داوود أوغلو.
وفقا لصحيفة «أقشام» التركية، فإن البند الأساسي لمحادثات كيري التركية هو محاربة الإرهاب والوضع في سورية، حيث سيتبادل الطرفان التقارير الاستخبارية والمعطيات الأخرى المتوفرة. كما ستتطرق المحادثات إلى الملف النووي الإيراني والعلاقات التركية ـ الإسرائيلية، فضلاً عن الوضع في العراق على ضوء التوتر التركي مع حكومة نوري المالكي. وذكرت صحيفة «زمان» أن جولة كيري الأولى في المنطقة ستكون جولة استماع من وزير خارجية جديد، ولا يُنتظر منه غير ذلك. بحسب الصحيفة، لن يدخل كيري في أي تعهدات يمكن أن تغضب الكونغرس، وسوف يعيد في محادثاته مع المسؤولين الأتراك رسم الأولويات الاستراتيجية بين البلدين، وفي مقدمتها إنهاء الأزمة في سوريا من أجل إعادة الاستقرار والسلام والأمن إلى المنطقة. كذلك سيكون البحث في المجالات التي تقوي التعاون بين أنقرة وواشنطن. من هنا فإن مهمة كيري ستكون جسّ النبض وسبر غور الشكل الذي ستتخذه العلاقات الثنائية وفقا لسياسة البيت الأبيض غير الراغبة بالتورط المباشر في الأزمات الساخنة. في المقابل، سيكون المسؤولون الأتراك أيضا أمام فرصة الاستماع إلى كيري لتلمس عناوين السياسة الأميركية الجديدة. وتلفت مصادر تركية لصحيفة «زمان» إلى أن الإدارة الأميركية في بياناتها تشير إلى إنهاء»الأزمة» السورية وليس «إنهاء» النظام. وهو ما يتعارض مع الموقف التركي الذي يرى أن إنهاء النظام هو أحد الطرق المؤدية إلى إنهاء الأزمة، والذي يكرر مسؤولوه انتقادات لسياسة واشنطن لأنها لا تمارس ضغوطا كافية على الرئيس السوري بشار الأسد، وفقا" لصحيفة السفير .
وتعتقد هذه المصادر أن الأميركيين قد يقولون "برحيل الأسد" ولكن ليس بتغيير النظام بل بتحسينات عليه. وإن ما تراه أنقرة في الضغط على النظام بالوسائل العسكرية لا يبدو كذلك من الجانب الأميركي، على الأقل لجهة حجم التدخل العسكري. ووفقا لهذه المصادر فإن إدارة أوباما تنتظر من تركيا المبادرة إلى مقترحات أكثر واقعية وقابلة للتطبيق في ما خص الوضع في سوريا. مع التذكير بأن تشكيل ائتلاف الدوحة برئاسة معاذ الخطيب بدا حينها كما لو أنه خطوة أميركية لتحجيم النفوذ التركي الذي كان في المجلس الوطني، كذلك مواقف الخطيب الأخيرة التي طرح فيها الحوار مع النظام ما أثار سخط أنقرة التي قالت ان الحوار مع نظام الأسد عبث لا طائل منه.
وإضافة إلى الملف السوري، فإن التعاون التركي مع إقليم كردستان مترافقاً مع توتر مع حكومة المالكي لا يريح واشنطن كثيرا، لا سيما أنها ترتبط مع بغداد باتفاقيات تعاون متعددة. وتخشى الولايات المتحدة تصاعد التوتر في العراق بتحريض تركي وتحوله إلى صدام متعدد الأطراف، لذا ستكون رسالة كيري للأتراك التحلي بالهدوء والروية. وفي خطوة معبّرة، سيجتمع كيري مع نواب من حزب «السلام والديموقراطية» الكردي في تركيا في رسالة دعم لمساعي التوصل إلى حل للمسألة الكردية التي يقوم بها أردوغان مع زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان.
وتشكل العلاقات التركية ـ الإسرائيلية أحد أبرز ملفات المحادثات اليوم بين كيري والمسؤولين الأتراك. وبات واضحا أن إدارة أوباما تعطي هذا الملف أولوية قصوى، وسوف تكون زيارة كيري لأنقرة وتل أبيب مدخلا لوضع تصور نهائي لتطبيع العلاقات بين الدولتين خلال زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما المقبلة للمنطقة، خصوصا أن هذا التطبيع سينعكس إيجابا على المصالح الأميركية والأمن في شرق المتوسط.
ولا يحجب الاختلاف في بعض الموضوعات بين واشنطن وأنقرة قوة العلاقات الثنائية وتطابقها في العديد من القضايا، لا سيما المواجهة مع روسيا عبر الدرع الصاروخي حيث سيعبر كيري عن شكره لحكومة حزب «العدالة والتنمية» على موافقتها على نشر الدرع الصاروخي، كما على صواريخ الباتريوت التي نصبت في الأساس لحماية الدرع الصاروخي وقاعدة إنجرليك. ولا يختلف موقف البلدين كثيرا في الملف النووي الإيراني حيث ان تركيا باتت أقرب إلى موقف أميركا لجهة منع إيران من امتلاك أسلحة نووية، واعتبارها تهديدا للأمن التركي، لكن من دون أن تتأثر تركيا بالعقوبات المفروضة على إيران علما بأن تركيا تجاوبت مع الغرب في فرض عقوبات على إيران، ومنها التقليل من حجم الواردات النفطية واستبدالها بالاستيراد من حليفتها المركزية في المنطقة، أي قطر.
ولا يتوقف المسؤولون الأتراك عن الإشادة بالمستوى غير المسبوق للعلاقات مع واشنطن، في إطار ما يسمونه بـ «الشراكة النموذج». وسوف تشكل زيارة كيري أرضية جيدة للإعداد لزيارة أردوغان لواشنطن للقاء أوباما في وقت لاحق .
المصدر :
السفير/محمد نور الدين
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة