صحت المعلومات التي كانت قد كشفتها "النشرة" في وقت سابق حول محطات المرحلة وتفاصيلها، فضلاً عن انتقال دور حماية المسيحيين من فرنسا إلى روسيا بعد أن تورطت الأولى في أحداث الربيع العربي بشكل مباشر وتسببها بالتالي بهجرة الالاف منهم وفق اعتبارات الكرسي الرسولي واحصاءاته، بحيث بدا واضحاً أن عمليات اجراء الحسابات الدقيقة بدأت فعلاً، بدليل المواقف الاخيرة والمستجدات الناجمة عنها من وتسارع التطورات العسكرية ونشاط الدبلوماسيات المعنية بأزمة المنطقة على أكثر من صعيد.

بورصة التطورات سجلت في الأيام الأخيرة الماضية سلسلة من التحركات السياسية والدبلوماسية صبت بمجملها  في خانة التحضير لتسوية ما، مع الاشارة إلى أن مسرحها هو العاصمة الروسية التي استقبلت على التوالي شخصيات من المعارضة السورية  ووزير الخارجية السورية وليد المعلم، والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، فضلاً عن جولات مكوكية لوزير خارجيتها سيرغي لافروف توجها بلقاء مع نظيره الأميركي جون كيري في العاصمة الالمانية برلين، وصفته واشنطن بلقاء التعارف الأول بين الرجلين بعد أن استلم كيري منصبه كرئيس للدبلوماسية الاميركية، فيما أكدت موسكو أنه للبحث في العلاقات الثنائية بين البلدين، كما في الأزمة السورية التي تشكل عنوان الكباش المستفحل بينهما.

وفي هذا السياق، أشارت مصادر دبلوماسية شرقية متابعة لتفاصيل الحراك الروسي إلى أهمية زيارة البطريرك الراعي إلى العاصمة الروسية، باعتبارها تحمل مؤشرات لا يمكن تجاهلها على غرار اعتراف الكنيسة الكاثوليكية بدور الكنيسة الأرثوذكسية التي تتخذ من موسكو مقراً لها في حماية مسيحيي المشرق، اضافة إلى التسليم بالدور الروسي المحوري في ادارة أزمة المنطقة العربية، انطلاقاً من عملية اسقاطها للادارة العالمية الاحادية ودخولها على الخط المباشر لأزمات العالمين العربي والاسلامي كشريك فاعل في القرار الدولي والاقليمي، فضلاً عن الاقرار بانتقال الورقة المسيحية ولو بشكل مبدئي وجزئي من فرنسا إلى روسيا ، خصوصاً أن هناك من يؤكد جازماً بان رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان سمع اثناء زيارته إلى موسكو عتباً من أحد الأساقفة اللبنانيين الذين شاركوا باستقباله على خلفية رفضه للقانون الأرثوذكسي، واتهاماً بالعمل ضد مصلحة المسيحيين من خلال رفضه للقانون الذي ينصفهم ويعيدهم إلى الخريطة السياسية بشكل فاعل، مع الاشارة إلى أن النقد هذا جاء امام عدد من الشخصيات الروحية والزمنية الروسية.

غير أن لب الحراك يبقى في لقاء برلين، بحسب المصدر، باعتباره محطة جديدة في العلاقات بين واشنطن وموسكو، خصوصا أن الوزيرين المعنيين أكدا صراحة أن الأزمة السورية لم تكن الملف الوحيد الذي تطرق اليه الرجلان، انما عرجا على الملف الإيراني عشية قبول ايران بجولة محادثات جديدة مع مجموعة الخمس زائد واحد.

وفي هذا السياق، كشفت المصادر أن اللقاء لم يشكل اختراقاً كبيراً وأن كان وضع القطار على سكته الصحيحية بحسب التعبير، فواشنطن التي أكدت على مصالحها في الشرق الاوسط والعالم العربي لاقتها موسكو بتأكيد مماثل على الثوابت الروسية وأبرزها الحل السياسي في سوريا من خلال حوار بين المعارضة والنظام، والا فالضوء الأخضر لعملية عسكرية كبيرة يمكن الاعتبار أن لافروف مهد لها من خلال اعتباره أن المتطرفين هيمنوا في صفوف المعارضة السورية، بما فيها ما يسمى الائتلاف الوطني، وهم يراهنون على الحل العسكري للمشكلة السورية ويعرقلون أية مبادرات تؤدي إلى بدء الحوار، وهذا ما يمكن فهمه باللغة الدبلوماسية على أنه أكثر من اعلان ثوابت انما تهديد مبطن.

 

  • فريق ماسة
  • 2013-02-26
  • 10824
  • من الأرشيف

ماذا جرى في لقاء برلين بين لافروف وكيري؟

  صحت المعلومات التي كانت قد كشفتها "النشرة" في وقت سابق حول محطات المرحلة وتفاصيلها، فضلاً عن انتقال دور حماية المسيحيين من فرنسا إلى روسيا بعد أن تورطت الأولى في أحداث الربيع العربي بشكل مباشر وتسببها بالتالي بهجرة الالاف منهم وفق اعتبارات الكرسي الرسولي واحصاءاته، بحيث بدا واضحاً أن عمليات اجراء الحسابات الدقيقة بدأت فعلاً، بدليل المواقف الاخيرة والمستجدات الناجمة عنها من وتسارع التطورات العسكرية ونشاط الدبلوماسيات المعنية بأزمة المنطقة على أكثر من صعيد. بورصة التطورات سجلت في الأيام الأخيرة الماضية سلسلة من التحركات السياسية والدبلوماسية صبت بمجملها  في خانة التحضير لتسوية ما، مع الاشارة إلى أن مسرحها هو العاصمة الروسية التي استقبلت على التوالي شخصيات من المعارضة السورية  ووزير الخارجية السورية وليد المعلم، والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، فضلاً عن جولات مكوكية لوزير خارجيتها سيرغي لافروف توجها بلقاء مع نظيره الأميركي جون كيري في العاصمة الالمانية برلين، وصفته واشنطن بلقاء التعارف الأول بين الرجلين بعد أن استلم كيري منصبه كرئيس للدبلوماسية الاميركية، فيما أكدت موسكو أنه للبحث في العلاقات الثنائية بين البلدين، كما في الأزمة السورية التي تشكل عنوان الكباش المستفحل بينهما. وفي هذا السياق، أشارت مصادر دبلوماسية شرقية متابعة لتفاصيل الحراك الروسي إلى أهمية زيارة البطريرك الراعي إلى العاصمة الروسية، باعتبارها تحمل مؤشرات لا يمكن تجاهلها على غرار اعتراف الكنيسة الكاثوليكية بدور الكنيسة الأرثوذكسية التي تتخذ من موسكو مقراً لها في حماية مسيحيي المشرق، اضافة إلى التسليم بالدور الروسي المحوري في ادارة أزمة المنطقة العربية، انطلاقاً من عملية اسقاطها للادارة العالمية الاحادية ودخولها على الخط المباشر لأزمات العالمين العربي والاسلامي كشريك فاعل في القرار الدولي والاقليمي، فضلاً عن الاقرار بانتقال الورقة المسيحية ولو بشكل مبدئي وجزئي من فرنسا إلى روسيا ، خصوصاً أن هناك من يؤكد جازماً بان رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان سمع اثناء زيارته إلى موسكو عتباً من أحد الأساقفة اللبنانيين الذين شاركوا باستقباله على خلفية رفضه للقانون الأرثوذكسي، واتهاماً بالعمل ضد مصلحة المسيحيين من خلال رفضه للقانون الذي ينصفهم ويعيدهم إلى الخريطة السياسية بشكل فاعل، مع الاشارة إلى أن النقد هذا جاء امام عدد من الشخصيات الروحية والزمنية الروسية. غير أن لب الحراك يبقى في لقاء برلين، بحسب المصدر، باعتباره محطة جديدة في العلاقات بين واشنطن وموسكو، خصوصا أن الوزيرين المعنيين أكدا صراحة أن الأزمة السورية لم تكن الملف الوحيد الذي تطرق اليه الرجلان، انما عرجا على الملف الإيراني عشية قبول ايران بجولة محادثات جديدة مع مجموعة الخمس زائد واحد. وفي هذا السياق، كشفت المصادر أن اللقاء لم يشكل اختراقاً كبيراً وأن كان وضع القطار على سكته الصحيحية بحسب التعبير، فواشنطن التي أكدت على مصالحها في الشرق الاوسط والعالم العربي لاقتها موسكو بتأكيد مماثل على الثوابت الروسية وأبرزها الحل السياسي في سوريا من خلال حوار بين المعارضة والنظام، والا فالضوء الأخضر لعملية عسكرية كبيرة يمكن الاعتبار أن لافروف مهد لها من خلال اعتباره أن المتطرفين هيمنوا في صفوف المعارضة السورية، بما فيها ما يسمى الائتلاف الوطني، وهم يراهنون على الحل العسكري للمشكلة السورية ويعرقلون أية مبادرات تؤدي إلى بدء الحوار، وهذا ما يمكن فهمه باللغة الدبلوماسية على أنه أكثر من اعلان ثوابت انما تهديد مبطن.  

المصدر : أنطوان الحايك - مقالات النشرة


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة