بينما تنطلق جولة وزير الخارجية الأميركية التي تتمحور حول الوضع السوري تشير التصريحات و البيانات الروسية إلى انتقاد حازم للسلوك الأميركي المزدوج على الرغم من الإشارات التي اطلقتها الإدارة الأميركية منذ إعلان الرئيس باراك اوباما عن استبدال الثلاثي بيترايوس و كلينتون و بانيتا و مع مباشرة جون كيري مهامه كوزير للخارجية.

أولا على الصعيد الدبلوماسي يكرر الأميركيون الكلام عن التسوية في سورية على اساس تفاهمات جنيف التي يتحايلون على تعابيرها و مصطلحاتها كالعادة و يكثرون من الحديث عن خطر الإرهاب و جبهة النصرة القاعدية في سورية و لكنهم في الواقع يواصلون إدارة الحرب و دعم الإرهابيين و كأن شيئا لم يستجد في حساباتهم حول الورطة السورية التي يسعون للخروج منها تحت غطاء التنسيق مع الشريكين الروسي و الصيني.

جميع الوقائع العملية تؤكد مضي الإدارة الأميركية في الحرب على سورية بالشراكة مع حلفائها الغربيين و مع الحكومات الإقليمية و خصوصا في تركيا و قطر اللتان تقدمان كل الرعاية و الدعم لعصابات القتل و التدمير على الأرض السورية بالإشتراك مع حكومات السعودية و الإمارات و البحرين في حين تستمر الحملات الإعلامية التي تقودها الولايات المتحدة و اجهزة استخباراتها في المنطقة و العالم منذ سنتين لتضليل الراي العام العالمي و العربي و للعبث بالعقول من خلال تصوير ما يجري في سورية على انه ثورة .

ثانيا ان خطة العمل الواقعية الوحيدة لحل الأزمة السورية هي البرنامج الذي طرحه الرئيس بشار الأسد متضمنا آلية واضحة ومحددة لوقف العنف و لإدارة الحوار الوطني و إطلاق مسار الإصلاحات الداخلية المتوافق عليها عبر الاحتكام للاستفتاء الشعبي في تحديد الخيارات السورية الانتقالية و الدائمة على أساس التمسك بالسيادة الوطنية السورية التي اقتضت صفعات شديدة الوقع للمبعوث الدولي الأخضر الابراهيمي الذي يدفعه ولاؤه الأميركي في متاهة تصريحات استفزازية لا تمحوها اعتذاراته و تبريراته المتكررة.

 

الولايات المتحدة تقود تحالف الحرب و العدوان و تمارس المراوغة و التحايل السياسي و الخداع حتى الآن و تتذرع في الكواليس بالحاجة لوقت تقنع فيه حلفاءها بالتجاوب مع مضمون التسوية و هذه أغبى ذريعة يمكن التمترس خلفها لتبرير استمرار غرف العمليات التي يقودها ضباط أميركيون في تركيا يرئسون القيادة العسكرية التي تدير العصابات الإرهابية داخل سورية و تحدد لهم الأهداف و تزودهم بالإحداثيات و تمدهم بالسلاح و الذخائر و الأموال عبر اجهزة التحالف الدولي الإقليمي المتورط في الحرب و قد كان دفع المخابرات التركية لآلاف المقاتلين المجهزين عبر بوابات الحدود إلى حلب آخر منجزات التخطيط الأميركي المتواصل لعمليات يشنها خمسون الف مقاتل اجنبي من تسعة و عشرين بلدا في العالم هم جيش الغزو الإرهابي لسورية و معهم خليط يضم عصابات و زمر لصوص و إرهاب و مرتزقة من السوريين .

ثالثا المؤشرات السياسية البطيئة التي تصدرها واشنطن حسمت التسليم بسقوط الرهان على إسقاط الرئيس بشار الأسد و الرضوخ لحقيقة ان الحوار السياسي يجب أن يكون بين الدولة الوطنية التي يرئسها و بين المعارضة السورية لكن ما نفع ذلك حتى الآن طالما آلة الحرب مستمرة في العمل و كأن شيئا لم يحصل ؟

هناك من يصدق أن واشنطن بحاجة للوقت الذي يتطلبه تكيف حلفائها مع واقع الفشل في سورية و هم بذلك يلتمسون عذرا واهيا للولايات المتحدة التي تدير الحكومات المتورطة بما فيها الأوروبية بالإمرة و حين لا تظهر الحزم في الإلزام فهي تتعمد ذلك لكسب المزيد من الوقت لحساب العصابات الإرهابية على قاعدة ان خسارة المزيد من الإرهابيين مكسب و المزيد من الخسائر السورية الاقتصادية و البشرية و العسكرية مكسب و هي تراهن بالمقابل على استثمار الوقت في اختبار فرص إملاء شروط تخص الخيار السوري المقاوم في المنطقة و لخدمة سعيها إلى انتزاع مساحة أوسع على طاولة الحوار المرتقب و في الحكومة الانتقالية للقوى السياسية المعارضة العميلة للمخابرات الأميركية و الغربية التي ستكون من مكونات الواقع السياسي الجديد و مرتكزا للنفوذ الأميركي و الغربي في سورية .

رابعا الإشارات الروسية الغاضبة تدلل على ان مسار الرضوخ الأميركي سوف يحسمه الميدان من خلال الخطوات التي يقوم بها الجيش العربي السوري مدعوما من شعبه و بانخراط المزيد من الشباب السوري في قوات الدفاع الوطني فشروط التسويات و معادلاتها تقررها التوازنات و الوقت الأميركي المستقطع بالمراوغة و الكذب هو سيف ذو حدين لأن الدولة الوطنية السورية قادرة في مدى الأشهر القليلة المقبلة على إحداث تغييرات دراماتيكية في التوازن العسكري و عندها لن تبقى حاجة جوهرية لدور اميركي في إنتاج التسويات و يعلم الأميركيون ان بضاعتهم الفاسدة من الواجهات المعارضة لا تمون على إرهابي واحد فهي مجرد ديكورات لتغطية العدوان على سورية.

 

على أرض سورية تتواصل ملحمة أسطورية تخوضها سورية ضد جيش الإرهاب العالمي الذي دعمه الغرب و بات يخشى ارتداده لكن سورية ستغير وجه المنطقة و هي مع شركائها ستفرض على الولايات المتحدة و فرنسا و بريطانيا الإذعان للحقيقة و اليأس من الرهان على إحداث خلل جوهري في المعادلة يبدل النتيجة المحتومة ، الكلفة كبيرة و دامية على شعب سورية و دولته الوطنية و جيشه لكنه قدر البلد الذي يوصف بحق على أنه قلب العالم .

 

 

  • فريق ماسة
  • 2013-02-23
  • 10117
  • من الأرشيف

جولة كيري و المراوغة الأميركية

بينما تنطلق جولة وزير الخارجية الأميركية التي تتمحور حول الوضع السوري تشير التصريحات و البيانات الروسية إلى انتقاد حازم للسلوك الأميركي المزدوج على الرغم من الإشارات التي اطلقتها الإدارة الأميركية منذ إعلان الرئيس باراك اوباما عن استبدال الثلاثي بيترايوس و كلينتون و بانيتا و مع مباشرة جون كيري مهامه كوزير للخارجية. أولا على الصعيد الدبلوماسي يكرر الأميركيون الكلام عن التسوية في سورية على اساس تفاهمات جنيف التي يتحايلون على تعابيرها و مصطلحاتها كالعادة و يكثرون من الحديث عن خطر الإرهاب و جبهة النصرة القاعدية في سورية و لكنهم في الواقع يواصلون إدارة الحرب و دعم الإرهابيين و كأن شيئا لم يستجد في حساباتهم حول الورطة السورية التي يسعون للخروج منها تحت غطاء التنسيق مع الشريكين الروسي و الصيني. جميع الوقائع العملية تؤكد مضي الإدارة الأميركية في الحرب على سورية بالشراكة مع حلفائها الغربيين و مع الحكومات الإقليمية و خصوصا في تركيا و قطر اللتان تقدمان كل الرعاية و الدعم لعصابات القتل و التدمير على الأرض السورية بالإشتراك مع حكومات السعودية و الإمارات و البحرين في حين تستمر الحملات الإعلامية التي تقودها الولايات المتحدة و اجهزة استخباراتها في المنطقة و العالم منذ سنتين لتضليل الراي العام العالمي و العربي و للعبث بالعقول من خلال تصوير ما يجري في سورية على انه ثورة . ثانيا ان خطة العمل الواقعية الوحيدة لحل الأزمة السورية هي البرنامج الذي طرحه الرئيس بشار الأسد متضمنا آلية واضحة ومحددة لوقف العنف و لإدارة الحوار الوطني و إطلاق مسار الإصلاحات الداخلية المتوافق عليها عبر الاحتكام للاستفتاء الشعبي في تحديد الخيارات السورية الانتقالية و الدائمة على أساس التمسك بالسيادة الوطنية السورية التي اقتضت صفعات شديدة الوقع للمبعوث الدولي الأخضر الابراهيمي الذي يدفعه ولاؤه الأميركي في متاهة تصريحات استفزازية لا تمحوها اعتذاراته و تبريراته المتكررة.   الولايات المتحدة تقود تحالف الحرب و العدوان و تمارس المراوغة و التحايل السياسي و الخداع حتى الآن و تتذرع في الكواليس بالحاجة لوقت تقنع فيه حلفاءها بالتجاوب مع مضمون التسوية و هذه أغبى ذريعة يمكن التمترس خلفها لتبرير استمرار غرف العمليات التي يقودها ضباط أميركيون في تركيا يرئسون القيادة العسكرية التي تدير العصابات الإرهابية داخل سورية و تحدد لهم الأهداف و تزودهم بالإحداثيات و تمدهم بالسلاح و الذخائر و الأموال عبر اجهزة التحالف الدولي الإقليمي المتورط في الحرب و قد كان دفع المخابرات التركية لآلاف المقاتلين المجهزين عبر بوابات الحدود إلى حلب آخر منجزات التخطيط الأميركي المتواصل لعمليات يشنها خمسون الف مقاتل اجنبي من تسعة و عشرين بلدا في العالم هم جيش الغزو الإرهابي لسورية و معهم خليط يضم عصابات و زمر لصوص و إرهاب و مرتزقة من السوريين . ثالثا المؤشرات السياسية البطيئة التي تصدرها واشنطن حسمت التسليم بسقوط الرهان على إسقاط الرئيس بشار الأسد و الرضوخ لحقيقة ان الحوار السياسي يجب أن يكون بين الدولة الوطنية التي يرئسها و بين المعارضة السورية لكن ما نفع ذلك حتى الآن طالما آلة الحرب مستمرة في العمل و كأن شيئا لم يحصل ؟ هناك من يصدق أن واشنطن بحاجة للوقت الذي يتطلبه تكيف حلفائها مع واقع الفشل في سورية و هم بذلك يلتمسون عذرا واهيا للولايات المتحدة التي تدير الحكومات المتورطة بما فيها الأوروبية بالإمرة و حين لا تظهر الحزم في الإلزام فهي تتعمد ذلك لكسب المزيد من الوقت لحساب العصابات الإرهابية على قاعدة ان خسارة المزيد من الإرهابيين مكسب و المزيد من الخسائر السورية الاقتصادية و البشرية و العسكرية مكسب و هي تراهن بالمقابل على استثمار الوقت في اختبار فرص إملاء شروط تخص الخيار السوري المقاوم في المنطقة و لخدمة سعيها إلى انتزاع مساحة أوسع على طاولة الحوار المرتقب و في الحكومة الانتقالية للقوى السياسية المعارضة العميلة للمخابرات الأميركية و الغربية التي ستكون من مكونات الواقع السياسي الجديد و مرتكزا للنفوذ الأميركي و الغربي في سورية . رابعا الإشارات الروسية الغاضبة تدلل على ان مسار الرضوخ الأميركي سوف يحسمه الميدان من خلال الخطوات التي يقوم بها الجيش العربي السوري مدعوما من شعبه و بانخراط المزيد من الشباب السوري في قوات الدفاع الوطني فشروط التسويات و معادلاتها تقررها التوازنات و الوقت الأميركي المستقطع بالمراوغة و الكذب هو سيف ذو حدين لأن الدولة الوطنية السورية قادرة في مدى الأشهر القليلة المقبلة على إحداث تغييرات دراماتيكية في التوازن العسكري و عندها لن تبقى حاجة جوهرية لدور اميركي في إنتاج التسويات و يعلم الأميركيون ان بضاعتهم الفاسدة من الواجهات المعارضة لا تمون على إرهابي واحد فهي مجرد ديكورات لتغطية العدوان على سورية.   على أرض سورية تتواصل ملحمة أسطورية تخوضها سورية ضد جيش الإرهاب العالمي الذي دعمه الغرب و بات يخشى ارتداده لكن سورية ستغير وجه المنطقة و هي مع شركائها ستفرض على الولايات المتحدة و فرنسا و بريطانيا الإذعان للحقيقة و اليأس من الرهان على إحداث خلل جوهري في المعادلة يبدل النتيجة المحتومة ، الكلفة كبيرة و دامية على شعب سورية و دولته الوطنية و جيشه لكنه قدر البلد الذي يوصف بحق على أنه قلب العالم .    

المصدر : غالب قنديل


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة